اقتصاد المنصات: مستقبل العمل في العصر الرقمي

مقدمة

شهد العقد الأخير صعودًا ملحوظًا لاقتصاد المنصات، الذي يُعيد اليوم تشكيل مشهد العمل والاقتصاد. يشير مصطلح “اقتصاد المنصات” بصفة عامة إلى الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية التي يُسهّل ممارستها منصات إلكترونية. توفر هذه المنصَّات مساحات رقمية، تُسهّل التبادلات بين مستهلكي الخدمات ومُقدّميها، غالبًا عبر تطبيقات أو مواقع ويب؛ فتعمل كجسور رقمية تربط بين الأفراد أو الشركات الباحثة عن خدمات مُحدَّدة وبين المهنيين المُؤهلين لتلبيتها.

يشجع اقتصاد المنصات إنشاء علاقات العمل المؤقتة، والتي توفر لطرفي علاقة العمل فرصا أوسع للاختيار ومرونة أكبر في المراحل المختلفة لممارسة كل طرف لدوره. وتقدم المنصات وسيلة وصول أسهل لطرفي علاقة العمل المؤقت، حيث يمكن للمهني أن يجد فرص عمل مختلفة يمكنه التقدم لأدائها، في حين يمكن لصاحب العمل أن يجد أكثر من بديل لتقديم الخدمات التي يرغب في الحصول عليها ومن يمكنه أن يفاضل بينها ليختار ما هو أكثر مناسبة لمتطلباته. إضافة إلى ذلك تقدم المنصات ضمانات عدة لأن يحصل كل طرف على حقوقه بشكل عادل.

ينمو اقتصاد المنصات بمعدلات كبيرة. تمثل شركات المنصات منافسًا قويًا للشركات التقليدية العاملة في نفس المجال. وقد أظهرت الدراسات أن شركات المنصات تحقق في المتوسط ضعف أرباح التشغيل ومعدلات النمو مقارنة بالشركات الكبرى في نفس مجال العمل.حسب تقرير يعود إلى عام 2016، اجتذب اقتصاد المنصات حينها أكثر من 22.4 مليون مستهلك للسلع والخدمات بمعدل إنفاق سنوي بلغ 57.6 مليار دولار أمريكي. منذ الحين تطور اقتصاد المنصات من موجة جديدة تحدث تغيرات مفاجئة في عالم الاقتصاد إلى أحد الركائز الأساسية لنمو الاقتصاد العالمي اليوم. خلال الفترة بين عامي 2018 و2023 نما اقتصاد المهام( gig economy) بمعدل 17% سنويا ليصل إلى حجم تعاملات قدره حوالي 455 مليار دولار.

تسعى هذه الورقة إلى مناقشة قضايا مختلفة تتعلق باقتصاد المنصات مع التركيز على السياق المصري. تبدأ الورقة بتوضيح المفاهيم المختلفة التي تُستَخدم بشكل تبادلي للإشارة إلى اقتصاد المنصات ومجالات متقاطعة معه، كما تناقش طريقة عمل اقتصاد المنصات والنموذج الربحي له. تنتقل الورقة بعد ذلك إلى مناقشة اقتصاد المنصات في السياق المصري، فتتناول أولًا أبرز اللاعبين في هذا المجال ثم تناقش عوامل نمو اقتصاد المنصات في مصر، وأخيرًا تتعرض لأهم الإشكاليات والتحديات ذات الصلة باقتصاد المنصات في السياق المصري.

ما هو اقتصاد المنصات؟

اقتصاد المنصات والمفاهيم القريبة منه

في هذا السوق الحديث، غالبًا ما تُستخدم مصطلحات “اقتصاد المنصَّة” و”اقتصاد العمل المؤقَّت” و”العمل الحر” بالتبادل. ومع ذلك، فإن كل مصطلح له تعريفه ومكانه ضمن النظام البيئي الأكبر؛

  • اقتصاد المنصة (Platform Economy) يشير إلى النُظم الإلكترونية التي تُسهّل تبادل السلع والخدمات والمعلومات. تقوم هذه المنصَّات بدور الوسيط، لتربط بين المشترين والبائعين، وبين المستهلكين والمنتجين، وبين أصحاب العمل والعمّال، مستفيدة من التقنيات المتقدّمة لتبسيط هذه التفاعلات، ما يسهم في خفض تكاليف المعاملات وتعزيز الكفاءة.
  • اقتصاد العمل المؤقَّت (Gig Economy)، المعروف أيضًا بـ”اقتصاد المهمّات”، يتميّز بتوفير فرص عمل مرنة قصيرة المدى، والتي غالبًا ما تُعرف بـ”المهمّات”. في هذا النموذج، يعمل الأفراد على أساس كل مهمة بمفردها، ما يخالف الأنماط التقليدية للوظائف طويلة الأمد أو الدائمة.
  • العمل الحر  (freelancing) هو نمط من أنماط العمل للحساب الخاص، حيث يقدّم الأفراد مهاراتهم وخدماتهم للعملاء بشكل مستقل لكل وظيفة أو عقد. يتحمل العاملون الحرّون مسؤولية إدارة أعمالهم التجارية الخاصة، بما في ذلك التزاماتهم الضريبية وتأمين الرعاية الصحية لأنفسهم.

