مقدمة
أصدرت مسار – مجتمع التقنية والقانون مذكرة بأهم الدفوع الموضوعية، التي يمكن استخدامها على سبيل الاسترشاد، في التحقيقات والمحاكمات المتعلقة بجريمة “تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصال” المنصوص عليها بالمادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003.
كانت مسار قد أصدرت في نفس السياق مذكرة دفع بعدم دستورية جريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصال، بالإضافة إلى ورقة بعنوان “إشكاليات جريمة تعمد الإزعاج باستخدام وسائل الاتصالات في مصر” تناولت فيها شرح للجريمة من خلال بيان التطور التشريعي لمفهوم الإزعاج بداية من قانون العقوبات المصري، مرورًا بقانون تنظيم الاتصالات، ووصولًا إلى قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وقائع الدعوى
أحالت النيابة العامة المتهم للمحاكمة في الدعوى الماثلة، بعد أن وجهت إليه الاتهام – على حد زعمها – بتعمد إزعاج المجني عليه بإساءة استخدام وسائل الاتصالات، وذلك على النحو المبين بالأوراق، وطلبت معاقبته بالمواد 166 مكرر من قانون العقوبات، والمادتين 70، 76/2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات، وتحدد لنظر الدعوى جلسة اليوم أمام المحكمة الموقرة.
الدفوع:
- الدفوع ذات الصلة بجمع الاستدلالات
- الدفع ببطلان أعمال استدلال لكون مجريها غير مختص فنيًا بإجرائها ولافتقاده الخبرة الفنية اللازمة للقيام بها.
- الدفع ببطلان أعمال الاستدلال لكون مجريها غير مختص بالاطلاع على بيانات عملاء شركات الاتصالات.
- الدفع ببطلان أعمال الاستدلال لعدم إطلاع محرر المحضر على الرسائل محل الجريمة موضوع الاتهام.
- الدفوع ذات الصلة بتقرير الفحص الفني
- الدفع بخلو الأوراق من تقرير فحص فني للوقوف على مدى ارتكاب الواقعة من عدمه.
- الدفع ببطلان تقرير الفحص الفني لوروده عن واقعة أخرى غير الواقعة موضوع الشكوى.
- الدفوع ذات الصلة بالاستعلام الرسمي من شركات الاتصالات
- الدفع بخلو الأوراق من استعلام رسمي من شركات الإنترنت الأرضي والمحمول عن بيانات المالك والمستخدم الفعلي لخط الهاتف المستخدم في الجريمة موضوع الاتهام.
- الدفع بخلو الاستعلام الرسمي الصادر عن شركة الاتصالات من أي بيان يفيد بأن المتهم هو مالك أو مستخدم خط الهاتف المشار إليه بتقرير الفحص الفني.
- الدفوع ذات الصلة بالركن المادي للجريمة
- الدفع بانتفاء عدم العلانية كشرط مفترض يلزم تحققه لقيام الركن المادي لجريمة تعمد إزعاج المجني عليه باستخدام وسائل الاتصالات
- الدفع بانتفاء وجود اتصال مباشر صادر من المتهم للمجني عليه كشرط مفترض يلزم تحققه لقيام الركن المادي لجريمة تعمد إزعاج المجني عليه باستخدام وسائل الاتصالات
- الدفع باستحالة تحقق النتيجة الإجرامية للركن المادي المُكوَِن لجريمة تعمد إزعاج المجني عليه بإساءة استخدام وسائل الاتصالات لكونه شخصًا اعتباريًا.
- الدفع بانتفاء النتيجة الإجرامية للركن المادي المُكوِّن لجريمة تعمد إزعاج المجني عليه بإساءة استخدام وسائل الاتصالات.
الدفع ببطلان أعمال الاستدلال لكون مجريها غير مختص فنيًا بإجرائها ولافتقاده الخبرة الفنية اللازمة للقيام بها
إذا كان من الثابت والمعلوم بالضرورة أن الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات المنشأة بقرار وزير الداخلية رقم 7638 لسنة 2004 هي الإدارة الفنية المختصة بأعمال الاستدلال في جرائم الاتصالات وكذلك جرائم تقنية المعلومات، وتقديم الخبرة الفنية للمحاكم والنيابات، ذلك نظرًا لما يتمتع به العاملين لديها بالإدارات المختلفة التابعة لها من خبرة فنية متخصصة في هذا المجال، ومن بينها إدارة المباحث الجنائية، وإدارة التحريات، وإدارة الدعم الفني، وهي الإدارات المختصة فنيًا ونوعيًا بفحص هذا النوع من الجرائم ومن يتعلق بها من بلاغات والقيام بأعمال الاستدلال الخاصة بها.
بينما من الثابت من أوراق الدعوى أن السيد محرر المحضر سند الاتهام المؤرخ (…….) هو أحد العاملين بقطاع الأمن العام بوزارة الداخلية وليس بالإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات، ويشغل وظيفة ضابط بقسم شرطة (……..) ويفتقد للخبرة الفنية المتخصصة اللازمة لفحص هذا النوع من الجرائم وجمع الاستدلالات عنها، ومن ثم يكون جميع ما أجراه من أعمال استدلال وسطرها في محضره تخرج جميعها عن نطاق اختصاصه الوظيفي الفني، وجميع ما توصل إليه عديم الأثر نتاج استدلال فاسد، مآله البطلان، ولا ينتج له أثر في مجال الإثبات الجنائي، ولا ويمكن بأي حال من الأحوال التعويل عليه، ولو حتى كدلالة.
الدفع ببطلان أعمال الاستدلال لكون مجريها غير مختص بالاطلاع على بيانات عملاء شركات الاتصالات
يتبين من الاطلاع على أوراق الدعوى أن محرر محضر جمع الاستدلالات المؤرخ (………) هو أحد ضباط الشرطة العاملين لدى وزارة الداخلية، وقد سطر في محضره أن تحرياته توصلت إلى أن المتهم هو مالك ومستخدم خط الهاتف رقم ( ………) المستخدم في ارتكاب الجريمة موضوع الاتهام.
وحيث أن قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 قد نظم كيفية جمع معلومات وبيانات مستخدمي خدمة الاتصالات وأناط مقدمي الخدمة من شركات الاتصالات ووكلائها بالحصول على المعلومات والبيانات الدقيقة عن مستخدميها من الأشخاص الطبيعية أو الاعتبارية، كما جرم إفشاء أية معلومات خاصة بمستخدمي شبكات الاتصالات أو عما يجرونه أو ما يتلقونه من اتصالات، وذلك دون وجه حق، وقرر لمرتكبها عقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه و لا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين.
حيث تنص الفقرة الأخيرة من نص المادة 64 من هذا القانون على أنه “كما يلتزم مقدمو ومشغلو خدمات الاتصالات ووكلائهم المنوط بهم تسويق تلك الخدمات بالحصول على معلومات وبيانات دقيقة عن مستخدميها من المواطنين ومن الجهات المختلفة بالدولة”
وتنص المادة 73 من ذات القانون على أن “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر و بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه و لا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام أثناء تأدية وظيفته في مجال الاتصالات أو بسببها بأحد الأفعال الآتية:
1- إذاعة أو نشر أو تسجيل لمضمون رسالة اتصالات أو لجزء منها دون أن يكون له سند قانوني في ذلك.
2- إخفاء أو تغيير أو إعاقة أو تحوير أية رسالة اتصالات أو لجزء منها تكون قد وصلت إليه.
3- الامتناع عمدا عن إرسال رسالة اتصالات بعد تكليفه بإرسالها.
4- إفشاء أية معلومات خاصة بمستخدمي شبكات الاتصال أو عما يجرونه أو ما يتلقونه من اتصالات وذلك دون وجه حق”.
ومن المقرر في قضاء محكمة القاهرة الاقتصادية أنه “لا يقدح في ذلك ما ورد بتحريات مباحث تكنولوجيا المعلومات والثابت بها أن الشريحة المستخدمة في ارتكاب الواقعة مملوكة للمتهم كونها غير مختصة بالاطلاع على بيانات عملاء شركات الاتصالات للتأكد من كون المتهم هو المالك والمستخدم الفعلي لتلك الشريحة في تلك الواقعة.”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية – الدعوى رقم 444 لسنة 2022 جنح اقتصادية القاهرة – جلسة 19-4-2022)
واستنادًا لما تقدم، وحيث أن مجرى التحريات ليس من بين العاملين بأي من شركات الاتصالات وغير مخول له الاطلاع على بيانات عملاء شركات الاتصالات؛ من ثم يكون ما يزعمه بتوصل تحرياته إلى أن المتهم هو مالك ومستخدم خط الهاتف رقم (………….) المستخدم في ارتكاب الجريمة موضوع الاتهام هي تحريات باطلة إما لكونها محض زعم من مجريها دون تحقق أو تحري حقيقي، أو لكونها متحصل عليها نتيجة ارتكابه جريمة إفشاء معلومات خاصة بمستخدمي شبكات الاتصالات، وهو ما يترتب عليه في جميع الأحوال بطلان تلك التحريات وبطلان شهادة مجريها، وعدم جواز الاستناد لأي إجراء قام به كدليل أو قرينة أو دلالة في الدعوى الماثلة.
الدفع ببطلان أعمال الاستدلال لعدم إطلاع محرر المحضر على الرسائل محل الجريمة موضوع الاتهام
الثابت من أوراق الدعوى أن المحضر المؤرخ (…………..) المحرر من المجني عليه، الذي زعم فيه إرسال عدة رسائل إليه من جانب المتهم عبر تطبيق (……..) باستخدام خط الهاتف رقم (………) أنه قدم لمحرر المحضر صورة ضوئية تضمنت مضمون تلك الرسائل المزعومة، وأرفقت طي هذا المحضر، دون الإشارة إلى ما يفيد الاطلاع على أصل تلك الرسائل من جانب محرر المحضر من هاتف المجني عليه أو من أي جهاز آخر، سواء بمعرفة مأمور الضبط محرر المحضر أو بمعرفه غيره من المختصين فنيًا بذلك حتى يتسنى لجهة الاستدلال جمع استدلالاتها عن تلك الواقعة والتحقق من مدى حدوثها. كما أن النيابة العامة قد خلت تحقيقاتها في الواقعة من التحقق – عبر جهة فنية مختصة – من مدى صحة وجود تلك الرسائل من عدمها، واستندت فقط على تلك الصورة الضوئية مجهولة المصدر في إسناد الاتهام بارتكاب جريمة تعمد إزعاج المجني عليه بإساءة استخدام وسائل الاتصالات، وأحالته للمحاكمة أمام المحكمة الموقرة.
