محكمة النقض تقر مبدأ عدم توقيع عقوبة سالبة للحرية على الصحفي في جرائم النشر: تحليل قانوني

مقدمة

في ظل غياب وجود تنظيم تشريعي يتناغم مع الضوابط التي أقرها الدستور المصري، يتسع دور المحاكم في تقديم قراءات وتفسيرات يمكن من خلالها إنفاذ الحقوق الدستورية التي لم يتناولها المشرع البرلماني. يفتح هذا الباب المجال أمام تفسيرات مختلفة قد تتناقض أحيانًا. لذلك، من الضروري اعتماد التفسيرات الأقرب إلى نص الدستور، لا سيما تلك الصادرة عن محكمة النقض المصرية، والتي تعد إحدى وظائفها الرئيسية إرساء المبادئ القضائية. تطرقت محكمة النقض في أحد أحكامها إلى محاولة تفسير نصوص الدستور التي تحظر توقيع عقوبة سالبة للحرية في جرائم النشر والعلانية. اعتمدت المحكمة في ذلك على قانون تنظيم الصحافة والإعلام بهدف استبعاد العقوبات السالبة للحرية التي يمكن تطبيقها على الصحفيين.

تناقش هذه الورقة إقرار محكمة النقض لمبدأ عدم توقيع عقوبة سالبة للحرية على الصحفيين في جرائم النشر. تبدأ الورقة بتحليل الحكم الصادر عن محكمة النقض، ثم تنتقل إلى مناقشة مبدأ عدم توقيع عقوبة سالبة للحرية في جرائم النشر في ضوء الدستور المصري وقانون تنظيم الصحافة والإعلام. كانت مسار قد ناقشت هذه المبدأ بشكل أكثر تفصيلًا في ورقة سابقة، ركزت فيها على تجاهل المحاكم الجنائية المختلفة لهذا المبدأ الدستوري.


محكمة النقض تقر مبدأ حظر توقيع عقوبة سالبة للحرية على الصحفي في جرائم النشر أو العلانية

أقرت محكمة النقض مبدًأ قضائيًا بشأن حظر توقيع عقوبة سالبة للحرية على الصحفيين في جرائم النشر أو العلانية التي يدان بارتكبها. جاء ذلك في حكم لها في إحدى الدعاوى القضائية التي أدين فيها صحفي ورئيس تحرير أحد الصحف والموقع الإلكتروني التابع لها. كانت محكمة الجنايات قد قضت في تلك الدعوى بحكم نهائي بمعاقبة الصحفي بالحبس لمدة سنتين مع الشغل وتغريمه بمبلغ عشرين ألف جنيه عن تهمتي إهانة هيئة الأزهر، ونشر أخبارًا كاذبة. كما قضت بمعاقبته أيضًا بالحبس لمدة سنتين مع الشغل وتغريمه بمبلغ عشرين ألف جنيه عن تهمة ثالثة مضمونها قذف بطريق النشر المستشار القانوني لشيخ الأزهر. بينما قضت المحكمة بمعاقبة رئيس التحرير بتغريمه بمبلغ عشرة آلاف جنيه، وذلك بسبب عدد من المقالات التي نُشرت في الصحيفة وعلى موقعها الإلكتروني. 

تقدم الصحفي وكذلك النيابة العامة بطعن على هذا الحكم أمام محكمة النقض، كلًا منهم لأسبابه المختلفة. استند طعن الصحفي على أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون فقضى بمعاقبته بعقوبة سالبة للحرية رغم إلغاءها بموجب نص المادة 71 من الدستور. بينما استندت النيابة العامة على أن عقوبة الحبس على جريمة القذف في حق أحد المكلفين بخدمة عامة قد ألغيت بالقانون 147 لسنة 2006.

