مقدمة
تعتبر عدالة البيانات ضرورة حيوية لتعزيز الإنصاف في كيفية تمثيل الأفراد، وجعلهم مرئيين، ومعاملتهم بناءًا على إنتاجهم للبيانات الرقمية. يعد تضمين عدالة البيانات في الحقوق الرقمية وحقوق الإنسان أمرًا بالغ الأهمية لضمان تعزيز و إعطاء الأولوية للخصوصية والإنسانية والكرامة لجميع الناس. وعليه، تتجاوز فوائدها الأساسية مجرد حماية البيانات لتشمل حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
تتمتع عدالة البيانات بالقدرة على الحد من التحيزات واللامساواه، وتعزيز العدالة والدمج الاجتماعي للفئات السكانية الضعيفة. يؤدي دمج عدالة البيانات وحقوق الإنسان إلى تعزيز الشفافية والمساءلة على نحو أكبر فيما يتعلق بإدارة البيانات وعدالة الخوارزميات، كما يعمل على حماية بيانات الأفراد. ونتيجة لذلك، هناك حاجة ملحة إلى نهج لعدالة البيانات قائم على حقوق الإنسان يمكنه الدفع نحو النتائج المثلى.
تسعى هذه الورقة إلى استكشاف إمكانية دمج مبادئ عدالة البيانات مع أطر الحقوق الرقمية وحقوق الإنسان. كما تهدف إلى دراسة كيف يمكن لهذا الدمج أن يُسَهِل عملية تحديد التحيزات القائمة على العرق والجنس داخل البيئات الرقمية. من خلال استكشاف هذا التقاطع، تهدف الورقة إلى المساهمة في تعزيز مستقبل رقمي أكثر عدلًا وإنصافًا.
تبدأ الورقة بإطار مفاهيمي يحدد مبادئ عدالة البيانات ودورها في تمكين الأفراد وحماية الفئات السكانية الضعيفة. ثم تنتقل بعد ذلك لتناول العناصر الرئيسية لعدالة البيانات، مع التركيز على المساواه في الوصول إلى البيانات وجمعها، والشفافية والمساءلة، والخصوصية والأمن، والعدالة الخوارزمية، والمشاركة والتمثيل، وعدم التمييز.
تستكشف الورقة أيضًا التقاطع بين عدالة البيانات وحقوق الإنسان من خلال دراسات الحالة. وأخيرًا، تتطرق إلى التحديات التي تواجه تنفيذ الحقوق الرقمية: التحديات التكنولوجية والتنظيمية والفوارق الدولية.
عدالة البيانات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
في 10 ديسمبر 1948، اتفقت الدول على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي تحملت على إثره واجبات والتزامات لحماية حقوق الإنسان واحترامها وإعمالها. ويشمل الإعلان حقوقاً مثل الحق في الصحة، والحق في العلم، والحق في الخصوصية، وهي حقوق ضرورية لحماية الكرامة الإنسانية. ومع ذلك، تظل الجهود المبذولة لضمان استيفاء الحقوق مضللة وذات نتائج عكسية خاصة في البيئة الرقمية الحالية التي تواجه العديد من التحديات.
يمكن تتبع عدالة البيانات إلى وقت مبكر يعود إلى عام 1890 في مقال نُشر في مجلة “هارفارد لو ريفيو” يدعو إلى حقوق الخصوصية في المعلومات. بالإضافة إلى ذلك، في عام 1873، اقترح تقرير حكومي أنه يجب اعتماد “ممارسات المعلومات العادلة” من قبل المؤسسات. وتشمل الجهود الأخيرة لتحقيق عدالة البيانات الأحكام الأخيرة للمحكمة العليا الأمريكية، بما في ذلك قضية كاربنتر ضد الولايات المتحدة عام 2018؛ والقضية الأشهر المعروفة بـ دوبس ضد منظمة جاكسون لصحة المرأة عام 2022، والتي تسلط الضوء على الآثار الوخيمة لضعف حماية الخصوصية على المجموعات المهمشة والمستبعدة تاريخيًا. يمكن أن يؤدي انتهاك حقوق الخصوصية أيضًا إلى إعاقة العدالة الصحية من خلال تثبيط الأشخاص وثنيهم عن المشاركة في الأبحاث وعن حتى طلب الرعاية الصحية.
تشهد البيئة الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تطوراً منذ بعض الوقت. ويساهم هذا التطور في تطور سياسات الشركات والأطر القانونية. ولم تتمكن شركات التكنولوجيا في المنطقة من ضمان حماية سلامة ونزاهة البيئة الرقمية. إذ تقوم هذه الشركات بالإفراط في اعتدال المحتوى، وتضخيم المعلومات المضللة، وتنخرط في الرقابة خلال اللحظات الحرجة عندما تكون هناك حاجة ماسة لتبادل المعلومات الموثوقة كما يتضح من الأحداث الأخيرة في إسرائيل وفلسطين.
تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا صعوبات لأن ثمة دول مختلفة، بما في ذلك الأردن والعراق وتونس، لديها قوانين تفرض سيطرتها على التعبير عبر الإنترنت ووسائل الإعلام ومشاركة المعلومات، تلك القوانين تم تمريرها بين العامي 2022 و2023. كما قامت دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتقليص حرية التعبير من خلال الحد من التغطية الصحفية الحرة وكبح زمام التعبير، حيث يواجه الصحفيون والمواطنون الاعتقال والاستجواب بسبب انتقاد حكوماتهم. وبالمضي قدمًا على هذا النحو، ستؤثر السياسات والتشريعات الرقمية الجديدة بشكل أكبر على البيئة الرقمية المستقبلية التي تؤثر بدورها على الحقوق الأساسية.
يشمل مفهوم عدالة البيانات تعريفات مختلفة قدمها مؤلفون وخبراء مختلفون. وفقًا لبعض الباحثين، فإن عدالة البيانات هي نهج يهتم بوسائل جمع البيانات ونشرها بطريقة متساوية دون التمييز ضد المجتمعات المهمشة تاريخيًا. يشير هذا التعريف إلى أن أحد الأهداف الأساسية لعدالة البيانات هو تعزيز حقوق الإنسان والحد من الآثار الضارة للممارسات القمعية المتعلقة بالبيانات. والتعريف الآخر هو أن عدالة البيانات هي مجموعة من الأفكار التي تدرس تمثيل الأشخاص أو الضرر الذي يلحق بهم نتيجة ظهور بياناتهم للآخرين. ويعني هذا التعريف أن عدالة البيانات تسعى إلى تحدي ومواجهة التحيزات الهيكلية القائمة، وخاصة الطريقة التي نفكر بها في بياناتنا وجمعها وإدارتها وتنظيمها وحتى استخدامها. ويعني ذلك أيضًا أن مفهوم عدالة البيانات يدرك أن البيانات ليست محايدة دائمًا – وهذا يعني أنه غالبًا ما يكون هناك تحيز في كيفية جمع البيانات المتعلقة بالأفراد والمجتمعات أو تمثيلها أو إظهارها أو إخفائها.