وحيث أنه من المقرر في قضاء محكمة القاهرة الاقتصادية أنه “كما خلت الأوراق من ثمة اطلاع محرر المحضر على هاتف المجني عليها أو إثبات المحادثات على تطبيق الواتس اب ومن ثم فقد أضحت شهادة المجني عليها بمحضر الضبط منقوصة لا ترقى لكونها دليل كامل يصح معه إدانة المتهم ولا تطمئن إليها المحكمة الأمر الذي ترى معه المحكمة أن الدليل قد رهن بالأوراق ولم يستقم في حق المتهم وأضحى معه الاستعصام بقرينة البراءة يتفق وصحيح القانون سيما وأنها قرينة دستورية تجد في الأوراق ما يدعمها، ولما كان ذلك وكانت الأوراق وعلى السياق المتقدم لا يوجد فيها من دليل يصح ادانة المتهم بمقتضاه سوى هذا الدليل القاصر عن بلوغ حد الكفاية للقضاء بإدانته وكان أصل البراءة يلازم الفرد دوما ولا يزايله سواء في مرحلة ما قبل المحاكمة أو أثناءها وعلى إمتداد حلقاتها مؤدى ذلك امتناع دحض أصل البراءة بغير أدلة جازمة لإثبات التهمة واستقرار حقيقتها وكانت الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين ومن ثم تقضى المحكمة ببراءة المتهم مما أسند إليه”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية – الدعوى رقم 245 لسنة 2022 جنح اقتصادية القاهرة – جلسة 26-2-2022)
ومن المستقر عليه فقهًا أنه “إذا كان الأصل في الإنسان البراءة فأنه يجب لإدانته أن يقوم الدليل القاطع على ارتكاب الجريمة بحيث يقتنع القاضي اقتناعًا يقينيًا بارتكابها ونسبتها إلى المتهم فإذا ثار شك لدى القاضي في صحة أدلة الاثبات وجب أن يميل الى جانب الأصل وهو البراءة ، أي أن الشك دائمًا وأبدًا يفسر لمصلحة المتهم”
(شرح قانون الإجراءات الجنائية – د/فوزية عبد الستار – ص 510، الاثبات في المواد الجنائية – المستشار / مصطفى مجدي هرجة – ص 25 س 16، الوسيط في الإجراءات الجنائية د/ أحمد فتحي سرور – ط 1990 ص 341 )
ومن المستقر عليه في قضاء محكمة النقض أن “الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ، ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة”
( الطعن بالنقض 862 لسنة 47 ق – الدوائر الجنائية – جلسة 30-1-1977)
واستنادًا لما تقدم، وحيث أن أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد التحقق من مدى صحة الصورة الضوئية سند ارتكاب المتهم للجريمة موضوع الدعوى، والتي ينكرها المتهم ويتمسك بجحدها وانعدام أي أثر أو قيمة لها في نطاق الإثبات الجنائي للواقعة موضوع الدعوى، وأن الرسائل التي تضمنها تلك الصورة الضوئية هي سند المجني عليه الوحيد في أقواله ومزاعمه التي أقر بها في المحضر سالف البيان، من ثم تكون أقوال المجني عليه مجرد دلالة ومزاعم لا ترقى لمرتبة الدليل الجنائي الذي يجيز إسناد ارتكاب المتهم للجريمة موضوع الدعوى، وهو ما يشكك في صحة تلك الأقوال والمزاعم ويجعلها محل للظن والتخمين والاحتمال، وهو ما يترتب عليه الالتفات عنها.
الدفع بخلو الأوراق من تقرير فحص فني للوقوف على مدى ارتكاب الواقعة من عدمه
يتبين من الاطلاع على أوراق الدعوى خلوها من وجود تقرير فحص فني صادر عن جهة فنية مختصة، رسمية أو حتى غير رسمية، وكذلك خلوها من محضر استدلال صادر عن الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية، بشأن الواقعة محل هذا الاتهام، باعتبارها الإدارة الفنية المختصة بأعمال الاستدلال في جرائم الاتصالات، وكذلك من بين خدماتها بتقديم الخبرة الفنية للمحاكم والنيابات وفقًا لقرار وزير الداخلية رقم 7638 لسنة 2004 التي أنشئت بموجبه.
وذلك حتى يتسنى للمحكمة الموقرة التأكد من ارتكاب الواقعة موضوع هذا الاتهام من عدمها، والتحقق من وسيلة الاتصال بشبكة الإنترنت لارتكاب الجريمة، سواء من خلال أحد خطوط الإنترنت المنزلي أو أحد خطوط الهاتف المحمول، أو أحد شبكات الإنترنت المفتوحة في الأماكن العامة، ومن ثم التحقق من شخص مرتكبها، سواء كان المتهم أم غيره، وكذلك أيضًا التحقق من مضمون المحتوى محل الجريمة موضوع هذا الاتهام، ومدى مطابقته لما يدعيه محرر المحضر.
ولما كان المستقر عليه في قضاء المحكمة الموقرة أن “أقوال المدعي بالحق المدني قد جاءت مرسلة لا يساندها أو يعضدها ثمة دليل حيث خلت الأوراق من ثمة دليل فني واضح ينسب للمتهم قيامه بالاستيلاء على حساب شركة (……..) اﻷمر الذي تتشكك معه المحكمة في صحة نسبة الاتهام للمتهم كون أنه لم يثبت ارتكابه للواقعة بأي دليل فني ولا ينال من ذلك ما قدمه دفاع المدعى بالحق المدني سندًا لدعواه سيما أن تلك المستندات لم تعرض على جهة فنية لفحصها من الناحية الفنية ومدي صلة المتهم بها و من ثم فإن المحكمة لا ترى في اﻷوراق ما تستطيع أن تكون به عقيدتها بشأن توافر الاتهام في حق المتهم، وإن الحكم الجنائي باﻹدانة له رفعته وسموه للارتقاء إليه إلا على سُلم من الجزم واليقين وهو ما لم تستطيع اﻷوراق إليه سبيلا، اﻷمر الذي يتعين معه القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية – الدعوى رقم 1361 لسنة 2021 جنح اقتصادية القاهرة – جلسة 27-10-2022)
ومن المقرر أيضًا في قضاء المحكمة الموقرة “أن الأوراق لا يوجد بها دليل بالأوراق سوى أقوال المجنى عليه (المدعى بالحق المدني) وتحريات المباحث ولم تقم ثمة جهة فنية بفحص محتوى التسجيل المرئي محل الواقعة والتأكد بأن المتهمة هي من قامت بإنشاء ذلك التسجيل ونشره على مواقع شبكة الإنترنت وأنها ذات الأنثى الموجودة بذلك المقطع المصور ولما كانت الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين الأمر الذي تشككت معه المحكمة في الواقعة برمتها ومن ثم فلا يسع المحكمة إزاء هذا التشكك سوى أن تقضي ببراءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية – الدعوى رقم 865 لسنة 2020 جنح اقتصادية القاهرة – جلسة 24-1-2022)
ومن المقرر أيضًا في قضاء المحكمة الموقرة “أن اﻷوراق قد خلت من تقرير فني يثبت يقينا من أن الرسائل التي تضمنت عبارات السب والتشهير التي قدمتها المجني عليها بالأوراق صادرة من الرقم سالف البيان حتى يستبان للمحكمة ارتكاب المتهم للواقعة على وجه يقيني مقبول، وهو انتفت اﻷوراق من ذلك، وهو اﻷمر الذي تتشكك معه المحكمة في صحة إسناد التهم المسندة للمتهم مما تقضى معه ببراءته من التهم المنسوبة إليه”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية – الدعوى رقم 2260 لسنة 2021 جنح اقتصادية القاهرة – جلسة 28-2-2022)
ومن المقرر أيضًا في قضاء المحكمة الموقرة “أن الأوراق جاءت خالية من ثمة تقرير فني للوقوف والتأكد على قيام صاحب تلك الشريحة بإرسال تلك الرسائل ولما كانت الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين لا الشك والتخمين الأمر الذي تشككت معه المحكمة في الواقعة برمتها ومن ثم فلا يسع المحكمة إزاء هذا التشكك سوى أن تقضى ببراءة المتهم من التهم المنسوبة إليه”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية – الدعوى رقم 192 لسنة 2022 جنح اقتصادية القاهرة – جلسة 28-2-2022)
والثابت مما تقدم أن الجريمة موضوع الاتهام لم يرد لها أي ذكر في أوراق الدعوى، سوى محض أقوال مرسلة للمجني عليه مخالفة للواقع والحقيقة، سطرت في محضر الشرطة المؤرخ (…………) فمن ثم لا يجوز الاستناد إلى تلك الأقوال المرسلة كدليل يسند عليه الاتهام، وحيث أن ما تقدم يشكك في صحة إسناد ارتكاب الجريمة للمتهم، وهو ما يلزم معه القضاء ببراءته من الاتهام المنسوب إليه.
الدفع ببطلان تقرير الفحص الفني لوروده عن واقعة أخرى غير الواقعة موضوع الشكوى وخلو الأوراق من تقرير فحص الفني بشأن الواقعة موضوع الشكوى
حسب الثابت من محضر الإبلاغ عن الشكوى المحرر بمعرفة إدارة مكافحة جرائم تقنية المعلومات المؤرخ (…….) أن المجني عليه قد جاء أبلغ مأمور الضبط أن مضمون الرسائل الواردة إليه عبر تطبيق (…….) تضمنت عبارات سب وقذف وطعن في شرف زوجته، وتشكيك في نسب نجله منها، وذلك على النحو الآتي:
- س/ ما هو مضمون الرسائل محل البلاغ؟
- ج/ تتضمن عبارات سب وقذف وإساءة في حقي وحق زوجتي وتطعن في شرفها زي على سبيل المثال (…………….) وعبارات أخرى من ذات المعني.
