باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الأحد (ب)
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ محمد عبد العال نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة/ صلاح محمد أحمد و توفيق سليم
خالد الصاوي نواب رئيس المحكمة
عبد الرحمن بجاتو
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ محمود حلاوة.
وأمين السر السيد/ نجيب لبيب محمد.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأحد 4 من ذي القعدة سنة 1445 ه الموافق 12 من مايو سنة 2024 م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 740 لسنة 93 القضائية
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم ………. لسنة ……… جنح ……… الاقتصادية.
بأنه في يوم 9/3/2021 بدائرة مركز …….- محافظة ……..
قام باختراق الحساب الشخصي للمجني عليه سالف الذكر.
وطلبت عقابه بالمادة 18 من القانون 175 لسنة 2018.
ومحكمة جنح …….. الاقتصادية قضت غيابيا في 16 من يونيه سنة 2022 بتغريم المتهم/ ……… مبلغ مائة ألف جنيه .
فعارض المحكوم عليه في هذا الحكم وقضت ذات المحكمة بتاريخ 28 من يوليو سنة 2022 بقبول المعارضة شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المعارض فيه وألزمت المتهم المعارض بالمصاريف الجنائية.
فاستأنف المحكوم عليه وقيد استئنافه برقم …………. لسنة ………. جنح مستأنف ……. الاقتصادية.
ومحكمة ……… الاقتصادية -(بهيئة استئنافية) – قضت حضوريا بتوكيل بتاريخ 5 من نوفمبر سنة 2022 بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم المستأنف ……….. مبلغ خمسين ألف جنيه وألزمته بالمصروفات الجنائية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض 5 من ديسمبر سنة 2022.
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن من المحكوم عليه بذات التاريخ موقعا عليها من الأستاذ/ ……… المحامي.
وبجلسة المحاكمة سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر وبعد سماع المرافعة والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر قانونا.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة اختراق حساب خاص بآحاد الناس على موقع التواصل الاجتماعي “الفيس بوك” بشبكة المعلومات الدولية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أن ما أورده من أسباب لا يكفي بيانا لواقعة الدعوى وأدلتها، وأعرض دون رد عن دفاع الطاعن بانتفاء الركن المادي والقصد الجنائي بدلالة انتفاء الضرر المادي والأدبي، وعول على تقرير الفحص الفني مع ما شابه من عوار وبطلان لما ساقه بأسباب طعنه، وعلى أقوال المجني عليه مع عدم صلاحيتها كدليل وتراخيه في الإبلاغ، والتفتت المحكمة عما قدمه من مستندات ولم تعمد إلى تفريغ بطاقة الذاكرة الإلكترونية “الفلاشة” المقدمة منه تدليلا على نفي التهمة عنه للوقوف على محتواها أو تجبه لطلبه بالاستعلام من إدارة مباحث الإنترنت عن كيفية دخوله على حساب المجنى عليه وأن ذلك كان بإرادة الأخير وحساب العوائد الخاصة به وما لحقه من جراء ذلك من أضرار مادية وادبية خاصة وقد خلت الاوراق مما يفيد حصوله على عائد مادي أو أدبي من فعله. كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وبين مضمون تلك الأدلة – خلافا لقول الطاعن -، وقد جاء استعراض المحكمة لتلك الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، فيكون ذلك محققا لحكم القانون وبات ما ينعاه الطاعن على الحكم من القصور في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت قيام الطاعن باختراق الحساب الشخصي للمجني عليه مستخدما حسابه عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” والمرتبط بالخط الهاتف المحمول المملوك له واختراقه لصفحة الإعجاب الخاصة به وسرقة العوائد المرسلة إليه من الموقع وإساءة استخدامها عمدا مما يتوافر به الركن المادي للجريمة التي دين بها، وكان القصد الجنائي في جريمة اختراق حساب خاص، يتحقق متى تعمد الجاني الدخول غير المرخص أو بطريقة غير مشروعة على حساب خاص لشخص طبيعي أو اعتباري، يحتوي على مجموعة من المعلومات الخاصة بهذا الشخص تخوله دون غيره الحق في الدخول على الخدمات المتاحة أو استخدامها من خلال موقع أو نظام معلوماتي، وليس لازما على الحكم التحدث صراحة أو استقلالا عن توافر هذا الركن، مادام ما أورده يشهد لقيامه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة -، وكان الضرر ليس ركنا من أركان هذه الجريمة، وكان ما أورده الحكم – في مدوناته من أدلة وقرائن- سائغا وكافيا للتدليل على ثبوت الجريمة التي دان الطاعن بها بركنيها، فإن هذا حسبه ليبرأ مما يثيره الطاعن في هذا الشأن، فإن منعاه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن باقي الأدلة ولها الأخذ بما تطمئن إليه منه والالتفات عما عداه، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الفحص الفني الخاص بقسم المساعدات الفنية بالإدارة العامة لتقنية المعلومات بوزارة الداخلية واستندت إلى رأيه الفني، ومن ثم لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على التقرير آنف البيان ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض، فضلا عن أن الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أيا من الطاعن أو الحاضر معه لم يبدى اعتراضا على التقرير، فان تعييبه من بعد للأسباب التي اوردها بمذكرة أسباب طعنه لا يعدو ان يكون تعييبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن في الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن تأخر الشاهد في الإبلاغ لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته، وإذ كانت المحكمة – في الدعوى الراهنة – قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه في الدعوى وصحة تصويره للواقعة، ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم تعويله في قضائه بالإدانة على أقواله، ويغدو منعي الطاعن في هذا الخصوص لا سند له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها – كالحال في الدعوى الماثلة – ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن المستندات التي قدمها الطاعن، ويكون منعاه في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محاضر الجلسات أن أيا من الطاعن أو دفاعه لم يطلب من المحكمة تفريغ بطاقة الذاكرة الإلكترونية “الفلاشة” المقدمة منه للوقوف على محتواها أو الاستعلام من إدارة مباحث الإنترنت عن كيفية دخوله على حساب المجني عليه وحساب العوائد الخاصة به، فليس له -من بعد- النعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها، ولم تر هي من جانبها لزوما لإجرائه ما دامت الواقعة قد وضحت لديها، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من خلو الأوراق من حصوله على عائد مادي أو أدبي من الجريمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة ردا صريحا مادام الرد يستفاد -ضمنا- من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم لا يكون منعاه في هذا الصدد مقبولا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، متعينا رفضه موضوعا، مع مصادرة الكفالة
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه ومصادرة الكفالة