خلق المحتوى وديناميكيات الجندر: من يشكِّل الآخر؟

مقدمة

من بين الظواهر المتعددة التي أنتجتها شبكة الإنترنت، يعدّ خلق المحتوى من أكثرها أهمية وتأثيرًا. ورغم اقترانه اليوم بشبكات التواصل الاجتماعي، فإنه لا يُختزل فيها؛ فقد سبقها تاريخيًا، وأسهمت أشكاله الأولى في تشكيل هذه الشبكات وتطورها. كما يظل خلق المحتوى قادرًا على الازدهار عبر وسائط أخرى كالمواقع والمدونات والبودكاست والنشرات. ويمكن القول إن الارتباط الوثيق بين خلق المحتوى وشبكات التواصل الاجتماعي يعود إلى تبادل المنفعة بينهما، لا إلى اعتماد كامل لأحدهما على الآخر.

في هذا السياق، تسعى هذه الورقة إلى مناقشة خلق المحتوى على الإنترنت في عمومه، وليس في إطار خصوصية شبكات التواصل الاجتماعي فحسب. وتتناول العلاقة بين خلق المحتوى وديناميكيات الجندر من خلال ثلاثة محاور: إتاحة فرص التعبير عن الذات، وفتح مساحات للتأثير المجتمعي، وتمكين الأفراد من تحقيق كسب مادي عبر الإنترنت.

كما تتناول الورقة العوامل الحاكمة لتفاعل خلق المحتوى مع ديناميكيات الجندر، وتناقش الحدود والمعوّقات التي تفرضها المحددات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية على هذه العلاقة، وإمكانات مواجهتها. وتسعى إلى إبراز أن تطور ممارسات خلق المحتوى يتم غالبًا من داخل المجال نفسه، عبر مبادرات ومجتمعات دعم تنشأ حول صانعات المحتوى وتساندهنّ في مواجهة الضغوط الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.

عوامل تفاعل خلق المحتوى مع ديناميكيات الجندر

يتفاعل كل من خلق المحتوى وديناميكيات الجندر مع بعضهما البعض بشكل تبادلي. والمقصود بديناميكيات الجندر هو منظومة العلاقات والتوقعات والمعايير الاجتماعية التي تنظم كيف تُبنى وتُدار تمثيلات الأنوثة والذكورة والهويات الجندرية الأخرى، وما يرتبط بها من أنماط قبول/عقاب وتوزيع للأدوار والفرص. تظهر هذه الديناميكيات في الحياة اليومية وعلى المنصات الرقمية، وتتبدل بحسب السياق الطبقي والمكاني والثقافي.

يعد خلق المحتوى صورة من صور تعبير الأفراد عن أنفسهم وأداة لتواصلهم مع الآخرين، ولا شك أن الجندر هو عامل رئيسي في كلتا العمليتين. بالتالي، تؤثر ديناميكيات الجندر على المحتوى الذي يخلقه الأفراد بشكل يعكس طبيعة هذه الديناميكيات، سواء كانت سائدة في المجتمع الذي ينتمون إليه، أو كانت مميزة لكل منهم بصورة فردية.

على جانب آخر، تفرض عمليات خلق المحتوى أطرًا وديناميكيات خاصة بها تؤثر بصور عدة في الطريقة التي يعبر بها الأفراد عن الجندر، بشكل مباشر ومتعمد أو بشكل غير مباشر وعفوي. ويمكن ملاحظة انتقال تدريجي في عمليات خلق المحتوى: مرحلة يغلب فيها استثمار فرص التعبير العفوي عن الذات؛ تلتها مرحلة يتقدّم فيها مسار التأثير المجتمعي (لا سيّما لدى الناشطين في القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية)؛ ثم مرحلة باتت فيها اعتبارات التكسّب المادي أكثر بروزًا. ولا يعني هذا التقسيم أن المسارات لا تتقاطع بصور مختلفة، كما لا يعني أن غلبة أي منها في أي مرحلة كان معناه اختفاء الأخرى بشكل كامل.

خلق المحتوى وفرص التعبير عن الذات

تاريخيًا،، كانت فرص التعبير عن الذات دافعًا رئيسيًا لتبنّي وتطوير وسائل التعبير المختلفة. ولا يختلف خلق المحتوى من خلال الإنترنت عن غيره من وسائط التواصل في ذلك. كذلك يظلّ الجندر جانبًا أساسيًا من جوانب شخصية كل فرد، ويحتل عادةً موقعًا رئيسيًا في تعبير الأفراد عن ذواتهم من خلال أي وسيط للتعبير.

لكن خلق المحتوى عبر الإنترنت يختلف عمّا سبقه من وسائط تعبير الأفراد عن ذواتهم، من حيث خفض سقف متطلبات الوصول إليه، سواء تعلّقت هذه المتطلبات بالتكلفة أو بالمهارات والمؤهلات التقليدية. أدى ذلك إلى أن نسبة متزايدة من الفئات الاجتماعية المختلفة أصبح بإمكان أفرادها خلق ونشر المحتوى من خلال الإنترنت.