بينما الثابت من تقرير الفحص الفني الصادر عن قسم المساعدات الفنية التابع لذات الجهة أن ما توصل إليه الفحص الفني هي رسائل أخرى، تتناقض وتختلف اختلافًا كليًا عما جاء بشكوى المجني عليه المزعومة، ولا صلة لها مطلقًا بأي وقائع سب أو قذف أو طعن في شرف زوجته، إنما وقائع أخرى خارج نطاق شكوى المجني عليه، وهي وقائع لم يبلغ عنها، ولم يبد أي انزعاج أو تضرر منها.
حيث أن الرسائل التي توصل إليها تقرير الفحص الفني هي عبارة عن ثلاث رسائل يدور مضمونها في نطاق التشكيك في الذمة المالية للمجني عليه وإدعاء ارتكابه لوقائع تشكل جرائم استيلاء على أموال الغير دون وجه حق واستغلاله لصلاحياته الوظيفية للتربح منها دون وجه حق، ولم تتضمن أي سب أو قذف أو طعن في شرف زوجته أو تشكيك في نسب نجله منها حسبما جاء في شكوى المجني عليه، وجاءت على النحو الآتي: (……………………)
واستنادًا لما تقدم فلم يتضمن تقرير الفحص الفني الصادر عن الإدارية العامة لتكنولوجيا المعلومات أي ذكر أو إشارة إلى الرسائل التي ذكرها المجني عليها في محضر جمع الاستدلالات سالف البيان، ومن ثم لم يتوصل التقرير للرسائل موضوع شكوى المجني عليه، وعلى سبيل الفرض الجدلي في توصله لها – وهو ما لم يحدث – فلم يتنسى له التحقق من مدى صحتها.
ولما كان المستقر عليه في قضاء المحكمة الموقرة “أن الأوراق لا يوجد بها دليل بالأوراق سوى أقوال المجنى عليه (المدعى بالحق المدني) وتحريات المباحث ولم تقم ثمة جهة فنية بفحص محتوى التسجيل المرئي محل الواقعة والتأكد بأن المتهمة هي من قامت بإنشاء ذلك التسجيل ونشره على مواقع شبكة الإنترنت وأنها ذات الأنثى الموجودة بذلك المقطع المصور ولما كانت الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين الأمر الذي تشككت معه المحكمة في الواقعة برمتها ومن ثم فلا يسع المحكمة إزاء هذا التشكك سوى أن تقضي ببراءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية – الدعوى رقم 865 لسنة 2020 جنح اقتصادية القاهرة – جلسة 24-1-2022).
ومن المقرر أيضًا في قضاء المحكمة الموقرة “أن اﻷوراق قد خلت من تقرير فني يثبت يقينا من أن الرسائل التي تضمنت عبارات السب والتشهير التي قدمتها المجني عليها بالأوراق صادرة من الرقم سالف البيان حتى يستبان للمحكمة ارتكاب المتهم للواقعة على وجه يقيني مقبول، وهو انتفت اﻷوراق من ذلك، وهو اﻷمر الذي تتشكك معه المحكمة في صحة إسناد التهم المسندة للمتهم مما تقضى معه ببراءته من التهم المنسوبة إليه”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية – الدعوى رقم 2260 لسنة 2021 جنح اقتصادية القاهرة – جلسة 28-2-2022)
ومن المقرر أيضًا في قضاء المحكمة الموقرة “أن الأوراق جاءت خالية من ثمة تقرير فني للوقوف والتأكد على قيام صاحب تلك الشريحة بإرسال تلك الرسائل ولما كانت الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين لا الشك والتخمين الأمر الذي تشككت معه المحكمة في الواقعة برمتها ومن ثم فلا يسع المحكمة إزاء هذا التشكك سوى أن تقضى ببراءة المتهم من التهم المنسوبة إليه”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية – الدعوى رقم 192 لسنة 2022 جنح اقتصادية القاهرة – جلسة 28-2-2022)
ومن المقرر أيضًا في قضاء المحكمة الموقرة “أقوال المدعي بالحق المدني قد جاءت مرسلة لا يساندها أو يعضدها ثمة دليل حيث خلت الأوراق من ثمة دليل فني واضح ينسب للمتهم قيامه بالاستيلاء على حساب شركة ***** اﻷمر الذي تتشكك معه المحكمة في صحة نسبة الاتهام للمتهم كون أنه لم يثبت ارتكابه للواقعة بأي دليل فني ولا ينال من ذلك ما قدمه دفاع المدعى بالحق المدني سندا لدعواه سيما أن تلك المستندات لم تعرض على جهة فنية لفحصها من الناحية الفنية ومدى صلة المتهم بها و من ثم فإن المحكمة لا ترى في اﻷوراق ما تستطيع أن تكون به عقيدتها بشأن توافر الاتهام في حق المتهم، وإن الحكم الجنائي باﻹدانة له رفعته وسموه للارتقاء إليه إلا على سُلم من الجزم واليقين وهو ما لم تستطيع اﻷوراق إليه سبيلا، اﻷمر الذي يتعين معه القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية – الدعوى رقم 1361 لسنة 2021 جنح اقتصادية القاهرة – جلسة 27-10-2022)
وحيث أن الثابت مما تقدم أن الرسائل التي زعم المجني عليه إرسالها إليه متضمنة عبارات سب وقذف وطعن في شرف زوجته وتشكيك في نسب نجله هي محض أقوال مرسلة، لا تعدو أن مزاعم لا سند لها في أوراق الدعوى، وإضافة إلى ذلك أنه لا يجوز الاستناد إلى تلك الأقوال المرسلة – على الفرض الجدلي بصحتها – لخلو التقرير فني من أي إشارة إليها ولخلوه ما يثبت يقينا أن تلك الرسائل المزعومة التي زعمها المجني عليها تضمنت عبارات السب والخوض في عرض زوجته كما زعم في أقواله بمحضر جمع الاستدلالات، حتى يتسنى للمحكمة التأكد من ارتكاب الواقعة موضوع هذا الاتهام من عدمها، و التحقق من مضمون محتوى الرسائل محل الجريمة موضوع هذا الاتهام ومدى مطابقته لما يدعيه المجني عليه، ومن ثم التحقق من شخص مرتكبها، سواء كان المتهم أم غيره، وحيث أن ما تقدم يشكك في صحة إسناد ارتكاب الجريمة للمتهم وهو ما يلزم معه القضاء ببراءته من الاتهام المنسوب إليه.
الدفع بخلو الأوراق من استعلام رسمي من شركات الإنترنت الأرضي والمحمول عن بيانات المالك والمستخدم الفعلي لخط الهاتف المستخدم في الجريمة موضوع الاتهام
بالاطلاع على أوراق الدعوى يتبين خلوها من وجود استعلام رسمي من الشركات المقدمة لخدمة الإنترنت الأرضي أو المحمول يتبين منه طبيعة الخط المستخدم في الدخول على شبكة الإنترنت لارتكاب الجريمة المزعومة موضوع الاتهام الخامس بقرار الاتهام سواء أحد خطوط الإنترنت المنزلي أو أحد خطوط الهاتف المحمول، أو أحد شبكات الإنترنت المفتوحة في الأماكن العامة، وبيان رقم الهاتف المستخدم في ارتكابها، والتحقق من مدى إمكانية اتصاله بشبكة الإنترنت من الناحية الفنية والفعلية وقت ارتكابها، وكذلك والتحقق من بيانات مالكه، وكذلك بيانات مستخدمه الفعلي، سواء كان المتهم أم غيره.
