طعن رقم 7579 لسنة 89 ق نقض جنائي

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
السبت “ج”
برئاسة السيد القاضي/ محمد متولي عامر “نائب رئيس المحكمة”
وعضوية السادة القضاة/ محمد جمال الشربيني ناجي عز الدين
ومحسن البكري وعبد الحميد جابر
“نواب رئيس المحكمة”
بحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ عبد الرحيم بريك.
وأمين السر السيد/ رجب حسين.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة.
في يوم السبت 21 ربيع الأول سنة 1442هـ الموافق 7 من نوفمبر سنة 2020م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 7579 لسنة 89 القضائية.
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم 922 لسنة 2016 جنح اقتصادية المنصورة، بوصف أنه في غضون شهر يناير لسنة 2016 بدائرة مركز دكرنس – محافظة الدقهلية:
أنشأ وشغل شبكة اتصالات وقدم تلك الخدمة للغير دون الحصول على ترخيص الجهاز القومي للاتصالات.
وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 3، 21/1، 67، 70، 72/ بندي 1-3 من القانون رقم 10 لسنة 2003.
ومحكمة جنح المنصورة الاقتصادية قضت حضوريا بتوكيل بجلسة 28 من يونيه سنة 2016 بتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه وألزمته المصاريف الجنائية. بعد أن عدلت وصف التهمة إلى أنه بتاريخ سابق على 19/1/2016 قدم خدمة اتصالات للغير دون الحصول على ترخيص من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.
فاستأنف المحكوم عليه – وقيد استئنافه برقم 54 لسنة 2016 جنح مستأنف اقتصادية المنصورة.
ومحكمة جنح المنصورة الاقتصادية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بجلسة 23 من أكتوبر سنة 2016 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم المصاريف الجنائية.
فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.
وبتاريخ 22/12/2018 قضت الدائرة (7) بمحكمة استئناف القاهرة – طعون نقض الجنح – بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الطعن وأحالته بحالته إلى محكمة النقض لنظره أمام الدائرة المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 13 من ديسمبر سنة 2016.
وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب الطعن من المحكوم عليه موقع عليها من الأستاذ/ …… المحامي، وهو من المحامين المقبولين أمام محكمة النقض
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمداولة قانونا:-
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقديم خدمة اتصالات للغير دون الحصول على ترخيص من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه خلا من بيان أركان الجريمة التي دانه بها إذ عول فيها على أدلة لا تصلح للإدانة، وهو ضبط جهاز الراوتر بمسكنه. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بموجب الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى وأدلتها بما مؤداه ما سطره العقيد/ ………. رئيس فرع شرق الدلتا بالإدارة العامة للمعلومات والتوثيق بمحضر التحريات وأقواله بشأنها أنه بناء على بلاغ كل من ……….. و……….. من قيام مجهول بالاستيلاء على حسابي زوج كل منهما على مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتحصله على صورة عارية لهما من هذين الحسابين وطلبه مبالغ مالية منهما وإنه بالفحص الفني للبلاغين تبين أن مرتكب الواقعتين استخدم رقمين تعريفيين من جهاز حاسب آلي بجهاز adsI متصل بخط تليفون منزلي بين رقمه بالمحضر مسجل في الشركة المصرية للاتصالات باسم آخر تبين من التحريات وفاته وأن مستخدم خدمة الانترنت على ذلك الخط هو المتهم الماثل – الطاعن – وأنه استصدار إذنا من النيابة العامة بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهم وإنه نفاذا للإذن قام بتفتيش مسكن المتهم عثر على جهاز راوتر لإمداد غيره بخدمة الانترنت بدون ترخيص، وأسس الحكم المطعون فيه هذا القضاء استنادا على ضبط الراوتر بمنزل المتهم وثبوت تقديمه للخدمة لشخص آخر ليس محل اتهام في الدعوى الماثلة.
