طعن رقم 8614 لسنة 88 ق نقض جنائي

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة …….
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
جلسة 15 من أكتوبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / إبراهيم الهنيدي نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة / مصطفى محمد، هشام الشافعي، حسين النخلاوي وعباس عبد السلام نواب رئيس المحكمة .
الطعن رقم 8614 لسنة 88 القضائية
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم :
المتهمون جميعا: أولا : أهانوا وسبوا بطريق النشر والإدلاء بأحاديث في القنوات التليفزيونية والإذاعية ومواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية عبارات تحمل الإساءة والازدراء والكراهية للمحاكم والسلطة القضائية .
ثانيا: أخلوا بذات الطرق سالفة الذكر بمقام القضاة وهيبتهم من خلال إدلائهم بتصريحات وأحاديث إعلامية تبث الكراهية والازدراء لرجال القضاء .
ثالثا: المتهمون الثامن عشر والثالث والعشرون والرابع والعشرون :
نشروا بطريق الإدلاء بأحاديث بثت علانية في القنوات التليفزيونية والفضائية المختلفة أمورا من شأنها التأثير في القضاة المنوط بهم الفصل في دعوي مطروحة أمامهم والمعروفة إعلاميا ( …. ) وعلى الشهود الذين قد يطلبون لأداء الشهادة وعلى الرأي العام ضد المتهمين في تلك الدعوى .
رابعا: المتهم الثالث والعشرون: سب وقذف موظفا عاما وذو صفة نيابية ( القاضي/ …. ) بأن وصفه في خطابه الرئاسي المؤرخ …. المذاع علانية على القنوات التليفزيونية والفضائية المختلفة بكونه قاضيا مزورا ومازال يجلس على منصة القضاء معرضا به بأنه أحد قضاة محاكمة خصها وحددها في حديثه وهي دعوي المحاكمة المعروفة إعلاميا ( بقضية …. ) وكان ذلك جميعه بسبب أدائه وظيفته كقاض وأدائه لخدمة عامة وهي الإشراف القضائي على الانتخابات البرلمانية عام …. .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات …. لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى مدنيا القاضيان / …. ، …. بوكيل بصفتهما رئيسي مجلس إدارة نادي قضاة مصر السابق والحالي قبل جميع المتهمين عدا العاشر والسابع عشر بإلزام كل منهم بأن يؤدوا مبلغ مليون جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
كما ادعى مدنيا السيد القاضي / …. قبل المتهم الثالث والعشرين ( …. ) بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مليون جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا للأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثالث عشر والرابع عشر والسابع عشر والثامن عشر والحادي والعشرين والثاني والعشرين والثالث والعشرين والرابع والعشرين ، وغيابيا للثاني عشر والخامس عشر والسادس عشر والتاسع عشر والعشرين والخامس والعشرين عملا بالمواد 184، 185 ، 186 ، 187 ، 307 من قانون العقوبات ، مع إعمال نص المادة 32 من القانون ذاته أولا: بمعاقبة كل من …. ، …. ، …. ، …. ، …. ، …. ، …. ، …. ، …. ، …. ، …. ، …. ، …. ، …. ، …. ، …. ، …. ، …. ، …. ، …. بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات لما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية . ثانيا: بمعاقبة كل من …. ، …. ، …. ، …. ، …. بتغريمه ثلاثين ألف جنيه لما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية . ثالثا: في الدعوى المدنية المقامة من السيد القاضي رئيس مجلس إدارة نادي قضاة مصر بصفته بإلزام المحكوم عليهم جميعا عدا المحكوم عليه العاشر/ …. ، والمحكوم عليه السابع عشر/ …. بأن يؤدي كل منهم له بصفته مبلغ مليون جنيه مصري على سبيل التعويض المؤقت وألزمته مصاريفها ومبلغ خمسمائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة . رابعا: في الدعوى المدنية المقامة من السيد القاضي/ …. بإلزام المحكوم عليه/ …. بأن يؤدي له مبلغ مليون جنيه مصري على سبيل التعويض المؤقت وألزمته مصاريف الدعوى المدنية ومبلغ خمسمائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة . خامسا : بمصادرة المضبوطات .