أهم من ذلك، تتيح الإنترنت بطبيعتها حرية أكبر للأفراد مقارنةً بوسائط تقليدية مثل الإذاعة المسموعة والمرئية والصحف الورقية ونشر الأعمال الأدبية والأكاديمية ومعارض الفنون وغيرها. ترجع هذه الإتاحة إلى تحرّر الإنترنت من سيطرة المؤسسات التقليدية التي احتكرت إتاحة الوصول إلى أدوات خلق المحتوى من جانب، وإمكان وصول الجمهور إلى هذا المحتوى من جانب آخر.

على الرغم من ذلك، لا تُعد هذه الحرية مضمونة دائمًا. فالرقابة الحكومية، وسياسات الإشراف لدى المنصات (من حذف وتقييد وترتيب ظهور المحتوى)، وممارسات التضييق الاجتماعي مثل التحرش والتنمّر والتعقّب، قد تقوّض إمكانية التعبير وتدفع إلى الرقابة الذاتية.

بصفة خاصة، فتحت إمكانيات خلق المحتوى باستخدام التكنولوجيا الرقمية مجالًا أرحب وأكثر حرية أمام الفئات المهمشة في المجتمعات البشرية، وفي مقدمتها النساء. انعكس ذلك في أن النساء أصبح بإمكانهن، بشكل متزايد، أن يعبّرن عن جندريتهن بأنفسهن. والمقصود بالتعبير عن الجندر هو السلوكيات والهيئات والاهتمامات والمظهر الذي يُقدِّمه الفرد ويُفهم اجتماعيًا بوصفه مرتبطًا بالنوع الاجتماعي داخل سياق ثقافي معيّن.

تعبير النساء عن ذاتهن مثّل نقلة ثورية أكثر مما يمكن لكثيرين تخيله. ففي معظم السياقات التاريخية، احتكر الرجال الوصول إلى أدوات خلق ونشر المحتوى، واحتكروا بالتالي التعبير عن الجندر في المجمل. يمتد هذا الاحتكار ليشمل استلاب حق النساء في خلق تعبيراتهن الجندرية الخاصة بهن، إذ خلق الرجالُ لفتراتٍ طويلة تعبيرات جندرية للنساء وفق تصوراتهم. وفي حين أن تطور وسائل التواصل خلال العصر الحديث قد سمح لنسبة ضئيلة من النساء أن يسعين إلى استعادة أصواتهن، إلّا أن سيطرة المؤسسات التقليدية على هذه الوسائل قمعت إمكان أن يكون لتلك المساعي أثر ملموس.

وفي أغلب الأحيان، اقتصرت الفرص المحدودة لنضال النساء لاستعادة أصواتهن على فئاتٍ بعينها من المجتمع. امتلكت النساء من هذه الفئات مؤهلات مادية وثقافية دعمت إمكان أن يناضلن لخلق تعبيراتهن الجندرية وأن يدفعن الكلفة الباهظة لذلك. في المقابل، فتحت إمكانيات خلق المحتوى على الإنترنت أمام النساء من فئات اجتماعية مختلفة فرصًا أن يعبّرن عن أنفسهن ومن ثم عن جندريتهن.

ومع التطوّر المستمرّ للتكنولوجيات الرقمية انخفضت سقوف متطلبات الوصول إلى أدوات خلق المحتوى، وصولًا إلى أن أصبح بإمكان النساء من أغلب فئات المجتمع اليوم أن يشاركن في عمليات خلق ونشر المحتوى. وأدى ذلك أيضًا إلى خروج تعبير النساء عن ذواتهن من الإطار النضالي المسيَّس الذي ظل محصورًا في معظمه فيه طوال فترات سابقة.

ومن ثم فقد اكتسبت تعبيرات النساء عن ذواتهن، بشكل متزايد، طابعًا أكثر عفوية وأصالة، وفي الواقع انعكس ذلك حتى على النساء ذوات التوجهات النضالية، إذ أصبحن أكثر تحرّرًا من الأطر التقليدية لأيديولوجيّاتهن، بل وأصبح بإمكانهن نقد هذه الأطر وكشف الجوانب الذكورية المتغلغلة فيها. ورغم اتساع نطاق الوصول إلى أدوات خلق المحتوى، لا يزال الاتساع غير متكافئ؛ إذ تعترضه فجوات رقمية طبقية وجغرافية تتعلّق بتكلفة الأجهزة وخدمات الاتصال وجودة البنية التحتية، إضافة إلى تفاوت المهارات الرقمية وحواجز اللغة والإعاقة والقيود الاجتماعية.