يمكن أن تنتهك حقوق الأفراد في فترة التحول الرقمي السريع التي تتميز بمعالجة كميات كبيرة من البيانات، خاصة عندما لا يتم استخدام البيانات بشكل مناسب أو للأغراض المقصودة. ولهذا، تعد عدالة البيانات أمرًا شديد الأهمية لأنها تسلط الضوء على تفاعلات ديناميات القوة بين الجهات الفاعلة، والسياسات التي تؤثر على استخدام البيانات، وإدراج أو استبعاد شرائح معينة من المجتمع، ومصالح الأطراف المعنية (سواء الفردية أو الجماعية). من المهم فهم كيفية استخدام البيانات، خاصة بالنسبة للفئات الضعيفة والمهمشة، بما في ذلك اللاجئين، الذين يتحملون وطأة الآثار الأكثر تدميراً لمراقبتهم ومراقبة بياناتهم.
تمكننا الحقوق الرقمية من الوصول إلى الوسائط الرقمية واستخدامها وإنشائها وحتى نشرها. ومع ذلك، فإن الفئات المهمشة غالباً ما تجد نفسها محرومة من هذه الحقوق. وعلى الرغم من ذلك، تؤثر التقنيات الرقمية على طريقة ممارسة الحقوق الأساسية في الفضاءات الرقمية وحمايتها وانتهاكها. يتطلب العدد المتزايد من التطورات التكنولوجية أطرًا تنظيمية جديدة لضمان بقاء مجتمعنا مستجيبًا للظروف الرقمية المتغيرة. تستمر شبكة الجيل الخامس (5G) في زيادة الترابط الفائق hyperconnectivity ، وقد أدى ذلك بمرور الوقت إلى جمع المزيد من البيانات وتحليلها باستخدام أجهزة من إنترنت الأشياء والحوسبة الطرفية. ونظرًا لكمية البيانات الهائلة، تتزايد أهمية تنظيم حركة البيانات وضمان عدم انتهاك حقوق الأفراد الرقمية. لذلك، يجب علينا تطوير أخلاقيات رقمية (من خلال عدالة البيانات) لحماية الأفراد والمحافظة على حقوقهم الرقمية.
القسم الأول: الإطار المفاهيمي لعدالة البيانات
مبادئ عدالة البيانات: يعد تعريف لينيت تايلور لعدالة البيانات أحد التعريفات الأكثر شيوعًا. تعرّف تايلور عدالة البيانات بأنها العدالة في كيفية تعاملنا مع الأشخاص، وجعلهم مرئيين، ومعاملتهم أثناء استخدامنا لبياناتهم الرقمية وإنتاجها. ولذلك ترى تايلور أن عدالة البيانات تقوم على ثلاث ركائز رئيسية كما هو موضح أدناه:
الظهور (visibility): ترى تايلور أن للبشر الحق في الخصوصية وفي أن يتم تمثيلهم بمجموعات البيانات الصحيحة. ويعني ذلك أنه بالإضافة إلى حق التمثيل في البيانات، لدينا أيضًا الحق في خصوصية المعلومات.
المشاركة أو عدم المشاركة التكنولوجية: يعني أننا أحرار في التعامل مع التكنولوجيا كما نريد وأن نكون ممثلين في قواعد البيانات التجارية. لذلك، لدينا حرية التصرف في التعامل مع التقنيات المختلفة عندما نريد. وبينما نتعامل معها، ينبغي لنا أن نأخذ في الاعتبار حقوق المجتمعات الضعيفة، مثل اللاجئين.
عدم التمييز: هو القدرة على تحديد ومواجهة التحيزات في استخدام البيانات وكذلك الحق في التحرر من التمييز. تم تصميم العديد من أنظمة الهوية لتحديد أولويات ملف تعريف المستخدم الموحد (standardized user profile). ومع ذلك، فإن وجود مثل هذا الملف الشخصي يضر بالسكان الذين لا يتناسبون مع هذه الصورة النمطية. ويؤكد هذا المبدأ على ضرورة التخلص من التحيز المرتبط باتخاذ القرارات القائمة على البيانات. ويساعد القضاء على هذا التحيز على ضمان اعتبار جميع الأشخاص متساوين أثناء اتخاذ القرار بشأن استخدام البيانات.
وبخلاف الركائز الثلاث السابقة، تعتمد عدالة البيانات على عدد من المبادئ الأساسية كما نسلط الضوء عليها أدناه:
العدالة: يعد ضمان العدالة في كيفية تمثيل مستخدمي البيانات للأفراد ومعاملتهم وإظهارهم أثناء إنتاج البيانات الرقمية أمرًا حيويًا لتعزيز أخلاقيات البيانات. و يستلزم ذلك بعدًا إجرائيًا وموضوعيًا. يتضمن البعد الموضوعي الالتزام بضمان التوزيع العادل والمتساوي للتكاليف والمنافع. ويستلزم ذلك أيضًا ضمان تحرر الأشخاص والمجموعات من التحيز غير العادل والتمييز والوصم. علاوة على ذلك، يجب على المنظمات أو أولئك الذين يقومون بتخزين البيانات واستخدامها التعبير عن العدالة من خلال منع أو تخفيف أو مراقبة التمييز والتحيز غير المرغوب فيه. ينظر بعض المؤلفين إلى العدالة من منظور المساواة والتنوع والشمول. ومن ناحية أخرى، يؤكد آخرون على ضرورة الطعن أو الاستئناف على القرارات المتعلقة بالبيانات. بشكل عام، يؤكد هذا المبدأ على ضرورة الوصول العادل إلى البيانات ومنع الضرر.
المساءلة: تركز المساءلة على تتبع أصل البيانات. يتم تعريفها على أنها مسؤولية فرق البيانات لإدارة وتحسين تكاليفها ومواردها وعملياتها. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تستلزم الشفافية فيما يتعلق بتكاليف البيانات، والاستخدام، وعائد الاستثمار، وتعزيز ثقافة الفريق الواعية بالتكلفة، والحفاظ على صحة البيانات ونظافتها بشكل جيد. إن دمج المساءلة في عملية صنع القرار وسير العمل من شأنه أن يمكّن فرق البيانات من تعزيز كفاءتها الشاملة ويضمن لها مساهمة إيجابية في أرباح المنظمة. تعتبر العمليات والإجراءات الموثقة التي تهدف إلى معالجة مشكلات حماية البيانات خلال مرحلة مبكرة ضرورية لضمان المساءلة داخل عمليات البيانات.
الشفافية: إلى جانب كونها شرطًا للامتثال، فإن شفافية البيانات هي إلتزام بالممارسات الأخلاقية التي تعزز المصداقية والثقة في إدارة البيانات. تتضمن الشفافية إجراءات مختلفة مثل التواصل الواضح بشأن سياسات استخدام البيانات والتأكد من فهم أصحاب المصلحة للآثار المترتبة على مشاركة البيانات. ففي عصر تعد فيه البيانات أصولًا ذات تأثير وحساسية، لا يمكننا تجاهل الدور المهم للشفافية في الحفاظ على مصداقية ونزاهة المتعاملين معها. تتمثل المنافع الأساسية لشفافية البيانات في الامتثال التنظيمي، وتحسين عملية صنع القرار، وتعزيز ثقة الجمهور و الابتكار و المساءلة، وتحديد المشكلات وحلها بشكل أسرع، وتشجيع التعاون.