فطعن المحكوم عليهم من الأول للحادي عشر ، والثالث عشر والرابع عشر والثامن عشر ، ومن الحادي والعشرون للرابع والعشرون بأمر الإحالة في هذا الحكم بطريق النقض …. إلخ
أولا: بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين: السادس / …. ، والسابع/ …. ، والثامن/ …. ، والتاسع/ …. ، والعاشر/ …. ، والحادي عشر/ …. ، والثاني عشر/ …. ، والثالث عشر/ …. ، والرابع عشر/ …. ، الخامس عشر/ …. :
وحيث إن نص المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد جرى على أنه ” لا يجوز الطعن بطريق النقض إلا في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح ، كما تقضى المادة 32 من القانون ذاته على ” عدم قبول الطعن بالنقض ما دام الطعن فيه بالمعارضة جائزا ” ، وكانت الفقرة الأولى من المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت حضور المتهم بنفسه في الجنح المعاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – باعتبار أن الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات واجبة التنفيذ فورا بطبيعتها – ولو كان الحبس جوازيا لا وجوبيا – رغم ما بالنص من مفارقة حين أباح الشارع للمتهم بجناية أن يوكل عنه محاميا في الحضور وحرم منها المتهم بجنحة ، فإن حضور وكيل عنه خلافا لذلك لا يجعل الحكم حضوريا ؛ لأن مهمة الوكيل في هذه الحالة ليست المرافعة وإنما تقتصر على مجرد تقديم عذر لتبرير غياب المتهم ، وحتى إذا ترافع الوكيل خطأ فإن هذه المرافعة باطلة ولا تغير من اعتبار الحكم غيابيا ، فحضوره عديم الأثر ولا يعتد به ، وكان نص المادة 397 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه ” إذا غاب المتهم بجنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات تتبع في شأنه الإجراءات المعمول بها أمام محكمة الجنح ويكون الحكم الصادر فيها قابلا للمعارضة . لما كان ذلك ، وكانت التهمة المسندة إلى الطاعنين والتي رفعت بها الدعوى الجنائية عليهم ودانتهم بها المحكمة – وعلى ما أفصحت عنه مدونات الحكم المطعون فيه – هي جنحة وصفا وكيفا معاقب عليها بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين ، وكان الطاعنون قد تخلفوا عن حضور كافة جلسات المحاكمة عدا الطاعن السابع الذي حضر بعضها إلى أن صدر الحكم المطعون فيه ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر في حقيقة الأمر حضوريا اعتباريا للسابع وغيابيا للباقين وإن وصفته المحكمة بأنه حضوري على خلاف الواقع ، ولا يغير من ذلك حضور محام عن كل منهم باعتبار حضوره لا يعتد به عديم الأثر . لما كان ذلك ، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد إعلان الطاعنين بالحكم المطعون فيه ، وكان الإعلان هو الذي ينفتح به باب المعارضة وبه يبدأ سريان الميعاد المحدد لها ، فإن باب المعارضة في هذا الحكم بالنسبة للطاعنين المذكورين لم يزل مفتوحا ، ويكون الطعن فيه بطريق النقض غير جائز ، ولا يفوت المحكمة أن تنوه إلى أن التعديل الوارد على نص المادة 384 من قانون الإجراءات الجنائية بموجب القانون رقم 11 لسنة 2017 حين أجاز حضور وكيل خاص عن المتهم في جناية إجراءات المحاكمة واعتبر الحكم الصادر فيها حضوريا – أن هذا التعديل نصا ومعنى – قصر إجازة الحضور عن المتهم بوكيل في الجرائم المعدة من الجنايات دون غيرها من سائر الجرائم والتي قد تكون مرتبطة بجناية أو في جرائم النشر ، وأن الشارع لو أراد غير ذلك لما أعوزه النص على إجازة الحضور بوكيل في كافة الجرائم المحالة إلى محكمة الجنايات ، ولما قصر النص على الجرائم المعدة جناية فقط ، هذا فضلا عن أن القانون قد اشترط أن يكون الحضور بموجب توكيل خاص ، كما وأن المحكمة تشير إلى أن المشرع قصد – حين أجاز حضور وكيل عن المتهم بموجب المادة 40 من قانون الصحافة رقم 96 لسنة 1996 الملغي – قصد بالمتهم الصحفي الذي تتعلق بعمله الجريمة المنسوبة إليه بل وألغي عقوبة الحبس بالنسبة لتلك الجريمة بموجب القانون رقم 180 لسنة 2018 وهو ما لا يتوافر جميعه بهذه الدعوى .
