
مقدمة
في السنوات الأخيرة، شهدت الساحة القانونية في مصر تصاعدًا ملحوظًا في استخدام التشريعات المنظمة للفضاء الرقمي كأداة للملاحقة الجنائية، خاصة في القضايا التي تتعلق باستخدام المواقع الإلكترونية، والحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل التعبير الرقمي عمومًا.
وقد صاحب ذلك اتساع في نطاق التجريم، وتعدد في التكييفات القانونية، الأمر الذي أفرز ممارسات إجرائية وقانونية قد تفتقر في أحيان كثيرة إلى الدقة القانونية، أو تتعارض مع الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة، وحرية التعبير، وحرية استخدام الإنترنت.
وتُعد المادة (105) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018 من أكثر المواد التي طُبّقت بشكل مثير للجدل، حيث أُسندت من خلالها اتهامات تتعلق بـ”إدارة مواقع إلكترونية بدون ترخيص”، ليس فقط على مواقع إعلامية أو إخبارية، وإنما أيضًا على حسابات شخصية أو مدونات أو منصات للتعبير الذاتي، ما يثير تساؤلات جدّية حول مدى انطباق عناصر التجريم، وحدود التفسير التشريعي، وتوصيف “الموقع الإلكتروني” في ضوء القانون ولائحة التراخيص.
تأتي هذه المذكرة القانونية لتقدّم نموذجًا موضوعيًا متكاملًا للدفوع التي يمكن للمتهم أو محاميه التمسك بها، سواء في مرحلة التحقيق أمام النيابة العامة، أو أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة المختصة. وتعتمد المذكرة على تحليل نصوص القانون، ومراجعة لائحة تنظيم التراخيص الصادرة عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، فضلًا عن الاستناد إلى المبادئ القضائية المستقرة الصادرة عن محكمة النقض والمحكمة الاقتصادية.
وتتضمن المذكرة دفوع رئيسية تمس صميم التكوين القانوني للجريمة محل الاتهام، أبرزها انتفاء صفة “مدير الموقع” كشرط مفترض لازم لقيام الجريمة، وانتفاء الركن المادي للجريمة لكون الموقع الإلكتروني شخصيًا أو مجرد حساب على وسيلة تواصل اجتماعي، وكون الموقع محل الواقعة يبث من خارج البلاد، أو يديره شخص آخر خلاف المتهم، أو لعدم وجود تقرير فني حاسم يُثبت واقعة الإدارة من الأصل.
تهدف هذه المذكرة إلى توفير أداة مرجعية واسترشادية للمحامين، والمدافعين عن حرية التعبير والحقوق الرقمية، والباحثين القانونيين، عند التعاطي مع الاتهامات ذات الصلة بـ”إدارة موقع إلكتروني بدون ترخيص”، بما يُسهم في تعزيز الحماية القانونية، وتحقيق المحاكمة العادلة، وتضييق هوامش التأويل الفضفاض للنصوص القانونية ذات الطبيعة الإدارية والتنظيمية.
وينبغي أن نشير إلى أن هذه المذكرة لا تُغني عن التقييم القانوني المستقل لكل قضية على حدة، إذ تختلف الوقائع والسياقات والظروف الإجرائية من دعوى لأخرى. ويُوصى دائمًا بالرجوع إلى محامٍ مختص قبل استخدام الدفوع الواردة فيها.
نص المذكرة
وقائع الدعوى
أحالت النيابة العامة المتهم إلى المحاكمة في الدعوى الماثلة، بعد أن وجهت إليه الاتهام – على حد زعمها – بتأسيس وإدارة موقع إلكتروني بدون ترخيص داخل جمهورية مصر العربية، وذلك على النحو المبين بالأوراق، وطلبت معاقبته بالمادتين 6 و105 من القانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وقد تحددت لنظر الدعوى جلسة اليوم أمام المحكمة الموقرة.
الدفوع
- انتفاء صفة مدير الموقع كشرط مفترض لازم لقيام الجريمة.
- انتفاء الركن المادي للجريمة لكون الموقع الإلكتروني محل الاتهام موقعًا إلكترونيًا شخصيًا.
- انتفاء الركن المادي للجريمة لكون محل الاتهام حسابًا شخصيًا على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وليس موقعًا إلكترونيًا.
- انتفاء الركن المادي للجريمة لكون الموقع الإلكتروني يبث من دولة أجنبية.
- انتفاء الركن المادي للجريمة لكون التقرير الفني قد انتهى إلى أن القائم على إدارة الموقع الإلكتروني شخص آخر غير المتهم.