الشمولية: البيانات الشاملة هي شرط أساسي لخلق مجتمع عادل متساوِ. تستلزم الشمولية ضمان سماع جميع الأشخاص ورؤيتهم وإحصائهم. كما أنها ضرورية أيضًا لتطوير مجتمع يقدر التنوع ويعترف بالتجارب المتفردة لجميع الناس. تخضع مبادئ البيانات الشاملة لخمسة جوانب رئيسية: تمثيل جميع الهويات وتصنيفها وتقاطعها، والخصوصية، والدعم، والحاجة إلى الحصول على بيانات شاملة من مصادر متعددة. كما أن البيانات الشاملة تعد أساسًا لاتخاذ القرارات المستنيرة، حيث يهدف استخدام هذه البيانات إلى هيكلة وتنظيم البرامج والسياسات والاستراتيجيات التي تعزز المساواة والشمولية.
دور عدالة البيانات في حماية الفئات السكانية الضعيفة
تساعد أنظمة عدالة البيانات في تحديد وتحليل التحيزات العرقية والجندرية. وهذا يساعد على حل النزاعات بطريقة سلمية وحماية الفئات السكانية الضعيفة. توضح الأطر الأخلاقية للصحة العامة الطريقة التي تساعد بها عدالة البيانات السكان الخاضعين للمراقبة من خلال ضمان توزيع الأعباء والمنافع بشكل عادل والحد من عدم المساواة واستخدام أشكال المراقبة الأقل تدخلاً المطلوبة لتحقيق أهداف الصحة العامة. ويساعد منظور عدالة البيانات بشكل أكبر على تقييم ممارسات البيانات من حيث الظلم الاجتماعي القائم. وهذا أمر بالغ الأهمية أيضًا للقضاء على التحيزات، وتعزيز الشفافية والإنصاف، وتعزيز حقوق البيانات لتمكين الفئات المهمشة، مع نشر العدالة الاجتماعية ضمن السياقات القائمة على البيانات. ولذلك، فإن عدالة البيانات أمر بالغ الأهمية لإحداث تغيير إيجابي في استخدام البيانات وجمعها. ويتم تمكين المجتمعات للمطالبة بحقوق البيانات الخاصة بها، في عملية صنع القرار، وتحدي الممارسات التمييزية –ما قد يؤدي على الأرجح إلى نتائج أكثر إنصافًا للفئات السكانية المهمشة. باختصار، تساهم عدالة البيانات في الحد من عدم المساواة والتحيزات، وتعزيز الدمج الاجتماعي والعدالة للفئات السكانية الضعيفة.
القسم الثاني: الجوانب الرئيسية لعدالة البيانات
العدالة في جمع البيانات والوصول إليها:
تستلزم العدالة ضمان تكافؤ الفرص والوصول المحايد إلى الموارد والمعلومات للجميع. وعند الالتزام بذلك، يساعد الوصول العادل إلى البيانات في ضمان العدالة والشمولية. بالإضافة إلى ذلك، من المهم الاعتراف بقضايا التحيز والسلطة والتمييز عند جمع البيانات وتفسيرها وتحليلها. يعد تأثير الدومينو أفضل نتائج البيانات لأنه يضمن تحسين جودتها، وتعزيز الصحة والرفاه والشراكة المجتمعية والاستدامة على المدى الطويل. باختصار، يؤدي الوصول العادل إلى البيانات إلى تعزيز قوة المجتمع، ويضمن أنظمة بيانات شاملة، ويعزز الوصول إلى البيانات ومشاركتها، ويحمي الخصوصية والسرية، ويبني أنظمة بيانات قوية وشاملة.
استراتيجيات ضمان العدالة:
- تعزيز قابلية التفسير والشفافية لنماذج الذكاء الاصطناعي:
يتعين علينا أن نجعل نماذج الذكاء الاصطناعي أكثر قابلية للتفسير وأكثر شفافية للسماح للمستخدمين النهائيين والمطورين بفهم السبب وراء اتخاذ قرار محدد، وبالتالي تسهيل كشف التحيز وتصحيحه.
- تضمين العدالة في الخوارزميات:
إن استخدام استراتيجيات مثل التدريب المضاد (adversarial training) يمكن أن يعزز النماذج ضد الهجمات العدائية التي تهدف إلى طرح التحيز.
- تعزيز التنوع في فرق العمل:
يجب على المنظمات أيضًا أن تسعى إلى تخصيص الموارد لتثقيف ورفع مستوى الوعي بين المطورين والمديرين والمصممين. ومن المهم أيضًا التأكد من وجود تنوع في تكوين الفريق. على سبيل المثال، يمكن للشركات تعزيز التنوع داخل الفرق التي تعمل على تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي لضمان تحديد ومعالجة التحيز بشكل أكثر فعالية.
- اعتماد منهجيات وأطر حوكمة واضحة:
ومن المهم تطوير منهجيات واضحة واعتماد أطر الحوكمة لمراجعة مسارات الذكاء الاصطناعي بطريقة أكثر استدامة، بما في ذلك خطوات اكتشاف التحيز والحد منه.
- التمسك بالمعايير الأخلاقية:
وفقًا لمنظمة اللجنة المشتركة، يجب على المنظمات الالتزام بالمعايير الأخلاقية من خلال توثيق الإجراءات والسياسات عندما يتعلق الأمر بجمع البيانات. وهذا يعني أنه يجب على المؤسسات إبلاغ أصحاب المصلحة بأي تغييرات أو تناقضات، بما في ذلك تلك المتعلقة بكيفية تطبيق التسميات بشكل عادل. ومن المهم أيضًا أن تسعى المؤسسات إلى تحقيق تمثيل متساوٍ عند جمع البيانات عن طريق التخلص من التمثيلات غير العادلة الموجودة في مواد البرامج والتصميمات المستخدمة مع الجمهور العام.
الشفافية والمساءلة:
في المشهد الحالي للأعمال، تشكل البيانات الشفافة الطريقة التي تقوم بها المؤسسات بجمع البيانات ومعالجتها واستخدامها. عندما تعطي المنظمات الأولوية للشفافية، فإنها ترسخ الثقة والمصداقية لدى أصحاب المصلحة والعملاء. بالإضافة إلى ذلك، تعمل شفافية البيانات على تعزيز عملية صنع القرار من خلال تعزيز الابتكار وتسهيل اعتماد الاستراتيجيات القائمة على البيانات والتي يتبناها قادة المؤسسات.
من خلال المشاركة العلنية للمعلومات حول كيفية جمع البيانات واستخدامها، يمكن للمؤسسات تعزيز الثقة مع العملاء وأصحاب المصلحة. تعزز شفافية البيانات الابتكار واتخاذ القرارات القائمة عليها. يمكن أن يؤدي الوصول إلى البيانات الموثوقة أيضًا إلى تمكين الشركات من اتخاذ قرارات استراتيجية وتحفيز النمو وتوفير مميزات تنافسية. تعد الشفافية أيضًا أمرًا بالغ الأهمية لتمكين الفرق من استكشاف الرؤى والاتجاهات – التي تضع الأساس لتطوير منتجات أو خدمات جديدة.