وحيث أن المقرر أيضًا في قضاء المحكمة الموقرة أن “المحكمة بعد أن محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة وبعد أن وازنت بينها وبين أدلة النفي قد دخلتها الريبة والشك في صحة عناصر إثبات الاتهام المسند إلى المتهم إذ تحيط به من جوانبه جميعا ظلالا كثيفة من الشكوك والريب بما لا تطمئن معه المحكمة للاتهام المسند للمتهم وآية ذلك عدم وجود ثمة دليل يفيد المستخدم الفعلي للهاتف رقم (………..) كما لم يتبين للمحكمة كيفية توصل التقرير الفني معرفته للمستخدم الفعلي للخط سالف البيان حيث خلت الأوراق من ثمة استعلام من شركة (……..) عن مالك الشريحة سالفة الذكر فضلًا عن أن التقرير الفني لم يقدم ما يفيد ماهية البرامج التى استخدمها لمعرفة شخص المتهم أو التوصل لمرتكب الواقعة، كما خلت الأوراق من ثمة اطلاع محرر المحضر على هاتف المجنى عليها أو إثبات المحادثات على تطبيق الواتس اب ومن ثم فقد أضحت شهادة المجنى عليها بمحضر الضبط منقوصة لا ترقى لكونها دليل كامل يصح معه إدانة المتهم ولا تطمئن إليها المحكمة الأمر الذي ترى معه المحكمة أن الدليل قد رهن بالأوراق ولم يستقم في حق المتهم وأضحى معه الاستعصام بقرينة البراءة يتفق وصحيح القانون سيما وأنها قرينة دستورية تجد في الأوراق مايدعمها ولما كان ذلك وكانت الأوراق وعلى السياق المتقدم لا يوجد فيها من دليل يصح ادانة المتهم بمقتضاه سوى هذا الدليل القاصر عن بلوغ حد الكفاية للقضاء بإدانته وكان أصل البراءة يلازم الفرد دوما ولا يزايله سواء في مرحلة ما قبل المحاكمة أو أثناءها وعلى امتداد حلقاتها مؤدى ذلك امتناع دحض أصل البراءة بغير أدلة جازمة لإثبات التهمة واستقرار حقيقتها وكانت الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين ومن ثم تقضى المحكمة ببراءة المتهم مما أسند إليه”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية – الدعوى رقم 245 لسنة 2022 جنح اقتصادية القاهرة – جلسة 26-2-2022)
ومن المقرر في قضاء المحكمة الموقرة أيضًا أن “المحكمة قد أحاطت بظروف ووقائع وملابسات تلك الجنحة علما وبحثا وقد خالج وجدانها الشك في صحة نسبة الاتهام للمتهم، وآية ذلك أن الأخير لم تفصح الأوراق عن ثمة دليل إدانة بحقه ولا يقدح في ذلك ما جاء بأقوال المجنى عليه استدلالا إذ أن أقواله قد جاءت مرسلة غير مدعمة بثمة دليل يعضدها لتقف به المحكمة على أرض صلبة من صحة قيام المتهم بارتكاب الواقعة لاسيما وأن الأوراق قد خلت من استعلام رسمي من شركة المحمول للتأكد من أن الشريحة سالفة البيان مملوكة للمتهم ولا يقدح في ذلك ما ورد بتحريات مباحث تكنولوجيا المعلومات والثابت بها أن الشريحة المستخدمة في ارتكاب الواقعة مملوكة للمتهم كونها غير مختصة بالاطلاع على بيانات عملاء شركات الاتصالات للتأكد من كون المتهم هو المالك والمستخدم الفعلي لتلك الشريحة في تلك الواقعة”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية – الدعوى رقم 444 لسنة 2022 جنح اقتصادية القاهرة – جلسة 19-4-2022)
ومن المقرر في قضاء المحكمة الموقرة أيضًا أن “المحكمة لم تطمئن لأقوال المجني عليه استدلالا وباستيفاء النيابة العامة، ولا ينال ما توصل إليه التقرير الفني الصادر من الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات من إنه توصل إلى أن الهاتف رقم (…………) مرتكب الواقعة وأن مستخدمه هي (…………) ” المتهمة سالفة الذكر ” إذ أن الأوراق قد تضمنت إفادة رسمية من شركة الاتصالات الخاصة توصلت إلى أن الشريحة رقم (…………) مستخدمها وفق آخر تحديث كل من (…………)، (…………) وهو الأمر الذي تتشكك معه المحكمة في صحة إسناد الاتهام المسند للمتهمة مما تقضي معه ببراءتها من التهم المنسوبة إليها”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية – الدعوى رقم 358 لسنة 2022 جنح اقتصادية القاهرة – جلسة 19-4-2022)
وحيث أن المجني عليه لم ينسب لشخص المتهم ارتكاب أي من الجرائم موضوع الاتهام، إنما اقتصر على نسبها إلى مُستخدم رقم الهاتف المبلغ عنه، حسبما جاء في أقواله بمحضر الإبلاغ عن الشكوى المحرر بمعرفة إدارة مكافحة جرائم تقنية المعلومات المؤرخ (…………………) وهي كالآتي:
- س/ هل تعلم مستخدم الحساب مرتكب الواقعة؟
- ج/ لا.
ولم يرد أي ذكر لاسم المتهم سوى ما جاء بتحريات إدارة تكنولوجيا المعلومات في تقرير الفحص الفني، حيث نسب مجري التحريات رقم الهاتف المشار إليه للمتهم، دون أن يبين كيفية توصله للمستخدم الفعلي للخط، وكم دون أن يبين أيضًا ماهية البرامج التى استخدمها لمعرفة شخص المتهم أو التوصل لمرتكب الواقعة، وإضافة لذلك أنه ليس من العاملين في شركة الاتصالات المخول لهم الاطلاع على بيانات العملاء الشخصية وما يجرونه من اتصالات، ومن ثم فهو غير مختص بالاطلاع على بيانات عملاء شركات الاتصالات للتأكد من كون المتهم هو المالك والمستخدم الفعلي لخط الهاتف المشار إليه، ومن ثم تكون تلك التحريات – على الفرض بصحتها – إن اطمئنت إليها المحكمة الموقرة، لا يجوز الاستناد إليها إلا على سبيل الاستدلال، ولا يصح ولا يجوز الاستناد إليها كدليل يسند عليه الاتهام، أو حتى قرينة، إنما دلالة تعزز دليلًا أخر – إن وجد – في الدعاوى، وهو ما خلت منه الأوراق، وحيث أن تلك التحريات جاءت باطلة على نحو ما تقدم بيانه بما يضفي عليها الشك والريبة، ويشكك في صحة اسناد الاتهامات الثلاثة للمتهم، وهو ما يلزم معه القضاء ببراءته من الاتهامات المنسوبة إليه.
الدفع بخلو الاستعلام الرسمي الصادر عن شركة الاتصالات من أي بيان يفيد بأن المتهم هو مالك أو مستخدم خط الهاتف المشار إليه بتقرير الفحص الفني
الثابت من الاستعلام الرسمي الوارد بتاريخ (………….) من شركة (………..) للاتصالات عن مالك ومستخدم خط الهاتف أن مالك ومستخدم هذا الخط بداية من تاريخ (………….) وحتى الآن هي (………….) وأن المتهم لم يكن مالكًا أو مستخدماً لهذا الخط قبل أو بعد ذلك، ولم يرد ذكر اسمه ضمن الملاك أو المستخدمين لهذا الخط مطلقًا.
وحيث أن المقرر أيضًا في قضاء المحكمة الموقرة أن “المحكمة بعد أن محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة وبعد أن وازنت بينها وبين أدلة النفي قد دخلتها الريبة والشك في صحة عناصر إثبات الاتهام المسند إلى المتهم إذ تحيط به من جوانبه جميعا ظلالا كثيفة من الشكوك والريب بما لا تطمئن معه المحكمة للاتهام المسند للمتهم وآية ذلك عدم وجود ثمة دليل يفيد المستخدم الفعلي للهاتف رقم (……….) كما لم يتبين للمحكمة كيفية توصل التقرير الفنى معرفته للمستخدم الفعلي للخط سالف البيان حيث خلت الأوراق من ثمة استعلام من شركة فودافون عن مالك الشريحة سالفة الذكر فضلا عن أن التقرير الفنى لم يقدم ما يفيد ماهية البرامج التى استخدمها لمعرفة شخص المتهم أو التوصل لمرتكب الواقعة كما خلت الأوراق من ثمة اطلاع محرر المحضر على هاتف المجنى عليها أو إثبات المحادثات على تطبيق الواتس اب ومن ثم فقد أضحت شهادة المجنى عليها بمحضر الضبط منقوصة لا ترقى لكونها دليل كامل يصح معه إدانة المتهم ولا تطمئن إليها المحكمة الأمر الذى ترى معه المحكمة أن الدليل قد رهن بالأوراق ولم يستقم في حق المتهم وأضحى معه الاستعصام بقرينة البراءة يتفق وصحيح القانون سيما وأنها قرينة دستورية تجد في الأوراق مايدعمها ولما كان ذلك وكانت الأوراق وعلى السياق المتقدم لا يوجد فيها من دليل يصح ادانة المتهم بمقتضاه سوى هذا الدليل القاصر عن بلوغ حد الكفاية للقضاء بإدانته وكان أصل البراءة يلازم الفرد دوما ولا يزايله سواء في مرحلة ما قبل المحاكمة أو أثناءها وعلى إمتداد حلقاتها مؤدى ذلك امتناع دحض أصل البراءة بغير أدلة جازمة لإثبات التهمة واستقرار حقيقتها وكانت الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين ومن ثم تقضى المحكمة ببراءة المتهم مما أسند إليه”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية – الدعوى رقم 245 لسنة 2022 جنح اقتصادية القاهرة – جلسة 26-2-2022)
ومن المقرر في قضاء المحكمة الموقرة أيضاً أن “المحكمة قد أحاطت بظروف ووقائع وملابسات تلك الجنحة علما وبحثا وقد خالج وجدانها الشك في صحة نسبة الاتهام للمتهم، وآية ذلك أن الأخير لم تفصح الأوراق عن ثمة دليل إدانة بحقه ولا يقدح في ذلك ما جاء بأقوال المجنى عليه استدلالا إذ أن أقواله قد جاءت مرسلة غير مدعمة بثمة دليل يعضدها لتقف به المحكمة على أرض صلبة من صحة قيام المتهم بارتكاب الواقعة لاسيما وأن الأوراق قد خلت من استعلام رسمى من شركة المحمول للتأكد من أن الشريحة سالفة البيان مملوكة للمتهم ولا يقدح في ذلك ما ورد بتحريات مباحث تكنولوجيا المعلومات والثابت بها أن الشريحة المستخدمة في ارتكاب الواقعة مملوكة للمتهم كونها غير مختصة بالاطلاع على بيانات عملاء شركات الاتصالات للتأكد من كون المتهم هو المالك والمستخدم الفعلي لتلك الشريحة في تلك الواقعة”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية – الدعوى رقم 444 لسنة 2022 جنح اقتصادية القاهرة – جلسة 19-4-2022)
ومن المقرر في قضاء المحكمة الموقرة أيضًا أن “المحكمة لم تطمئن لأقوال المجنى عليه استدلالا وباستيفاء النيابة العامة ، ولا ينال ما توصل إليه التقرير الفني الصادر من الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات من إنه توصل إلى أن الهاتف رقم (…………) مرتكب الواقعة وأن مستخدمه هى ( …………) ”المتهمة سالفة الذكر” إذ أن الأوراق قد تضمنت إفادة رسمية من شركة الاتصالات الخاصة توصلت إلى أن الشريحة رقم (…………) مستخدمها وفق آخر تحديث كل من (…………) ، (…………) وهو الأمر الذي تتشكك معه المحكمة في صحة إسناد الاتهام المسند للمتهمة مما تقضى معه ببراءتها من التهم المنسوبة إليها”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية – الدعوى رقم 358 لسنة 2022 جنح اقتصادية القاهرة – جلسة 19-4-2022)
وحيث أن المجني عليه لم ينسب لشخص المتهم ارتكاب أي من الجرائم موضوع الاتهام، إنما اقتصر على نسبها إلى مُستخدم رقم الهاتف المبلغ عنه، حسبما جاء في أقواله بمحضر الإبلاغ عن الشكوى المحرر بمعرفة إدارة مكافحة جرائم تقنية المعلومات المؤرخ (…………) وهي كالآتي:
- س/ هل تعلم مستخدم الحساب مرتكب الواقعة؟
- ج/ لا.
