الضوابط القانونية لاستخدام “الدرونز” في مصر

أصبح للطائرات المُسيرة “الدرونز” (Drones) أدوارًا متعددة في السنوات الأخيرة بعيدًا عن الاستخدامات العسكرية، حيث أدى التطور في تقنياتها إلى التوسع في استخدامها لأغراض مدنية وتجارية من قبل العديد من الشركات. على سبيل المثال، استحوذت (جوجل) على شركة “تيتان إيروسبيس” (Titan Aerospace) المتخصصة في صناعة “الدرونز” وقامت باستغلال منتجاتها لتوفير الإنترنت في المناطق النائية، وهو نفس المنحى الذي اتخذته شركة (فيسبوك) أيضًا. وهناك تجربة شركة (أمازون) التي تستخدم ذات التقنية لتوصيل طلبات عملائها، بالإضافة إلى العديد من الاستخدامات الأخرى التي طورتها شركات تعمل في أنشطة متباينة؛ مثل استخدام هذه الطائرات المُسيرة في رش مساحات واسعة من الأراضي الزراعية بالمبيدات الحشرية، ومراقبة أنابيب النفط والغاز لرصد أي تسريب أو انفجارات أو حرائق، كما أصبح هناك اتجاه لتوظيف “الدرونز” في توفير المساعدات الإنسانية في المناطق النائية، وإيصال الأدوية والعلاجات التي تحتاجها المستشفيات أو اللازمة في حالات الطوارئ.

في ظل هذا التطور السريع في الاستخدامات المدنية “للدرونز”، تدخل المُشرّع المصري عام 2017 بإصدار قانون “تنظيم استخدام الطائرات المحركة آليًا أو لاسلكيًا وتداولها والاتجار فيها.”1 وقد حاول المشرع من خلال هذا القانون وضع إطار تنظيمي لتشغيل هذه الطائرات يحدد استخداماتها المشروعة وغير المشروعة، إلا أن القانون جاء متأثرًا إلى حد كبير بالتخوفات المرتبطة بالاستخدامات غير المدنية لهذه الطائرات، والتي قد يتم توظيفها في النزاعات المسلحة أو الجرائم الإرهابية. تحاول “مسار- مجتمع التقنية والقانون” من خلال هذا المقال الإجابة على بعض الأسئلة المرتبطة بالضوابط القانونية لاستخدام هذه الطائرات في مصر، وما قد يترتب على هذا الاستخدام من آثار في حالة مخالفة الحدود التي رسمها القانون.

تعريف “الدرونز” وإجراءات تصريح استخدامها في القانون المصري

يحظر قانون “تنظيم استخدام الطائرات المحركة آليًا أو لاسلكيًا وتداولها والاتجار فيها” استيراد، أو تصنيع، أو تجميع، أو تداول، أو حيازة، أو الاتجار في، أو استخدام طائرات “الدورونز”، إلا بعد الحصول على تصريح من الجهة المختصة والتي حصرتها اللائحة التنفيذية في وزارة الدفاع، وبعد استيفاء الشروط الأخرى التي يحددها القانون. وينطبق هذا الحظر على كل الجهات والأشخاص، بما في ذلك الجهات الحكومية، والشركات العامة والخاصة، والأشخاص الطبيعيين، وقد أحال القانون الاشتراطات المُتعلقة بالحصول على التصريح المشار إليه إلى اللائحة التنفيذية للقانون، التي صدرت في منتصف عام 2018.2لم يضع القانون في تعريفه “للدرونز” تقسيمات واضحة لأنواعها أو أغراض استخدامها، بل جاء التعريف واسعًا في ليُبسِط أحكام القانون على كافة أنواع الأجسام التي يمكنها الطيران دون طيار، وباستخدام أي من التقنيات، ولم يذكر التعريف سوى ضابطين، يتعلقان بالإمكانات الفنية المتوفرة “بالدرونز”:

الأول: ويتعلق بإمكانية تحميل “الدرونز” بأحمال إضافية، سواء كانت أجهزة، أو مُعِدَّات، أو أنظمة تسليح، أو ذخائر، أو مفرقعات، أو غيرها مما يمثل تهديدًا للأمن القومي للبلاد.