انتفاء صفة مدير الموقع كشرط مفترض لازم لقيام الجريمة
أحالت النيابة العامة المتهم إلى المحاكمة في الدعوى الماثلة، بعد أن وجّهت إليه الاتهام – على حد زعمها – بإدارة موقع إلكتروني دون ترخيص داخل جمهورية مصر العربية، بالإضافة إلى اتهامات أخرى مبينة بالأوراق.
وحيث تنص الفقرة الأولى من المادة (6) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018 على أن:
“لا يجوز تأسيس مواقع إلكترونية في جمهورية مصر العربية، أو إدارتها، أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من خارج الجمهورية، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى وفق الضوابط والشروط التي يضعها في هذا الشأن.”
وفي شأن إدارة الموقع، فقد خاطب المشرّع القائم على إدارة الموقع الإلكتروني أو المدير المسؤول، وخوّله مباشرة عدة التزامات بشأن أداء عمل الموقع الإلكتروني، وذلك في الفصل الثالث من الباب الثاني من القانون سالف البيان، في المواد من 17 حتى 27. كما خاطب أيضًا، في الفصل الثاني من الباب الرابع من ذات القانون، في المواد من 57 حتى 67، كلًّا من المؤسس أو القائم على إدارة الموقع الإلكتروني أو المدير المسؤول، وخوّله مباشرة عدة التزامات بشأن الترخيص وإجراءاته وضوابطه.
ومما تقدم، يكون المشرّع قد حدّد للقائم على إدارة الموقع عدة مسؤوليات والتزامات قانونية أناط به تنفيذها، ورتب جزاءات إدارية وجنائية غايتها معاقبته على مخالفة أو إهمال بعضها، أو على إساءة استغلاله لصلاحياته الوظيفية. ويفهم من هذا السياق التشريعي أن الجريمة المنصوص عليها في المادة 105 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام، التي يُحاكم المتهم بشأنها، لم يتصور المشرّع ارتكابها إلا ممن يتصف بصفة مدير الموقع الإلكتروني؛ ومن ثم، فإن المخاطَب بهذا النص هو كل من تنطبق عليه هذه الصفة دون غيره، حسبما عرّفها هذا القانون.
ومن ثم، فقد أصبح من المسلم به أن هذه الجريمة من جرائم ذوي الصفة، ويشترط لمساءلة الفرد جنائيًّا عن ارتكابها أن يتوافر فيه، قبل ارتكاب الجريمة، شرط مفترض يتكوّن من عنصرين:
- العنصر الأول: صفة مدير الموقع، وهي حالة خاصة قانونية أو واقعية، وفقًا لما تقدم من تعريف لها.
- العنصر الثاني: أن يتمتع من يتصف بصفة مدير الموقع بصلاحيات هذه الوظيفة، التي يتحمّل أعباءها ومسؤولياتها والتزاماتها.
وفي جميع الأحوال، تخضع هذه الصفة في إثباتها للقواعد والأحكام المنصوص عليها في هذا القانون ولائحته التنفيذية، باعتباره القانون المنظِّم لها. وكان من المقرر في قضاء النقض بشأن جرائم ذوي الصفة أن:
“تحقق صفة الموظف العام أو من في حكمه، ركن من أركان جنايتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال للدولة أو ما في حكمه – المنصوص عليهما في المادتين 112 و113/1 من قانون العقوبات. ومتى كان الحكم لم يستظهر هذه الصفة في الطاعن، فإنه يكون معيبًا بالقصور في البيان.”
(الطعن رقم 1633 لسنة 38 ق – جلسة 11/11/1968 – المكتب الفني – س 19 – ق 193 – ص 961)
كما قضت محكمة النقض أيضًا بأن:
“لما كان تحقق صفة الموظف العام ركنًا في جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، ولا تقوم هذه الجريمة إلا بتوافره، فإن الدفاع السالف يعد دفاعًا جوهريًّا في الدعوى المطروحة، لما يترتب عليه من اختلاف التكييف القانوني لوقائع الاختلاس المسندة إلى الطاعن، وما إذا كان ينطبق عليها وصف الجناية المتقدم ذكرها أم تعتبر جنحة تبديد منطبقة على المادة 341 من قانون العقوبات. ومن ثم، فقد كان يتعين على المحكمة أن تمحص هذا الدفاع بلوغًا إلى غاية الأمر فيه، وأن ترد عليه بما يدفعه إن رأت الالتفات عنه. أما وهي لم تفعل، واكتفت بإطراحه مع غيره من أوجه دفاع الطاعن جملة – دون أن تُقسطه حقه – رغم ما انتهت إليه من اعتبار الواقعة جناية اختلاس مرتبطة بجريمتي تزوير واستعمال، وفقًا للمادة 112 من قانون العقوبات، فإن حكمها يكون قاصر البيان.”