ولم يرد أي ذكر لاسم المتهم سوى ما جاء بتحريات إدارة تكنولوجيا المعلومات في تقرير الفحص الفني، حيث نسب مجري التحريات رقم الهاتف المشار إليه للمتهم، دون أن يبين كيفية توصله للمستخدم الفعلي للخط، وكم دون أن يبين أيضاً ماهية البرامج التى استخدمها لمعرفة شخص المتهم أو التوصل لمرتكب الواقعة، وإضافة لذلك أنه ليس من العاملين في شركة الاتصالات المخول لهم الاطلاع على بيانات العملاء الشخصية وما يجرونه من اتصالات، ومن ثم فهو غير مختص بالاطلاع على بيانات عملاء شركات الاتصالات للتأكد من كون المتهم هو المالك والمستخدم الفعلي لخط الهاتف المشار إليه، ومن ثم تكون تلك التحريات – على الفرض بصحتها – إن اطمئنت إليها المحكمة الموقرة، لا يجوز الاستناد إليها إلا على سبيل الاستدلال، ولا يصح ولا يجوز الاستناد إليها كدليل يسند عليه الاتهام، أو حتى قرينة، إنما دلالة تعزز دليلاً أخر – إن وجد – في الدعاوى، وهو ما خلت منه الأوراق، وحيث أن تلك التحريات جاءت باطلة على نحو ما تقدم بيانه بما يضفي عليها الشك والريبة ويجعل، ويشكك في صحة إسناد الاتهامات الثلاثة للمتهم، وهو ما يلزم معه القضاء ببراءته من الاتهامات المنسوبة إليه.
الدفع بانتفاء عدم العلانية كشرط مفترض يلزم تحققه لقيام الركن المادي لجريمة تعمد إزعاج المجني عليه باستخدام وسائل الاتصالات
أسندت النيابة العامة للمتهم ارتكاب جريمة تعمد إزعاج المجني عليه من خلال إساءة استخدام وسائل الاتصالات، على زعم أنه نشر على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك (…………) وهو حساب مطروق للكافة ومتاح لجميع مرتادي هذا الموقع الإلكتروني مطالعة ما يدون به وكذلك تدوين التعليقات إزاء ما يطرح عبره على النحو الوارد بالأوراق، وطلبت معاقبته بنص المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، وحيث تنص تلك المادة على أن “مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من: ١) استخدم أو ساعد على استخدام وسائل غير مشروعة لإجراء الاتصالات. ٢) تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات”.
وحيث أن التشريعات المصرية لم تكن تعرف أي تنظيم قانوني بشأن سلوك “تعمد إزعاج الغير” حتى صدر القانون رقم 97 لسنة 1955 بتعديل قانون العقوبات في مارس عام 1955، وقد استحدث المشرع وفقاً لهذا التعديل جرائم جديدة من بينها جريمة “التسبب عمداً في إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة المواصلات التليفونية” وفقاً نص المادة 166 مكرراً التي أضيفت لقانون العقوبات، وأعدت وزارة العدل مذكرة إيضاحية لمشروع القانون سالف البيان، لعرضها على مجلس الوزراء آنذاك للموافقة عليه وإصداره، وتضمنت هذه المذكرة تبريراً لاستحداث المادة 166 مكرراً، فعللت الحكومة رغبتها في إقرار هذا القانون بالعبارات الآتية: “كثرت أخيرا الاعتداءات على الناس بالسب والقذف بطريق التليفون و استفحلت مشكلة إزعاجهم في بيوتهم ليلا ونهارا وأسماعهم أقذع الألفاظ وأقبح العبارات واحتمى المعتدون بسرية المحادثات التليفونية واطمأنوا إلى أن القانون لا يعاقب على السب والقذف بعقوبة رادعة إلا إذا توافر شرط العلانية وهو غير متوافر طبقا للنصوص الحالية الأمر الذي يستلزم تدخل المشرع لوضع حد لهذا العبث وللضرب على أيدي هؤلاء المستهترين. وقد رؤى إضافة مادتين إلى قانون العقوبات برقمي 166 مكررا و308 مكررا تعاقب الأولى منهما كل من تسبب عمدا في إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة المواصلات التليفونية وتعاقب المادة الثانية منهما على القذف بطريق التليفون بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 303 كما تعاقب على السب بالطريق المذكور بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 306 فإذا تضمن العيب أو القذف أو السب الذي ارتكب بطريق التليفون طعنا في عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 308 ومن البديهي أنه لا تشترط العلانية لتوافر أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 308 مكررا”، وقد تزامن مع إصدار القانون رقم 97 لسنة 1955 – الذي استحدثت بموجبه المادتين 166 مكرر و308 مكرر – إصدار قانون آخر، وهو القانون رقم 98 لسنة 1955، وذلك في ذات اليوم الذي صدر فيه القانون الأول، وتضمن إضافة المادة رقم 95 مكرراً إلى قانون الإجراءات الجنائية، وهي أول تنظيم تشريعي في القانون الجنائي المصري لمسائلة مراقبة المكالمات الهاتفية، ليتسنى لسلطة التحقيق المختصة كشف جريمتي تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة المواصلات التليفونية، والقذف بطريق التليفون، المنصوص عليهما في المادتين رقمي 166 مكررا ًو 308 مكررًا المضافتين لقانون العقوبات، باعتبارهما من الجرائم التي تحدث في غير علانية، ويتعذر إثبات الدليل على ارتكاب أي منهما إلا باستثناء محدود يرد على الحق في الخصوصية وحرمة المكالمات الخاصة؛ فمنحت الحق لرئيس المحكمة الابتدائية المختصة أن يأمر بناء على تقرير مدير عام مصلحة التلغرافات والتليفونات، وشكوى المجني عليه، بوضع جهاز التليفون المذكور تحت الرقابة، للمدة التي يحددها، في حالة قيام دلائل قوية على أن مرتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في هاتين المادتين، قد استعان في ارتكابها بجهاز تليفوني معين.
وحيث أنه بمجرد سريان قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، الذي وضع تنظيماً تشريعياً كاملاً لكل ما يتعلق بالاتصالات وقت صدوره، وتضمن مجموعة من التعريفات، من بينها تعريفاً محدداً للاتصالات، وتضمن الباب السابع من هذا القانون مجموعة من العقوبات الجنائية جزاء على مخالفة أحكامه، ومن بينها المادة 76 – سالفة البيان – التي نسخت أحكام المادة 166 مكرر من قانون العقوبات، وألغتها ضمنياً، وحلت محلها بمجرد سريان أحكام قانون تنظيم الاتصالات، إلا أنها لم تختلف كثيراً عنها، فأعادت صياغة ذات النص مع تعديل في مقدار العقوبة المقررة، سواء عقوبة الحبس التي زاد حدها الأقصى ليصل إلى ثلاثة سنوات، أو الغرامة التي أصبح لها حد أدني وزاد حدها الأقصى ليصل إلى عشرين ألف جنيه، وكان التغير الأهم في هذا النص هو استبدال عبارة “أجهزة الاتصالات” بعبارة “أجهزة المواصلات التليفونية”، اتساقاً مع تعريف القانون لمفهوم “الاتصالات” ضمن التعريفات الواردة في الباب الأول منه، فقد عرف الاتصالات بأنها “أية وسيلة لإرسال أو استقبال الرموز أو الإشارات أو الرسائل أو الكتابات أو الصور أو الأصوات وذلك أيا كان طبيعتها وسواء كان الاتصال سلكيا أو لاسلكياً”، كما عرف أيضاً أجهزة الاتصالات الطرفية بأنها “أجهزة الاتصالات الخاصة بالمستخدم والتي تتصل بشبكة اتصالات عامة أوخاصة” ومما تقدم يكون المشرع قد عرف أجهزة الاتصالات بأنها الأجهزة الخاصة بالمستخدم، التي تتصل بشبكة اتصالات عامة أو خاصة، وتستخدم لإرسال أو استقبال الرموز أو الإشارات أو الرسائل أو الكتابات أو الصور أو الأصوات، أيا كان طبيعتها، سواء كان الاتصال سلكيا أو لاسلكياً.
ودائما ما نكون في حاجة إلى العودة لتلك المذكرة الإيضاحية باعتبارها المرجع الذي يعكس الغاية من تجريم سلوك إساءة استعمال أجهزة الاتصالات في إزعاج الغير، وذلك لاستنتاج مدلول الإزعاج دون تعسف أو توسع في التجريم، باعتبار أن الأًصل في الأفعال هو الإباحة، والتجريم محض استثناء ضيق، تحكمه ضوابط محددة، لا يجوز التوسع فيها بصورة تتجاوز إرادة المشرع وغايته من التجريم، وبالنظر لرغبة المشرع التي أفصح عنها في هذه المذكرة، نجد أن الغاية الحقيقة من التجريم هي خلو التشريع الجنائي – من نص قانوني يعاقب على ارتكاب جرائم السب والقذف في غير العلانية، واستناداً لذلك استحدث المشرع المادة 308 مكرر من قانون العقوبات لتجريم كل سلوك يتضمن سب أو قذف في غير علانية بطريق التليفون، وكذلك نص المادة 166 مكرر التي نسختها المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات – على النحو المتقدم بيانه – لتجريم كل إزعاج يتعرض له المجني عليه باستخدام وسائل الاتصال في غير علانية.