الثاني: إمكانية تشغيل “الدرونز” أو التحكم فيها عن بعد، ويمتد الحظر المُتعلق باستخدامها لينطبق على جميع أشكال التداول والاستخدام، حيث يرد الحظر على استيراد، أو تصنيع، أو تجميع، أو تداول، أو حيازة، أو الاتجار “بالدرونز”، دون تفرقة.

شروط التصريح للقائمين على أنشطة تصنيع أو تأجير “الدرونز”

نصت اللائحة التنفيذية للقانون على ضوابط عامة للحصول على تصريح استخدام “الدرونز”، للشركات أو الجهات المنخرطة في تصنيعها أوتأجيرها. وبموجبها أصبحت الجهة المُختصة بإصدار التصريح هي وزارة الدفاع، ويلزم للحصول على التصريح مجموعة من الشروط، منها على سبيل المثال:

  • عدد الطائرات المطلوب التصريح بها ومواصفتها.
  • توضيح لكيفية الحصول عليها.
  • إلزام الحاصل على تصريح بتسجيل ما لديه من طائرات ومواصفتها وكيفية الحصول عليها وتاريخ تداولها واستخدامها.
  • كما تسري أحكام القيد في السجلات التجارية على الحاصل على التصريح، ويتولى المراجعة عدد من المختصين الذين تحددهم الجهة المختصة.3

ويُمكن تلخيص الإجراءات المتعلقة بتقديم طلب الحصول على تصريح باستخدام “الدرونز” للقائمين على نشاط التصنيع أو التأجير في عدد من الخطوات الرئيسية:

  • التقدم بطلب الحصول على التصريح إلى هيئة عمليات القوات المسلحة مستوفيًا المستندات التي يُحددها قرار من وزير الدفاع، ويشمل الطلب عدد الطائرات المطلوب التصريح بها ومواصفاتها وكيفية الحصول عليها
  • يتم البت في الطلب بالقبول أو الرفض خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تقديمه، ويعدّ مضى المدة دون رد بمنزلة رفض.
  • في حالة الموافقة، يصدر التصريح لمدة لا تجاوز ثلاث سنوات.

كما تضع اللائحة التنفيذية بعض الضوابط الأخرى المتعلقة بتجديد التصريح ونقل الملكية، حيث يجب:

  • تجديد التصريح بطلب يُقدّم قبل ثلاثة أشهر من تاريخ انتهائه.
  • يجب التقدم بطلب إلى وزارة الدفاع لإجراء نقل ملكية الطائرات المسيرة، ويتم البت في الطلب خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تقديمه مستوفيًا المستندات المطلوبة.

التصريح باستخدام “الدرونز” لأغراض تجارية أو رياضية أو بحثية

تُشير اللائحة التنفيذية لبعض الشروط التي تتعلق باستخدام “الدرونز” في الأغراض التجارية أو الرياضية أو البحثية، وتركز هذه الشروط على طبيعة الجهات طالبة التصريح والأشخاص الذين سوف يمارسون النشاط أو الأنشطة المطلوب التصريح لها والجهات التي تلزم موافقتها مسبقًا للحصول على التصريح:

  • التقدم بطلب من الهيئة الاقتصادية، أو التجارية، أو الشركة، أو المؤسسة العلمية، أو الأندية الرياضية.
  • بيان بالغرض من الاستخدام ونطاقه المكاني والزماني.
  • بيان طبيعة النشاط، والأعضاء الذين يمارسونه مرفقًا به صورة الرَّقَم القومي.
  • الموافقات الأمنية من هيئة الأمن القومي، وقطاع الأمن الوطني، وقطاع الأمن العام للجهات والأفراد الممارسين النشاط.
  • موافقة وزارة الطيران المدني والجهات المختصة بالدولة.