العلاقة بين اقتصاد المنصة واقتصاد العمل المؤقَّت والعمل الحر معقَّدة ومترابطة. يعمل اقتصاد المنصّات كعامل تمكين لاقتصاد الوظائف المؤقتة من خلال إنشاء مساحات رقمية تتيح إمكانية الوصول إلى أعمال الوظائف المؤقتة وإدارتها بسهولة. قد تكون هذه المنصّات إما متخصصة، مع التركيز على خدمات محدّدة مثل النقل أو توصيل السلع أو توصيل الطعام، أو قد توفّر عددًا كبيرًا من فرص العمل في مجالات مختلفة ومتعدّدة مثل الكتابة والترجمة والبرمجة والتصميم. وفي هذا الإطار، يعتبر العمل المؤقت أحد أشكال اقتصاد العمل الحر.

كيف يعمل اقتصاد المنصات

تُتيح المنصَّات للمهنيين وأصحاب المهارات المختلفة بناء ملفات شخصية تعرض خبراتهم ومهاراتهم وتقييمات العملاء السابقين وأمثلة من أعمالهم. من جهة أخرى، يُمكن لأصحاب الأعمال أو الباحثين عن خدمات تصفُّح هذه الملفات الشخصية، ونشر تفاصيل الخدمات المطلوبة، بما في ذلك المهارات والميزانية والجدول الزمني.ومن ثم فيمكن للمهنيين التقدم وعرض أداء مهمة أو عدة مهام عرضها أصحاب الأعمال، كما يمكن لأصحاب الأعمال أن يتواصلوا مع المهنيين لعرض مهام عليهم.

تُسهِّل المنصَّات عملية التفاوض والاتفاق على الشروط بطريقة مُنظَّمة وآمنة؛ فتُقدِّم أدوات لإدارة المشروع وتتبع التقدُّم. بمجرد الاتفاق على المهام المطلوبة وبدء المشروع، توفِّر المنصَّات آليات للتواصل المستمر وتبادل الملفات والمستندات، مع توفير نظام دفع آمن يشمل غالبًا حسابات الضمان التي تضمن حقوق جميع الأطراف. وعند اكتمال المشروع بنجاح، تُصدِر المنصَّة الدفعة من الحساب الضامن إلى العامل المستقل بعد خصم العمولة المتفق عليها.

النموذج الربحي

النموذج الربحي للمنصَّات قد يتباين بين منصَّة وأخرى؛ غير أن الغالبية تعتمد على استراتيجيات عدّة لتحقيق الأرباح. من بين هذه الاستراتيجيات:

  • العمولات: تحصل المنصَّات على نسبة من أرباح العمَال المستقلين، تتراوح عادة بين 5% و 40% من قيمة كل مشروع.
  • رسوم نشر الوظائف: يدفع أصحاب الأعمال رسومًا مقابل نشر تفاصيل المشاريع والوصول إلى قاعدة واسعة من المستقلين المؤهلين.
  • الخدمات المميزة: تُقدِّم المنصَّات خدمات اختيارية مثل البحث المتقدم عن العمَال المستقلين والترويج لملفاتهم الشخصية وأدوات تواصل متطوِّرة مقابل رسوم إضافية. هذه الخدمات تمنح العمَال المستقلين ميزة تنافسية وتزيد من فرصهم في الحصول على مشاريع.
  • خطط الاشتراك: توفِّر بعض المنصَّات مزايا خاصة للمشتركين، مثل الوصول إلى تقارير مفصّلة عن السوق وخصومات على الخدمات ودعم فني مخصص مقابل رسوم شهرية أو سنوية.
  • الإعلانات: تُعتبر الإعلانات مصدر دخل شائع للمنصَّات، حيث تستفيد من حركة المرور الكبيرة لجذب الشركات المعلنة.