ودلالة ذلك أن المشرع حينما جرم تعمد الإزعاج باستخدام وسائل الاتصالات نص المادة 166 مكرر التي نسختها المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات، لم يكن ثمة أساس قانوني لتنظيم مسألة مراقبة المحادثات الهاتفية، وخلى آنذاك قانون الإجراءات الجنائية من أي تنظيم قانوني للمراقبة التي تسمح بكشف هذه الجريمة التي تقع في غير علانية، مما جعل تطبيق أحكام المادة 166 مكرر – المؤثمة لتعمد الإزعاج – وكذلك المادة 308 مكرر – المؤثمة السب والقذف باستخدام الهاتف – غير ممكن، لاستحالة إثبات ارتكاب أي جريمة من الجريمتين اللتين لا تحقق أي منهما إلا في غير العلانية، وهو ما حدا بالمشرع إلى إصدار القانون رقم 98 لسنة 1955 في ذات اليوم الذي صدر فيه القانون 97 لسنة 1955، وبالتزامن معه، وتضمن إضافة المادة رقم 95 مكرراً إلى قانون الإجراءات الجنائية، والتي وضعت أول تنظيم تشريعي في القانون الجنائي المصري لمسائلة مراقبة المكالمات الهاتفية، وقد منحت الحق لرئيس المحكمة الابتدائية المختصة في حالة قيام دلائل قوية على أن مرتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادتين 166 مكررا ًو 308 مكررًا من قانون العقوبات قد استعان في ارتكابها بجهاز تليفوني معين إن يأمر بناء على تقرير مدير عام مصلحة التلغرافات والتليفونات وشكوى المجني عليه في الجريمة المذكورة بوضع جهاز التليفون المذكور تحت الرقابة للمدة التي يحددها.
من ثم صار هناك تجريم لسلوك لا يتصور حدوثه إلا في غير علانية، وهذا السلوك تعمد الإزعاج باستخدام وسائل الاتصالات، أو السب والقذف باستخدام وسائل الاتصالات، وكذلك أساس قانوني يبيح كشف هذه السرية، ويمثل الأخير في نص المادة 95 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه
ومما تقدم يكون المعيار المشترك والأهم في هذه السلوكيات هو أنها تحدث في غير العلانية، ولايدركها أحد سوى الجاني والمجني عليه، وبالتالي إذا حدث أي سلوك من هذه السلوكيات في علانية، فلا ينطبق عليه النموذج القانوني للجريمة، وذلك سواء أدركته مجموعة مميزة أو غير مميزة من الأفراد، فالعبرة دائماً بانتفاء العلانية، ولذلك إذا كنا بصدد جريمة تعمد إزعاج الغير باستخدام وسائل الاتصالات، فيشترط لقيامها أن تحدث في غير علانية، باستخدام إحدى وسائل الاتصال المنصوص عليها، وذلك قبل أن نتعرض لطبيعة السلوك المنسوب للمتهم ارتكابه ومدى ما يتضمنه من إزعاج.
وحيث أنه “يجب على المحكمة قبل بحث توافر الركن المادي المعنوي في تلك الجريمة التأكد من توافر الشرط المفترض، وهو الركن المفترض والأساسي لقيام تلك الجريمة، لكونها من الجرائم التي استلزم القانون لقيامها أن تكون في غير علانية، وهو الأمر غير المتوافر في الدعوى الماثلة، لكون الواقعة موضوع الاتهام الماثل المسندة للمتهم من جانب النيابة العامة، هي واقعة نشر وعلانية، فزعمت أن المتهم نشر على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك (…………) وهو حساب مطروق للكافة ومتاح لجميع مرتادي هذا الموقع الإلكتروني مطالعة ما يدون به وكذلك تدوين التعليقات إزاء ما يطرح عبره على النحو الوارد بالأوراق، وهو الأمر الذي يجعل من هذا الاتهام مفتقدًا للشرط مفترض لقيام تلك الجريمة، ومن ثم يخرج الفعل المنسوب للمتهم ارتكابه من قبل المتهم من دائرة التجريم المنصوص عليها بالمادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات، حيث أن الواقعة المزعومة لا تنطبق عليها، ولا تخضع لأحكامها، وينعدم أصلها بالأوراق، وهو الأمر الذي يلزم معه القضاء ببراءة المتهم.
الدفع بانتفاء وجود اتصال مباشر صادر من المتهم للمجني عليه كشرط مفترض يلزم تحققه لقيام الركن المادي لجريمة تعمد إزعاج المجني عليه باستخدام وسائل الاتصالات
أسندت النيابة العامة للمتهم ارتكاب جريمة تعمد إزعاج المجني عليه من خلال إساءة استخدام وسائل الاتصالات، على زعم أنه نشر على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك (…………) وهو حساب مطروق للكافة ومتاح لجميع مرتادي هذا الموقع الإلكتروني مطالعة ما يدون به وكذلك تدوين التعليقات إزاء ما يطرح عبره على النحو الوارد بالأوراق، وطلبت معاقبته بنص المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، وحيث تنص تلك المادة على أن “مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من: ١) استخدم أو ساعد على استخدام وسائل غير مشروعة لإجراء الاتصالات. ٢) تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات”.
وحيث أن التشريعات المصرية لم تكن تعرف أي تنظيم قانوني بشأن سلوك “تعمد إزعاج الغير” حتى صدر القانون رقم 97 لسنة 1955 بتعديل قانون العقوبات في مارس عام 1955، وقد استحدث المشرع وفقاً لهذا التعديل جرائم جديدة من بينها جريمة “التسبب عمداً في إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة المواصلات التليفونية” وفقاً نص المادة 166 مكرراً التي أضيفت لقانون العقوبات، وأعدت وزارة العدل مذكرة إيضاحية لمشروع القانون سالف البيان، لعرضها على مجلس الوزراء آنذاك للموافقة عليه وإصداره، وتضمنت هذه المذكرة تبريراً لاستحداث المادة 166 مكرراً، فعللت الحكومة رغبتها في إقرار هذا القانون بالعبارات الآتية: “كثرت أخيرا الاعتداءات على الناس بالسب والقذف بطريق التليفون و استفحلت مشكلة إزعاجهم في بيوتهم ليلا ونهارا وأسماعهم أقذع الألفاظ وأقبح العبارات واحتمى المعتدون بسرية المحادثات التليفونية واطمأنوا إلى أن القانون لا يعاقب على السب والقذف بعقوبة رادعة إلا إذا توافر شرط العلانية وهو غير متوافر طبقا للنصوص الحالية الأمر الذي يستلزم تدخل المشرع لوضع حد لهذا العبث وللضرب على أيدي هؤلاء المستهترين. وقد رؤى إضافة مادتين إلى قانون العقوبات برقمي 166 مكررا و308 مكررا تعاقب الأولى منهما كل من تسبب عمدا في إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة المواصلات التليفونية وتعاقب المادة الثانية منهما على القذف بطريق التليفون بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 303 كما تعاقب على السب بالطريق المذكور بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 306 فإذا تضمن العيب أو القذف أو السب الذي ارتكب بطريق التليفون طعنا في عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 308 ومن البديهي أنه لا تشترط العلانية لتوافر أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 308 مكررا”، وقد تزامن مع إصدار القانون رقم 97 لسنة 1955 – الذي استحدثت بموجبه المادتين 166 مكرر و308 مكرر – إصدار قانون آخر، وهو القانون رقم 98 لسنة 1955، وذلك في ذات اليوم الذي صدر فيه القانون الأول، وتضمن إضافة المادة رقم 95 مكرراً إلى قانون الإجراءات الجنائية، وهي أول تنظيم تشريعي في القانون الجنائي المصري لمسائلة مراقبة المكالمات الهاتفية، ليتسنى لسلطة التحقيق المختصة كشف جريمتي تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة المواصلات التليفونية، والقذف بطريق التليفون، المنصوص عليهما في المادتين رقمي 166 مكررا ًو 308 مكررًا المضافتين لقانون العقوبات، باعتبارهما من الجرائم التي تحدث في غير علانية، ويتعذر إثبات الدليل على ارتكاب أي منهما إلا باستثناء محدود يرد على الحق في الخصوصية وحرمة المكالمات الخاصة؛ فمنحت الحق لرئيس المحكمة الابتدائية المختصة أن يأمر بناء على تقرير مدير عام مصلحة التلغرافات والتليفونات، وشكوى المجني عليه، بوضع جهاز التليفون المذكور تحت الرقابة، للمدة التي يحددها، في حالة قيام دلائل قوية على أن مرتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في هاتين المادتين، قد استعان في ارتكابها بجهاز تليفوني معين.
وحيث أنه بمجرد سريان قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، الذي وضع تنظيماً تشريعياً كاملاً لكل ما يتعلق بالاتصالات وقت صدوره، وتضمن مجموعة من التعريفات، من بينها تعريفاً محدداً للاتصالات، وتضمن الباب السابع من هذا القانون مجموعة من العقوبات الجنائية جزاء على مخالفة أحكامه، ومن بينها المادة 76 – سالفة البيان – التي نسخت أحكام المادة 166 مكرر من قانون العقوبات، وألغتها ضمنياً، وحلت محلها بمجرد سريان أحكام قانون تنظيم الاتصالات، إلا أنها لم تختلف كثيراً عنها، فأعادت صياغة ذات النص مع تعديل في مقدار العقوبة المقررة، سواء عقوبة الحبس التي زاد حدها الأقصى ليصل إلى ثلاثة سنوات، أو الغرامة التي أصبح لها حد أدني وزاد حدها الأقصى ليصل إلى عشرين ألف جنيه، وكان التغير الأهم في هذا النص هو استبدال عبارة “أجهزة الاتصالات” بعبارة “أجهزة المواصلات التليفونية”، اتساقاً مع تعريف القانون لمفهوم “الاتصالات” ضمن التعريفات الواردة في الباب الأول منه، فقد عرف الاتصالات بأنها “أية وسيلة لإرسال أو استقبال الرموز أو الإشارات أو الرسائل أو الكتابات أو الصور أو الأصوات وذلك أيا كان طبيعتها وسواء كان الاتصال سلكيا أو لاسلكياً”، كما عرف أيضاً أجهزة الاتصالات الطرفية بأنها “أجهزة الاتصالات الخاصة بالمستخدم والتي تتصل بشبكة اتصالات عامة أوخاصة” ومما تقدم يكون المشرع قد عرف أجهزة الاتصالات بأنها الأجهزة الخاصة بالمستخدم، التي تتصل بشبكة اتصالات عامة أو خاصة، وتستخدم لإرسال أو استقبال الرموز أو الإشارات أو الرسائل أو الكتابات أو الصور أو الأصوات، أيا كان طبيعتها، سواء كان الاتصال سلكيا أو لاسلكياً.