وقد كشف تطور عمليات خلق المحتوى على الإنترنت مع الوقت أبعادًا لم تكن متاحة من خلال سبل التواصل التقليدية السابقة عليها. فعمليات خلق المحتوى على الإنترنت هي بطبيعتها أكثر ذاتية وربما أكثر حميمية أو قربًا من مثيلاتها التي تستخدم الوسائط التقليدية. هذا الاختلاف وثيق الصلة بالتعبيرات الجندرية بصفة خاصة؛ إذ إن تلك التعبيرات تكون أكثر أصالة وأكثر وضوحًا كلما كان التواصل أكثر ذاتية وقربًا.

ومع اتساع إمكانية الوصول إلى أدوات خلق المحتوى، وإقبال الملايين حول العالم على استخدام هذه الأدوات، أتيح لأول مرّة للتنوع الكبير في التعبيرات الجندرية العفوية أن يظهر بصورة لا يمكن معها إنكاره. وبصفة أساسية، يتحدى التنوع في التعبيرات الجندرية في المحتوى على الإنترنت القطبيةَ المفترضة بين تعبيرات خاصة حصرًا بالرجال وأخرى خاصة حصرًا بالنساء، مع حدود فاصلة واضحة بين الجانبين.

على محورٍ آخر، يتحدى هذا التنوع القطبيةَ المفترضة أيضًا بين تعبيرات جندرية محافظة وتقليدية من جانب، في مقابل أخرى تقدمية على جانب آخر. وبصفة عامة، يتيح خلق المحتوى على الإنترنت من خلال فرص التعبير عن الذات صورة أكثر تعقيدًا وحيوية للتعبيرات الجندرية تستعصي على التصنيفات المتعارف عليها سابقًا.

خلق المحتوى وفرص التأثير

برزت فرص التأثير التي تتيحها الإنترنت بوصفها وسيطًا للتواصل منذ البدايات الأولى للوِب والمتصفحات. وكان الروّاد الأوائل للإنترنت من أصحاب المهارات التقنية التي تطلبها بناء المواقع في تلك الفترة، ولذلك كان تمثيل النساء في هذه المراحل الأولى بالغ الضعف.

اجتذبت فرص الوصول إلى جمهور من الناس دون الحاجة إلى المرور بـ«حرّاس» بوابات النشر التقليدية عديدًا من الناشطين في الدفاع عن قضايا سياسية واجتماعية مختلفة، ولم يتأخر وصول الناشطات النسويات إلى الإنترنت طويلًا. وبصفة عامة، اكتسب خلق المحتوى على الإنترنت نزعة نشاطيةً سياسية ظلت غالبًا حاضرة خلال مراحل ظهور وانتشار المنتديات، ثم المدونات، وصولًا إلى منصات التواصل الاجتماعي.

ويمكن القول إن هذا التوجّه بلغ ذروة حضوره مع نهاية العقد الأول من القرن الحالي؛ وربما تعدّ حراكات جماهيرية مثل ثورات الربيع العربي، علامة بارزة على ذروة النشاطية السياسية ذات الطابع التقدمي في كثير من الحالات، وعلى إمكانات التأثير التي يتيحها خلق المحتوى من خلال الإنترنت.

ما سبق يشير إلى فرص للتأثير لا تختلف من حيث الهدف عما سبق أن أتاحته وسائل التواصل التقليدية؛ والمقصود هنا محاولة التأثير في المتلقي عبر محتوى ينقل رسائل محددة ومتعمدة مسبقًا. غير أن تطور عمليات خلق المحتوى على الإنترنت فتح مسارات جديدة للتأثير تشكّلت بصورة شبه تلقائية في إطار هذا التطور.

تتصل هذه المسارات بفرص التعبير عن الذات وما أفضت إليه من إبراز التنوع الكبير في التعبيرات الجندرية. فقد أبرز تطور الخطاب على الإنترنت إمكانيات وفرصًا للتأثير المتضمنة في التعبيرات الجندرية العفوية أو المتعمدة، لكنها لا تهدف بالضرورة إلى إيصال رسائل بعينها.

يصعب اختزال تأثير محتوى ما على الإنترنت في صورة رسالة محددة؛ فعلى سبيل المثال، يصعب في أحيان كثيرة الحكم على أثر التعبيرات الجندرية لمحتوى ما من حيث كونه محافظًا أو تقدميًا، أو من حيث كونه يعيد إنتاج الصور الجندرية النمطية أو يتحداها. وفي أغلب الأحيان، يمكن القول إن المحتوى المقدّم من خلال الإنترنت يخلط بين هذه المتقابلات على نحو معقد وملتبس.

كثير من أساليب التعبير الجندري الشائعة لدى النساء والفتيات عبر المحتوى يُفسَّر عند البعض على أنه «تسليع للذات»، بينما تراه قراءات أخرى استعادة لملكيتهن لأجسادهن خارج السيطرة الأبوية. وعندما تتعرض هؤلاء النساء، خصوصًا في المجتمعات المحافظة، لعقاب مجتمعي أو مؤسسي، تظهر مفارقة لافتة: يُبرَّر العقاب في بعض الأحيان بالقول إنهن «أسأن استغلال ما يملكنه»، وأحيانًا أخرى بالزعم أنهن «تعدين على ما لا يملكنه».