(الطعن رقم 6980 لسنة 58 ق – جلسة 11/05/1989 – المكتب الفني – س 40 – ق 96 – ص 578)
ويُستفاد من ذلك أن توافر هذه الصفة بات شرطًا مفترضًا ولازمًا لقيام الجريمة المسندة إلى المتهم، والمنصوص عليها بالمادة 105 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام؛ فلا تقوم هذه الجريمة إلا بتوافر هذا الشرط، والتأكد من تحققه قبل ارتكابها، ولا يتصور ارتكابها من غير مدير الموقع الذي يتمتع بصلاحيات وظيفته؛ إذ إن نص المادة يخاطب ذوي الصفة من مديري المواقع – وفقًا لأحكام القانون ولائحته التنفيذية ولائحته الخاصة بتنظيم التراخيص – دون غيرهم. ومن ثم، يخرج من دائرة التجريم والعقاب كل من لا تتوافر فيه هذه الصفة قانونًا أو واقعًا، وتنحصر المسؤولية الجنائية في ذوي صفة مدير الموقع، دون أن تمتد عناصر المسؤولية الجنائية إلى غيرهم، إلا بوصفهم شركاء في الجريمة فحسب.
واستنادًا إلى ما تقدم، ولما كانت عناصر النموذج القانوني للجريمة المعاقب عليها بنص المادة 105 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام، قد تضمنت أركانها العامة، والتي يأتي في مقدمتها هذا الشرط المفترض، المتمثل في صفة مدير الموقع، وتمتع المتصف بها بصلاحيات هذه الصفة الوظيفية دون حائل؛ وحيث خلت أوراق الدعوى كافة مما يفيد توافر صفة مدير الموقع في حق المتهم، كما خلت أيضًا مما يفيد تمتعه بصلاحيات هذه الصفة الوظيفية، وكان من المقرر أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تُكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون.
إن الجريمة المعاقب عليها بموجب نص المادة 105 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام تكون غير متحققة في وقائع هذه الدعوى لانعدام الشرط المفترض اللازم لقيامها، وهو ما يلزم معه القضاء ببراءة المتهم من الاتهام المسند إليه بموجب هذه المادة.
انتفاء الركن المادي للجريمة لكون الموقع الإلكتروني محل الاتهام موقعًا إلكترونيًا شخصيًا
أحالت النيابة العامة المتهم إلى المحاكمة في الدعوى الماثلة، بعد أن وجّهت إليه الاتهام – على حد زعمها – بإدارة موقع إلكتروني دون ترخيص داخل جمهورية مصر العربية.
وحيث تنص المادة (1) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018 على أن:
“في تطبيق أحكام هذا القانون، يقصد بالكلمات والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منها: …الموقع الإلكتروني: الصفحة أو الرابط أو التطبيق الإلكتروني المرخص له والذي يُقدَّم من خلاله محتوى صحفي أو إعلامي أو إعلاني، نصيًّا كان أو سمعيًّا أو مرئيًّا، ثابتًا أو متحركًا أو متعدد الوسائط، ويصدر باسم معين، وله عنوان ونطاق إلكتروني محدد، ويُنشأ أو يُستضاف أو يُتم النفاذ إليه من خلال شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت).”
وتنص المادة (1) من لائحة تنظيم التراخيص بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الصادرة بقرار رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 26 لسنة 2020، على أن:
“يكون للتعريفات الواردة بقانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الصادر بالقانون رقم 180 لسنة 2018 ذات المعنى في تطبيق أحكام هذه اللائحة. كما يُقصد بالكلمات والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منها في تطبيق أحكام هذه اللائحة:
… الموقع الإلكتروني الشخصي: موقع إلكتروني ينشئه شخص على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) لعرض سيرته الذاتية أو اهتماماته أو هواياته أو أفكاره.
… الموقع الإلكتروني الإخباري: موقع إلكتروني متخصص في تقديم الخدمات الإخبارية ويقوم ببث مواد إخبارية آنية بشكل لحظي أو مواد ذات صلة بها.”