ثانيا: بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين الأول / …. والثاني/ …. والثالث/ …. والرابع / …. والخامس / …. والسادس عشر/ …. والسابع عشر/ …. والثامن عشر/ …. قد استوفى الشكل المقرر قانونا .
وحيث إن مبنى الطعن – حسبما ورد بمذكرات الأسباب المقدمة من الطاعنين – هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانهم بجريمتي إهانة المحاكم والسلطة القضائية علنا عن طريق النشر في القنوات التلفزيونية والإذاعية ومواقع التواصل الاجتماعي والإخلال بمقام القضاة وهيبتهم في صدد دعوى ، ودان الطاعنين السابع عشر والثامن عشر بجريمة نشر أمور عن طريق الإدلاء بأحاديث في القنوات الفضائية من شأنها التأثير في القضاة المنوط بهم الفصل في دعوى مطروحة أمامهم ، ودان الطاعن السابع عشر بجريمة سب قاض وكان ذلك بسبب أداء وظيفته ، قد شابه بطلان في الإجراءات ، وخطأ في تطبيق القانون ، وقصور في التسبيب ، وتناقض في الأسباب ، وفساد في الاستدلال ، کما انطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في الإسناد ، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إنهم دفعوا ببطلان التحقيقات التي تمت معهم قبل صدور طلب كتابي من السلطة القضائية وأن التأشيرة المؤرخة …. لا تعد طلبا بتحريك الدعوى الجنائية ، فضلا عن أن الموافقة اللاحقة الصادرة من مجلس القضاء الأعلى في …. لا تصحح الإجراء الباطل ، كما أن المختص بإصدار الطلب هو السيد وزير العدل ، كما دفع الطاعنون ببطلان أمر الإحالة لصدوره مجهلا وخاليا من الوقائع محل الاتهام ومن تاريخ ارتكاب کل طاعن للفعل المنسوب إليه ولانتفاء صفة مصدره وتوقيعه من قاض واحد رغم اشتراك أكثر من قاض في التحقيق ، كما دفعوا ببطلان قرار ندب قضاة التحقيق لعدم صدور قرار الندب من الجمعية العامة للمحكمة ، ولتفويض رئيسها بغالبية الاختصاصات ، ولندب أكثر من قاض للتحقيق وكذلك لخلو قرار الندب من رئاسة أحدهم للباقين ، إلا أنه اطرح تلك الدفوع دون رد أو برد غير سائغ ، كما ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه صيغ في عبارات عامة معماة ولم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بيانا تتحقق به أركان الجرائم التي دانهم بها وأدلة الإثبات ومؤدى كل دليل منها ، كما لم يبين الألفاظ والعبارات والأفعال المادية المنسوبة إلى كل منهم ، وجمع بين الطاعنين رغم اختلاف مراكزهم القانونية ، كما لم يبين نص القانون الذي حكم بموجبه ، ولم يستظهر القصد الجنائي وركن العلانية في حق الطاعنين ، كما أن ما نسب إليهم من عبارات كان بحسن نية ، وأضاف الطاعنون أن الحكم دانهم دون أن يبين تواريخ الشكاوى المقدمة ضدهم وتاريخ علم الشاكين ، فضلا عن خلو مدونات الحكم من بيان أسماء المشكو في حقهم ، وأنه لا صفة للشاكين ، كما وأن عددا من الشاكين قد تنازل عن شكواه قبل بعض المتهمين بما لازمه انقضاء الدعوى الجنائية قبل الطاعنين ، كما دفع الطاعنون بعدم دستورية المواد 184، 185، 186، 187 من قانون العقوبات ، والمواد 18، 214، 215، 216 من قانون الإجراءات الجنائية ابتغاء إلغاء العقوبة السالبة للحرية في جرائم النشر وجاء رد الحكم بأن الدفع لم يكن جازما ملتفتا عما ورد بمذكرات الدفاع تأصيلا لهذا الدفع ، وأضاف الطاعن السابع عشر أنه دفع ببطلان إجراءات محاكمته لعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى بحسبانه كان يشغل منصب رئيس الجمهورية في تاريخ الواقعة ، وأضاف الطاعن السادس عشر أن الحكم التفت عن دفاعه ببطلان إجراءات محاكمتهم لوضعهم داخل القفص الزجاجي أثناء المحاكمة ، كما لم تسمح المحكمة بالدخول إلا للمحامين والصحفيين وهو ما يخل بمبدأ علانية الجلسات ، وأضاف الطاعنون أنهم دفعوا بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في