ودائما ما نكون في حاجة إلى العودة لتلك المذكرة الإيضاحية باعتبارها المرجع الذي يعكس الغاية من تجريم سلوك إساءة استعمال أجهزة الاتصالات في إزعاج الغير، وذلك لاستنتاج مدلول الإزعاج دون تعسف أو توسع في التجريم، باعتبار أن الأًصل في الأفعال هو الإباحة، والتجريم محض استثناء ضيق، تحكمه ضوابط محددة، لا يجوز التوسع فيها بصورة تتجاوز إرادة المشرع وغايته من التجريم، وبالنظر لرغبة المشرع التي أفصح عنها في هذه المذكرة، نجد أن الغاية الحقيقة من التجريم هي خلو التشريع الجنائي – من نص قانوني يعاقب على ارتكاب جرائم السب والقذف في غير العلانية، نتيجة وجود اتصال مباشر بين طرفين عبر إحدى وسائل الاتصالات، أحدهما مصدر الاتصال وهو مرتكب الجريمة والآخر متلقي الاتصال وهو المجني عليه، ومن ثم صار هناك تجريم لسلوك لا يتصور حدوثه إلا عبر ها الاتصال المباشر – على النحو المتقدم بيانه – وهو سلوك تعمد الإزعاج باستخدام وسائل الاتصالات، أو السب والقذف باستخدام وسائل الاتصالات،
ومما تقدم يكون المعيار المشترك والأهم في هذه السلوكيات هو أنها تحدث عبر اتصال مباشر بين طرفين، أحدهما مصدر الاتصال وهو مرتكب الجريمة والآخر متلقي الاتصال وهو المجني عليه، وبالتالي إذا حدث أي سلوك من هذه السلوكيات دون اتصال مباشر – على النحو المتقدم بيانه – فلا ينطبق عليه النموذج القانوني لجريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة استخدام وسائل الاتصالات، ولذلك إذا كنا بصدد محاكمة المتهم للتحقق من مدى ارتكاب تلك الجريمة، فيلزم التحقق من وجود هذا الاتصال المباشر من عدمه، وذلك قبل أن التعرض لطبيعة السلوك المنسوب للمتهم ارتكابه ومدى ما يتضمنه من إزعاج.
وحيث أنه “يجب على المحكمة قبل بحث توافر الركن المادي المعنوي في تلك الجريمة التأكد من توافر الشرط المفترض، وهو الركن المفترض والأساسي لقيام تلك الجريمة، لكونها من الجرائم التي استلزم القانون لقيامها أن ترتكب عبر اتصال مباشر بين طرفين، أحدهما مصدر الاتصال وهو مرتكب الجريمة والآخر متلقي الاتصال وهو المجني عليه، وهو الأمر غير المتوافر في الدعوى الماثلة، لكون الواقعة موضوع اﻷتهام الماثل المسندة للمتهم من جانب النيابة العامة، هي واقعة نشر وعلانية، فزعمت أن المتهم نشر على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ……………………… وهو حساب مطروق للكافة ومتاح لجميع مرتادي هذا الموقع الإلكتروني مطالعة ما يدون به وكذلك تدوين التعليقات إزاء ما يطرح عبره على النحو الوارد بالأوراق.
وحيث تنص المادة 171 من قانون العقوبات على أن “كل من حرض واحدا أو أكثر بارتكاب جناية أو جنحة بقول أو صياح أو جهر به علناً أو بفعل أو إيماء صدر منه علنا أو بكتابة أو رسوم أو صور أو صور شمسية أو رموز أو أية طريقة أخرى من طرق التمثيل جعلها علنية أو بأية وسيلة أخرى من وسائل العلانية يعد شريكا في فعلها ويعاقب بالعقاب المقرر لها إذا ترتب على هذا التحريض وقوع تلك الجناية أو الجنحة بالفعل. أما إذا ترتبت على التحريض مجرد الشروع في الجريمة فيطبق القاضي الأحكام القانونية في العقاب على الشروع. ويعتبر القول أو الصياح علنيا إذا حصل الجهر به أو ترديده بإحدى الوسائل الميكانيكية في محفل عام أو أى مكان آخر مطروق أو إذا حصل الجهر به ترديده بحيث يستطيع سماعه من كان في مثل ذلك الطرق أو المكان أو إذا أذيع بطريق اللاسلكي أو بأية طريقة أخرى. ويكون الفعل أو الإيماء علنيا إذا وقع في محفل عام أو طريق عام أو في أى مكان آخر مطروق أو إذا وقع بحيث يستطيع رؤيته من كان في مثل ذلك الطريق أو المكان. وتعتبر الكتابة والرسوم والصور والصور الشمسية والرموز وغيرها من طرق التمثيل علنية إذا وزعت بغير تمييز على عدد من الناس أو إذا عرضت بحيث يستطيع أن يراها من يكون في الطريق العام أو أى مكان مطروق أو إذا بيعت أو عرضت للبيع في أى مكان”
واستناداً لما تقدم، وحيث أن جرائم النشر أو العلانية تخضع لأحكام المواد الواردة في الباب الرابع عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات في شأن التجريم والعقاب، ولا تخضع لأحكام المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات، هو الأمر الذي يجعل من هذا الاتهام مفتقداً للشرط المفترض واللازم لقيام تلك الجريمة، ومن ثم يخرج الفعل المنسوب للمتهم ارتكابه من قبل المتهم من دائرة التجريم المنصوص عليها بالمادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات، حيث أن الواقعة المزعومة لا تنطبق عليها، ولا تخضع لأحكامها، وينعدم أصلها بالأوراق، وهو الأمر الذي يلزم معه القضاء ببراءة المتهم.
الدفع باستحالة تحقق النتيجة الإجرامية للركن المادي المُكوِّن لجريمة تعمد إزعاج المجني عليه بإساءة استخدام وسائل الاتصالات لكونه شخصًا اعتباريًا
أسندت النيابة العامة للمتهم ارتكاب جريمة تعمد إزعاج المجني عليه من خلال إساءة استخدام وسائل الاتصالات، المعاقب عليها بنص المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، والتي تنص على أن “مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من: ١) استخدم أو ساعد على استخدام وسائل غير مشروعة لإجراء الاتصالات. ٢) تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات”.
وحيث أنه من المقرر فقهاً أن “جرائم الاتصالات هي جرائم عمدية تتطلب أن يتوافر في كل منها ركن مادي وركن معنوي، يتمثل اﻷول في مقارفة المتهم لفعل من اﻷفعال التي تشكل النشاط الإجرامي محل الركن المادي للجرائم المنصوص عليها في قانون الاتصالات، ويتمثل الثاني في أن يتوافر في حق كل متهم الركن المعنوي للجريمة بعنصريه العلم والإرادة، بأن يكون عالماً بمباشرة النشاط الإجرامي محل الركن المادي وأن تتجه إرادته إلى تحقيق ذلك”
(الموسوعة الجنائية للتشريعات الاقتصادية – المستشار / مصطفي معوض والمستشار / أكرم أبو حساب، ج2، ط2 نادي القضاة، س 2009، ص 397)
وحيث أنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن “جريمـة إساءة استعمال أجهزة الاتصالات وفقـاً لنص المادة ٧٦ من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ بإصدار قانون الاتصـالات لا يقتصر على الازعاج فقـط بل يتسـع إلى كـل قـول أو فـعل تعمّده الجـانى يضيـق به صـدر المواطـن وأيـاً كـان نـوع أجهـزة الاتصـالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة بهـا”
(الطعن بالنقض رقم ٢٢٨٤ لسنة ٨٩ ق – جنح اقتصادي – بجلسة ٢٠٢٠/٠٦/١٠، والطعن بالنقض رقم ١١٤٥٦ لسنة ٩٠ ق – جنح النقض – جلسة ٢٠٢١/٠٩/١١)
ومن المقرر أيضاً في قضاءها أن “الإزعاج وفقاً لنص المادة 76 من القانون 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف اللذان وردا بنص المادة 308 مكرراً من قانون العقوبات، بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه، أيا كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة”
(الطعن بالنقض رقم 22201 لسنة 88 ق – جلسة 27-2-2019 – المبادئ القانونية التي قررتها محكمة النقض في جرائم الاتصالات – ص 61)
وحيث أنه من المقرر فقهاً أن الجرائم الجنائية تنقسم إلى جرائم ذات نتيجة إجرامية (جرائم الضرر) وجرائم شكلية أو سلوكية (جرائم الخطر) والطائفة الأولى هي التي يرتب على السلوك فيها من نتيجة ضارة محددة بنص في القانون، يجرمها المشرع ويعاقب عليها لما فيها من عدوان على حق أو مصلحة أضفى عليها الحماية الجنائية، ويتألف ركنها المادي من سلوك ونتيجة إجرامية ورابطة سببية تربط بينهما، والطائفة الثانية هي التي يجرم المشرع فيها السلوك ذاته دون النظر إلى ما يحدث من آثار يجرمها ويتألف ركنها المادي من مجرد سلوك إجرامي دون النظر إلى ما يحدثه من آثار.
(شرح قانون العقوبات، القسم العام، النظرية العامة للجريمة، د/ مصطفى فهمي الجوهري، ط 2017، دار النهضة العربية، ص 190 – شرح قانون العقوبات، القسم العام، النظرية العامة للجريمة، د/ إبراهيم عيد نايل، ط2014، دار النهضة العربية، ص 136)
ولما كانت جريمة تعمد إزعاج الغير باستخدام وسائل الاتصالات المنصوص عليها في المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات، هي من جرائم الضرر، فيشترط لقيام ركنها المادي ارتكاب الجاني لسلوك إجرامي عبارة عن قول أو فعل عند عمد، فيترتب عليه على هذا السلوك – حتماً – نتيجة إجرامية، تتمثل في ضيق صدر المجني عليه واضطراب سكينته.
ولما كان ما تقدم بيانه، فيشترط لتحقق من قيام الركن المادي لجريمة تعمد إزعاج الغير باستخدام وسائل الاتصالات، توافر تلك النتيجة الإجرامية سالفة البيان، ولما كان من المعلوم بالضرورة كعلم عام أن الشعور بالانزعاج وضيق الصدر واضطراب السكينة لا يتحقق إلا لشخص طبيعي، كامل الأهلية والإرادة، قادراً على الإفصاح والتعبير عن ذلك الشعور – المشار إليه – بصورة قاطعة في ثبوتها وفي دلالتها؛ فلا يتصور عقلاً ومنطقاً افتراض الشعور بذلك من جانب شخص فاقد للإرادة أو عديم أو ناقص الأهلية، كما لا يتصور افتراضه في شخص اعتباري.