قضت محكمة النقض بقبول طعن الصحفي شكلًا وفي الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء ما قضى به من عقوبات سالبة للحرية ورفض الطعن فيما عدا ذلك، وقبول طعن النيابة العامة شكلًا وفي الموضوع برفضه. استندت المحكمة في قضاءها إلى المادتين 67 و71 من الدستور الساري، باعتبارهما الأساس الدستوري لمبدأ عدم توقيع عقوبة سالبة للحرية في جرائم النشر أو العلانية. فقررت المحكمة أن:

استندت أيضًا المحكمة لنص المادة 29 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام باعتباره القانون الرئيسي المنظم لعمل الصحافة والإعلام، فقررت أنه:

يُعد هذا الحكم من السوابق القضائية الرئيسة لمحكمة النقض في شأن التعرض لمبدأ عدم توقيع عقوبة سالبة للحرية في جرائم النشر أو العلانية. على الرغم من أن المحكمة تعرضت في هذا الحكم إلى الضمانة الدستورية واستندت إليها، إلا أنها استندت بالأساس إلى النص القانوني الوارد بالمادة 29 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام، لكون المتهم ينطبق عليه صفة الصحفي.

على جميع المحاكم الجنائية أن تتمسك وتلتزم وتتوسع في تطبيق مبدأ عدم توقيع عقوبة سالبة للحرية في جرائم النشر أو العلانية في جميع الأحوال وليس في حال الصحفيين أو المخاطبين بأحكام قانون تنظيم الصحافة والإعلام فقط. يجب أيضًا أن يكون هذا المبدأ جزء أساسي من دفاع المتهم بارتكاب أي من هذه الجرائم استنادًا لتلك الضمانة الدستورية.

تلتزم المحاكم الجنائية في أغلب الأحيان بتطبيق النصوص القانونية السارية حتى وإن لم يجر عليها تعديل يتفق مع الضمانات الدستورية. كما أنها نادرًا ما تنحاز لتطبيق نصوص الدستور بذاتها على الرغم من كونه التشريع الأعلى. تقضي المحاكم الجنائية بعقوبات سالبة للحرية لأغلب هذه الجرائم استناداً لتلك القوانين، إلا إذا تحققت من توافر صفة الصحفي أو الإعلامي في المتهم. فإذا كان المتهم من غير الخاضعين لأحكام قانون تنظيم الصحافة والإعلام، وهو الأمر الغالب تصوره في هذه الجرائم، يصبح خطر تعرضه لعقوبة سالبة للحرية هو الأمر الأكثر ترجيحًا حال إدانته، بالمخالفة لأحكام الدستور.


الأساس الدستوري لمبدأ عدم توقيع عقوبة سالبة للحرية في جرائم النشر أو العلانية

نص الدستور المصري الصادر في 2014 في المادة (65) على أن “حرية الفكر والرأي مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر.

كما نص أيضًا في المادة (67) على أن “حرية الإبداع الفني والأدبي مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب، ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك. ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التى ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن في أعراض الأفراد، فيحدد القانون عقوباتها.

ونص في المادة (70) على أن “حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني مكفولة، وللمصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية، عامة أو خاصة، حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائط الإعلام الرقمي. وتصدر الصحف بمجرد الإخطار على النحو الذي ينظمه القانون. وينظم القانون إجراءات إنشاء وتملك محطات البث الإذاعي والمرئي والصحف الإلكترونية.

ونص في المادة (71) على أن “يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زَمن الحرب أو التعبئة العامة. ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التى ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوبتها القانون.

ونص أيضًا في المادة (92) على أن “الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصًا. ولا يجوز لأي قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها.

يتبين من هذه النصوص الدستورية أن الأصل الدستوري العام هو حق الأفراد في التعبير عن آراءهم بأي وسيلة من وسائل التعبير والنشر العلني أو غير العلني. تعد هذه هي القاعدة العامة المنظمة للتعبير والنشر بجميع صورهم، والتي أضفيت عليها الحماية الدستورية. ما يرد خلاف ذلك من قواعد دستورية أخرى في ذات الدستور يكون محض استثناء في حدود ضيقة، لا يجوز التوسع فيه.