كما تنص المادة (13) من ذات اللائحة على أن:
“مع عدم الإخلال بالأحكام الواردة في القانون واللائحة التنفيذية بشأن الصحف الإلكترونية والموقع الإلكتروني للوسيلة الإعلامية، يكون ترخيص الموقع الإلكتروني (الصفحة أو الرابط أو التطبيق) الذي يقدم الخدمات الإخبارية أو الإعلامية أو الإعلانية التجارية الإلكترونية، والتي تقدم المحتوى المتضمن الترويج للأعمال أو الخدمات أو المنتجات أو الأشخاص، من خلال شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) داخل جمهورية مصر العربية، وفقًا لأحكام هذه اللائحة.”
وإضافة إلى ما سبق، فإن المواد (15) و(16) و(17) و(18) و(19) من ذات اللائحة قد نظمت إجراءات ترخيص المواقع المشار إليها في المادة (13) من هذه اللائحة، والتي اقتصرت فقط على المواقع الإلكترونية التي تقدم الخدمات الإخبارية أو الإعلامية أو الإعلانية التجارية الإلكترونية، والتي تقدم المحتوى المتضمن الترويج للأعمال أو الخدمات أو المنتجات أو الأشخاص، دون أن تمتد إلى المواقع الإلكترونية الشخصية.
ومما تقدم، يكون المشرّع قد أخضع مجموعة محددة على سبيل الحصر من المواقع الإلكترونية – دون غيرها – للالتزام بضوابط وإجراءات التراخيص المنصوص عليها في قانون تنظيم الصحافة والإعلام ولائحته التنفيذية ولائحة التراخيص؛ ومن ثم، يخرج عن نطاق هذه الضوابط كل موقع إلكتروني لا يتضمن محتوىً يشمل بث أو تقديم خدمات إخبارية أو إعلامية أو إعلانية أو ترويجًا لخدمات أو منتجات، وذلك على النحو الموضح بلائحة التراخيص المشار إليها.
ويُفهم من هذا السياق التشريعي أن النموذج القانوني للجريمة المنصوص عليها في المادة 105 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام، التي يُحاكم المتهم بشأنها، لم يتصور المشرّع ارتكابها إلا إذا كان محلها موقع إلكتروني يتضمن بث أو تقديم خدمات إخبارية أو إعلامية أو إعلانية أو ترويجًا لخدمات أو منتجات.
وحيث إن الثابت من أوراق الدعوى أن الموقع الإلكتروني المستخدم في الواقعة، المسمى (…………)، هو موقع إلكتروني ومدونة شخصية تخص المتهم، ولا يتضمن محتوى يشمل بث أو تقديم خدمات إخبارية، كما يخلو من أي محتوى يتضمن خدمات إعلامية أو إعلانية أو ترويجًا لخدمات أو منتجات، وذلك على النحو الموضح بلائحة التراخيص المشار إليها؛ وإنما هو مجرد مدونة شخصية أو موقع شخصي يعرض من خلاله المتهم اهتماماته وأفكاره وآراءه الشخصية.
واستنادًا إلى ما تقدم، ولما كانت عناصر النموذج القانوني للجريمة المعاقب عليها بنص المادة 105 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام غير متحققة في وقائع هذه الدعوى، فإن ذلك يستتبع بالضرورة، وباللزوم العقلي والمنطقي، انتفاء محل الجريمة موضوع الاتهام. ومن المقرر أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تُكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون؛ فمن ثم، يلزم القضاء ببراءة المتهم من الاتهام المسند إليه.
انتفاء الركن المادي للجريمة لكون محل الاتهام حسابًا شخصيًا على أحد مواقع التواصل الاجتماعي وليس موقعًا إلكترونيًا
أحالت النيابة العامة المتهم إلى المحاكمة في الدعوى الماثلة، بعد أن وجّهت إليه الاتهام – على حد زعمها – بإدارة حساب يُسمى (………) على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” دون ترخيص من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وأسندت إليه ارتكاب الجريمة المنصوص عليها في المادة (105) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018.
وحيث تنص المادة (1) من هذا القانون على أن:
“في تطبيق أحكام هذا القانون، يُقصد بالكلمات والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منها:
… الموقع الإلكتروني: الصفحة أو الرابط أو التطبيق الإلكتروني المرخص له، والذي يُقدَّم من خلاله محتوى صحفي أو إعلامي أو إعلاني، نصيًّا كان أو سمعيًّا أو مرئيًّا، ثابتًا أو متحركًا أو متعدد الوسائط، ويصدر باسم معين، وله عنوان ونطاق إلكتروني محدد، ويُنشأ أو يُستضاف أو يُتم النفاذ إليه من خلال شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت).”