كما تفتح ذاتية عمليات خلق المحتوى على الإنترنت مساحة رمادية بين الخاص والعام في ما يتصل بالديناميكيات الجندرية. إذ يعيش خالقو المحتوى جانبًا من حياتهم اليومية عبر المحتوى الذي يقدمونه، بما في ذلك ما يتعلق بعلاقاتهم الشخصية. وفي جميع الأحوال، ثمة أثر يصعب قياسه بسهولة لهذا الكم الهائل من التنوع في التجارب الشخصية المرتبطة بالديناميكيات الجندرية، والذي يتعرّض له متلقو هذا المحتوى بصفة مستمرة. ولا يمكن الجزم بوجود توجه غالب لهذا الأثر من حيث كونه محافظًا أو تقدميًا. غير أنّ المؤكد أن خلق المحتوى على الإنترنت يُضعف الاستقطابات المُسلَّم بها مسبقًا حول الديناميكيات الجندرية، ويقدّم بدلًا منها صورة أكثر تعقيدًا وربما قدرًا من الفوضوية. ويمكن القول إن عمليات خلق المحتوى وأثرها على حياة من يمارسونها تضيف بذاتها مزيدًا من التعقيد إلى الديناميكيات الجندرية.

إن فرص التأثير التي يتيحها خلق المحتوى عبر الإنترنت هي في مجملها ذات طابع يُقوِّض المسلّمات المعتادة، سواء على الجانب التقليدي المحافظ أو على الجانب التقدّمي. وثمّة أثر تراكمي للمحتوى المنتشر والمتكاثر على الإنترنت في الديناميكيات الجندرية داخل المجتمعات المختلفة؛ غير أن هذا الأثر غير قابل للتصنيف وفق القوالب التقليدية، وهو في الواقع يطرح تحديات كبيرة، ليس فقط للمدافعين عن القيم التقليدية والرجعية في المجتمع، بل أيضًا للمدافعين عن القيم التقدمية.

خلق المحتوى وفرص الكسب المادي

اتجاه عمليات خلق المحتوى على الإنترنت نحو فتح فرص لتحقيق مكاسب مادية هو تطور طبيعي في الإطار الرأسمالي المهيمن على مجتمعات اليوم. وقد تسارعت فرص الكسب المادي عبر المحتوى حتى أصبح هذا المجال صناعة رئيسية ضمن اقتصاد الإنترنت. ويصعب تجاهل أن هذه الفرص المستجدة في التكسّب من المحتوى أسهمت إلى حدٍّ كبير في النمو الهائل لأعداد المنخرطين في هذه العمليات. وقد اجتذب العائد المادي عددًا ضخمًا من الأفراد من فئات اجتماعية مختلفة يسعون عبر خلق المحتوى إلى تحسين مستوى معيشتهم بصفة رئيسية.

وينبغي أولًا ملاحظة أن الفجوة الجندرية ليست بأيّ حال غائبة عن عمليات خلق المحتوى على الإنترنت. ففي قطاعات عديدة لا تزال الغالبية العظمى من المنخرطين رجالًا، ولا يزال الرجال في المتوسط يحقّقون عائدًا أكبر من خلال عمليات خلق المحتوى مقارنةً بالنساء.

إن فرصة الحصول على مصدر دخل بالنسبة لأي امرأة هي فرصة للاستقلالية المادية، وبالنسبة لكثير من النساء لا تزال متطلبات الحصول على فرصة كهذه في السوق التقليدي للعمل غير متاحة لهن. ويؤدي خفض سقف هذه المتطلبات إلى فتح الباب أمام ملايين النساء حول العالم للحصول على مصدر دخل خاص بهن، ومن ثم إتاحة الاستقلال المادي عن أسرهن بدرجة أكبر. تحقيق النساء لهذه الاستقلالية يعيد بالضرورة صياغة العديد من الديناميكيات الجندرية داخل أسرهن وفي محيط مجتمعاتهن الصغيرة، ولكنه ينعكس أيضًا على الصورة التقليدية لهذه الديناميكيات خارج هذا المحيط.

حدود وعوائق التأثير الإيجابي

كما ناقشت الورقة، يفتح خلق المحتوى على الإنترنت مسارات لفرص التعبير عن الذات والتأثير والكسب المادي. وبرغم أنه لا يمكن الجزم بأن أثر هذه المسارات على الديناميكيات الجندرية إيجابي دائمًا من منظور تقدمي، فإن إتاحة هذه المسارات تمثل في حد ذاتها عنصرًا إيجابيًا ما دامت تتمتع بأكبر قدرٍ ممكن من الانفتاح والحرية.