علاوة على ذلك، فإن إعطاء الأولوية لشفافية البيانات يعزز إدارة المخاطر من خلال تعزيز الامتثال والالتزام التنظيمي الذي يضمن عمل الشركات ضمن الحدود القانونية. تتجلى أهمية الشفافية بشكل خاص في القطاعات الخاضعة للتنظيم الصارم، بما في ذلك القطاع المالي وقطاع الرعاية الصحية. على سبيل المثال، يجب على شركات الأدوية الالتزام بقواعد الشفافية مثل قانون الشفافية (الشمس المشرقة)(Sunshine Act) الذي يتطلب الكشف عن العلاقات المالية مع مقدمي الرعاية الصحية.
آليات ضمان المساءلة:
تساعد بروتوكولات جمع البيانات وتخزينها الواضحة على ضمان شفافية البيانات وترسيخ معايير الإدارة الأخلاقية. إن وجود إرشادات محددة من شأنه أن يمكّن الشركات من جمع ومعالجة البيانات التي تحترم المتطلبات التنظيمية ومتطلبات الخصوصية.
كما أن الاستفادة من البنية التحتية الآمنة للبيانات، بما في ذلك ضوابط الوصول والتشفير، تعمل أيضًا على تحسين حماية البيانات وتقليل مخاطر اختراقها أو الوصول غير المصرح به. تعزز مثل هذه الأساليب الشفافة لتتبع البيانات الثقة بين العملاء وتمكن الشركات من اتخاذ قرارات مستنيرة تستند إلى بيانات موثوقة من مصادر أخلاقية. كما أن تثقيف أصحاب المصلحة حول كيفية استخدام البيانات بشكل أخلاقي يعد استراتيجية فعالة لتعزيز شفافية البيانات. يمكن للشركات التعامل بشكل استباقي مع الموظفين والعملاء والشركاء للتأكد من فهمهم لكيفية جمع البيانات وتخزينها واستخدامها بشكل فعال وأخلاقي.
على سبيل المثال، يمكن لمنصات التواصل الاجتماعي أن تزود المستخدمين بتقارير الشفافية والفحوصات لتمكينهم من المعرفة والمعلومات حول إعدادات خصوصية البيانات الخاصة بهم. تعد معالجة مخاوف أمن البيانات والخصوصية أيضًا آلية حيوية وقابلة للتطبيق للتغلب على المقاومة. إن تنفيذ التدابير القوية لحماية البيانات والالتزام بقوانين حماية البيانات ذات الصلة مثل للائحة العامة لحماية البيانات في أوروبا (GDPR) أو قانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا (CCPA) يبين التزام الشركات بحماية المعلومات الحساسة.
وعلاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي استخدام الحلول التقنية إلى تعزيز شفافية البيانات والمساءلة في المؤسسة. توفر الاستفادة من تقنية سلسلة الكتل blockchain والتقنيات اللامركزية سجلات ثابتة لمعاملات البيانات، وبالتالي ضمان الشفافية مع تقليل مخاطر الغش والتلاعب. ومن الأمثلة الأكثر تحديدًا منصات إدارة سلسلة التوريد مثل منصة أي بي إم للأغذية(IBM Food Trust) التي تستخدم تقنية سلسلة الكتل لتتبع حركة المنتجات الغذائية من المزرعة إلى طاولات الطعام، مما يوفر للمستهلكين رؤية شفافة حول جودة وأصل طعامهم.
وفي الوقت نفسه، تسمح أدوات الوصول إلى البيانات وتصورها، مثل لوحات المعلومات التفاعلية interactive dashboards ، لأصحاب المصلحة بتحليل مجموعات البيانات المعقدة وتفسيرها بطريقة سهلة. كما أنها تسهل عملية اتخاذ القرارات المستنيرة والشفافية عبر العديد من الأقسام من خلال تمكين المستخدمين من تمثيل بياناتهم بشكل بديهي وواضح.
الخصوصية والأمن:
تساعد معايير أمان البيانات التنظيمية على حماية المعلومات الحساسة والسرية من خلال منع الاستخدام غير المصرح به للبيانات أو تعطيلها أو الوصول إليها أو الكشف عنها أو تعديلها أو تدميرها. يمكن أن يؤدي عدم الالتزام بهذه المعايير واللوائح إلى فرض عقوبات قانونية وإجراءات من شأنها إلحاق الضرر بسمعة المنظمة. ولذلك، يجب على الشركات إعمال تدابير قوية لأمن البيانات لحماية معلومات عملائها وضمان الامتثال.
إن الهدف الرئيسي لأمن البيانات هو التأكد من أن البيانات التي تقوم الشركة بجمعها أو تخزينها أو نقلها أو استقبالها آمنة. يعد الامتثال أمرًا بالغ الأهمية أيضًا نظرًا لأنه يجب على المؤسسات أو معالجي البيانات حماية جميع البيانات ضد جميع أشكال التهديدات. نظرًا لاختلاف التشريعات والقوانين عبر المناطق والبلدان المختلفة، يجب على المؤسسات ضمان الامتثال لتلك الأنظمة والقوانين ذات الصلة بمجالات عملها. على سبيل المثال، يجب على الشركات العاملة في الاتحاد الأوروبي الالتزام باللوائح العامة لحماية البيانات (GDPR) واللوائح الخاصة بالقطاعات، بما في ذلك قانونيّ SOX أو GLBA للخدمات المالية. وفي الشرق الأوسط، يعد قانون حماية البيانات الشخصية، المرسوم بقانون اتحادي رقم 45 لسنة 2021 بشأن حماية البيانات الشخصية، إطارًا متكاملاً لضمان سرية المعلومات وحماية خصوصية الأشخاص في دولة الإمارات العربية المتحدة. بشكل عام، تحمي أحكام القانون العام البيانات الشخصية والخصوصية الفردية في العديد من الولايات القضائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما اتخذت دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خطوات كبيرة في مجال أمن البيانات والخصوصية من خلال تطبيق قانون حماية البيانات في دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، وقانون حماية البيانات الشخصية في البحرين.
العدالة الخوارزمية:
تتجلى التحيزات في الذكاء الاصطناعي بأشكال متنوعة، بما في ذلك التحيز في الاختيار، والتحيز الخوارزمي، والتحيز في القياس. يحدث التحيز الخوارزمي بسبب القيود أو الأخطاء في طرق جمع البيانات، مما يؤدي إلى نتائج منحرفة. تعرّف تحيزات الذكاء الاصطناعي على أنها القرارات الخوارزمية التي تميز بشكل منهجي مجموعات معينة. ويعرفها خبراء آخرون أيضًا على أنها الأخطاء في نظام الحوسبة التي تؤدي إلى نتائج غير عادلة نتيجة لبيانات الإدخال المحدودة أو المنحرفة، أو الممارسات الاستبعادية، أو الخوارزميات غير العادلة أثناء تطوير الذكاء الاصطناعي.