من ناحية أخرى، فإن اللائحة تضع بعض الشروط الإضافية المتعلقة بالتراخيص التجارية والضريبية والاستثناءات التي يتم منحها في سبيل الاستخدامات العلمية والأكاديمية “للدرونز”، ومنها على سبيل المثال:

  • تشترط اللائحة التنفيذية للقانون تقديم السجل التجاري والبطاقة الضريبية للجهات التجارية التي تطلب التصريح موضحًا بهما الأنشطة الاقتصادية والتجارية للكيان.
  • تشترط اللائحة بالنسبة للمعاهد والمؤسسات العلمية تقديم إقرار بعدم استخدام “الدرونز” إلا في حدود الغرض العلمي المصرح من أجله.
  • تستثني اللائحة التنفيذية للقانون الجامعات والمعاهد الحكومية والخاصة من شروط الحصول على موافقات أمنية، وموافقة وزارة الطيران المدني والجهات المختصة بالدولة، في حالة كان من ضمن أقسامها الأكاديمية قسم للطيران، وكان استخدام “الدرونز” في إطار البحث العلمي والحدود المكانية للجامعة أو المعهد.4

انتهاء أو إلغاء تصريح استخدام “الدرونز”

يُفرّق قانون الطائرات المحركة آليًا أو لاسلكيًا ولائحته التنفيذية، بين الحالات التي يُلغى فيها تصريح استخدام “الدرونز” وبين الحالات التي ينتهي فيها التصريح، بغض النظر عن أغراض الاستخدامK أو الجهة الصادر لها التصريح.

وينص القانون على انتهاء التصريح في الحالات الآتية:

  • إذا لم يتقدم المصرح له بطلب لتجديد التصريح قبل انتهائه بثلاثة أشهر.
  • ينتهي التصريح بتنازل المصرح له، ولم توضح اللائحة المقصود بكلمة” تنازل” حيث يمكن أن تعني التنازل عن التصريح للغير بعد موافقة الجهة المختصة، أو التنازل عن التصريح للغير دون موافقة الجهة المختصة، أو إبداء الرغبة بعدم استمرار التصريح.
  • زوال الشكل القانوني الذي قُدّم طلب التصريح بواسطته.
  • وفاة الشخص المُصرّح له.

أما إلغاء التصريح، وهو قرار تُصدره الجهة المختصة لإلغاء التصريح لصادر عنها لاستخدام “الدرونز”، فقد نصت اللائحة على ثلاثة أسباب يترتب عليها إلغاء التصريح .

1 – مخالفة شروط التصريح.

2 – تغيير النشاط أو انتهاء الغرض.

3 – وجود خطر يهدد الأمن القومي أو يخل بالمصلحة العامة.

كما يُمكن أيضًا أن يُلغى التصريح في حالة عدم موافقة الجهة المختصة على تجديده، أو انتهاء النشاط المصرح به، وفي حالة إلغاء التصريح؛ يلتزم المصرح له بعدم التصرف فيما لديه من طائرات وإبلاغ الجهة المختصة (وزارة الدفاع)، فيما لا يجاوز ثلاثة أيام، بكافة بيانات هذه الطائرات، وذلك لحين تقنين موقفها أو صدور قرار في هذا الشأن.

وقد أعطى القانون بصفة عامة، صفة مأمور الضبط القضائي، لأعضاء الضبط القضائي العسكري فيما يتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذًا له، حيث يكون لأعضاء الضبط القضائي العسكري صَلاحِيَة التفتيش على دِقَّة القيد في سجلات الجهة المصرح لها باستخدام “الدرونز”، ومتابعة مزاولة النشاط المصرح به.