وتنص المادة (1) من لائحة تنظيم التراخيص بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الصادرة بقرار رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 26 لسنة 2020، على أن:
“يكون للتعريفات الواردة بقانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الصادر بالقانون رقم 180 لسنة 2018 ذات المعنى في تطبيق أحكام هذه اللائحة. كما يُقصد بالكلمات والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منها في تطبيق أحكام هذه اللائحة:
… الموقع الإلكتروني الشخصي: موقع إلكتروني يُنشئه شخص على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) لعرض سيرته الذاتية أو اهتماماته أو هواياته أو أفكاره.
… الموقع الإلكتروني الإخباري: موقع إلكتروني متخصص في تقديم الخدمات الإخبارية، ويقوم ببث مواد إخبارية آنية بشكل لحظي أو مواد ذات صلة بها.”
ومما تقدم، يكون المشرِّع قد أخضع مجموعة محددة – على سبيل الحصر – من المواقع الإلكترونية، دون غيرها، للالتزام بضوابط وإجراءات التراخيص المنصوص عليها في قانون تنظيم الصحافة والإعلام ولائحته التنفيذية ولائحة التراخيص. ويفهم من هذا السياق التشريعي أن النموذج القانوني للجريمة المنصوص عليها في المادة 105 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام، التي يُحاكم المتهم بشأنها، لم يتصور المشرِّع ارتكابها إلا إذا كان محلها موقع إلكتروني يتضمن بث أو تقديم خدمات إخبارية أو إعلامية أو إعلانية أو ترويجًا لخدمات أو منتجات.
ومن ثم، يخرج عن نطاق هذه الضوابط كل موقع إلكتروني لا يتضمن محتوى يشمل بث أو تقديم خدمات إخبارية أو إعلامية أو إعلانية أو ترويجًا لخدمات أو منتجات، على النحو الموضح بلائحة التراخيص المشار إليها. كما يخرج أيضًا من نطاقها كل ما ليس موقعًا إلكترونيًا، سواء أكان حسابًا شخصيًا على أحد مواقع التواصل الاجتماعي أو غير ذلك من وسائل النشر والاتصال عبر الإنترنت.
وحيث إن الثابت من التقرير الوارد ضمن أوراق الدعوى، والمطروح على المحكمة الموقرة، أنه انتهى إلى أن المتهم قائم على إدارة حساب يُسمى (………) على موقع التواصل الاجتماعي (………)، دون أي إشارة من قريب أو بعيد إلى وجود موقع إلكتروني يقوم المتهم على إدارته؛ ولما كانت النيابة العامة قد أحالت المتهم بالمخالفة للثابت بالتقرير الفني سالف البيان، فإن إسناد الاتهام للمتهم بارتكاب الجريمة موضوع المحاكمة قد جاء مخالفًا للتقرير الفني، ومتناقضًا معه تناقضًا يستعصي على المواءمة والتوفيق، بما يجعل هذا الاتهام محل شك وريبة، ونتاج ظنون لا يؤازرها يقين، وينتفي معه الاتهام بحق المتهم، الذي يلازمه أصل البراءة.
ويتماشى ما تقدم مع قضاء محكمة القاهرة الاقتصادية في هذا الشأن، إذ قضت في دعوى مماثلة ببراءة المتهم من ذات التهمة موضوع الاتهام في الدعوى الماثلة، لكون التقرير الفني قد انتهى إلى أن ما يقوم المتهم على إدارته هو مجرد حساب على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وليس موقعًا إلكترونيًا. وقد جاء في حكمها ما نصه:
“عن التهمة المسندة للمتهمة الأولى بشأن تأسيسها وإدارتها لقناة على موقع اليوتيوب وموقع إلكتروني في جمهورية مصر العربية دون الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى، وفق الضوابط والشروط التي يضعها في هذا الشأن؛ ولما كان البيِّن للمحكمة من أن الفحص الفني قد توصّل إلى أنه بالبحث داخل شبكة المعلومات الدولية عن الموقع الإلكتروني المسمى (……….) تبين وجوده كما هو على النحو المرفق بالتقرير، وبفحص الموقع الإلكتروني المسمى (……..) تبين أنه يبث من خلال خوادم (سيرفرات) بدولة ألمانيا من خلال الرقم التعريفي (……….)، والموقع أنشئ بتاريخ (……) وصالح حتى (……)، والقائم على إدارة الموقع فنيًّا المدعو (……..)، مستخدمًا الهاتف المحمول (……..) للدعم الفني للموقع، كما هو على النحو المرفق بالتقرير. وهو ما خلت الأوراق من دليل يقيني مقبول يفيد تأسيس المتهمة الأولى للموقع الإلكتروني محل الواقعة أو إدارتها له، وإنما آخر يقوم على إدارته يُدعى (……..)، وهو ما لم تُسنِد له النيابة العامة أي اتهام ولم تقدّمه للمحاكمة الجنائية.
