أهمية منع إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي
برغم الاستخدامات النافعة للذكاء الاصطناعي، يمكن لمؤسسات الدولة أو المجرمين أو المتنافسين الاقتصاديين أن يسيئوا استخدام نظمه لأغراض غير شريفة – سواء لنشر معلومات كاذبة، ممارسة التجسس، أو مراقبة الناس. ومن ثم، فمن المهم فحص نقاط الضعف المحتملة منذ البداية، من التصميم وحتى الصيانة.
ينبغي وضع سبل حماية كافية لمنع إساءة استخدام نظم الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تطوير التوجيهات والممارسات الفضلى لاستخدامها بشكل أخلاقي ومسؤول. وإلى جانب تضمين آليات الحماية التقنية لهذا الغرض، من الضروري أيضا اتخاذ محاذير تنظيمية. كما ينبغي حماية البيانات وعمليات التعليم في الذكاء الاصطناعي.
من الجدير بالملاحظة أن إساءة الاستخدام في هذا السياق قد لا تعني بالضرورة اختراق نظام الذكاء الاصطناعي، ولكنها قد تكون استخدام الذكاء الاصطناعي لعواقب خبيثة وغير مقصودة. على سبيل المثال، يمكن إساءة استخدام سيارة ذاتية التوجيه لتنفيذ هجمات، أو يمكن استخدام نظام يتعرف على السموم لأغراض الأمان لتطوير مواد جديدة وأعلى سمية. بهذا الخصوص، ينبغي تضمين وسائل الحماية في تطوير نظام الذكاء الاصطناعي لكشف ومنع مثل هذا الاستخدام الإجرامي.
إضافة إلى ذلك، ثمة احتمال لأن يستخدم الذكاء الاصطناعي لأغراض خبيثة، مثل الهجمات السيبرانية، وحملات المعلومات الزائفة. كما يستغل المخترقون أن الرسائل الإلكترونية المولدة بالذكاء الاصطناعي لها معدل/احتمال أكبر لأن يفتحها الموجهة إليهم مقارنة بالرسائل المعدة يدويا.
يدفع تصاعد الهجمات السيبرانية نمو سوق منتجات الأمن المبنية على الذكاء الاصطناعي. وقد ذكر تقرير لأكيومن للبحث والاستشارات لعام 2022 أن السوق العالمي كان حجمه 14.9 مليار دولار في 2021 ويتوقع له أن يتخطى 133.8 مليار في 2030.
يساهم تزايد عدد الهجمات بما في ذلك اختراقات البيانات والامتناع عن الخدمة، والكثير منها مكلف للمنظمات المتأثرة، في الحاجة إلى حلول أكثر قدرة. ومن ثم، ينبغي بذل مزيد من الجهود لمنع إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي وضمان أن يستخدم بطرق تنفع المجتمع.
توصيات لمنع إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي
تكنولوجيات وسياسات الأمن المتقدمة: ينبغي أن تتبنى المنظمات مقاربة مبادرة نحو الأمن السيبراني. ويشمل ذلك الاستثمار في تكنولوجيات أمن متقدمة وتنفيذ إجراءات وسياسات أمن محكمة. وبشكل مرافق لذلك، ينبغي أن تكون المنظمات على وعي بالمخاطر المرافقة لروبوتات المحادثة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي وأن تراقب بشكل نشط ظهور أي إشارات لأنشطة خبيثة.
مقاربة أصحاب المصلحة المتعددين: من المهم للحكومات، ومجتمع البحث في الأمن، وخبراء الأمن السيبراني ألا يستعدوا فقط بل أن يستثمروا أيضا في إجراءات مقاومة مصقولة ومتطورة لمواجهة الهجمات السيبرانية المبنية على الذكاء الاصطناعي. وينبغي لهذه المقاربة أن تسعى أيضا إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لمواجهة الذكاء الاصطناعي العدائي. ومع التقدم نحو المستقبل، سيكون ثمة حاجة إلى تطوير أطر ذكاء اصطناعي موثوقة لمقاومة الهجمات المبنية على الذكاء الاصطناعي في حين توضح الخواص الهامة التي تؤثر على منطق الكشف عنها. ويمكن أيضا لمقاربة أصحاب المصلحة المتعددين أن تكون ضرورية لما يلي:
- تطوير توجيهات أخلاقية تضع الخطوط العريضة للممارسات الفضلى لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي.
- زرع ثقافة مسؤولة بين الأفراد والمنظمات بتحسين الوعي بالعواقب السلبية لإساءة استخدام الذكاء الاصطناعي.
- تطوير إجراءات حماية تقنية في نظم الذكاء الاصطناعي لمنع إساءة الاستخدام، بما في ذلك خلق خوارزميات تكشف وتؤشر المحتوى الخبيث المحتمل مثل الزيف العميق.
- تشجيع التعاون حول كيفية وقف نشر الذكاء الاصطناعي الخبيث.
- رفع الوعي بين الجمهور فيما يخص الفوائد والمخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي التوليدي للحد من إمكانية إساءة استخدامه.
- تنفيذ تنظيمات قانونية: ينبغي أن تنفذ الحكومات تنظيمات تلزم المطورين بالالتزام بالمعايير الأخلاقية والقانونية والفنية عند تطوير نظم الذكاء الاصطناعي وتفرض عقوبات على المطورين الذين يشاركون في سلوك خبيث.
يمكن لتبني هذه الخطوات منع مستوى معين من إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي وضمان أن استخدامه يفيد المجتمع ككل. الأكثر أهمية هو أن علينا تذكر أن منع إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي هو عملية مستمرة تحتاج إلى التبني السريع والانتباه المستمر للتحديات والتهديدات الجديدة.