اقتصاد المنصات في مصر

اللاعبون الرئيسيون

انتشر اقتصاد المنصّات في مصر سريعًا مدفوعًا بمزيج من الابتكار المحلي والخبرة الدولية. فيما يلي أمثلة على كيفية مساهمة بعض اللاعبين الرئيسيين في هذا النظام البيئي، ودور المستقلين داخل هذه المنصات، ووظيفة المنصَات في ربط المستهلكين بالمنتجات والخدمات:

  •  أمازون: منذ استحواذ أمازون على “سوق دوت كوم” في عام 2017، أمدّها بميزة إضافية متمثّلة في العمود الفقري للتكنولوجيا والخدمات اللوجستية لشركة أمازون. فتربط المنصّة المستهلكين بمجموعة واسعة من المنتجات، وتربط البائعين المحليين والدوليين بقاعدة واسعة من العملاء. يشارك المستقلون في أمازون بشكل أساسي في الخدمات اللوجستية والتوصيل.
  • جوميا: تُقدِّم مجموعة واسعة من المنتجات، بما في ذلك الإلكترونيات والملابس والبقالة. تعمل جوميا كسوق يربط البائعين المحليين بالمستهلكين، وتسهيل المعاملات وتقديم الدعم اللوجستي مثل التخزين والتسليم. غالبًا ما يلعب المستقلون دورًا حيويًا في النظام البيئي لجوميا، خاصة في خدمة العملاء وخدمات التوصيل.
  • أوبر: أحدثت أوبر ثورة في التنقل الحضري في مصر من خلال ربط السائقين المستقلين بالركاب عبر تطبيق الهاتف المحمول. يوفر هذا النموذج المرونة وفرص الدخل للسائقين بينما يوفر للركاب وسيلة نقل ملاءمة وبديلة لسيارات الأجرة التقليدية. تدمج منصّة أوبر خوارزميات متطورة لإدارة أسعار الرحلات وتحسين المسارات وضمان التنسيق السلس بين السائقين والعملاء.
  • سويفل: تعمل سويفل على تعزيز وسائل النقل الجماعي من خلال تقديم خدمة حجز الحافلات بواسطة تطبيق الهاتف الذكي فتربط الركاب بالحافلات الخاصة، ما يوفر خيارات نقل أكثر موثوقية وراحة. توظف سويفل سائقين مستقلين وتستخدم تكنولوجيا خاصة لتوجيه الحافلات بطريقة تقلل من الازدحام وأوقات الانتظار. 
  • طلبات: باعتبارها خدمة رائدة في توصيل الطعام، تعمل طلبات على ربط المستهلكين بمجموعة واسعة من خيارات الطعام. تعمل من خلال الشراكة مع المطاعم المحلية والاعتماد على مستقلين كموظفي توصيل. 
  • مرسول: يسمح مرسول للمستهلكين بطلب أي شيء من أي متجر داخل مدينتهم. فهو يربط عمال التوصيل المستقلين بالمستهلكين الذين يحتاجون إلى خدمات توصيل مُخصَّصة. يتم تفضيل هذه المنصّة بشكل خاص للعناصر التي لا تتوفر عادةً عبر الإنترنت، ما يوفر درجة عالية من التخصيص في تجارب التسوق والتوصيل.
  • المنيوز: هذه المنصة متخصصة في تقديم قوائم المطاعم التفصيلية وتسهيل عملية توصيل الطعام. يُمكّن تطبيق المنيوز المستهلكين من اكتشاف المطاعم المختلفة والطلب منها. يلعب المستقلون دورًا حاسمًا في عمليات المنيوز، خاصة في إنشاء المحتوى وخدمة العملاء والخدمات اللوجستية للتسليم.

المحركات الرئيسية لنمو اقتصاد المنصات في مصر

التقدم التكنولوجي

كان نمو اقتصاد المنصّات في مصر مدفوعًا بشكل كبير بالتقدّم التكنولوجي، حيث يلعب الانتشار المتزايد للإنترنت والهواتف الذكية دورًا رئيسيًا. ويقدر عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في مصر اليوم بحوالي 82 مليون مستخدم. على مدى العقد الماضي، أدى التوسع في البنية التحتية لشبكات النطاق العريض والهواتف المحمولة إلى زيادة إمكانية الوصول إلى الإنترنت بشكل كبير، ما جعل الاتصال بالإنترنت أسهل وأقل تكلفة لشريحة أكبر من السكان. وقد وصل عدد خطوط الهاتف المحمول النشطة في مصر في بداية العام الحالي إلى حوالي 110.5 مليون خط. واستُكمِلَت هذه الزيادة في الاتصال من خلال التوفُّر واسع النطاق للهواتف الذكية منخفضة التكلفة، والتي أصبحت الجهاز الرئيسي للوصول إلى الإنترنت في جميع أنحاء البلاد، فبلغ عدد من استخدموا هواتفهم لتصفح شبكة الإنترنت حوالي 68.5 مليون مستخدم. ونتيجة لهذا فإن مجموعة متنوعة من المجموعات الديموغرافية، من الشباب في المناطق الحضرية إلى البالغين في المناطق الريفية، أصبحت الآن أكثر ترابطًا من أي وقت مضى.

