طعن رقم 8152 لسنة 92 ق نقض جنائي

باسم الشعب
محكمة النقض
دائرة الثلاثاء (د)
الدائرة الجنائية
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / عادل الكناني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / أحمد مصطفى محمد أحمد خليفة نائبي رئيس المحكمة أمير إمبابي صالح محمد حجاب وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / شريف بلال . وأمين السر السيد / عماد عبد اللطيف
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الثلاثاء 17 من شعبان سنة 1445 ه الموافق 27 من فبراير سنة 2024 م .
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 8152 لسنة 92 القضائية
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنحة رقم 677 لسنة 2021 جنح اقتصادية القاهرة ( والمقيدة برقم 499 لسنة 2021 جنح مستأنف اقتصادية القاهرة ) بوصف أنه بتاريخ 13 من فبراير سنة 2020 بدائرة قسم النزهة – محافظة القاهرة :-
1- سب المجني عليه / … بطريق العلانية بأن نشر مقطعاً مصوراً على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي يوتيوب المسماة نجم الجماهير والمتاح للكافة الاطلاع على محتواها موجهاً إليه عبارات تتضمن خدشاً لاعتباره وذلك على النحو المبين بتقرير الفحص الفني المرفق وعلى النحو المبين بالتحقيقات .
2 – تعمد إزعاج المجنى عليه سالف الذكر بإساءته لاستخدام أجهزة الاتصالات وذلك بارتكابه الجريمة محل الاتهام السابق على النحو المبين بالأوراق
3 – أدار واستخدم حساباً خاصاً قناة نجم الجماهير على شبكة معلوماتية موقع اليوتيوب هادفاً لارتكاب الجريمتين محل الوصفين السابقين وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة القاهرة الاقتصادية – دائرة الجنح – وطلبت عقابه بالمواد 166 مكرراً، 171 / 3 ، 306 من قانون العقوبات ، والمادتين 70 ، 76 / 1 بند 2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات ، والمادتين 1 ، 27 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن جرائم تقنية المعلومات .
وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بوكيل عنه بمبلغ عشرة ألاف وواحد جنيه دون اتخاذ اجراءات إعلان الدعوى المدنية .
ومحكمة جنح القاهرة الاقتصادية قضت حضورياً في 27/ 4/ 2021 مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات أولاً : ببراءة المتهم .. عن الاتهام الثالث. ثانياً : بتغريم المتهم …….. مبلغ عشرين ألف جنيه عن الاتهامين الأول والثانى والزمته المصاريف الجنائية وبعدم قبول الدعوى المدنية وإلزام رافعها المصروفات .
فاستأنف المحكوم عليه ، وقيد استئنافه برقم 499 لسنة 2021 جنح مستأنف اقتصادية القاهرة ومحكمة القاهرة الاقتصادية – بهيئة استئنافية – قضت بجلسة 10 من يناير سنة 2022 حضورياً أولاً : بقبول الاستئناف شكلاً. ثانياً : وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بتخفيض الغرامة المقضي بها إلى مبلغ خمسة آلاف جنيه والتأييد فيما عدا ذلك وألزمت المستأنف المصروفات الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 9 من مارس سنة 2022 . وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن المحكوم عليه في ذات التاريخ موقع عليها المحامي / .. .
