باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الاثنين ( ج )
برئاسة السيد القاضي / مهاد خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عصام عباس و رفعت سند و السيد جابر و هيثم خضر نواب رئيس المحكمة وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / عمرو الحسيني. وأمين السر السيد / علي محمود.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الاثنين 2 من شعبان سنة 1445 هـ الموافق 12 من فبراير سنة 2024م.
أصدرت الحكم الآتي :
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم … لسنة … جنايات قسم مرسى علم ( والمقيدة برقم … لسنة … كلي البحر الأحمر ).
بأنه في غضون شهر فبراير سنة 2019 – بدائرة قسم مرسى علم – محافظة البحر الأحمر.
1- هدد المجني عليها ………….- بولندية الجنسية – كتابة بإفشاء أمور مخدشة بالشرف وكان التهديد مصحوبا بطلب وهو تسجيل مقطع بصوتها مفاده تبرئته في الجنحة رقم …. لسنة 2019 جنح مرسى علم.
2- اعتدى على حرمة الحياة الخاصة بالمجني عليها سالفة الذكر بأن التقط عن طريق جهاز متصل بشبكة الإنترنت مقاطع مرئية لها في مكان خاص بأوضاع مخلة واستعملها بغير رضائها بأن هددها بإفشاء وفضح أمرها لحملها على القيام بالعمل محل الوصف السابق.
3- شرع في الحصول بالتهديد من المجني عليها سالفة الذكر على إعطائه المبلغ المالي المبين قدرا بالأوراق إلا أنه خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو عدم امتثال المجني عليها لطلبه وإبلاغها الشرطة.
4- استخدم حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك بهدف تسهيل ارتكاب الجريمتين محل الوصفين السابقين.
5- تعمد إزعاج المجني عليها سالفة الذكر وكان ذلك بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلى محكمة جنايات البحر الأحمر لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وبجلسة 5 من ديسمبر سنة 2022 ادعت المجني عليها مدنيا – بوكيل عنها – قبل المتهم بمبلغ مليون جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.
ومحكمة الجنايات المذكورة قضت حضوريا بجلسة 6 من ديسمبر سنة 2022 ، عملا بالمواد 309، 309 مكررا/ 1 بند (ب) ، 309 مكررا (أ)/ 1-2-4، 326، 327/ 1 من قانون العقوبات ، والمواد 1، 2/ 4، 70، 76/ 1 بند (2) من القانون رقم 10 لسنة 2003 ، والمواد 1، 11، 12، 27 من القانون رقم 175 لسنة 2018 ، بعد إعمال حكم المادتين 17، 32 من قانون العقوبات .
بمعاقبة .بالحبس ستة أشهر مع الشغل ومصادرة الأسطوانات المضبوطة وألزمته المصروفات الجنائية ، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة.
قرر المحكوم عليه – بوكيل عنه – بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 30 من يناير سنة 2023.
وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض موقع عليها من الأستاذ/ ..
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم التهديد كتابة بواسطة رسائل إلكترونية بإفشاء مقاطع فيديو مخدشة بالشرف مصحوبا بطلب ، والشروع في التحصل من المجني عليها على مبلغ نقدي ، والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة بها ، واستخدام حساب خاص على شبكة معلوماتية بقصد ارتكاب جريمة ، وتعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن الحكم اعتوره الغموض والإبهام والإجمال ولم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة وظروفها بيانا تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها ، ولم يورد مضمون الأدلة التي عول عليها في بيان جلي ، خاصة شهادة الشاهد الثاني ، ولم يعن باستظهار أركان جريمة التهديد موضوع التهمة الأولى في حق الطاعن ، واعتنق الحكم صور متناقضة لدى تحصيله واقعة الدعوى ، وارتكن إلى التحريات مع أنها جاءت ترديدا لأقوال المجني عليها ولم يتم الإفصاح عن مصدرها ومحل نعي بعدم الجدية والبطلان ، ولم تفطن المحكمة إلى تراخي المجني عليها في الإبلاغ عن الواقعة ، وقام دفاع الطاعن على بطلان الدليل المستمد من الأسطوانات المدمجة محل التسجيلات والمشاهد المرئية لتقديمها وتفريغها بمعرفة المجني عليها دون التأكد من صحتها ومصدرها ، لا سيما وأن الطاعن لم يتم استجوابه بالتحقيقات ، فضلا عن انتفاء صلته بخط الهاتف المحمول المستخدم في الواقعة وعدم تصور حدوثها على النحو الوارد بالأوراق وتلفيق الاتهام له ، وأعرض الحكم عما قدمه الطاعن من استعلام من شركة الاتصالات يؤكد أن مالك هذا الخط شخص آخر غيره بما يدل على عدم ارتكابه الواقعة ، ودون أن تجري المحكمة تحقيقا في هذا الصدد ، وشاب تحقيقات النيابة العامة القصور ، ولم تقم