على الرغم من الدور الإيجابي الذي لعبه التقدّم التكنولوجي في تسريع نمو اقتصاد المنصات في مصر، إلا أن هناك جوانب سلبية وتحديات ملموسة تستدعي النقد والمراجعة الدقيقة. بداية، الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا في مصر يثير مخاوف جدية حول الأمان السيبراني وخصوصية البيانات، خاصة في ظل التأخير المستمر في إقرار اللائحة التنفيذية لقانون حماية البيانات المصري. هذا التأخير لا يساهم فقط في زيادة المخاطر على المستهلكين، بل يعيق أيضًا الثقة في الخدمات الرقمية ويبطئ من تحول مصر نحو اقتصاد رقمي أكثر فعالية.

إن النمو في الاقتصاد الرقمي في مصر، على الرغم من تقديمه لفرص عديدة، إلاّ أنه لم يكن شاملًا بشكل يضمن توزيع الفوائد بالتساوي بين مختلف الفئات والمناطق. يظهر هذا الاختلال بوضوح في الفجوة الرقمية بين الحضر والريف، حيث تتوفر فرص العمل الرقمية والتجارة الإلكترونية بشكل أكبر في المدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية مقارنة بالمناطق الريفية التي تعاني من تدني جودة البنية التحتية التكنولوجية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك تفاوت كبير في جودة التعليم وفرص الوصول إلى التعليم التكنولوجي بين الطبقات الاجتماعية المختلفة. الأفراد من الطبقات الأعلى يمكنهم الوصول إلى موارد تعليمية أفضل وأحدث التقنيات، في حين يواجه الأفراد من الطبقات الدنيا، وخاصة في المناطق الفقيرة والمهمشة، صعوبات كبيرة للحصول على نفس الموارد.

الفوارق في الدخل تظهر أيضًا في الوصول إلى الأسواق الرقمية، حيث يملك الأفراد في المناطق ذات الدخل المرتفع إمكانيات أكبر للاستثمار في الأعمال الرقمية. بالمقابل، قد لا يملك الأفراد في المناطق الأقل دخلاً الأجهزة الأساسية مثل الحواسيب أو الاتصال الجيد بالإنترنت، ما يحرمهم من فرص عديدة في الاقتصاد الرقمي.

عوامل اقتصادية

اقتصاد المنصَّات في مصر يلعب دورًا مزدوجًا؛ فمن ناحية، يُعزِّز النشاط الاقتصادي من خلال استغلال العمالة والموارد، لكنه من ناحية أخرى يخلق تحديات جديدة تتعلق بحقوق العمال. يواجه السكان، خصوصًا في ظل معدلات البطالة المرتفعة، صعوبات تتمثل في عدم الاستقرار الوظيفي وضعف الحماية الاجتماعية. الكثير من العمل المتاح عبر هذه المنصات يكون مؤقتًا ويفتقر إلى الضمانات الأساسية مثل التأمين الصحي والتقاعد، مما يزيد من مخاطرهم الاقتصادية.

على سبيل المثال، تسمح تطبيقات مثل أوبر للأفراد باستخدام سياراتهم الشخصية لتقديم خدمات النقل، كما يستطيع العمال في المجال الخدمي استخدام تطبيقات مثل طلبات أو مرسول لتقديم خدمات التوصيل. هذه الأنشطة تظهر كيف يمكن لأصحاب العمل استخدام مواردهم الخاصة لتوليد دخل، لكنها تكشف أيضًا عن اختلاف جذري في شكل العمل التقليدي وبالتالي الحاجة إلى تنظيم أفضل لضمان حقوق العمّال وتوفير حماية اجتماعية لهم.

لقد أسهم اقتصاد المنصات بشكل ملحوظ في معالجة بعض التحديات الاقتصادية التي تواجه مصر، موفرًا فرص عمل جديدة ومساعدًا في تقليل البطالة بين السكان، الذين غالبًا ما يجدون فيه بديلاً عن القطاعات التقليدية المُشبّعة. مع ذلك، ينبغي النظر بحذر إلى تأثيرات اقتصاد المنصّات. فبينما يمكن أن يكون جسرًا للتوظيف الرسمي ويوفّر خبرة ومهارات ومصدرًا ماليًا، إلا أن هناك جوانب سلبية يجب مراعاتها مثل غياب الأمان الوظيفي والحماية الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم وجود تنظيم قانوني واضح يمكن أن يؤدي إلى استغلال العمال. الأمر الذي يتطلب من الحكومة المصرية والجهات المعنية الأخرى التدخل لتوفير إطار قانوني يحمي العمال ويعزز من حقوقهم.