ولا ينال من ذلك وجود قناة خاصة بالمتهمة على موقع اليوتيوب، إذ إن النص الحاكم في المادة السادسة من القانون رقم 180 لسنة 2018 يتمثل في أنه: “لا يجوز تأسيس مواقع إلكترونية في جمهورية مصر العربية، أو إدارتها، أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من خارج الجمهورية، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى وفق الضوابط والشروط التي يضعها في هذا الشأن”، وهو ما يقتصر تطبيقه على تأسيس المواقع الإلكترونية فقط دون الحساب الخاص أو قناة اليوتيوب.”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية، جلسة 13/6/2022، الدعوى رقم 819 لسنة 2022 جنح اقتصادية القاهرة)
واستنادًا إلى ما تقدم، ولما كانت عناصر النموذج القانوني للجريمة المؤثَّمة بموجب نص المادة 105 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام قد تضمنت أركانها العامة، والتي يأتي في مقدمتها هذا الشرط المفترض المتمثل في صفة “الموقع الإلكتروني”، وحيث خلت أوراق الدعوى كافة مما يفيد وجود موقع إلكتروني، فإن ذلك يستتبع بالضرورة، وباللزوم العقلي والمنطقي، انتفاء محل الجريمة موضوع الاتهام.
ومن المقرر أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تُكفَل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون. ومن ثم، يلزم القضاء ببراءة المتهم من الاتهام المسند إليه.
انتفاء الركن المادي للجريمة لكون الموقع الإلكتروني يبث من دولة أجنبية
أحالت النيابة العامة المتهم إلى المحاكمة في الدعوى الماثلة، بعد أن وجّهت إليه الاتهام – على حد زعمها – بإدارة موقع إلكتروني دون ترخيص داخل جمهورية مصر العربية، وأسندت إليه ارتكاب الجريمة المنصوص عليها في المادة (105) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018.
وحيث تنص الفقرة الأولى من المادة (6) من هذا القانون على أن:
“لا يجوز تأسيس مواقع إلكترونية في جمهورية مصر العربية، أو إدارتها، أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من خارج الجمهورية، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى، وفق الضوابط والشروط التي يضعها في هذا الشأن.”
ومما تقدم، يكون المشرّع قد اشترط لقيام الجريمة المشار إليها في هذه المادة توافر إحدى حالتين، هما:
- الحالة الأولى: وجود موقع إلكتروني يبث من داخل جمهورية مصر العربية. وقد جرّم فيها المشرّع سلوكي التأسيس والإدارة لهذا الموقع دون الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
- الحالة الثانية: وجود موقع إلكتروني يبث من خارج جمهورية مصر العربية. وقد جرّم فيها المشرّع سلوكي إدارة مكتب، أو فرع، أو أكثر لهذا الموقع – الذي يبث من خارج البلاد – دون الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
وحيث إن الثابت من التقرير الفني الوارد ضمن أوراق الدعوى، والمطروح على المحكمة الموقرة، أنه انتهى إلى أن الموقع الإلكتروني محل الجريمة موضوع الدعوى، المسمى (………)، قد أُنشئ بتاريخ (………)، ويبث من خلال خوادم (سيرفرات) في إحدى الدول الأجنبية، وهي دولة (………)، وذلك من خلال الرقم التعريفي (………………)
ولما كانت النيابة العامة قد أسندت إلى المتهم اتهامه بارتكاب جريمة تأسيس وإدارة هذا الموقع داخل جمهورية مصر العربية، دون الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، استنادًا إلى الخطاب الوارد إليها من المجلس سالف البيان؛
وحيث إن الثابت من الأوراق، والتقرير الفني المشار إليه، أن الموقع الإلكتروني محل الاتهام يبث من إحدى الدول الأجنبية، وليس من داخل جمهورية مصر العربية، كما خلت الأوراق من أي دليل أو قرينة أو دلالة تفيد بأن المتهم يدير فرعًا أو مكتبًا لهذا الموقع الإلكتروني الذي يبث من الخارج، وإنما اقتصرت – حسب ما ورد فيها – على أنه أسّس ويدير موقعًا إلكترونيًا من داخل جمهورية مصر العربية، وشيدت النيابة العامة اتهامها استنادًا إلى هذا الزعم.