أكد الدستور على ذلك مرة أخرى من خلال كفالة وضمان الحريات المتفرعة من ذلك الحق، ومنها حرية الإبداع الفني والأدبي، وحرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني، وحظر التعدي عليهم بأي صورة من الصور. امتد ذلك الحظر لحصر حق التقاضي لطلب وقف أو مصادرة  الأعمال الفنية أو الفكرية أو الأدبية في النيابة العامة دون غيرها. بالإضافة إلى ذلك، وضع الدستور قيدًا على مبدأ التجريم والعقاب؛ فحظر على المشرع توقيع أي عقوبة جنائية تنال من الحرية الشخصية للأفراد نتيجة ممارستهم لحرياتهم في التعبير عن آراءهم أو أفكارهم بأي من الصور السابقة.

كما حظر الدستور توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التى ترتكب بطريق النشر أو العلانية، وذلك كأًصل عام. استثنى الدستور من ذلك ثلاثة صور من الجرائم على سبيل الحصر، هم: الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف، أو بالتمييز بين المواطنين، أو بالطعن في الأفراد. أضفى  الدستور كذلك الحماية على الحق في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، وحظر التعسف في حرمان المواطنين من استخدامها.


عمومية مبدأ عدم توقيع عقوبة سالبة للحرية في جرائم النشر أو العلانية

جاء المبدأ الدستوري بحظر توقيع عقوبة سالبة للحرية في جرائم النشر أو العلانية مطلقًا ومحررًا من أي قيد. استند المشرع الدستوري في هذا الحظر إلى عينية الجريمة وطريقة ارتكاب السلوك الإجرامي؛ معتبرًا أن النشر أو العلانية هما المعيارين الوحيدين اللازم توافر أي منهما في أي سلوك إجرامي.

متى توافر أحد المعيارين وجب على المشرع العادي الالتزام بأن تكون العقوبة التي يقررها كجزاء جنائي لهذا السلوك غير سالبة للحرية، دون أن يتوقف ذلك على صفة أو وظيفة أو مهنة مرتكب هذا السلوك. ذلك لأن المشرع الدستوري قد استند إلى معيار طريقة ارتكاب الجريمة، وليس شخص أو صفة مرتكبها. فلم يشترط المشرع في مرتكب الجريمة صفة معينة كالصحفي أو الكاتب أو الأديب أو الفنان أو المخرج أو الناشر أو الطابع أو غيرهم. فيسري حظر توقيع عقوبة سالبة للحرية على جميع الأفراد. لم يضع المشرع الدستوري أيضًا أي قيد على مكان ارتكاب الجريمة، سواء كان ارتكابها من داخل أو خارج البلد.

بالإضافة إلى ذلك، يهدف حظر توقيع العقوبات السالبة للحرية على جرائم النشر والعلانية إلى حماية الأفراد المخاطبين بأحكام الدستور من أي ترهيب أو تهديد لحرياتهم الشخصية قد يتعرضوا له من جانب السلطة التنفيذية أو التشريعية نتيجة لتعبيرهم عن آرائهم.


مبدأ عدم توقيع عقوبة سالبة للحرية في جرائم النشر وقانون تنظيم الصحافة والإعلام

أفصح المشرع عن التزامه بهذا المبدأ الدستوري بصورة أكثر وضوحًا في تنظيمه القانوني لحرية الصحافة والطبع والنشر، باعتبارها أحد الحريات الدستورية. أقر المشرع أحد القوانين المكملة للدستور وهو قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الصادر بالقانون رقم 180 لسنة 2018، بعد إقرار وسريان الدستور الحالي.2  التزم المشرع في صياغة هذه القانون بمبدأ عدم توقيع عقوبة سالبة للحرية في جرائم النشر أو العلانية، فتنص المادة 29 من هذا القانون بصورة واضحة وقاطعة على أن

بالتالي، لن يعاقّب أي من الخاضعين لأحكام هذا القانون بعقوبة سالبة للحرية حال إدانته بارتكاب أي من جرائم النشر أو العلانية كقاعدة قانونية عامة، يستثنى من ذلك فقط الجرائم المذكورة سابقًا. ولكن يؤخذ في الاعتبار أن قانون الصحافة والإعلام هو قانون خاص لا يسري على غير الخاضعين لأحكامه.