تعد العوامل الاجتماعية والتكنولوجية من بين الأسباب الرئيسية للتحيزات الخوارزمية. وتشمل هذه العوامل:
- السياقات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية: يتأثر تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي ونشرها واستخدامها بهذه السياقات، مما قد يؤدي إلى ترسيخ التحيزات في الخوارزميات.
- التحيز في التصميم: بما في ذلك التحيزات الضمنية لمصممي الذكاء الاصطناعي والتي يمكن أن تنتقل إلى سلوك النظام.
- تحيز البيانات: عندما لا تمثّل البيانات المستخدمة لتدريب نظام الذكاء الاصطناعي جميع السكان، فإن القرارات الخوارزمية يمكن أن تفضّل مجموعة واحدة على أخرى. على سبيل المثال، فضلت خوارزميات التوظيف كخوارزمية أمازون، والتي اعتمدت ذات مرة عمليات التوظيف آليا، في نهاية المطاف الذكور على الإناث. المثال الآخر هو أنظمة التعرف على الوجه كتلك المستخدمة في فتح ومراقبة الهواتف الذكية؛ إذ تبين أنها تؤدي أداءً سيئًا مع الوجوه الأنثوية والوجوه ذات البشرة الداكنة وذلك بسبب نقص التنوع في مجموعات بيانات التدريب.
وللحد من التحيزات الخوارزمية، يمكن استخدام العديد من الاستراتيجيات الرئيسية مثل:
- جمع مجموعات البيانات التمثيلية والمتنوعة:
يتضمن ذلك جمع البيانات من عدة فئات سكانية مختلفة، مما يضمن العدالة والشمولية في التمثيل.
- تنفيذ الخوارزميات حصريًا لاكتشاف التحيز والحد منه:
إن استخدام تقنيات مثل قيود العدالة، والتدريبات المضادة، وعمليات تدقيق التحيز من شأنها أن تساعد في تحديد التحيزات داخل النماذج وتصحيحها.
- المراقبة المنتظمة لأنظمة الذكاء الاصطناعي بعد النشر:
من الضروري مراقبة أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل منتظم بحثًا عن أي تحيزات بعد النشر. إن إجراء عمليات تدقيق متكررة ووضع مقاييس التقييم يمكن أن يضمن تحديد التحيزات وظهورها بمرور الوقت أو بسبب مجموعات البيانات المتطورة.
- فرق عمل متنوعة في تطوير الذكاء الاصطناعي:
ينبغي للفرق المتنوعة التي تعمل على استخدام الخوارزميات في تطوير الذكاء الاصطناعي أن تقدم وجهات نظر متنوعة. سيساعد ذلك في تحديد التحيزات ومعالجتها في مرحلة التصميم. إن تشجيع التعاون متعدد التخصصات يرسّخ فهمًا أفضل للتحيزات المحتملة.
المشاركة والتمثيل:
يعد التنوع والشمول عنصرين حاسمين في التعلم الآلي وعلوم البيانات. يقدم التمثيل المتنوع فوائد عديدة، مثل تحسين حل المشكلات، وصنع القرار، والابتكار. ومن خلال الاستفادة من الخبرات ووجهات النظر والخلفيات المختلفة، يمكن للشركات إطلاق العنان لرؤى جديدة وتطوير حلول ومنتجات أكثر شمولاً تلبي احتياجات مختلف المستخدمين.
يعد التمثيل المتنوع مهمًا أيضًا لتقليل مخاطر الخوارزميات المتحيزة واتخاذ قرارات سليمة. على سبيل المثال، التمثيل المناسب للأشخاص الملونين في بيانات التدريب الخاصة بأنظمة التعرف على الوجه يمكن أن يزيل التحيزات المتأصلة، مما يؤدي إلى معاملة عادلة وإدماج جميع المجتمعات أو الأفراد. بالإضافة إلى ذلك، فإن الخدمات والمنتجات التي يتم تطويرها من خلال مراعاة احتياجات المستخدمين المتنوعة يمكن أن تؤدي إلى حلول مثالية. على سبيل المثال، يمكن لأنظمة التعرف على الصوت التي تفهم بشكل مثالي اللغات أو اللهجات غير الإنجليزية أن تضمن شمول المتحدثين غير الأصليين للغة الإنجليزية. يمكّنهم ذلك من الوصول لمجموعة كاملة من المنافع التي توفرها التكنولوجيا. يمكن أن يؤدي تضمين الأصوات المتنوعة أثناء عملية التطوير إلى منتجات تلبي احتياجات المستخدمين المتنوعة.
عدم التمييز:
يلعب التحيز اللاواعي، والذي عادةً ما يكون غير مقصود ومتجذر في المعتقدات والأعراف المجتمعية، دورًا حاسمًا في التمييز وفي استمرارية نقص التنوع في التعلم الآلي وعلوم البيانات.
يمكن أن يؤثر التمييز على قرارات التوظيف ويجعل مجموعات معينة ممثلة تمثيلاً ناقصًا. على سبيل المثال، تقوم بعض المؤسسات بتقييم السير الذاتية المتطابقة بشكل مختلف بناءً على عوامل مثل العرق أو النوع الاجتماعي.
ولمعالجة هذه المشكلة، يتعين على الشركات تنفيذ استراتيجيات لتخفيف التحيزات اللاواعية في عمليات الترقية والتوظيف. ويشمل ذلك:
- تبني ممارسات التوظيف العمياء: من خلال فصل المعلومات التعريفية عن الطلبات والسير الذاتية، والتركيز على المؤهلات والمهارات بدلاً من الخصائص الشخصية.
- التدريب على التحيز الضمني: توفير التدريب لصانعي القرار والمديرين لاستحداث الوعي ومكافحة التحيز اللاواعي.
- التعليم والتدريب: تعزيز الشمول والتنوع من خلال الوصول العادل إلى برامج التدريب والتعليم عالية الجودة. إن خلق الفرص للأشخاص المنتمين لخلفيات متنوعة يمكن أن يساعدهم على النجاح في هذه المجالات.
- زيادة التنوع في تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات: ويعني تعزيز برامج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في المدارس منذ سن مبكرة، وتقديم الدعم المالي والمنح الدراسية، وتطوير مناهج دراسية شاملة تحتفي بوجهات النظر المتنوعة. يشجع هذا النهج المشاركة المتنوعة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات منذ مرحلة مبكرة.
- التدريب الداخلي والتدريب المهني وبرامج التوجيه: ويعني توفير الخبرة العملية والدعم للأشخاص من المجموعات الممثلة تمثيلا ناقصا. وتساعد هذه المبادرات على سد الفجوة بين الفرص التعليمية والمهنية، وتعزيز التنوع في القوى العاملة.
من خلال تنفيذ هذه الاستراتيجيات، يمكن للمؤسسات الحد من التحيز اللاواعي وتعزيز المزيد من التنوع والشمول في التعلم الآلي وعلوم البيانات والمجالات ذات الصلة.