وما تقدم يتفق مع قضاء محكمة القاهرة الاقتصادية في هذا الشأن، إذ قضت في دعوى مماثلة ببراءة المتهم من ذات التهمة موضوع الاتهام في الدعوى الماثلة، لكون التقرير الفني قد انتهى إلى أن الموقع الإلكتروني يبث من خوادم موجودة بدولة أجنبية، وليس من داخل جمهورية مصر العربية. وقد جاء في حيثيات حكمها ما يلي:
“عن التهمة المسندة إلى المتهمة الأولى بشأن تأسيسها وإدارتها لقناة على موقع اليوتيوب، وموقع إلكتروني في جمهورية مصر العربية، دون الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى، وفق الضوابط والشروط التي يضعها في هذا الشأن؛ ولما كان البيِّن للمحكمة من أن الفحص الفني قد توصّل إلى أنه، بالبحث داخل شبكة المعلومات الدولية عن الموقع الإلكتروني المسمى (…….)، تبين وجوده كما هو على النحو المرفق بالتقرير، وبفحص الموقع الإلكتروني المسمى (……….)، تبين أنه يبث من خلال خوادم (سيرفرات) بدولة ألمانيا، من خلال الرقم التعريفي (………)، وقد أُنشئ الموقع بتاريخ (………)، وصالح حتى (………)، والقائم على إدارة الموقع فنيًّا هو المدعو (………)، مستخدمًا الهاتف المحمول (………) للدعم الفني للموقع، كما هو على النحو المرفق بالتقرير.
وقد خلت الأوراق من دليل يقيني مقبول يفيد تأسيس المتهمة الأولى للموقع الإلكتروني محل الواقعة أو إدارتها له، وإنما آخر يقوم بإدارته يُدعى (………)، وهو ما لم تُسنِد له النيابة العامة أي اتهام، ولم تقدّمه للمحاكمة الجنائية؛
ولا ينال من ذلك وجود قناة خاصة بالمتهمة على موقع اليوتيوب، إذ إن النص الحاكم في المادة السادسة من القانون رقم 180 لسنة 2018 يتمثل في أنه: “لا يجوز تأسيس مواقع إلكترونية في جمهورية مصر العربية، أو إدارتها، أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من خارج الجمهورية، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى وفق الضوابط والشروط التي يضعها في هذا الشأن”، وهو ما يكون تطبيقه مقتصرًا على تأسيس المواقع الإلكترونية فقط دون الحساب الخاص أو قناة اليوتيوب.”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية، جلسة 13/6/2022، الدعوى رقم 819 لسنة 2022 جنح اقتصادية القاهرة)
ولما كانت النيابة العامة قد أحالت المتهم بالمخالفة للثابت بالتقرير الفني سالف البيان، فإن إسناد الاتهام إلى المتهم بارتكاب الجريمة موضوع المحاكمة قد جاء مخالفًا للتقرير الفني، ومتناقضًا مع نتيجته تناقضًا يستعصي على المواءمة والتوفيق، بما يجعل هذا الاتهام محل شك وريبة، ونتاج ظنون لا يؤازرها يقين، وينتفي معه الاتهام بحق المتهم، الذي يلازمه أصل البراءة.
ومن المقرر أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تُكفَل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون؛ ومن ثم، يلزم القضاء ببراءة المتهم من الاتهام المسند إليه.
انتفاء الركن المادي للجريمة لكون التقرير الفني انتهى إلى أن القائم على إدارة الموقع الإلكتروني شخص آخر غير المتهم
أحالت النيابة العامة المتهم إلى المحاكمة في الدعوى الماثلة، بعد أن وجّهت إليه الاتهام – على حد زعمها – بإدارة موقع إلكتروني دون ترخيص داخل جمهورية مصر العربية، وأسندت إليه ارتكاب الجريمة المنصوص عليها في المادة (105) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018.
وحيث تنص الفقرة الأولى من المادة (6) من هذا القانون على أن:
“لا يجوز تأسيس مواقع إلكترونية في جمهورية مصر العربية، أو إدارتها، أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من خارج الجمهورية، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى، وفق الضوابط والشروط التي يضعها في هذا الشأن.”
ولما كان المتهم لا يجوز أن يُحاكَم إلا عمّا أُسنِد إليه من اتهامات، وحيث إن النيابة العامة قد أحالت المتهم للمحاكمة على سند من ارتكابه لجريمة (………) – على حد زعمها – واستندت في إسناد هذا الاتهام إلى ما جاء بمحضر الشرطة المؤرخ (………)، وما انتهى إليه التقرير الفني الصادر عن الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات؛
ولما كان الثابت من هذا التقرير ينفي عن المتهم ارتكاب الجريمة موضوع المحاكمة، ومن ثم ينفي صحة إسناد النيابة العامة للاتهام.