فالقانون العام هو الذي يسري على عموم الأفراد أو الجرائم، أما القانون الخاص فهو الذي يسري على طائفة خاصة من الأفراد أو الجرائم. وحال وجود تعارض بين مسألة أو إجراء ورد في القانونين العام والخاص، فتكون أولوية التطبيق للقانون الخاص دون العام باعتباره القاعدة القانونية الحاكمة لهذه المسألة أو هذا الإجراء. ولا يُرجع في تفسير القانون إلى قواعد القانون العام مادام أنه توجد نصوص خاصة لتنظيم الإجراءات في القانون الخاص باعتبار أن القانون الخاص يقيد القانون العام ويعتبر استثناءًا عليه وقيدًا وإطارًا في تفسيره وتأويله.3

استنادًا لذلك، تصبح الحماية المنصوص عليها في تلك المادة مقتصرة على الصحفيين أو الإعلاميين أو غيرهم ممن يخاطبهم القانون فقط دون غيرهم. فقد نصت المادة الأولى من مواد إصدار هذا القانون على أن:

نصَّت المادة الأولى من قانون الصحافة والإعلام على مجموعة من التعريفات، من بينها تعريف الصحفي والإعلامي الخاضعين لأحكام القانون. فقد عرَّفت الصحفي بأنه “كل عضو مقيد بجداول نقابة الصحفيين”، والإعلامي بأنه “كل عضو مقيد بجداول نقابة الإعلاميين”. وفي حال عدم توافر عضوية النقابة لأي منهما، لا يتمتع بالضمانات القانونية الخاصة بالتحقيق والمحاكمة في الجرائم المرتكبة عبر الصحف ووسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية. تشمل هذه الضمانات الضمانة المنصوص عليها في المادة 29 من هذا القانون، والتي تحظر توقيع عقوبة سالبة للحرية في جرائم النشر أو العلانية. ومع ذلك، يظل لهؤلاء الأفراد الحق في الضمانة الدستورية التي تكفل هذه الحماية لجميع المواطنين دون تمييز أو استثناء.


مبدأ عدم توقيع عقوبة سالبة للحرية في جرائم النشر أو العلانية في التشريعات الأخرى

التزم المشرع بالضمانة الدستورية الخاصة بعدم توقيع عقوبة سالبة للحرية في جرائم النشر أو العلانية التزام محدود النطاق. فقد اقتصر على فئات بعينها كما ذُكر ولم يقر تشريعًا عامًا يكفل هذه الضمانة لجميع الأفراد في جميع جرائم النشر أو العلانية حتى الآن. يعود ذلك إلى عدم وجود سياسة تشريعية تهدف إلى حماية الحريات الدستورية للأفراد، مما أدى إلى الاكتفاء بتعديلات محدودة على العقوبات المقررة لبعض جرائم النشر أو العلانية، وأحيانًا مراعاة طبيعة العقوبة في الجرائم المستحدثة بعد إقرار الدستور الحالي.

يمكن الاستدلال على ذلك بما جرى خلال مناقشات لجنة الخمسين، التي كُلّفت بتعديل الدستور عام 2014. تزامنت مناقشات اللجنة لإعداد المشروع النهائي للدستور مع مبادرة رئيس الجمهورية آنذاك، المستشار عدلي منصور، باستخدام الصلاحيات التشريعية المخولة له لإصدار قرار بقانون رقم 77 لسنة 2013، بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات. 