القضية رقم …. ، وأضاف الطاعن السابع عشر أن الحكم لم يبين تاريخ الشكوى المقدمة من القاضي …. ، والتفت عن دفاعه والمستندات المقدمة منه ، كما دفع بكيدية الاتهام غير أن الحكم رد على كافة دفاعه برد غير سائغ ، وأضاف الطاعن الثالث أن الحكم التفت عن دفاعه بعدم مسؤوليته عن إذاعة جلسات مجلس الشعب التي قيلت فيها عبارات الإهانة ، وأخيرا دفع الطاعنون بانعدام صفة المدعي بالحق المدني رئيس نادي القضاة ورد الحكم على الدفع برد غير سائغ ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إنه ولئن كان من المقرر وفقا لنص المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية أنه ” لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات فيها في الجرائم المنصوص عليها في المادة 184 من قانون العقوبات إلا بناء على طلب كتابي من الهيئة أو رئيس المصلحة المجني عليها ” ، وكان الطلب وفق نص المادة آنفة البيان هو تعبير عن إرادة سلطة عامة في أن تتخذ الإجراءات الناشئة عن جريمة ارتكبت بحقها أو إخلالا بقوانين تختص هذه السلطة بالسهر على تنفيذها ، فإن القانون لم يحدد نمطا أو شكلا أو صيغة معينة تعبر بها تلك السلطة عن إرادتها في اتخاذ هذه الإجراءات . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ …. قام السيد القاضي رئيس مجلس القضاء الأعلى بالتأشير على الشكاوى المقدمة من بعض السادة القضاة بالإحالة إلى النيابة العامة – قبل تاريخ البدء في إجراءات التحقيق – وألحق بها كتاب السيد القاضي الأمين العام لمجلس القضاء الأعلى – مكتب الرئيس – وهو ما يفيد نصا ومعنى الطلب من النيابة العامة صاحبة الاختصاص اتخاذ الإجراءات القانونية ورفع الدعوى وفق ما نصت عليه المادة التاسعة آنفة الذكر . لما كان ذلك ، وكان أي من الطاعنين أو المدافعين عنهم لم ينازع في أن السيد القاضي رئيس مجلس القضاء الأعلى هو صاحب التأشيرة على الشكاوى المقدمة ، فإن إجراءات التحقيق والتي تلت صدور هذا الطلب تكون قد تمت صحيحة ويصح التعويل على الأدلة التي تنتجها وتكون الدعوى قد رفعت وفق صحيح القانون ، ومن ثم فلا جدوى مما يثيره الطاعنون نعيا على الحكم في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان النص في المادة 77 مكررا/1 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المضافة بالقانون رقم 35 لسنة 1984 على أن ” يشكل مجلس القضاء الأعلى برئاسة رئيس محكمة النقض …. ” ، وفي المادة 77 مكررا/ 2 من القانون سالف الذكر على أن : ” يختص مجلس القضاء الأعلى بنظر كل ما يتعلق بتعيين ونقل وإعارة رجال القضاء والنيابة العامة وكذلك سائر شئونهم على النحو المبين في هذا القانون …. ” يدل – وعلى ما ورد في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 35 لسنة 1984 وتقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بشأنه – على أنه تأكيدا لاستقلال القضاء فقد رئي إنشاء مجلس القضاء الأعلى الذي يشكل بكامله من كبار رجال القضاء أنفسهم لتكون له الهيمنة على شئون القضاة ورجال النيابة العامة من تعيين وترقية ونقل وندب وغير ذلك من الشئون المبينة في القانون ، ذلك أن من أهم دعائم استقلال القضاء أن يقوم القضاء ذاته علي شئون رجاله دون مشاركة أو تدخل من سلطة أخرى ، فأصبح القضاء متفردا بتصريف شئون رجاله على النحو الذي يحقق الاستقلال الكامل للسلطة القضائية . وإذ كان ذلك ، وكان من شئون رجال القضاء النظر في أمر الشكاوى التي تقدم منهم ضد المؤسسات والأفراد ، ومن ثم فإن مجلس القضاء الأعلى ممثلا في رئيسه يكون هو المختص – دون غيره – بإصدار الطلب بتحريك الدعوى الجنائية في الجريمة المنصوص عليها في المادة 184 من قانون العقوبات باعتباره رئيسا للسلطة القضائية ويكون النعي