“الدرونز” المعفاة من الحصول على التصريح

يُقدّم قانون الطائرات المحركة آليًا أو لاسلكيًا تعريفَا واسعا “للدورنز” كما أشرنا أعلاه، إلا أن اللائحة التنفيذية قد أعفت بعض أنواع “الدرونز” من شرط الحصول على تصريح وذلك في حالة توافر المواصفات الفنية التالية فيها:

  • ألا يزيد وزن الطائرة عن 150 جرام.
  • ألا تكون مزودة بنظام تحديد المكان باستخدام الأقمار الصناعية (GPS) أو خاصية الطيران الآلي (الطيران من نقطة إلى نقطة دون تحكم).
  • عدم إمكانية تزويدها بأنظمة التصوير المختلفة عادية/ حرارية أو أي نوع آخر.
  • عدم قدرتها على الطيران لمسافة تتجاوز المئة متر أو ارتفاع لا يتجاوز الخمسة أمتار.
  • عدم تحميلها بأي حمولات أيًا كان نوعها.
  • ألعاب الأطفال التي لا تتوافر فيها الشروط المذكورة سابقًا.

وتجدر الإشارة إلى أن اللائحة التنفيذية ذكرت طرق محددة يجب اتباعها حتى يتم تقرير توافر المواصفات التي تعفي “الدرونز” من شرط الحصول على تصريح؛ حيث تُلزم اللائحة أن تتقدم الجهة التي تطلب التصريح بطلب إلى هيئة العمليات بوزارة الدفاع، ويُرفق مع الطلب تقرير من مصلحة الجمارك بتوافر المواصفات المشار إليها في اللائحة، وتصدر الموافقة عليها بعد معاينتها بمعرفة متخصصين من وزارة الدفاع وذلك خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تقديم الطلب.

1 قانون رقم 216 لسنة 2017 بتنظيم استخدام الطائرات المحركة آليًا أو لاسلكيًا وتداولها والاتجار فيها، المنشور بالجريدة الرسمية في العدد 51 مكرر (أ) المنشور بتاريخ 25 ديسمبر لسنة 2017.

2 قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 931 لسنة 2018 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 216 لسنة 2017 بتنظيم استخدام الطائرات المحركة آليًا أو لاسلكيًا وتداولها والاتجار فيها، المنشور بالجريدة الرسمية في العدد 19 مكرر (د) المنشور بتاريخ 15 مايو 2018.

3 يُحدد القانون رقم 34 لسنه 1976 في شأن السجل التجاري والمُعدل بالقانون رقم 75 لسنه 2017، قواعد وإجراءات القيد في السجلات التجارية، ودور الجهات الإدارية المختصة في مراجعة صحة البيانات الواردة بالقيد، وطرق التأشير بتعديل هذه البيانات.

4 المادة رقم 5 قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 931 لسنة 2018 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 216 لسنة 2017 بتنظيم استخدام الطائرات المحركة آليًا أو لاسلكيًا وتداولها والاتجار فيها، المنشور بالجريدة الرسمية في العدد 19 مكرر (د) المنشور بتاريخ 15 مايو 2018 ” (مادة 5)

“يشترط للتصريح باستخدام الطائرات المحركة آليًا أو لاسلكيًا في الأنشطة العلمية والبحثية التقدم بطلب من المؤسسة العلمية أو الجهة البحثية مستوفيًا الشروط الآتية:

1 – الغرض من الاستخدام ونطاقه المكاني والزماني.

2 – بيان طبيعة النشاط والأعضاء الذين يمارسونه مرفقًا به صورة بطاقة الرقم القومي.

3 – الموافقات الأمنية من هيئة الأمن القومي، وقطاع الأمن الوطني، وقطاع الأمن العام للجهة والأفراد الممارسين للنشاط.

4 – موافقة وزارة الطيران المدني والجهات المختصة بالدولة.

5 – إقرار بعدم استخدام الطائرات المحركة آليًا أو لاسلكيًا المصرح بها إلا في حدود الغرض العلمي المصرح من أجله.

وتستثنى من أحكام البندين الثالث والرابع من هذه المادة الجامعات والمعاهد الحكومية والخاصة التي يكون من ضمن أقسامها الأكاديمية قسم للطيران، وكان النشاط يتم في إطار البحث العلمي والحدود المكانية للجامعة أو المعهد “.