شمل التعديل المادة 179 من قانون العقوبات، باعتبارها إحدى الجرائم التي تُرتكب بواسطة الصحف أو غيرها من وسائل النشر أو العلانية في الباب الرابع عشر من قانون العقوبات، ويكون المجني عليه فيها هو من يشغل منصب رئيس الجمهورية. ألغى هذا التعديل العقوبة السالبة للحرية، وهي الحبس، التي كانت مقررة لجريمة إهانة رئيس الجمهورية بإحدى طرق النشر أو العلانية المنصوص عليها في المادة 171 من قانون العقوبات، واستبدلها بغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على ثلاثين ألف جنيه.4

بعد إقرار وسريان الدستور الحالي التزم المشرع بهذا المبدأ فيما استحدثه من جرائم نشر أو علانية. أحد أهم الأمثلة على ذلك هو قانون مكافحة الإرهاب الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 94 لسنة 2015. تضمن القانون بعض جرائم النشر والعلانية، ومن بينها المادة 35 من هذا القانون. تُجرِّم هذه المادة نشر أو إذاعة أو عرض أو ترويج أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أعمال إرهابية وقعت داخل البلاد، أو عن العمليات المرتبطة بمكافحتها بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع بأية وسيلة كانت. وعاقب المشرع من تعمد ارتكاب هذه الجريمة بعقوبة غير سالبة للحرية، وهي الغرامة التي لا تقل عن مائتى ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه.5

يتكرر الأمر في جريمة أخرى من جرائم النشر والعلانية المنصوص عليها في المادة 36 من هذا القانون. تُجرِّم المادة تصوير أو تسجيل أو بث أو عرض أية وقائع من جلسات المحاكمة فى الجرائم الإرهابية إلا بإذن من رئيس المحكمة المختصة. عاقب المشرع مرتكب هذه الجريمة بعقوبة غير سالبة للحرية، وهي الغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه. وحينما طرأ تعديل على هذه المادة لاحقًا بالقانون رقم 149 لسنة 2021 بتشديد العقوبة، التزم التعديل بهذه الضمانة الدستورية، فزاد من مقدار العقوبة المالية فقط، لتصبح الغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه.6

التزم المشرع بذلك مرة أخرى حينما استحدث المادة 186 مكرر لتضاف للباب الرابع عشر من الكتاب الثاني لقانون العقوبات، وهو الباب الخاص بالجرائم التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من وسائل النشر أو العلانية. تُجرِّم المادة تصوير أو تسجيل كلمات أو مقاطع أو بث أو نشر أو عرض بأى طريق من طرق العلانية لوقائع جلسة محاكمة مخصصة لنظر دعوى جنائية دون تصريح من رئيس المحكمة المختصة بعد أخذ رأى النيابة العامة. عاقب المشرع مرتكب الجريمة بعقوبة غير سالبة للحرية، وهي الغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثمائة ألف جنيه. وحتى في حالة العود كظرف مشدد التزم المشرع بهذا الحظر وقرر مضاعفة عقوبة الغرامة دون أي عقوبة سالبة للحرية.7


الهوامش

  1.   محكمة النقض، الدائرة الجنائية، جلسة 25-10-2020، الطعن رقم 19196 لسنة 88 قضائية. ↩︎
  2.   الجريدة الرسمية – العدد 34 مكرر هـ في 27 أغسطس 2018. ↩︎
  3.   الطعن بالنقض رقم ٤٣٦٥ لسنة ٧٠ ق – الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠٠٨/٠٧/١٩. ↩︎
  4.   قرار قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 77 لسنة 2013 فى شأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات – الجريدة الرسمية – العدد 31 مكرر – في 5 أغسطس 2013. ↩︎
  5.   قرار قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 94 لسنة 2015 بإصدار قانون مكافحة الإرهاب – الجريدة الرسمية 33 مكرر – في 15 أغسطس 2015. ↩︎
  6.   قانون رقم 149 لسنة 2021 بتعديل بعض أحكام قانون قانون مكافحة الإرهاب – الجريدة الرسمية – العدد 45 تابع – في 11 نوفمبر 2021. ↩︎
  7.   قانون رقم 71 لسنة 2021 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات – الجريدة الرسمية – العدد 23 مكرر – في 13 يونية 2021. ↩︎