في هذا الشأن لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجري على الأحكام من قواعد البطلان ، ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها ، كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضى إعادتها إلى المرحلة السابقة على الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ، وكان الثابت من الأوراق أن أمر الإحالة قد بين الجرائم المنسوبة إلى الطاعنين وصفا وكيفا ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الصدد يكون دفاعا ظاهر البطلان . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أن السيد القاضي رئيس محكمة استئناف القاهرة قد أصدر قرارا – بموجب التفويض الممنوح له من جمعية المحكمة – بندب ثلاثة من قضاة المحكمة للتحقيق ، وكانت نصوص القانون لم تشترط أن يكون الندب لقاض واحد وأن يوقع أمر الإحالة قاض معين ممن ندبوا أو ينهى عن تفويض جمعية المحكمة لرئيسها في ندب عدد من القضاة للتحقيق ، كما وأن الجرائم المنسوبة للطاعنين والتي تم إدانتهم بموجبها وإن جمعتهم نصوص عقابية واحدة إلا أن كل طاعن استقل بجريمته عمن سواه مشكلا بفعله جريمة لا يشاركه فيها غيره وهو ما لا يتعارض مع ندب أكثر من قاض للتحقيق ، ومن ثم فإن النعي ببطلان التحقيقات لهذا السبب لا يكون مقبولا . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة استعرضت الأدلة القائمة في الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث للتعرف على الحقيقة ، كما أوردت مؤداها في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فإن ذلك يكون محققا لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الطاعنون لا يمارون فيما نسبه الحكم إليهم بشأن الركن المادي وإنما يدفعون الاتهام بتوافر حسن النية ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الإهانة يتحقق متى كانت العبارة بذاتها تحمل الإهانة ولا عبرة بالبواعث ، وأن السب سب لا يخرجه عن هذا الوصف أي شيء ولو كان الباعث عليه إظهار الاستياء من أمر مكدر ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من توافر حسن النية فيما وجهوه من عبارات إهانة لا يكون سديدا . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد بمدوناته ما نسب لكل طاعن على حده – خلافا لما يقول به الطاعنون بأسباب طعنهم – فإن منعاهم في هذا الصدد لا يكون له وجه . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى قد أشار إلى نصوص القانون التي أخذ الطاعنين بها بقوله ” وهو الأمر المؤثم بالمواد 184، 185، 186، 187، 307 من قانون العقوبات ويتعين إدانتهم بموجبها عملا بالمادة 304 /2 إجراءات جنائية مع مصادرة المضبوطات المتحصلة من الجريمة عملا بالمادة 30 /1 قانون العقوبات ” فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد العقاب التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانتفاء القصد الجنائي وركن العلانية في حق الطاعنين ورد عليه ردا كافيا وسائغا ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيرونه من انحسار المسئولية الجنائية عنهم وانتفاء القصد الجنائي لديهم لا يكون سديدا . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف أو الإهانة هو بما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض ما دام لم يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت في فهم سائغ لواقعة الدعوى أن العبارات التي صدرت من الطاعنين في حق السلطة القضائية المعتدى عليها تفيد بذاتها قصد الإهانة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بعدم حصول الإهانة من الطاعنين يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان المشرع قد أفصح بما أورده في المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الإجراءات الجنائية عن قصده من تقييد حق النيابة في رفع الدعوى الجنائية على صور ثلاث ” الشكوى والطلب والإذن ” ، فأما الشكوى قد قصد بها حماية صالح المجني عليه الشخصي ، وأما الطلب فهو يصدر من هيئة عامة بقصد حمايتها سواء بصفتها مجنيا عليها أو بصفتها أمينة علي مصالح الدولة العليا ، وأما الإذن فقد أريد به حماية شخص معين ينتسب إلى إحدى الهيئات التي يكون في رفع الدعوى عليه مساس بما لها من استقلال . لما كان ذلك ، وكانت المادة التاسعة من قانون الإجراءات الجنائية آنفة الذكر بنصها على أنه ” لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات فيها في الجرائم المنصوص عليها في المادة 184 من قانون العقوبات إلا بناء على طلب كتابي من الهيئة أو رئيس المصلحة المجني عليها ” فقد أفصح المشرع بصريح هذا النص على أن هذا الإجراء الواجب في الجريمة المنصوص عليها في المادة 184 هو الطلب وليس الشكوى ولا الإذن . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يتطلب تقديم الطلب في خلال فترة زمنية معينة من وقت الجريمة – كما فعل في صدد الشكوى – فإن الحق في الطلب يظل قائما حتى تسقط الدعوى الجنائية بمضي المدة المقررة قانونا في المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أيضا أن الطلب ينصرف إلى الجريمة ذاتها فينطوي علي تصريح بإجراءات التحقيق أو رفع الدعوى عنها دون اعتبار لمرتكبها ، أما مباشرة الإجراءات قبل شخص معين وإسناد التهمة إليه ورفع الدعوى عليه فهي إجراءات تالية ولا اتصال لها بالطلب الصادر عنها الذي يكفي لصحته اشتماله على البيانات التي تحدد الجريمة ذاتها التي صدر من أجلها تحديدا كافيا دون اعتبار لشخص من يسفر التحقيق عن إسنادها إليها ورفع الدعوى عنها عليه ، وكان الثابت بكتاب مجلس القضاء الأعلى المشار إليه سلفا أنه طلب تحريك الدعوى الجنائية عن الجريمة ذاتها التي رفعت بشأنها الدعوى الجنائية على الطاعنين وهو ما يكفي لزوال القيد الوارد علي النيابة العامة والرجوع إلى حقها المطلق في رفع الدعوى على من يسفر التحقيق عن إسناد الجريمة إليه . لما كان ما تقدم جميعه ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنين أصحاب وجه النعي عن جريمة إهانة المحاكم والسلطة القضائية والمنصوص عليها في المادة 184 عقوبات ولم يدنهم بجريمة سب موظف عام بسبب أداء وظيفته المنصوص عليها في المادة 185 عقوبات – والتي دان بها الطاعن السابع عشر وحده – فإن كل ما يثيره الطاعنون أصحاب وجه النعي في هذا الصدد يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن مجلس القضاء الأعلى قد رأى التنازل عن طلب تحريك الدعوى الجنائية قبل الطاعنين – على ما يبين من المفردات المضمومة – ومن ثم فإن ما يثار في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا قد نص في المادة 29 منه على أن تتولى هذه المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح علي الوجه التالي : أ…… ب إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاد …. ” وكان مفاد هذا النص أن لمحكمة الموضوع وحدها تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت أن دفع الطاعنين بعدم الدستورية غير جدي ولا محل لوقف الدعوى المنظورة أمامها لرفع الدعوى بعدم الدستورية ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن غير سديد دفعا ومنعى ولا على المحكمة من سبيل إن هي أعرضت عنه ، لما هو مقرر من أن جرائم النشر التي أسقط عنها المشرع عقوبة الحبس بموجب القانون رقم 180 لسنة 2018 – وعلى ما سلف ذكره – هي تلك الجرائم المتعلقة بعمل الصحفي ذاته دون سواها من جرائم تقع بطريق النشر . لما كان ذلك ، وكانت المادة الأولى من القانون رقم 247 لسنة 