غير أن الواقع العملي لا ينسجم تمامًا مع هذا التصوّر؛ فهناك عديد من العوائق والمحدّدات التي تحد من هذا الانفتاح وتلك الحرّية، وهو ما ينعكس على تفاعل المسارات مع الديناميكيات الجندرية. ويتناول هذا القسم العوائق والمحدّدات ذات الصلة المباشرة بالديناميكيات الجندرية.

التعبير عن الذات وحدود الصور النمطية الجندرية

تمثل غلبة العفوية في التعبيرات الجندرية التي ينتجها خالقو المحتوى عاملًا مؤثرًا في ردود الأفعال التي تتلقّاها. ففي حالاتٍ كثيرة قد تتيح هذه العفوية هامشًا من التسامح مع التعبيرات الجندرية التي لا تبتعد كثيرًا أو بوضوحٍ عن إطار الصور النمطية. وعلى الجانب الآخر، تُربك بعض التعبيرات الجندرية المتلقّين عندما يتعذّر الحكم بوضوح على مدى خروجها عن الصور النمطية التقليدية؛ وغالبًا ما تتلقى مثل هذه التعبيرات ردود أفعال مختلطة ومتردّدة.

بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدّي عفوية التعبيرات الجندرية في حالات عديدة إلى ربطها من قِبل المتلقّين بتصنيفات طبقية وفئوية مختلفة، وعادةً بصورة سلبية، ممّا يؤدي إلى تعرّض صاحبات المحتوى للتنمر والسخرية بناءً على انتماءاتهن الطبقية أو تصنيفهن وفق مستوى التعليم.

وفي صورة أخرى من تقاطع التصنيفات الفئوية مع الصور النمطية الجندرية، يتفاوت قبول أو رفض تعبيرات جندرية بعينها بحسب تلك التصنيفات. وفي حدوده القصوى قد يتراوح هذا التفاوت بين قبول تعبيرات جندرية صادرة عن بعض الفئات، وبين معاقبة المنتميات إلى فئات أخرى على التعبيرات ذاتها. ويعني ذلك أن النساء من الفئات المستضعفة (الأكثر فقرًا، والريفيات، إلخ) يكن عرضة لتمييز مضاعف.

وعند مغادرة أطر الحالات الفردية والتفصيلية والنظر إلى الصورة الأوسع، يمكن ملاحظة أن خلق المحتوى على الإنترنت أوجد ساحة صراع حول ما يُعدّ تعبيرات جندرية مقبولة أو مرفوضة. وتكشف مجريات هذا الصراع أنه عندما يتعلّق الأمر بالفتيات والنساء يصعب على كثير من المجتمعات قبول حريتهن في التعبير عن ذواتهن، ولا سيّما حين يتصل الأمر بالتعبيرات الجندرية. ولهذا تختار كثيرات من المنخرطات في خلق المحتوى على الإنترنت تجنب خوض ذلك الصراع؛ ويتجلّى ذلك في الغالب في تعمد تقديم ذوات بديلة تطابق الصور الجندرية النمطية المقبولة مجتمعيًا.

إن القيود المتزايدة على فرص التعبير عن الذات لا سيّما للنساء من خلال عمليات خلق المحتوى، هي الوجه الآخر لاتساع قاعدة متلقّي هذا المحتوى. فمع اتساع جمهورهن، تتزايد الضغوط عليهن، ويصبحن أكثر عُرضة للعقاب المجتمعي والمؤسّسي. ويعني ذلك أنه، في حالات كثيرة، يكون التخلّي عن قدر من العفوية وحرية التعبير والالتزام بدلًا من ذلك بالصور الجندرية النمطية هو الثمن المرجح للنجاح وتجنب أخطار التعرّض للعقاب المجتمعي والمؤسّسي.

فرص التأثير وحدود الاستجابة للتوقعات الثقافية السائدة

تعمل التوقعات التي تفرضها الثقافة السائدة في أيّ مجتمع على مستوى أعمق من الصور النمطية المتداولة. وتتعلّق هذه التوقعات بالصورة التي يتعيّن على الأفراد تقديمها عن أنفسهم أمام المجتمع، وترتبط كثير من الديناميكيات الجندرية بهذه الصورة؛ ومن ذلك على وجه الخصوص طبيعة توزيع الأدوار الجندرية داخل الأسرة. فينشأ الأفراد بطريقة تُعدّهم لتقديم الصورة المتوقعة منهم بغض النظر عن مدى صدقها، ومن ثم تنبع الضغوط على تقديمها من داخلهم قبل أن يفرضها الآخرون.

عندما تقدّم صانعات المحتوى جوانب من حياتهن الشخصية ضمن محتواهن، يستشعر بعضهن الحاجة إلى أن تعكس هذه الجوانب الصورة المثالية المتوقعة في ثقافة مجتمعهن. ويضعهن ذلك تحت ضغوط كبيرة بقدر اتساع الفجوة بين واقع الديناميكيات الجندرية في حياتهن وبين الصورة المثالية التي يُنتظر أن يقدمنها. وقد تتحول هذه الضغوط في حالات بعينها إلى أزمات كامنة تهدد صحتهن النفسية إذا فرضت أحداث شخصية الكشف عن هشاشة الصورة التي اعتدن إظهارها.