التحولات الاجتماعية والثقافية

التحولات الاجتماعية والثقافية الكبيرة التي شهدتها مصر مؤخرًا قد تأثرت بشكل كبير بالاتجاه العالمي نحو الرقمنة. يظهر هذا التحول بشكل واضح في سلوك المستهلكين الذين أصبحوا يفضلون الراحة والكفاءة والخدمات التي تقدم حسب الطلب، مما أدى إلى استبدال الطرق التقليدية للوصول إلى السلع والخدمات بالحلول الرقمية التي توفّر سرعة وبساطة في الاستخدام ومستويات من التخصيص لم تكن متاحة في السابق.

على سبيل المثال، في مجال التسوق، انتقل الكثير من المصريين من التسوّق التقليدي في المتاجر إلى استخدام منصات التجارة الإلكترونية مثل جوميا وأمازون، حيث يمكنهم بسهولة تصفح العديد من المنتجات ومقارنة الأسعار في غضون دقائق وطلب المنتجات لتصل مباشرة إلى باب منازلهم. هذا النوع من الخدمات يوفر وقت العملاء ويقلل من الحاجة للتنقل بين المتاجر المختلفة. وقد بلغ حجم قطاع التجارة الإلكترونية في مصر إلى أكثر من 9 مليارات دولار في العام الحالي ويتوقع له أن يتضاعف خلال الأعوام الخمسة القادمة.

في قطاع البنوك والخدمات المالية، شهدنا تحولًا ملحوظًا نحو الخدمات المصرفية عبر الإنترنت واستخدام تطبيقات الهواتف المحمولة. الكثير من البنوك المصرية الآن توفر لعملائها إمكانية إجراء معظم المعاملات المالية بما في ذلك تحويل الأموال ودفع الفواتير والاستعلام عن الرصيد من خلال تطبيقاتها الإلكترونية، ما يلغي الحاجة إلى زيارة الفروع بشكل متكرر.

وفي مجال الرعاية الصحية، نشهد تزايد استخدام منصات توفير خدمات الاستشارات الطبية عن بُعد مثل فيزيتا التي تتيح للمرضى حجز مواعيد مع الأطباء وإجراء الاستشارات عبر الإنترنت. هذا يوفر للمرضى الوقت والجهد المبذول في الانتقال إلى العيادات والمستشفيات، خاصة للذين يعيشون في مناطق نائية أو للمرضى الذين يعانون من مشاكل في الحركة.

هذا النمو في الخدمات المعتمدة على المنصّات لا يعكس فقط تغير تفضيلات المستهلكين، بل يدل أيضًا على قبول اجتماعي وثقافي أوسع للحلول التكنولوجية. مع زيادة الوعي الرقمي بين السكان، تزداد الثقة والاعتماد على المنصّات الرقمية لإنجاز المهام الأساسية والمعقدة.

إشكاليات اقتصاد المنصات

الاحتكار والتحكم بالسوق

مع تطور اقتصاد المنصات، الذي يتميز بكونه مرنًا وغير مركزي، تعرضت الهياكل التقليدية للعمل الجماعي لتحديات جديدة غير مسبوقة. تتميز المنصَّات الرقمية بأنها وسيط يهيمن على النشاط الاقتصادي، حيث تستحوذ على جزء من القيمة التي يخلقها العمال، مع تجنب الفوضى التي قد تنشأ من العلاقات المباشرة بين العمال وأصحاب العمل، بالإضافة إلى التكاليف المترتبة على إدارة القوى العاملة بالطرق التقليدية.

تلعب هذه المنصات دورًا محوريًا في تشكيل هيكل الاقتصادات الحديثة، حيث تستخدم الخوارزميات للتأثير على سلوكيات الاستهلاك وتحديد الأسعار وتوزيع العمل، ما يجعلها بمثابة حراس للسوق الرقمي. هذا التركيز الكبير للقوة الاقتصادية في أيدي عدد قليل من عمالقة التكنولوجيا يُشكّل نوعًا من الاحتكار، والذي غالبًا ما يُخفى وراء قناع الابتكار والتقدم التكنولوجي.

على الرغم من أن المستهلكين يستفيدون من الراحة والخدمات التي تقدمها هذه المنصات، فإنهم يجدون أنفسهم في موقف غير مؤات بسبب نقص المنافسة،مما يمكّن المنصات من فرض شروط الخدمة وسياسات الخصوصية التي تفيد الشركة على حساب المستهلك.

ويتضح واقع الاحتكار في منصات مثل أمازون، التي لا تقتصر على كونها مجرد سوق للبائعين، بل تعمل أيضًا كمورد، مما يجعلها تتنافس مع البائعين الذين تستضيفهم. التحكم الخوارزمي لأمازون في تحديد المنتجات المعروضة وأسعارها يؤثر بشكل كبير على البائعين المستقلين والمستهلكين على حد سواء.

