تُعلن مسار (مجتمع للتقنية والقانون) عن انطلاق أنشطتها في الدفاع عن الحقوق والحريات المرتبطة باستخدام الإنترنت والتقنية في مصر. تهدف مسار إلى تقديم الخبرات القانونية والتقنية اللازمة لمواجهة التحديات التي يواجهها المجتمع والأفراد في ما يتعلق بمراقبة الاتصالات و الخصوصية وحرية المعلومات و حرية التعبير والرقابة على الإنترنت والإعلام الرقمي. لتحقيق هذا الهدف، تعتمد “مسار” على فريق عمل مكون من محاميات ومحامين حقوقيين وباحثين وباحثات من ذوي الخبرة في المجالات المرتبطة بالتكنولوجيا الرقمية.
تنطلق “مسار” في ظل ظروف محلية ودولية شديدة الصعوبة والتعقيد، وذلك نظرًا للتحديات المرتبطة بانتشار فيروس كورنا المستجد ” وما تتسم به ردود فعل بعض الحكومات على هذه الأزمة من فرض إجراءات استثنائية لتعزيز آليات المراقبة لمستخدمي الفضاء الرقمي، وتشديد الرقابة على صور معينة للمعلومات التي يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي في ما يتعلق بأداء الحكومات لمكافحة انتشارهذة الجائحة، والملاحقات القضائية والإدارية لبعض الأصوات الناقدة لأداء الحكومات في هذه الأزمة. في هذا السياق، يصبح الدفاع عن الحقوق الرقمية وحرية التعبير وحرية المعلومات أكثر أهمية من أي وقت سابق، ويصبح دور المنظمات الحقوقية في النضال ضد تحول هذه الاستثناءات إلى قاعدة عامة لا غنى عنه.
قدمت شبكة الإنترنت على مدار العقدين الماضيين فرصة استثنائية لخلق مساحات مستقلة للتعبير عن الرأي كالمدونات ومنصات التواصل الاجتماعي، وذلك بعيداً عن منافذ التعبير التقليدية الخاضعة لسيطرة الدولة ورجال الأعمال كالصحف والمحطات الإذاعية والتلفزيونية. وقد مَكّنت هذه المساحات مستخدمي الإنترنت من الانخراط في عملية غير مسبوقة في التاريخ الحديث من خلق المعرفة ونشرها على نطاق واسع، والتصدي لصور مختلفة من انتهاكات حقوق الإنسان، وطرح العديد من القضايا المرتبطة بالتعددية السياسية والدينية والجنسية على ساحة النقاش العام. إلا أن الدولة سرعان ما استقبلت تفاعل مستخدمي الانترنت مع هذه المساحات بوصفه خطراً على السرديات الرسمية التي تهدف إلى ترسيخ أوضاع الاستبداد والفقر واللامساواة.
فمنذ عام 2008 تعمل الدولة على تطوير استراتيجياتها في مراقبة الاتصالات وذلك بشراء برمجيات تساعدها على التجسس على المستخدمين واختراق خصوصيتهم. وقد قامت الدولة أيضاً بتطوير بنيتها القانونية بهدف تطبيق سياستها العقابية المعادية لحقوق الإنسان على الفضاء السبراني، وذلك من خلال عدد من التشريعات والقرارات المقيدة لحرية استخدام الانترنت. وقد تجلت هذه السياسة في العديد من الممارسات التي شملت حجب المواقع الالكترونية، الملاحقات القضائية للمستخدمين، التجسس على أنشطتهم الرقمية ورسائلهم الخاصة وفرض شروط قانونية مجحفة على تأسيس منصات الإعلام الرقمي.
في هذا السياق يأتي دور “مسار” في توفير المعرفة التقنية اللازمة للتصدي لممارسات الحكومات والشركات في مجالات المراقبة، والرقابة، وحجب مواقع الوِب، والخصوصية الرقمية. سوف توفر “مسار” هذه المعرفة عبر نشر تقارير ودراسات دورية توثق الانتهاكات الناتجة عن هذه السياسات، وتطرح الحلول التقنية والسياسية والتشريعية اللازمة لتجاوزها. أيضا سوف تسعى “مسار” لاستخدام آليات التقاضي المتاحة للدفاع عن الحقوق الرقمية، وتوفير الدعم القانوني لضحايا الانتهاكات ذات الصلة، وكذلك استخدام آليات التقاضي الاستراتيجي أمام القضاءان الإداري والدستوري لمحاولة التأثير في السياسات التشريعية التي تنتقص من الحقوق الرقمية.
لا تستهدف “مسار” فقط السياسات الحكومية المتعلقة بالحقوق الرقمية، بل سوف تعمل أيضاً على تطوير معايير مجتمعية نابعة من الممارسات اليومية لمستخدمي الإنترنت في مصر للاشتباك مع الأسئلة الملحة في مجالات التمييز على أساس النوع الاجتماعي وخطابات الكراهية والتحريض على العنف.
وفيما يتعلق بالإطار المرجعي لـ “مسار”، فسوف تشكل المعايير الدولية لحقوق الإنسان المنصوص عليها في المعاهدات الدولية، أو تلك التي استقرت عليها حركة حقوق الإنسان العالمية، الخلفية الرئيسية لأنشطتنا، وتتضمن هذه المعايير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمبادئ الدولية لتطبيق حقوق الإنسان فيما يتعلق بمراقبة الاتّصالات .
تتشرف “مسار” بأن تعتبر نفسها جزءًا لا يتجزأ من حركة حقوق الإنسان المصرية، وسوف تعمل بالتعاون مع المنظمات المحلية والإقليمية والدولية المعنية بحرية التعبير والحق في الخصوصية من أجل إنترنت أكثر حرية وأماناً للمستخدمات والمستخدمين.