إذ إن الثابت من التقرير الوارد ضمن أوراق الدعوى، والمطروح على المحكمة الموقرة، أنه انتهى إلى أن القائم على إدارة الموقع الإلكتروني (………) هو المدعو (………)، دون أي إشارة – من قريب أو بعيد – إلى المتهم في هذه الدعوى كفاعل أصلي أو كشريك بأي صورة من صور الاشتراك الجنائي.
ولما كانت النيابة العامة قد أحالت المتهم وحده، دون غيره، باعتباره المتهم الوحيد والفاعل الأصلي للجريمة، بالمخالفة للثابت بالتقرير الفني سالف البيان، فإن إسناد الاتهام إلى المتهم بارتكاب الجريمة موضوع المحاكمة يكون قد جاء مخالفًا للتقرير الفني، ومتناقضًا مع نتيجته تناقضًا يستعصي على المواءمة والتوفيق، بما يجعل هذا الاتهام محل شك وريبة، ونتاج ظنون لا يؤازرها يقين، وينتفي معه الاتهام بحق المتهم، الذي يلازمه أصل البراءة.
وما تقدّم يتفق مع قضاء محكمة القاهرة الاقتصادية في هذا الشأن، إذ قضت في دعوى مماثلة ببراءة المتهم من ذات التهمة موضوع الاتهام في الدعوى الماثلة، لكون التقرير الفني قد انتهى إلى أن القائم على إدارة الموقع الإلكتروني شخص آخر غير المتهم. وقد جاء في حيثيات حكمها ما يلي:
“عن التهمة المسندة إلى المتهمة الأولى بشأن تأسيسها وإدارتها لقناة على موقع اليوتيوب وموقع إلكتروني في جمهورية مصر العربية، دون الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى، وفق الضوابط والشروط التي يضعها في هذا الشأن؛
ولما كان البيِّن للمحكمة من أن الفحص الفني قد توصّل إلى أنه، بالبحث داخل شبكة المعلومات الدولية عن الموقع الإلكتروني المسمى (………)، تبين وجوده كما هو على النحو المرفق بالتقرير، وبفحص الموقع الإلكتروني المسمى (………)، تبين أنه يبث من خلال خوادم (سيرفرات) بدولة ألمانيا، من خلال الرقم التعريفي (……..)، والموقع أُنشئ بتاريخ (………) وصالح حتى (………)، والقائم على إدارة الموقع فنيًّا هو المدعو (………)، مستخدمًا الهاتف المحمول (……….) للدعم الفني للموقع، كما هو على النحو المرفق بالتقرير.
وقد خلت الأوراق من دليل يقيني مقبول يفيد تأسيس المتهمة الأولى للموقع الإلكتروني محل الواقعة أو إدارتها له، وإنما آخر يقوم بإدارته يُدعى (………)، وهو ما لم تُسنِد له النيابة العامة أي اتهام، ولم تقدّمه للمحاكمة الجنائية.
ولا ينال من ذلك وجود قناة خاصة بالمتهمة على موقع اليوتيوب، إذ إن النص الحاكم في المادة السادسة من القانون رقم 180 لسنة 2018 يتمثل في أنه: “لا يجوز تأسيس مواقع إلكترونية في جمهورية مصر العربية، أو إدارتها، أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من خارج الجمهورية، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى وفق الضوابط والشروط التي يضعها في هذا الشأن”، وهو ما يكون تطبيقه مقتصرًا على تأسيس المواقع الإلكترونية فقط دون الحساب الخاص أو قناة اليوتيوب.”
(حكم محكمة القاهرة الاقتصادية، جلسة 13/6/2022، الدعوى رقم 819 لسنة 2022 جنح اقتصادية القاهرة)
واستنادًا إلى ما تقدم، ولما كانت أوراق الدعوى كافة قد خلت من أي دليل يقيني يجوز معه إدانة المتهم بارتكاب هذه الجريمة، وكان من المقرر أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تُكفَل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون؛
فإن الجريمة المؤثَّمة بموجب نص المادة 105 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام تكون غير متحققة في وقائع هذه الدعوى، لانتفاء ركنيها المادي والمعنوي، مما يلزم معه القضاء ببراءة المتهم من الاتهام المسند إليه بموجب هذه المادة.