في مجال النقل الشخصي، قامت شركات مثل أوبر بإعادة تعريف خدمات سيارات الأجرة، حيث يعمل السائقون كمقاولين مستقلين ويجدون أنفسهم تحت سيطرة خوارزميات الأجرة والتغييرات السياسية التي تُطبّق دون مشاركتهم. الوعد بساعات عمل مرنة وأجور تنافسية يظل في مجرد وعود، بينما يواجه السائقون تحديات متزايدة تتعلق بتكاليف التشغيل وانخفاض الأجور الفعلية.

انعدام استقرار العمالة الرقمية

في الاقتصاد المصري، الذي يشهد نموًا متزايدًا في الأعمال المؤقتة والعمل المستقل، يُعتبر عدم استقرار العمالة ليس مجرد مشكلة بل هو سمة أساسية من سمات هذا النمط الاقتصادي. العمّال المنخرطون في هذه الأعمال يعيشون في بيئة مليئة بالغموض حيث لا يتم ضمان دخلهم، وتبقى أوضاعهم الوظيفية متقلّبة بشكل دائم، ويفتقرون إلى الحماية والضمانات الأساسية التي يتمتع بها العمال في القطاعات التقليدية مثل التأمين الصحي والإجازات المدفوعة أو مساهمات التقاعد.

في ظل اقتصاد المنصات، يُصنَّف العاملين في الوظائف المستقلة كمقاولين مستقلين، وهي استراتيجية تزيد من هشاشة أوضاعهم الوظيفية. من خلال حرمانهم من وضع الموظفين الرسميين، تتهرب المنصات من مسؤولياتها في توفير المزايا والحماية. هذا التصنيف يعد مناورة قانونية تحرم العمال من حقوقهم الأساسية وتجعلهم أكثر عرضة للإستغلال.

كما يتم تصوير العاملين في الأعمال المؤقتة كرواد أعمال صغار، مسؤولين عن نجاحهم أو فشلهم الشخصي. هذا السرد المُضلل يتجاهل اختلال توازن القوى بين العمال والمنصات، حيث يجد العمال أنفسهم مضطرين للتنافس في سوق رقمية محكومة بالخوارزميات والسياسات غير الواضحة، ما يقوض أي فرص للمنافسة العادلة.

يثير اقتصاد المنصات تساؤلات جوهرية حول طبيعة العمل وقيمته في مصر. المنصات، التي تعمل كوسطاء، تأخذ نسبة من كل معاملة وتستفيد من جهود العمال دون أن تسهم في رفاهيتهم. يُستغل عمل العامل ووقته وحتى ممتلكاته الشخصية، مثل استخدام سيارته لنقل الركاب أو منزله للإيجار القصير، لتحقيق أرباح للمنصة مع تحويل الحد الأدنى من العائدات إلى العاملين.

التنظيمات النقابية والمفاوضة الجماعية

ويبدو أن بنية اقتصاد الوظائف المؤقتة مصممة ببراعة لمنع العمل الجماعي وتثبيط الآليات التقليدية التي تجمع العمال معًا تاريخيًا للمطالبة بحقوقهم. وقد أدت الطبيعة المتفرقة والمعزولة للعمل المستقل إلى عوائق كبيرة أمام النقابات والمفاوضة الجماعية، ما خلق بيئة يصعب فيها تحقيق التضامن العمالي.

تعني الطبيعة اللامركزية للعمل المستقل أن العمال غالبًا ما يعملون في عزلة، دون مساحة مادية مشتركة أو تفاعلات شخصية منتظمة مع أقرانهم. وهذا التشرذم يضعف الشعور بالحوانب الاجتماعية والحقوقية والهدف المشترك الذي يعتبر أساس العمل الجماعي. وبالتالي فإن التكتيكات التقليدية لتنظيم النقابات، والتي تعتمد على هذه العوامل، تكون أقل فعالية وغير عملية في كثير من الأحيان.

إن تصنيف العمال المستقلين كمقاولين مستقلين يزيد من تعقيد إمكانية الانضمام إلى النقابات. وباعتبارهم متعاقدين، فإنهم يعتبرون كيانات تجارية فردية وليسوا موظفين، وهو ما يستبعدهم قانونًا من علاقات العمل التقليدية وتدابير الحماية الوظيفية، ما يحرمهم فعليًا من الحق في المشاركة في المفاوضات الجماعية.

علاوة على ذلك، فإن الطبيعة المؤقتة لعمل المنصّات – حيث ينخرط العديد من الأفراد فيه كدخل تكميلي أو على أساس مؤقت – تؤدي إلى ارتفاع معدل دوران الموظفين. وتجعل هذه السيولة من الصعب إنشاء الالتزام الطويل الأجل اللازم للعمل الجماعي المستدام وبناء الثقة والشبكات التي تدعم التضامن وتدافع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وغالبًا ما تستخدم المنصات سيطرتها الخوارزمية كأداة لقمع جهود المفاوضة الجماعية، فيمكنها تغيير شروط الخدمة من جانب واحد أو تعديل الخوارزميات أو تعطيل العمال دون إشعار أو رجوع، ما يغرس مناخا من الخوف وعدم الاستقرار، ويمنع العمال من اتخاذ إجراءات جماعية.