القسم الثالث: عدالة البيانات وحقوق الإنسان
تقاطعات مع حقوق الإنسان:
إن التحليل القائم على حقوق الأنسان من شأنه إفادة صناع السياسات والمجتمع العلمي في النهوض بحقوق الإنسان من خلال ممارسات إدارة البيانات. يحتوي هذا الإطار على مجموعة مشتركة من المعايير والقيم عبر الحدود، ويحدد مسؤوليات وحقوق مختلف الجهات الفاعلة في تبادل البيانات، ويفحص الفوائد والأضرار المحتملة لتبادل البيانات ويوفر إطارًا لتحقيق التوازن بين مختلف القيم المتنافسة.
يتضمن الإطار الدولي لحقوق الإنسان، المبين بشكل خاص في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العديد من المبادئ المضمنة في المعاهدات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان. غالبًا ما تشترك التشريعات واللوائح والقواعد المهنية المعقدة المطبقة على تبادل البيانات في سمات مشتركة بناءً على هذه المبادئ الدولية لحقوق الإنسان. ومن الناحية المثالية، عادة ما تسلط معاهدات حقوق الإنسان الضوء على التزامات الحكومات تجاه مواطنيها وتجاه بعضها البعض. وهذا يعني أن النهج القائم على حقوق الإنسان هو نهج شامل لجميع الأشخاص/أصحاب المصلحة الذين يشاركون في دورة حياة البيانات.
يقر هذا النهج بالتزامات الحكومة بإنشاء هياكل قانونية لحماية تلك الحقوق ومحاسبة من ينتهكونها على أفعالهم غير اللائقة. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يستلزم الوصول إلى المعلومات، والوصول إلى العدالة، والإجراءات القانونية الواجبة، ومساءلة مرتكبي الجرائم. ويعترف قانون حقوق الإنسان كذلك بحقوق المجتمع والفرد. فوفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان: إلى جانب الحقوق الفردية، يمكن للمجتمعات أيضًا أن تتمتع بحقوق. والجدير بالذكر أن حقوق المجتمع ترتبط عادة بحقوق السكان الأصليين. ومع ذلك، يمكنهم أيضًا فحص حقوق المجتمعات المحرومة الأخرى.
إن إنفاذ حقوق المجتمع يشبه إلى حد كبير إنفاذ الحقوق الفردية ويتميز بالإجراءات القانونية الواجبة والمساءلة والشفافية. وبالتالي، فإن تطبيق حقوق الإنسان على تبادل البيانات/العدالة قد لا يعالج جميع القضايا المرتبطة باستخدام البيانات ومشاركتها، ولكنه يمكن أن يضمن إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان أثناء إدارة البيانات. ويمكن أن يساعد ذلك في ضمان أن تكون ممارسات البيانات مسؤولة وشفافة وغير تمييزية وتعزز العدالة مع تقليل أي ضرر محتمل للأقليات والأفراد الآخري.
دراسات الحالة
دراسة الحالة 1:
التحيز في التوظيف عبر الإنترنت: واجهت شركة أمازون، وهي شركة بيع بالتجزئة عبر الإنترنت، مشكلات كبيرة تتعلق بالتحيز القائم على النوع الإجتماعي من خلال خوارزمية التوظيف الخاصة بها. على الرغم من أن 60% من القوى العاملة يشكلها الذكور، إلا أن 74% من المناصب الإدارية يشغلها رجال. في الآونة الأخيرة، توقفت أمازون عن استخدام خوارزمية التوظيف الخاصة بها بعد أن أدركت أنها ترسخ التحيز القائم على النوع الاجتماعي. استخدم المهندسون بيانات السير الذاتية لتطوير الخوارزميات. ولأكثر من عقد من الزمان، كانت البيانات تقدم إلى أمازون وكان أغلبها من ذكور بيض. وبدلاً من التركيز على مجموعات المهارات ذات الصلة، اعتمدت الخوارزمية على تحديد أنماط معينة للكلمات داخل السير الذاتية. بالإضافة إلى ذلك، تمت مقارنة البيانات مع قسم الهندسة في أمازون الذي يهيمن عليه الذكور للتأكد من مدى ملاءمة مقدم الطلب. ونتيجة لذلك، كان برنامج الذكاء الاصطناعي متحيزًا ضد أي سيرة ذاتية تحتوي على كلمة “سيدات”، كما قلل من مستوى السير الذاتية للنساء اللاتي التحقن بكليات البنات، مما أدى إلى التمييز بين الجنسين في عملية التوظيف.
دراسة الحالة 2:
التحيز المتأصل في تقنية التعرف على الوجه: وفقًا لجوي بولامويني، لم تتمكن الخوارزميات التي تعمل على تشغيل ثلاثة أنظمة برمجيات تجارية من التعرف على البشرة ذات اللون الداكن. بشكل عام، تحتوي العديد من مجموعات بيانات التدريب على التعرف على الوجه على أكثر من 75% من الذكور و80% من البيض. في الحالة التي تكون فيها الصورة لرجل أبيض، يصبح البرنامج دقيقًا بنسبة 99% في تحديد هوية الشخص على أنه ذكر. أثرت هذه النتائج على شركتي آي بي إم ومايكروسوفت Microsoft وIBM للالتزام بتحسين دقة برامج التعرف على الوجوه ذات البشرة الداكنة.
دراسة الحالة 3:
خوارزميات العدالة الجنائية: يستخدم القضاة خوارزمية COMPAS (تصنيف إدارة المجرمين الإصلاحية للعقوبات البديلة) للتنبؤ بما إذا كان سيتم احتجاز المتهمين أو إطلاق سراحهم بكفالة في انتظار المحاكمة. ومع ذلك، أوضح تقرير عن منظمة بروبابليكا ProPublica بأن تلك الخوارزمية تتحيز ضد السود والأمريكيين من أصل أفريقي. تحدد الخوارزمية في الأغلب درجة الخطورة لاحتمالية ارتكاب المدعى عليه لجريمة مستقبلية، اعتمادًا على البيانات الضخمة المتاحة عن التركيبة السكانية (ديموغرافيا) للمدعى عليه، وسجلات الاعتقال، بالإضافة إلى متغيرات أخرى.
وعلى عكس البيض الذين كانوا على قدم المساواة في إحتمالية إعادة ارتكاب الجرائم مرة أخرى، أشار التقرير إلى أن الأمريكيين من أصول أفريقية كانوا أكثر عرضة لتصنيفهم على درجة أعلى من الخطر، مما أدى إلى تمديد فترات احتجازهم في انتظار المحاكمة. وبناء عليه، يوضح هذا المثال ممارسات البيانات التي تؤثر على حقوق الإنسان على الرغم مما تقدمه منظمة نورثبوينت Northpointe، التي تقوم ببيع المخرجات الخوارزمية، من أدلة لدحض مثل هذه الادعاءات في اعتقاد منها بأن ثمة مقاييس غير مناسبة يتم استخدامها لتقييم العدالة داخل المنتج.
على الرغم من أن هذه الانحيازات ليست شاملة، إلا أنها تبين أن هذه المسائل هي حقائق مبنية على التجربة وليست مجرد مخاوف نظرية. كما أنها تشير أيضًا إلى كيفية ظهور هذه النتائج، وفي بعض الحالات، دون تدخل النوايا الخبيثة لمبتكري أو مشغلي الخوارزمية.