وحيث إنه من المقرر في أصول الاستدلال، أن يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم، مؤديا إلى ما رتبه عليه من نتائج، من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق، وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال والفروض والاعتبارات المجردة. لما كان ذلك، وكان يبين من المفردات – المرفقة – أنه بناء على البلاغين السابقين والتحريات التي أجريت بشأنهما تم ضبط متهم آخر غير مقدم في الدعوى الماثلة بارتكاب الجريمة محل البلاغين سالفي البيان عن طريق جهاز حاسب آلي ضبط في منزله تبين من معاينة ضابط الواقعة والفنيين معه اتصاله بسلك متصل بالراوتر المضبوط بمسكن الطاعن الذي لم يكن حاضرا بمسكنه وقت عملية الضبط، كما تبين من التحريات وأقوال مجريها أن الطاعن هو من قام بالاشتراك في خدمة النت من الشركة المصرية للاتصالات باسمه في منزله، كما يبين من المفردات كذلك وجود صلة قرابة بين الطاعن والمتهم الآخر الغير مقدم في الدعوى الماثلة ويقطنا في عمارة واحدة تجمعهما وغيرهما من الأقارب، كما توصلت التحريات وأقوال مجريها وبناء على إقرار المتهم الآخر لضابط الواقعة بأنه المسئول وحده عن ارتكاب الجريمة محل البلاغين، وأنه هو من قام بتوصيل سلك النت من الراوتر المملوك للطاعن بالحاسب الخاص به، وأن النت يستخدمه كل قاطني العقار، كما توصلت التحريات كذلك إلى أنه لا صلة للطاعن بالجريمة المدان بها المتهم الآخر، كما ثبت من المفردات أن الطاعن كان معظم الفترة ما بين تقديم البلاغ وتحرير محضر التحريات ونفاذ الإذن خارج البلاد وذلك وفق شهادة التحركات التي قدمها بالأوراق وحضر قبل حدوث واقعة الضبط بفترة وجيزة، الأمر الذي يتضح معه خلو الأوراق من دليل أو قرينة على ارتكاب الطاعن الجريمة الماثلة، وكان ضبط الراوتر في منزل الطاعن ووجود وصلة نت منه للمتهم الآخر بمسكنه في ذات العقار لا يفيد معه بطريق اللزوم العقلي قيامه بارتكاب جريمة تقديم خدمة اتصالات للغير، إذ قد يكون ذلك لاستخدامه الخاص أو لقاطني العقار محل الواقعة، وهو ما تأكد من أقوال المتهم الآخر وبعض أقاربه وأكدته التحريات كذلك، من استخدامهم لخدمة النت من خط التليفون الأرضي بذلك العقار المسجل باسم أحد أقاربهم المتوفي، وقيام الطاعن بالاشتراك في هذه الخدمة من الشركة المختصة من خلال ذلك الخط، من أجل الاستخدام الخاص، وخلت الأوراق من دليل على قيامه بتقديم تلك الخدمة للغير خلاف أقاربه قاطني العقار معه، وإذ كان القانون رقم 10 لسنة 2003 بإصدار قانون تنظيم الاتصالات قد جرم في الفقرة الأولى من المادة 21 منه تقديم خدمة الاتصالات للغير، إلا أنه أردف في الفقرة الأخيرة من تلك المادة ونص على أنه لا يلزم الحصول على ترخيص من الجهاز لتشغيل شبكة اتصالات خاصة لا تستخدم أنظمة اتصال لاسلكية اكتفاء بقيام المشغل المرخص له بإخطاره بذلك، فإذا كان تشغيل شبكة اتصالات خاصة على البنية الأساسية لذلك المشغل لا يتطلب الحصول على ترخيص، فمن باب اللزوم العقلي والتفسير الصحيح لنص القانون وبيان إرادة المشرع أن استخدام خدمة النت من جهاز راوتر واحد من قبل قاطني العقار الموجود به والمتصل بخط التليفون الأرضي بذلك العقار للأغراض الخاصة بهم لا يتطلب له الحصول على ترخيص من الجهاز المختص، إذ لا يعد ذلك تقديم لخدمة اتصالات للغير تستوجب الحصول على ترخيص. والقول بغير ذلك يجعل من إنشاء المشغل شبكة اتصالات خاصة في بنيته الأساسية بدون ترخيص بمنأى عن التجريم، في حين تجريم تقديم خدمة الاتصالات للأغراض الخاصة في ذات البنية الأساسية، وهو ما يتنزه عنه المشرع بالطبع وتأباه قواعد العدالة. لما كان ذلك، وإذ جاءت الأوراق – وعلى ما أفصحت عنه مدونات الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم وكذا مفردات القضية المرفقة – خلوا من أي دليل يمكن التعويل عليه في إدانة الطاعن، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما هو منسوب إليه، وذلك عملا بالفقرة الأولى من المادة 39 من القرار بقانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما أسند إليه