العمال المستقلون والعاملون في اقتصاد المنصات غالبًا ما يواجهون تحديات في التصنيف القانوني، حيث أنهم لا يندرجون ضمن التعريفات التقليدية للعمالة التي تغطيها القوانين النقابية. ومصر كباقي دول العالم لا تتوافق قوانينها مع طبيعة التطور في أشكال العمل، فلا يمكن للعمال المستقلون تشكيل تنظيمات نقابية وعمالية للأسباب التالية؛

  • القوانين المصرية تعتمد بشكل كبير على وجود علاقة عمل رسمية ومستمرة كأساس للتنظيم النقابي، وهو ما يختلف عن طبيعة عمل هؤلاء العمال الذين يتسم بالمرونة والاستقلالية والطابع المؤقت أو العرضي.
  • الحاجة إلى تجميع خمسين عاملاً على الأقل في نفس المجال المهني لتشكيل لجنة نقابية مهنية على مستوى المدينة أو المحافظة يشكل تحديًا في بيئة العمل الحر، حيث العمل غير المنتظم والمعزول نسبيًا يجعل من التواصل والتنسيق بين العمال أمرًا صعبًا. كما أن غياب مكان عمل مركزي يزيد من تعقيدات التنظيم والتعبئة.
  • القوانين النقابية المصرية تتطلب أن تكون النقابة مرتبطة بمنشأة أو صناعة محددة، وهو ما يتنافى مع طبيعة العمل الحر الذي قد لا يرتبط بمنشأة محددة أو يتغير باستمرار. هذا يضع العمال المستقلين في موقف ضعيف حيث لا يمكنهم الاستفادة من الحماية النقابية أو التمثيل في قضايا الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.

التأمينات الاجتماعية

أدى انتشار الوظائف المؤقتة والتعاقد المستقل إلى إعادة تشكيل سوق العمل. ويمثل العمال المستقلون والعاملون في اقتصادات المنصات الآن جزءًا كبيرًا من القوى العاملة. ومع ذلك، غالبا ما يفتقر هؤلاء العمال إلى مزايا العمل التقليدية مثل التأمين والضمان الاجتماعي والتغطية الصحية. إن غياب شبكات الأمان الأساسية هذه لا يعرض الأمن المالي وصحة العمال أنفسهم للخطر فحسب، بل له أيضًا آثار اجتماعية واقتصادية أوسع. 

في مصر، تقدم علاقات العمل التقليدية عادة مجموعة من المزايا، بما في ذلك التأمين الصحي وتعويضات إصابات العمل والضمان الاجتماعي، والتي قد توفر مجتمعة شبكة أمان تحمي الموظفين من الصدمات المالية المرتبطة بقضايا الصحة والتقاعد. هذه المزايا ليست مجرد امتيازات ولكنها ضرورية لاستقرار ورفاهية القوى العاملة.

وعلى النقيض من ذلك، يجد العمال المستقلون أنفسهم في وضع محفوف بالمخاطر. وغالباً ما يعملون بموجب عقود عمل غير قياسية، أو في كثير من الحالات بدون عقود على الإطلاق. إن ترتيبات العمل غير الرسمية، أو شبه الرسمية، هذه تستبعدهم من مزايا الحماية التي يتمتع بها نظراؤهم العاملون رسميًا.

وتكمن جذور هذه المشكلة في الأطر القانونية والتنظيمية التي عفا عليها الزمن، والتي لم تواكب التغييرات التي أحدثها ظهور اقتصاد الوظائف المؤقتة والانتشار المتزايد للعمل التعاقدي المستقل. وقد تم تصميم هذه الأطر في عصر كانت فيه علاقات العمل القياسية – التي تتميز بعقود طويلة الأجل وعلاقات واضحة بين صاحب العمل والموظف – هي القاعدة. ومع ذلك، يتميز سوق العمل اليوم بمجموعة متنوعة من ترتيبات العمل، من العمل الحر والعمل المستقل إلى العمل القائم على المنصات، والتي لا تتناسب تماما مع الفئات القانونية التقليدية.

إن الآثار المترتبة على هذا التفاوت عميقة. فبدون الحصول على التأمين الصحي، يواجه العمال المستقلون مخاطر صحية كبيرة ويكونون مسؤولين عن جميع النفقات الطبية التي يتحملونها، والتي يمكن أن تكون مدمرة ماليا، خاصة في حالات المرض أو الإصابة الخطيرة. ويعني غياب اشتراكات الضمان الاجتماعي عدم تراكم استحقاقات التقاعد، ما يساهم في انعدام الأمن المالي على المدى الطويل.