النهج التحليلي:
لعبت عدالة البيانات دورًا حاسمًا في فهم ديناميات القوة المتعلقة بإدارة واستخدام البيانات. تجلت أهميتها على نحو خاص في تسليط الضوء على الأطراف المشاركة الفاعلة، والسياسات الكامنة وراء استخدام البيانات، ومدى تضمين أو استبعاد المجموعات والفئات ومصالح الأطراف الجماعية والفردية.
تزايد الاعتراف بالرقمنة على نحو ملحوظ نتيجةً لزيادة المعرفة باستخدام البيانات الرقمية. وهو أمر شائع بين الفئات الضعيفة مثل اللاجئين الذين تحملوا العبء الرئيسي لمراقبة البيانات. وبناء عليه، تحقق عدالة البيانات العدالة الاجتماعية وتقوم بحماية الفئات الضعيفة والمهمشة.
تلفت تايلور الانتباه إلى أهمية التمثيل والخصوصية- ذلك بأن للأشخاص الحق في الخصوصية تمامًا كما أن لهم الحق في أن يتم تمثيلم ضمن مجموعات البيانات الصحيحة. تدعو ركيزة المشاركة إلى ضرورة أن يتمتع الأشخاص بالحرية في تقرير ما إذا كانوا سيتعاملون مع تقنيات معينة أم لا. ومن ناحية أخرى، فإن ركيزة عدم التمييز المتمثلة في عدالة البيانات تمنح الأشخاص القدرة على تحديد التحيز في استخدام البيانات والتصدي له، وحرية عدم التعرض للتمييز.
علاوة على ذلك، تؤكد عدالة البيانات على ضرورة الالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، مما يعني أنه أثناء تنفيذ أنظمة الهوية الرقمية، من الضروري ضمان حماية المعلومات الشخصية الرقمية. كما تضمن المواد ذات الصلة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لجميع الأشخاص الحق في الخصوصية.
والأهم من ذلك، تجدر الإشارة إلى أن رقمة المجتمع والطريقة التي يتم بها إنشاء البيانات وتحليلها واستخدامها لا ينبغي النظر إليها بشكل منعزل أو من وجهة نظر تكنولوجية بحتة، وإنما في سياق الممارسات الاجتماعية العديدة في المجتمع. تلعب عدالة البيانات دورًا حاسمًا في تمكيننا من تحديد المخاوف المتعلقة بممارسات البيانات في السياق الأوسع المتعلق بمخاوف العدالة الاجتماعية.
يمكّننا إطار عدالة البيانات أيضًا من فحص البيانات بطريقة شديدة التفرد، بما في ذلك سياساتها وقوتها وأخلاقياتها وثقتها. ومع ذلك، ونظراً للظلم الاجتماعي الذي تسعى لمعالجته، يتم تعزيز الإطار بشكل كبير من خلال تضمين نهج قائم على حقوق الإنسان. إن ضمان وضع حقوق الإنسان في قلب الخطاب من شأنه أن يضمن استفادة إطار عدالة البيانات من منظور التنمية البشرية العالمية – وهو جانب لا تستطيع عدالة البيانات القيام به بشكل مستقل.
القسم الرابع: تحديات تنفيذ عدالة البيانات
يعد تحقيق عدالة البيانات أمرًا صعبًا للغاية بسبب العديد من التحيزات والتعقيدات المتأصلة. وتتمثل التحديات الرئيسية الثلاثة في التحديات التقنية، والتحديات التنظيمية، والفوارق الدولية.
التحديات التقنية:
يمكن أن تساهم الأخطاء المنهجية في نموذج البيانات في التنبؤات غير الصحيحة. تنشأ مثل هذه الأخطاء من مصادر متنوعة، مثل اختيار السمات المستخدمة لتطوير النموذج، أو اختيار بيانات التدريب أو الخوارزمية المستخدمة لتدريب النموذج. يعد أكثر أنواع التحيز شيوعًا التحيز في القياس والاختيار والتحيزات الخوارزمية. يحدث التحيز في الاختيار عندما تكون بيانات التدريب غير ممثلة للسكان الذين يتم وضع نماذج لهم، مما يؤدي إلى تنبؤات متحيزة. و على العكس من ذلك، يظهر التحيز الخوارزمي عندما تنتج الخوارزمية المستخدمة لتدريب النموذج تنبؤًا متحيزًا بسبب التحيزات المتأصلة داخل البيانات أو الخوارزمية المستخدمة لتدريب النموذج.
يعني تحيز الاختيار أن يتم تمثيل شرائح معينة من السكان تمثيلا ناقصًا أو أن يتم استبعادهم بشكل منهجي من عينة البيانات، مما يؤدي إلى نتائج منحرفة. يعزو ذلك إلى بعض العوامل مثل تحيز عدم الاستجابة، أو التفاوتات الديموغرافية، أو منهجيات أخذ العينات. أما بالنسبة للتحيزات الخوارزمية، فعند تضمينها في نماذج التعلم الآلي أو الخوارزميات، فإنها تميز بشكل غير عادل في النتائج المتعلقة بمجموعات وفئات معينة. يمكن أن تنشأ التحيزات الخوارزمية من خوارزميات معيبة، أو بيانات تدريب متحيزة، أو تحيزات متأصلة في عملية صنع القرار.
أما تحيزات القياس، فتظهر عندما تكون القياسات المستخدمة لتدريب النموذج غير دقيقة مما يؤدي إلى تقديرات متحيزة. وهذا يعني أن تحيز القياس يحدث بسبب عدم الاتساق أو عدم دقة أدوات أو طرق جمع البيانات، مما يؤدي إلى تقييمات أو قياسات مشوهة. كما تعد الاختلافات اللغوية أو الثقافية، أو أخطاء القياس، أو التفسيرات الذاتية من أكثر مصادر تحيزات القياس شيوعًا.
يمكن أن تعكس عمليات جمع البيانات أيضًا التحيزات الاجتماعية والتحيزات التاريخية. ويؤدي هذا إلى تفاقم عدم المساواة الممنهجة وتهميش الفئات الممثلة تمثيلا ناقصا. على سبيل المثال، يمكن لممارسات التوظيف المتحيزة أو السياسات التمييزية أن تمثل المعلومات الديموغرافية بشكل غير عادل في بيانات التوظيف. يمكن أيضًا أن تكون أدوات وطرق جمع البيانات متحيزة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تنطوي الاستبيانات أو الدراسات الاستقصائية على حواجز لغوية، أو تحيزات ثقافية، أو أسئلة رئيسية تؤدي إلى تحريف الإجابات وتشويه النتائج.
نظرًا لأهمية عناصر الحكم والتفسير البشري في عملية جمع وتحليل البيانات، تصبح هذه العناصر عرضة للتشوهات المعرفية والتحيزات الذاتية. ومن التحيزات المعرفية التي يمكن أن تؤثر على عملية صنع القرار تحيز الثبات وتحيز الإتاحة والتحيز التأكيدي (anchoring bias, availability bias, and confirmation bias). وقد أدت هذه التحيزات إلى تعقيدات في التكنولوجيات، بما في ذلك الرؤى والقرارات غير الدقيقة، وتعزيز عدم المساواة والقوالب النمطية، وفقدان المصداقية والثقة. يمكن أن يؤدي تحليل البيانات المتحيزة إلى رؤى مضللة أو غير دقيقة، مما يقوض مصداقية وصحة عمليات صنع القرار ويؤدي إلى ضياع الفرص والنتائج دون المستوى المرغوب.