إنّ وقوع هذه الأزمات ليس نادرًا، وهو بدوره أحد العوامل التي تُسهم في الطبيعة المعقدة والمتناقضة لتأثير خلق المحتوى على الديناميكيات الجندرية في المجتمع. وعلى الجانب الآخر، يميل كثير من متلقّي المحتوى عبر الإنترنت إلى تصديق الصور المثالية التي تقدمها صانعات المحتوى عن طبيعة الديناميكيات الجندرية في حياتهن؛ ومن ثمّ يدعم جزء كبير من هذا المحتوى التوقعات الثقافية السائدة على الرغم من زيفها، وربما على الرغم من صعوبة وأحيانًا استحالة تحقّقها.

تكمن خطورة هذا الأثر في أن التوقّعات الثقافية السائدة تقوم في الأساس على التمييز ضد النساء وحصرهن في أدوار جندرية تقيد حريتهن وتعطل تحقيق المساواة الجندرية. وتقديم هذه التوقعات في صورة مثالية زائفة يدعم استمرارها ويحول دون سعي بعض النساء لمواجهة التمييز الواقع عليهن؛ إذ يملن إلى تصديق أن الواقع الذي يعشنه في ظل ديناميكيات جندرية مجحفة يعود، إما لسوء حظهن، أو لتقصير شخصي.

الكسب المادي في إطار متطلبات الجهات الساعية للربح

تعود فرص الكسب المادي التي يتيحها خلق المحتوى في معظمها اليوم إلى آليات وضعتها وتتحكم فيها شركات التكنولوجيا الكبرى التي تدير المواقع والمنصات التي يُنشر عبرها المحتوى، وفي مقدمتها منصات التواصل الاجتماعي. وتُصمَّم هذه الآليات لتحقيق أعلى ربحية ممكنة، ما يعني عمليًا تحويل المحتوى إلى سلعة تخضع لقوانين العرض والطلب.

وفي ظل الانحيازات والتوقعات الجندرية السائدة، ينحصر إلى حدّ كبير الطلب على بعض أشكال المحتوى الذي يمكن أن تقدمه النساء ضمن مساحة محدودة، فيما يبقى كثير من أنماط المحتوى يُعامل كأنّه حكر على الرجال بناءً على تصورات وانحيازات ترى أن النساء غير مؤهلات لتقديمه.

أمام هذا الواقع، تجد كثيرات من صانعات المحتوى أن عليهن تقديم المحتوى المتوقع منهن لا ما يرغبن في تقديمه بصرف النظر عن مؤهلاتهن ومهاراتهن. وفي كثير من الأحيان، تدفع متطلبات العرض والطلب صانعات المحتوى إلى مساحة تكون فيها ذواتهن وحياتهن الشخصية هي السلعة التي يروّجن لها، سواء طابق ذلك اختيارهن الحر أم لا.

ويتقاطع هذا الوضع مع الضغوط والمعوقات التي نوقشت سابقًا في سياقي التعبير عن الذات والتأثير؛ إذ إن تسليع التعبيرات والديناميكيات الجندرية يفرض على صانعات المحتوى ضغوطًا إضافية تدفعهن إلى تقديم تعبيرات مصطنعة أو صور مثالية زائفة لطبيعة الديناميكيات الجندرية في حياتهن، بناءًا على القدر الطلب المتوقع. ومن ثم، فسواء أتت هذه التعبيرات متوافقة مع الصور النمطية السائدة أو على خلافها، فإنها في كثير من الأحيان لا تكون عفوية أو أصيلة بقدر ما تكون مرضيةً لفئات الجمهور المستهدف.

قد يؤدي تسليع التعبيرات والديناميكيات الجندرية في المحتوى الرقمي إلى آثار مقلقة على المساواة الجندرية، وذلك عندما يدفع منطق السوق إلى ترجيح صور نمطية قابلة للبيع ويُضعف مساحات التعبير البديلة. وفي بعض السياقات، يمكن أن يُقوِّض هذا الاتجاه مكاسب تحققت بصعوبة، عبر تكريس تمثيلات تجعل الذوات النسائية موضوعًا للاستهلاك.

مساعي تغليب الآثار الإيجابية وسبل دعمها

يُعدّ خلق المحتوى على الإنترنت، في جوهره، عملية تتطور وتتشكل بفعل عدد لا نهائي من العوامل المتغيرة مع الوقت؛ ما يعني أن فرص التأثير في مسار هذه العملية من خارجها تبقى محدودة. لذلك يقدّم هذا القسم عدد من التوصيات لجهات بعينها بشأن فرض سياسات أو تقديم دعم في مواجهة المعوقات التي ناقشها القسم السابق.