يواجه العديد من أصحاب العمل الحر تحديات قانونية بسبب عدم خضوعهم لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات، حيث لا تشملهم الفئات الأربع التي حددها القانون. هذه الفئات هي:

  • العاملون لدى الغير
  • أصحاب الأعمال ومن في حكمهم
  • العاملون المصريون في الخارج
  • العمالة غير المنتظمة

لكل فئة ضوابط وشروط محددة للإدراج تحتها، ومن لا تنطبق عليهم هذه الشروط يبقون خارج نطاق التأمين الاجتماعي. يعاني العمال في العمل الحر/ المستقل بناءً على هذه التصنيفات من عدم الانتماء لأي فئة بسبب عدم وجود علاقة عمل منتظمة تربطهم بصاحب عمل، وهو ما يختلف عن طبيعة العمل الحر الذي يتسم بالمرونة والمهام قصيرة الأجل.

على الرغم من استثناء بعض الفئات كعمال المقاولات والصيد وغيرهم، يظل أصحاب العمل الحر خارج هذه الاستثناءات. يشترط القانون لاعتبار شخص كصاحب عمل وإدراجه تحت مظلة التأمين الاجتماعي أن يكون نشاطه مُنظم بقوانين خاصة أو يتطلب ترخيصًا من جهة إدارية، وهو ما لا ينطبق على الغالبية العظمى من العمال المستقلين.

أما بالنسبة لفئة العمالة غير المنتظمة، فهي تشمل بعض الأنشاط كالباعة الجائلين والحرفيين، إذ يجب ألا يستخدموا عمالاً وألا يمارسوا نشاطهم في محل ثابت. على الرغم من توافر بعض هذه الشروط لدى أصحاب العمل الحر، إلا أن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي غالبًا ما ترفض إدراجهم تحت هذه الفئة، ما يستدعي الحاجة إلى إعادة النظر في التشريعات لتوفير حماية أكبر لهذه الفئة من العمال.

خاتمة

سعت هذه الورقة إلى تقديم صورة شاملة لاقتصاد المنصات مع إيلاء مستقبله في مصر اهتماما خاصا، فبينما ناقشت المفهوم الأساسي لهذا الاقتصاد بشكل مختصر، أفردت معظم صفحاتها لمناقشة كل من عوامل نمو اقتصاد المنصات في مصر، والمشاكل والتحديات المتعلقة به في السياق المصري.

ينمو اقتصاد المنصات بمعدلات كبيرة ويغزو مزيدا من مجالات العمل كل يوم، وكنموذج ناجح لإدارة الأعمال يمكن توقع أن تعيد كثير من الأعمال تشكيل طريقة إدارتها وأدائها للمهام المختلفة بحيث تستفيد إلى أقصى قدر ممكن بهذا النموذج. ما يعنيه ذلك هو أن مزيدا من فرص العمل في المستقبل سيكون متاحا فقط من خلال المنصات. وهو ما سيؤدي إلى تزايد معدلات الانتفاع بما تقدمه من مميزات. ولكنه في الجانب الآخر سيؤدي إلى اتساع نطاق الآثار السلبية التي ناقشتها هذه الورقة.

يمثل اقتصاد المنصات في الواقع امتدادا لميل عام في الاقتصاد العالمي نحو خفض مسؤوليات أصحاب الأعمال تجاه من يؤدون العمل المطلوب لتوليد الأرباح، وذلك من خلال إزاحة المزيد من أعباء هذا العمل إلى أنماط من الوظائف المؤقتة التي يتجنب من خلالها أصحاب الأعمال الالتزامات القانونية تجاه العمالة الدائمة. ما يعنيه ذلك في المجمل أن مزيدا ممن يحصلون على دخولهم من خلال العمل أصبحوا خارج مظلات الحماية والضمانات المختلفة التي توفرها قوانين العمل، وفي الصورة الأشمل فإن مزيدا من مجمل القيمة المضافة الناشئة من الأنشطة الإنتاجية سيذهب إلى أصحاب الأعمال بينما تذهب نسبة أقل إلى من يبيعون قوة عملهم بصورة أو بأخرى، وهو ما يساعد على اتساع فجوة الدخل بكل ما يترتب على ذلك من آثار اجتماعية ضارة.

في السياق المصري يستلزم النمو المتسارع لإسهام اقتصاد المنصات في مجمل الاقتصاد المصري أن تكون ثمة سياسات واضحة للدولة للتعامل مع هذا الاقتصاد لتعظيم مساهمته في نمو الاقتصاد بصفة عامة، مع العمل على تحجيم مضاره وتوفير الحماية الكافية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لمن يعتمدون عليه كمصدر لفرص العمل وللدخل.