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانه بجريمتي تعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، والسب العلني المتضمن خدشاً للشرف والاعتبار قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يستظهر أركان الجريمة الأولى سيما القصد الجنائي رغم الدفع بانتفاء أركانها إستناداً إلى أن النشر بطريق اليوتيوب يخرج عن نطاق المادة 76 من القانون رقم 10 لسنة 2003 ، وأن ما نشر بتلك المقاطع يندرج تحت مظلة النقد الصحفي المباح بما يخرجه عن دائرة التأثيم القانوني كونه صحفياً عملاً بنص المادة 70 من الدستور والمواد 7، 8، 32 من القانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام ، ولم يورد الألفاظ التي تعد سباً في حق المجني عليه ، ويرد على الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية عن جريمة السب لتخلف الشرائط المنصوص عليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وأورد مؤداها في بيان كاف يتفق ويتوائم مع ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى . لما كان ذلك ، وكان الإزعاج وفقاً لنص المادة 76 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف اللذان وردا بنص المادة 308 مكرر من قانون العقوبات بل يتسع إلى كل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه ، أياً كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة ، وكان القصد الجنائي في جريمة تعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات يتحقق متى كان الجاني مدركاً وقت مقارفته الجريمة أن أقواله أو كتابته من شأن أيهما أن يزعج الغير، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه ، وكان الحكم المطعون فيه إبان عرضه لصورة الواقعة قد استظهر تعمد الطاعن إزعاج ومضايقة المجنى عليه ، بإساءة استعماله لأجهزة الاتصال ، بأن قام بتسجيل مقطعاً مرئياً قام ببثه عبر موقع التواصل الاجتماعي اليوتيوب تضمن عبارات سب ، وتشهير، وإساءة لسمعة المجنى عليه بقصد إثارة الرأي العام وإثارة الفتن وإشاعة وترويج أخبار كاذبة عنه ، وأنه كان مدركاً وقت مقارفته الجريمة أن ما بثه من مقطع مرئي من شأنه أن يزعج المجنى عليه ، فإن ما أورده الحكم – على السياق المار بيانه – تتوافر به جريمة تعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات كما هي معرفه به في القانون في حق الطاعن بركنيها المادي والمعنوي ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الدفع بانتفاء أركان الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم – كما هو الحال في الدعوى – مما يكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن عدم انطباق المادة 76 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات على الواقعة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها ، مما تستقل به بغير معقب ويكون منعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت حرية الصحفي هي جزء من حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص ، كما أن حرية التعبير عن الفكر، شأنها شأن ممارسة سائر الحريات ، لا يمكن قيامها بالنسبة إلى جميع الأفراد إلا في حدود احترام كل منهم لحريات غيره حتى لا يكون من وراء استعمال هذه الحريات الاعتداء على حريات الغير، ولما كانت أحكام المواد 166 مکرر، 171/ 3 ، 306 من قانون العقوبات ، و 70 ، 76/ 1 بند 2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات ، التي دين الطاعن بموجبها ، لا تمس حرية الصحفي ولا تتجاوز ممارسة الفرد لحرية التعبير عن فكره في الحدود التي تضمن عدم المساس بحريات غيره . وكان من المقرر أن النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته ، فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه باعتباره مكوناً لجريمة السب أو القذف ، ولا يشفع في تجاوز حدود النقد المباح أن تكون العبارات المهينة التي استعملها المتهم هي مما جرى العرف على المساجلة بها . وإذ كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن العبارات التي قالها الطاعن باستخدام موقع التواصل الاجتماعي يوتيوب ونشرها عبر حسابه المسمى نجم الجماهير وقناته الخاصة والتي استظهرها الحكم من شأنها – لو صحت – لاستوجبت عقاب المدعى بالحق المدني واحتقاره عند أهل وطنه ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بقالة إن ما نشره من قبيل النقد المباح ، يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه المؤيد والمكمل له قد أوردا بمدوناتهما – خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه – ألفاظ السب التي نشرها الطاعن بمقاطع الفيديو على حسابه الشخصي بموقع اليوتيوب وأنها تعد سباً في حق المجني عليه ، وكانت العبارات التي أورده الحكم في هذا الشأن تسوغ النتيجة التي رتبها الحكم عليها من توافر أركان جريمة السب التي دان الطاعن بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الأدلة ، مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، ويكون نعيه في هذا المنحى غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد دان الطاعن بجريمتي تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، والسب بطريق وسائل الاتصال ، وأعمل في حقه نص المادة 32 من قانون العقوبات ، وأوقع عليها عقوبة واحدة هي تلك المقررة للجريمة الأولى -باعتبارها الجريمة الأشد – والمعاقب عليها بالمادة 76/ 2 من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 ، وكانت تلك الجريمة ليست من عداد الجرائم المشار إليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية والتي يتوقف رفع الدعوى الجنائية بشأنها على شكوى المجنى عليه أو وكيله الخاص ، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء بنص من الشارع ، وكانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى ضد الطاعن عن الجريمة – الأشد المشار إليها – والتي دين بها المؤثمة بمواد قانون تنظيم الاتصالات والتي خلت من أي قيد على حريتها في رفع الدعوى الجنائية عن الأفعال المبينة بها ، ومن ثم فلا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن جريمة السب وعدم بيان أركانها وتحريك الدعوى الجنائية بالنسبة لها . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:- بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه ومصادرة الكفالة