في المقابل، يستكشف هذا القسم السبل التي تنتهجها المنخرطات في عمليات خلق المحتوى بشكل عفوي في معظمه لمواجهة الضغوط التي يتعرّضن لها، والتي تعوق استفادتهن من الفرص التي يتيحها خلق المحتوى للتعبير عن الذات والتأثير والكسب المادي.

تحدي الصور النمطية الجندرية

رغم أن كثيرات من المنخرطات في خلق المحتوى يفضلن تجنب خوض الصراع حول تعبيراتهن الجندرية العفوية، فإن هناك أيضًا من يخضن هذا الصراع—أحيانًا من دون قرارٍ صريح—بفعل طبيعة التفاعلات نفسها. بعبارة أخرى، تُولّد حالة الصراع هذه شكلًا نضاليًا غير مُسيّس أو مُتعمد في مواجهتها.

الجانب الأكثر وضوحًا لتلك الحالة هي مواجهة الصور النمطية الجندرية المرتبطة بصفة خاصة بالتصنيفات الفئوية المختلفة. تواجه الكثيرات من صانعات المحتوى التنمر عليهن لأسباب طبقية أو مناطقية أو غير ذلك بردود أفعال قوية، ويعتمدن في ذلك على دعم قطاع من متابعينهن. وفي حالات كثيرة ينجح كشف الطبيعة الطبقية أو الانحياز المناطقي أو غيره للتنمر عليهن في تشكيل رد فعل داعم كاف لمواجهة هذا التنمر.

في حالات أخرى تدرك صانعات المحتوى التناقض الذاتي في ردود الأفعال السلبية تجاه تعبيراتهن الجندرية. ففي معظم الأحيان تكون هذه التعبيرات المختلفة عن السائد والنمطي والمتوقع هي ذاتها السبب في اتساع قاعدة متابعيهن حتى مع تزايد ردود الأفعال السلبية. كشف هذه الطبيعة المتناقضة ذاتيًا لتعامل المجتمع مع التعبيرات الجندرية للنساء يمنح كثيرات من صانعات المحتوى ثقة أكبر في أن السبيل الأفضل هو اختيار التعبير عن ذواتهن بحرية واختيار ما يرضيهن بدلًا من محاولة إرضاء الآخرين.

على جانبٍ آخر، لا يمكن لصانعات المحتوى مواجهة التهديد بالعقاب المؤسسي بالآليات نفسها. ويقع على عاتق المؤسسات، عامة كانت أم خاصة (بما في ذلك مؤسسات الدولة وسلطاتها القضائية)، واجب احترام وحماية الحق في حرية التعبير وعدم التدخل في اختيارات الخاضعين لسلطتها المتصلة بالتعبير عن الذات. وأي تدخل محتمل لا يكون مشروعًا إلا إذا استند إلى قانون واضح ومعلن، ولبّى اختبارات الضرورة والملاءمة والتناسب لحماية غايات مشروعة (مثل حقوق الآخرين)، مع توفير إجراءات تظلّم فعّالة. وما عدا ذلك يُعدّ تدخلًا تعسفيًا وانتهاكًا لحرية التعبير بالإضافة إلى كونه غير دستوري.

خلق ثقافات فرعية مناوئة للتوجهات السائدة

للإنترنت كوسيط تواصل بين البشر قدرة فائقة على إعادة تشكيل توجهات الأفراد وآرائهم وأفكارهم. وهي كذلك وسيلة فعالة لتشكيل مجتمعات صغيرة عابرة للحدود التقليدية التي تفصل البشر عن بعضهم البعض. ويظل خلق المحتوى على الإنترنت أحد الأدوات الرئيسية للتواصل وتلاقي أصحاب الأفكار المتشابهة دون اعتبار في أحيان كثيرة لمواقعهم الجغرافية والطبقية.

ومن ثم ففي حين يمكن أن يتعرض الأفراد وخاصة النساء لضغوط من مجتمعاتهن المباشرة عندما تنتجن تعبيرات جندرية مخالفة للصور النمطية السائدة أو عندما يعبرن عن واقع الديناميكيات الجندرية التمييزية فبالإمكان، في ذات الوقت، أن يجدن ظهيرًا داعمًا. قد يمثل هذا الظهير أقلية، ولكنه يساعدهن في مواجهة الضغوط التي يتعرضن لها. مع الوقت يمكن لجماعات صغيرة مناوئة للتوجهات التقليدية السائدة في المجتمعات المختلفة أن تتواصل وتنمو، ويساعدها في ذلك قدرة الإنترنت على تجاهل الحدود التقليدية.

يدعم خلق المحتوى على الإنترنت نشأة وتطور مثل هذه المجتمعات الافتراضية، كما يدعم تبنيها لقيم ثقافية مختلفة عن السائد في المجتمعات التقليدية. وفي حين لا يمكن توقع أن تتحول هذه المجتمعات الصغرى من أقلية إلى أغلبية في وقت قريب إلا أنها تظل قادرة على التأثير، وقبل ذلك تظل قادرة على توفير التضامن والدعم المتبادل بين أفرادها.