1956 بشأن محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء قد نصت على أن ” تتولى محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء محكمة عليا …. إلخ ” وكان هذا القانون أو أي تشريع آخر قد جاء خلوا من أي نص بإفراد هذه المحكمة العليا دون غيرها بالاختصاص ولائيا بنظر الجرائم التي يرتكبها رئيس الجمهورية أو الوزراء أثناء تأدية وظيفتهم أو بسببها ، ومن ثم فإن محاكمتهم عما يقع منهم من جرائم سواء تلك التي يجرمها القانون العام أو التي نص عليها القانون رقم 247 لسنة 1956 تختص بها أصلا المحاكم العادية بحسبانها صاحبة الولاية العامة ، وأن المحكمة الخاصة التي نص عليها القانون سالف الذكر تشاركها الاختصاص دون أن تسلبها إياه ، ويكون ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى متفقا وصحيح القانون ، ويضحى النعي في هذا الصدد غير قويم ، هذا فضلا عن أن البين من استقراء نص المادة 159 من الدستور أنها تنظم كيفية اتهام ومحاكمة رئيس الجمهورية الذي لا يزال يشغل منصبه بدلالة ما ورد بعقبها من أنه إذا حكم بإدانة رئيس الجمهورية أعفي من منصبه وكذلك ما ورد بوسطها من أن إجراءات المحاكمة تعتبر مانعا مؤقتا يحول دون مباشرته لاختصاصه حتى صدور حكم في الدعوى . لما كان ذلك ، وكان المشرع في المادتين 124، 125 إجراءات جنائية قد أحاط استجواب المتهم حال التحقيق معه بمعرفة النيابة بضمانات قررها لصالحه وحده من بينها عدم الفصل بينه وبين محاميه أما ما يثيره الطاعن السادس عشر في شأن بطلان إجراءات المحاكمة لعدم سماح المحكمة للدفاع بالاتصال به فهذا الإجراء لا يترتب على مخالفته بطلان إجراءات المحاكمة ، إذ إن القانون لا يرتب البطلان إلا في الأحوال التي نص عليها في المادتين سالفتي الذكر، كما وأن البين من الاطلاع على محاضر الجلسات والحكم المطعون فيه أن المحاكمة جرت في جلسة علنية وأن الحكم صدر وتلي علنا ومن ثم فلا جناح على المحكمة إن هي التفتت عما أثاره هذا الطاعن في هذا الشأن ولم ترد عليه ، لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان ، فضلا عما هو مقرر من أن الأصل في الإجراءات الصحة وعلى من يدعي العكس أن يدلل عليه ، أما تقييد المحكمة لأمر الدخول بقاعة الجلسة لأهلية الطاعن ووجوده خلف حاجز زجاجي لا يتنافى مع العلانية ، لأن المقصود في هذا كله هو تنظيم أحوال الجلسة وتأمين الدخول لحضورها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن السادس عشر في هذا الصدد يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكانت المادة 213 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها علي أن الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية وفقا لنص المادة 209 منه لا يمنع العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة طبقا لنص المادة 197 منه وذلك قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية ، وقوام الدليل الجديد هو أن يلتقي به المحقق لأول مرة بعد التقرير في الدعوى بألا وجه لإقامتها . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أنه وبعد أن قيدت الأوراق برقم …. أصدرت نيابة استئناف …. أمرا بحفظ الأوراق بدفتر الشكاوى الإدارية ، وهو في حقيقته أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لخلو الأوراق من طلب كتابي بتحريك الدعوى الجنائية من السيد القاضي رئيس مجلس القضاء الأعلى بصفته رئيس السلطة القضائية ، وإذ تبين ورود خطاب مجلس القضاء الأعلى بعد ذلك من مكتب الرئيس إلى النيابة العامة بما يفيد معنى الطلب كما عبرت عنه المادة التاسعة من قانون الإجراءات وهو ما يعد دليلا جديدا على صحة إجراءات الدعوى الجنائية لم يكن قد عرض على نيابة استئناف …. عند إصدارها القرار الصادر ، فإن ذلك مما يجيز للنيابة العامة العودة إلى التحقيق ويطلق الحق في رفع الدعوى الجنائية على الجناة بناء على ذلك الدليل الذي جد في الأوراق ، ويضحى معه ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الطاعن السابع عشر لم يدع أن المدة المقررة للشكوى قد انقضت كما خلت الأوراق مما يشير إلى ذلك ، فإن ما ينعاه بشأن الشكوى المقدمة ضده من القاضي …. لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يبين ماهية أوجه الدفاع والمستندات التي أغفلها الحكم ولم يرد عليها ، وكان الدفع بكيدية الاتهام دفاعا موضوعيا يكفي للرد عليه قضاء المحكمة بالإدانة اطمئنانا منها للأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في كل ذلك لا وجه له . لما كان ذلك ، وكانت المادة 410 من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب الصادرة في 16/ 10/ 1979 والسارية في تاريخ الواقعة تنص على أنه ” ينظم رئيس المجلس الإجراءات الخاصة بمتابعة نشر وإذاعة ما يجري في الجلسات العلنية للمجلس ولجانه عن طريق وسائل الإعلام المختلفة …. ” فإن ما انتهى إليه الحكم من مسئولية الطاعن الثالث بصفته رئيس المجلس عن نشر ما أذيع من عبارات إهانة وسب من باقي الطاعنين يصادف صحيح القانون ، ويضحى المنعى في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الأولى من المادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه ” لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يقيم نفسه مدعيا بحقوق مدنية أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجنائية في أي مرحلة كانت عليها الدعوى حتى صدور القرار بإقفال باب المرافعة …. ” وكان المستفاد من هذا النص أن حق الادعاء المدني قد شرعه القانون للمدعي بالحقوق المدنية الذي يدعي حصول ضرر له سواء أكان مجنيا عليه أو شخصا آخر خلافه ، إذ ليس في القانون ما يمنع أن يكون المضرور من الجريمة أي شخص ولو كان غير المجنى عليه ما دام قد أثبت قيام هذا الضرر وكان ناتجا عن الجريمة ، ذلك أن المناط في صفة المدعي المدني ليس وقوع الجريمة عليه وإنما هو إلحاق الضرر الشخصي به بسبب وقوع الجريمة ، وإذ كانت طبيعة العمل القضائي الذي يتولاه رجال القضاء والنيابة العامة تفرض عليهم سلوكا معينا في حياتهم العامة والخاصة التي تعد وثيقة الصلة بعملهم وبكرامة القضاء وهيبته ومنها أن يكون لهم ناد خاص بهم يجتمعون فيه للنظر في المسائل التي تعنيهم ويباشرون من خلاله أنشطتهم الاجتماعية والثقافية ويتلقون عن طريقه الخدمات التي يقدمها لهم طبقا للأغراض التي أنشئ من أجلها والتي أوردتها المادة الثانية من النظام الأساسي لنادي القضاة – ذلك النظام الذي وضعه مؤسسوه من رجال القضاء والنيابة العامة يوم السبت الموافق 11 من فبراير سنة 1939 – وسرت أحكامه بما احتوته مواده من تحديد الغرض من إنشائه ونطاق نشاطه . لما كان ذلك ، وكانت المادة الثالثة من لائحة نادي القضاة تنص على أنه ” تم إنشاء النادي لتحقيق الأهداف الآتية …. 3 الدفاع عن أعضاء النادي أمام جميع سلطات الدولة …. ” وإذ كان ما تقدم وكان السيد القاضي رئيس نادي القضاة – بصفته هذه – له الحق في الدفاع عن رجال القضاء وقد لحق به الضرر بسبب وقوع الجريمة التي أثبتها الحكم في حق الطاعنين ، ومن ثم فإن ما قضى به الحكم من قبول الدعوى المدنية المرفوعة من السيد القاضي رئيس نادي القضاة – بصفته – لا يكون قد خالف القانون . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يضحى على غير أساس متعينا رفضه موضوعا .
ثالثا: بالنسبة للطاعنين العاشر/ …. ، والحادي عشر/ …. ، والرابع عشر/ …. ، والسادس عشر/ …. ، فلما كان قد قضى بعدم جواز طعنهم أو برفضه فقد تعين مصادرة ما سددوه من كفالة وتغريمهم مبلغا مساويا لها