باختصار، يفرض التحيز في عمليات جمع وتحليل البيانات تحديات وتعقيدات أمام عدالة ونزاهة عملية صنع القرار في العصر الرقمي. فمن خلال فهم تأثيرات التحيز ومصادره، وتبني استراتيجيات الحد منه، يمكن للمؤسسات تعزيز العدالة والمساءلة والشفافية داخل المبادرات القائمة على البيانات، مما يؤدي في النهاية إلى ترسيخ الثقة داخل النظام البيئي للبيانات.
التحديات التنظيمية والفوارق الدولية
إن تعقيد وتجزئة قوانين البيانات مسألة بالغة الأهمية تواجهها الشركات اليوم. تشكل أعباء الامتثال أحد التحديات الأساسية في هذا الصدد. بشكل مثالي، ينبغي على الشركات التي تعمل عبر ولايات قضائية متعددة أن تضطلع بالمتطلبات القانونية المتنوعة التي تحتوي على أحكام متضاربة بل و متداخلة. قد يستغرق ذلك وقتًا طويلًا كما قد يكون مكلفًا لما يتطلبه من خبرة متخصصة وتكييفًا للممارسات والسياسات.
يشكل عدم اليقين والمخاطر تحديا رئيسيا آخر. إن الطبيعة المتطورة أو الديناميكية للأنظمة واحتمالية التفسيرات غير المتسقة من قبل مختلف السلطات تخلق حالة من عدم اليقين بالنسبة للشركات، مما يؤدي إلى تفاقم مخاطر العقوبات وعدم الامتثال. وتشكل تدفقات البيانات عبر الحدود التحدي الرئيسي الآخر. فبشكل مثالي، تجعل المتطلبات غير المتسقة من الصعب جدًا على الشركات ليس فقط تطوير خدمات وتقنيات مبتكرة تعتمد على تبادل البيانات عبر الحدود، بل أيضًا نشرها.
لمواجهة هذه التحديات، تتمثل استراتيجيات وحلول التخفيف المحتملة في جهود التقارب والتنسيق. تسعى مبادرات مثل جمعية الخصوصية العالمية وإطار قواعد الخصوصية عبر الحدود لمنظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC) إلى تعزيز التنسيق والتقارب بين قوانين خصوصية البيانات عبر المناطق المختلفة. ثانيًا، من الضروري تطوير أدوات وأطر موحدة لإدارة البيانات والامتثال، وذلك لمساعدة الشركات على التنقل داخل هذا المشهد المعقد بطريقة أكثر فعالية. ثالثًا، إن التأكيد/التركيز على الالتزام بمبادئ البيانات الأساسية مثل التحكم الفردي والمساءلة والشفافية من شأنه أن يؤسس للامتثال حتى داخل البيئات التنظيمية المتنوعة.
على الرغم من أهمية البيانات، فإن إدارتها عادة ما تطرح تحديات مجحفة، خاصة عندما تتجزأ عبر منصات وأنظمة مختلفة. وقد تؤدي هذه التجزئة إلى تعطيل جوهر عمليات الامتثال، مما يؤدي إلى زيادة المخاطر، وارتفاع تكاليف التشغيل، وعدم الكفاءة. تُعرّف تجزئة البيانات على أنها تشتت أجزاء البيانات عبر قواعد بيانات تخزين متعددة أو مواقع أو حتى تنسيقات مختلفة. تشير البيانات المجزأة إلى أنه يمكن تخزين المعلومات الهامة المتعلقة بسجل معاملات العميل داخل نظام واحد، في حين يمكن تخزين تقييمات المخاطر أو عمليات التحقق من الهوية داخل نظام آخر. والنتيجة هي شبكة معقدة من البيانات التي تجعل المهام شاقة وتطرح مخاطر تنظيمية محتملة. تشكل تجزئة بيانات الامتثال – حيث تتناثر أجزاء مهمة من معلومات الامتثال عبر مواقع وأنظمة مختلفة – تحديات ذات آثار وخيمة. تتمثل التأثيرات الأساسية لتجزئة بيانات الامتثال في عدم الكفاءة التشغيلية، وزيادة المخاطر، وارتفاع التكاليف، والعوائق التي تحول دون الابتكار، والإضرار بالسمعة.
الخاتمة
إن أنظمة عدالة البيانات من شأنها المساعدة في الكشف عن التحيزات القائمة على النوع الاجتماعي والعرق. وبالتالي، يمكن للأنظمة ضمان ردع ممارسات البيانات للتحيزات، وتعزيز حقوق البيانات التي تعمل على تمكين الفئات المهمشة، إلى جانب نشر العدالة الاجتماعية والترويج لها. وهذا يؤكد الدور الحاسم في الحد من التحيز وعدم المساواة، وتعزيز العدالة والإدماج الاجتماعي للفئات السكانية الضعيفة.
والنتيجة الأخرى هي أن عدالة البيانات يمكن أن تضمن الوصول العادل إلى البيانات، وبالتالي تعزيز عدالة البيانات والصحة والرفاه، وتضمين العدالة في الخوارزميات، وتعزيز التنوع داخل فرق العمل. علاوة على ذلك، تضمن عدالة البيانات أن تكون إدارة البيانات شفافة وخاضعة للمساءلة. تعد عدالة البيانات، كذلك أيضًا، فعالة لضمان حماية المؤسسات للمعلومات السرية والحساسة.
علاوة على ذلك، فإن عدالة البيانات فعالة في ضمان عدالة الخوارزميات، وتعزيز مشاركة وتمثيل جميع المجموعات والأفراد، والمساواه وعدم التمييز. وتحقيقًا لهذه الغاية، يعد التحليل القائم على حقوق الإنسان أمرًا محوريًا في تعزيز عدالة البيانات. هناك حاجة للتأكيد على التقاطع بين عدالة البيانات وحقوق الإنسان لتحقيق النتائج المثلى.
ينبغي على السياسات المستقبلية التأكيد على التقاطع بين عدالة البيانات وحقوق الإنسان. إن حقيقة أن العديد من شرائح المجتمع الضعيفة تسعى إلى الحماية الاجتماعية من خلال أنظمة الهوية الرقمية تسلط الضوء على أهمية عدالة البيانات في تشكيل المستقبل. يمثل هذا الأمر فرصة لواضعي السياسات وكذلك السلطات لإعادة تقييم الأطر الحالية بناءً على تصميم أنظمة الهوية الرقمية.
على خبراء التكنولوجيا أن يأخذوا في الاعتبار مدى تأثير التحديات الاجتماعية والأخلاقية الأساسية التي ولدتها أنظمة الذكاء الاصطناعي مؤخرًا على حقوق الإنسان الأساسية. كما ينبغي على أصحاب المصلحة اعتماد نهج متكامل لتعزيز عدالة البيانات وحماية الحقوق الرقمية وحقوق الإنسان.