وحيث أن الثابت من أوراق الدعوى أن الواقعة التي حرر بشأنها المحضر المؤرخ (…………..) هي الزعم بإرسال المتهم رسائل إلى إلى شركة (…………..) تضمنت عبارات انطوت على انعدام كفاءتها والتشكيك في مصداقيتها في التعامل مع عملائها وتحصلها على أموال بعض عملائها دون وجه حق، وهي مزاعم على الفرض الجدلي بصحتها – وهو ما لم يثبت من الأوراق – فشركة (…………..) هي شخص اعتباري، لا شعور، ولا ضمير، ولا وجدان لها، ويستحيل تصور شعورها بالانزعاج أو الضيق أو الاضطراب في السكينة، كنتيجة لتلك الرسائل المشار إليها، التي زعمت النيابة العامة إرسالها من جانب المتهم؛ ومن ثم يكون إتهام النيابة العامة للمتهم بتعمد إزعاج المجني عليه هو محض خيال، لا معقولية فيه، ويتعارض مع أبسط قواعد المنطق والقانون.
واستنادً إلى ما تقدم تنفي في حق المتهم جميع عناصر الركن المادي المكون لجريمة تعمد إزعاج الغير باستخدام وسائل الاتصالات؛ فقد خلت الأوراق من أي سلوك إجرامي قد يتمثل في إزعاجاً بإساءة استخدام وسائل الاتصالات، كما خلت أيضاً من أي إشارة، أو إيماءة، أو دلالة على تحقق النتيجة الإجرامية التي حددها المشرع في نص المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات، وهو ما يلزم معه القضاء ببراءته من الاتهامات المنسوبة إليه.
الدفع بانتفاء النتيجة الإجرامية للركن المادي المُكوِّن لجريمة تعمد إزعاج المجني عليه بإساءة استخدام وسائل الاتصالات
أسندت النيابة العامة للمتهم ارتكاب جريمة تعمد إزعاج المجني عليه من خلال إساءة استخدام وسائل الاتصالات، المعاقب عليها بنص المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، والتي تنص على أن “مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من: ١) استخدم أو ساعد على استخدام وسائل غير مشروعة لإجراء الاتصالات. ٢) تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات”.
وحيث أنه من المقرر فقهاً أن “جرائم الاتصالات هي جرائم عمدية تتطلب أن يتوافر في كل منها ركن مادي وركن معنوي، يتمثل اﻷول في مقارفة المتهم لفعل من اﻷفعال التي تشكل النشاط الإجرامي محل الركن المادي للجرائم المنصوص عليها في قانون الاتصالات، ويتمثل الثاني في أن يتوافر في حق كل متهم الركن المعنوي للجريمة بعنصريه العلم والإرادة، بأن يكون عالماً بمباشرة النشاط الإجرامي محل الركن المادي وأن تتجه إرادته إلى تحقيق ذلك”
(الموسوعة الجنائية للتشريعات الاقتصادية – المستشار / مصطفي معوض والمستشار / أكرم أبو حساب، ج2، ط2 نادي القضاة، س 2009، ص 397)
وحيث أنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن “أن جريمـة إساءة استعمال أجهزة الاتصالات وفقـاً لنص المادة ٧٦ من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ بإصدار قانون الاتصـالات لا يقتصر على الازعاج فقـط بل يتسـع إلى كـل قـول أو فـعل تعمّده الجـانى يضيـق به صـدر المواطـن وأيـاً كـان نـوع أجهـزة الاتصـالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة بهـا”
(الطعن بالنقض رقم ٢٢٨٤ لسنة ٨٩ ق – جنح اقتصادي – بجلسة ٢٠٢٠/٠٦/١٠، والطعن بالنقض رقم ١١٤٥٦ لسنة ٩٠ ق – جنح النقض – جلسة ٢٠٢١/٠٩/١١)
ومن المقرر أيضاً في قضاءها أن “الإزعاج وفقاً لنص المادة 76 من القانون 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف اللذان وردا بنص المادة 308 مكرراً من قانون العقوبات، بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه، أيا كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة”
(الطعن بالنقض رقم 22201 لسنة 88 ق – جلسة 27-2-2019 – المبادئ القانونية التي قررتها محكمة النقض في جرائم الاتصالات – ص 61)
وحيث أنه من المقرر فقهاً أن الجرائم الجنائية تنقسم إلى جرائم ذات نتيجة إجرامية (جرائم الضرر) وجرائم شكلية أو سلوكية (جرائم الخطر) والطائفة الأولى هي التي يرتب على السلوك فيها من نتيجة ضارة محددة بنص في القانون، يجرمها المشرع ويعاقب عليها لما فيها من عدوان على حق أو مصلحة أضفى عليها الحماية الجنائية، ويتألف ركنها المادي من سلوك ونتيجة إجرامية ورابطة سببية تربط بينهما، والطائفة الثانية هي التي يجرم المشرع فيها السلوك ذاته دون النظر إلى ما يحدث من آثار يجرمها ويتألف ركنها المادي من مجرد سلوك إجرامي دون النظر إلى ما يحدثه من آثار.
(شرح قانون العقوبات، القسم العام، النظرية العامة للجريمة، د/ مصطفى فهمي الجوهري، ط 2017، دار النهضة العربية، ص 190 – شرح قانون العقوبات، القسم العام، النظرية العامة للجريمة، د/ إبراهيم عيد نايل، ط2014، دار النهضة العربية، ص 136)
ولما كانت جريمة تعمد إزعاج الغير باستخدام وسائل الاتصالات المنصوص عليها في المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات، هي من جرائم الضرر، فيشترط لقيام ركنها المادي ارتكاب الجاني لسلوك إجرامي عبارة عن قول أو فعل عند عمد، فيترتب عليه على هذا السلوك – حتماً – نتيجة إجرامية، تتمثل في ضيق صدر المجني عليه واضطراب سكينته.
ولما كان ما تقدم بيانه، فيشترط لتحقق من قيام الركن المادي لجريمة تعمد إزعاج الغير باستخدام وسائل الاتصالات، توافر تلك النتيجة الإجرامية سالفة البيان، ولما كان من المعلوم بالضرورة كعلم عام أن الشعور بالانزعاج وضيق الصدر واضطراب السكينة لا يتحقق إلا لشخص طبيعي، كامل الأهلية والإرادة، قادراً على الإفصاح والتعبير عن ذلك الشعور – المشار إليه – بصورة قاطعة في ثبوتها وفي دلالتها؛ فلا يتصور عقلاً ومنطقاً افتراض الشعور بذلك من جانب شخص فاقد للإرادة أو عديم أو ناقص الأهلية، كما لا يتصور افتراضه في شخص اعتباري.
وإضافة إلى ذلك أن الشخص الطبيعي كامل الإرادة والأهلية إن افترض فيه هذا الشعور، فلابد أن يفصح عنه بصورة واضحة وقاطعة في ثبوتها وفي دلالتها، لا ظن، ولا احتمال، ولا ترجيح ولا تأويل فيها.
وعلى الرغم من أن الجريمة المشار إليها ليست من جرائم الشكوى المنصوص عليها على سبيل الحصر في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أو غيره من القوانين، إلا أنه لا يتصور إسناد ارتكابها للمتهم أو لغيره إلا إذا أفصح عن شعوره بالانزعاج وضيق صدره واضطراب سكينته – على نحو ما تقدم بيانه.
وحيث أن الثابت من أوراق الدعوى أن الواقعة التي حرر بشأنها المجني عليه المحضر المؤرخ (…………..) هي الزعم بإرسال رسائل إليه تضمنت سب وقذف وطعن في شرف زوجته وتشكيك في نسب نجله منها، بينما الواقعة التي أحالت النيابة العامة للمحاكمة بشأنها هي الواقعة المزعومة الواردة في تقرير الفحص الفني، وهي إرسال رسائل للمجني عليه تضمنت تشكيك في ذمته المالية وإتهامه بالاستيلاء على أموال الغير وإيهام المجني عليه وغيره بمشروعات وهمية، وهي واقعة أخرى، وعلى الفرض الجدلي بصحتها – وهو ما لم يثبت من الأوراق – فلم يشكو المجني عليه بشأنها، ولم يفصح عن شعور بالانزعاج أو الضيق أو الاضطراب في السكينة، كنتيجة لتلك الرسائل التي جاءت بتقرير الفحص الفني والتي زعمت النيابة العامة إرسالها من جانب المتهم.
ومن ثم يستحيل التحقق من زعم النيابة العامة بأن المتهم تعمد إزعاج المجني عليه باستخدام وسائل الاتصالات، كما يستحيل أيضًا أن تفترض من تلقاء نفسها شعور المجني عليه بالانزعاج أو الضيق أو الاضطراب في السكينة، كنتيجة لذلك السلوك المزعوم، ما لم يفصح المجني عليه عن ذلك صراحة في أوراق الدعوى؛ فهي مسألة في ضمير ووجدان المجني عليه لا يمكن التعرف عليها إلا بإفصاحه عنها صراحة، ومن ثم يكون اتهام النيابة العامة للمتهم بتعمد إزعاج المجني عليه هو محض خيال لا معقولية فيه يتعارض مع أبسط قواعد المنطق والقانون.
واستنادًا إلى ما تقدم تنتفي في حق المتهم جميع عناصر الركن المادي المكون لجريمة تعمد إزعاج الغير باستخدام وسائل الاتصالات؛ فقد خلت الأوراق من أي سلوك إجرامي يتمثل في إزعاج المجني عليه باستخدام وسائل الاتصالات، كما خلت أيضًا من أي إشارة، أو إيماءة، أو دلالة على تحقق النتيجة الإجرامية التي حددها المشرع في نص المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات، وهو ما يلزم معه القضاء ببراءته من الاتهامات المنسوبة إليه.