مثل هذه المجتمعات الافتراضية الصغرى يمكن أن تعفي كثيرًا من صانعات المحتوى من الحاجة إلى تقديم صورة زائفة عن تجاربهن مع الديناميكيات الجندرية التمييزية. وفي الواقع يحدث بالفعل أن تجتمع صانعات المحتوى اللاتي يرفضن تقديم صور مثالية زائفة في محاولة لخلق نواة تُنشئ حولها هذه المجتمعات الصغيرة الداعمة.

خلق بدائل تعاونية حرة لتحقيق الكسب المادي

يوجد بالفعل عديد من البدائل لتحقيق مكاسب مادية من خلال خلق المحتوى على الإنترنت بخلاف الآليات التي تقدمها مواقع نشر المحتوى ومنصات التواصل الاجتماعي. فثمة على سبيل المثال خدمات تتيح أن يدعم مستهلكو المحتوى بشكل مباشر صانعيه إما في صورة منح أو اشتراكات دورية لضمان استمرارهم في خلق محتوى جديد.

وفي حين لا تزال هذه الخدمات تجارية في معظمها إلا أنها تمثل بديلًا أكثر حيادية فيما يتعلق بقوانين العرض والطلب. فهي تتيح لصانع المحتوى أن يختار الانصياع لهذه القوانين أو أن يعتمد على دعم فئات قد تكون محدودة ولكنها تتوافق تحديدًا مع نوعية المحتوى الذي يرغب في تقديمه. ويظل دائمًا ثمة أفراد يعنيهم تلقي محتوى جيد دون انحيازات جندرية مسبقة تحكم تصوراتهم حول ما يمكن لصانع المحتوى تقديمه بناء على تصنيفه الجندري.

وجود بدائل عن آليات التسليع التي تتيحها مواقع نشر المحتوى هو أمر بالغ الأهمية لصانعات المحتوى، حيث أنهن لاعتبارات كثيرة قد يجدن صعوبة في تحقيق كسب مادي من خلال خلق محتوى يعبر عن ذواتهن واختياراتهن. ويعتمد وجود هذه البدائل على خلق جماعات الدعم. ففي إطار مثل هذه الجماعات يمكن نزع صفة السلعة عن المحتوى والنظر إليه على أنه قيمة ينتجها الأفراد لفائدة جماعتهم وتكافئهم هذه الجماعة عليها بما يكافئ الجهد المبذول لإنتاجها. يمكن لجماعات من الأفراد الذين يقدرون القيمة التي يمثلها محتوى يقدم تعبيرات جندرية متنوعة ومختلفة عن السائد ويضيف تعبيرًا عن تجارب شخصية أصيلة أن يدعموا استمرارية إنتاج هذا المحتوى بالتعاون في تقديم عائد مادي مناسب.

الصورة التي يمكن بها خلق هذه البدائل في الواقع العملي قد تتمثل في بناء مواقع لنشر المحتوى يحصل مقدمو المحتوى عليها على مقابل مادي من خلال اشتراكات مباشرة للمتلقين. مثل هذه الصورة مطبقة بالفعل بصورة تجارية ولا يوجد ما يمنع تقديمها بصورة تعاونية أو بالاعتماد على دعم دوري من مؤسسات المجتمع المدني. وإضافة إلى تقديم الدعم الذي تفتقده صانعات المحتوى في الأطر التجارية التقليدية فإن ثمة دافع أوسع نطاقًا، وهو مواجهة التهديدات التي تمثلها سيادة تسليع التعبيرات والديناميكيات الجندرية التي سبق الإشارة إليها.

خاتمة

ربما تمثل صناعة خلق المحتوى على الإنترنت اليوم واحدة من أوسع صور الأنشطة البشرية انتشارًا وأكثرها تأثيرًا في المجتمعات. وفي حين تعكس هذه الصناعة طبيعة الديناميكيات الاجتماعية السائدة في المجتمعات البشرية إلا أنها أيضًا تعمل بشكل كبير على إعادة تشكيل هذه الطبيعة بصورة متسارعة.

في ذلك الإطار، ينبغي أن تولي مساعي التغيير الاجتماعي وفي مقدمتها مساعي تحقيق المساواة الجندرية لعمليات خلق المحتوى الأهمية التي تستحقها كأداة محتملة لتهيئة المجتمعات للتقدم على طريق تحقيق أهدافها. ويمثل فهم العلاقة بين عمليات خلق المحتوى على الإنترنت وبين الديناميكيات الجندرية في المجتمع خطوة ضرورية ينبغي أن تسبق محاولات استكشاف سبل استغلالها كأداة لدعم مساعي تحقيق المساواة الجندرية.