المحكمة بعرض ذلك المقطع المرئي على الجهة الفنية المختصة لبيان عما إذا كان الشخص الذي ظهر به هو الطاعن من عدمه ، كل أولئك ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – كان ذلك محققا لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى أقوال شاهد الإثبات الثاني الملازم أول . – على خلاف ما يزعمه الطاعن بوجه طعنه – في بيان واف يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، فإن منعاه على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الركن المادي في جريمة التهديد المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 327 من قانون العقوبات يتوافر إذا وقع التهديد كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال أو بإفشاء أو نسب أمور خادشة للشرف ، وكان التهديد مصحوبا بطلب أو تكليف بأمر ، وكان الحكم قد أورد بأسبابه قيام الطاعن بتهديد المجني عليها عبر موقع التواصل الاجتماعي – فيس بوك – بمقطع مرئي لديه قام بتسجيله خلسة منها أثناء معاشرته لها جنسيا أثناء فترة زواجهما بمسكن الزوجية طالبا إياها تسجيل مقطع صوتي لها مفاده تبرئته في الجنحة رقم 1320 لسنة 2019 جنح مرسى علم من أجل العودة لعمله وكذا مبلغ مالي وهددها بنشر المقطع المرئي على جروب الفيس بوك الخاص ببلدتها ، وإذ كان مصطلح الكتابة قد ورد في المادة 327 سالفة الذكر على سبيل البيان في صيغة عامة لتشمل كافة وسائل الكتابة المختلفة سواء كانت بالطرق التقليدية أو بإحدى الوسائل الإلكترونية الحديثة ، فإذا أثبت الحكم على الطاعن إرساله عبارات التهديد عن طريق الوسائط الإلكترونية الحديثة – وهي لوحة المفاتيح – بقصد إيقاع الخوف في نفس المجني عليها لحملها على أداء ما هو مطلوب منها ، فإنه يكون قد استظهر الركن المادي لجريمة التهديد موضوع الاتهام كما هي معرفة به في القانون ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التهديد يتوافر متى ثبت للمحكمة أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليه وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه من أن يذعن – مرغما – إلى إجابة الطلب ، وكان لا يلزم التحدث استقلالا عن هذا الركن ، بل يكفي أن يكون مفهوما من عبارات الحكم وصراحة عبارات التهديد وظروف الواقعة كما أوردها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن ماهية الصور المتناقضة التي اعتنقها الحكم ، بل ساق قولا مرسلا مجهلا ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولا ، هذا فضلا عن أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادما متساقطا لا شيء فيه باقيا يمكن أن يعتبر قواما لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة للواقعة ثم ساق أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته دون تناقض ، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى التناقض في التسبيب لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، ولا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديدا لما أبلغت به المجني عليها لأن مفاد ذلك بأن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، كما لا يقدح في جديتها ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو وسيلته في إجراء ذلك التحري ، فضلا عن أن الحكم قد عرض لدفع الطاعن في هذا الصدد واطرحه بما يسوغه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تأخر المجني عليها في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادتها ، وأنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ، ذلك بأن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من الأسطوانات المدمجة محل التسجيلات والمشاهد المرئية ، وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييدا وتعزيزا للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام لم يتخذ من نتيجتها دليلا أساسيا على ثبوت الاتهام قبل المتهم ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في الصدد لا يكون قويما . فضلا عن أن الواضح من محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئا عما أورده بوجه الطعن من بطلان الدليل المستمد من الأسطوانات المدمجة محل التسجيلات والمشاهد المرئية لتقديمها وتفريغها بمعرفة المجني عليها للمحكمة دون التأكد من صحتها ومصدرها ومن ثم فلا يسوغ له أن يثير تلك الأمور لأول مرة أمام محكمة النقض ذلك لأنها دفاع موضوعي . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن عدم سؤال المتهم في التحقيق لا يترتب عليه بطلان الإجراءات ، إذ لا مانع في القانون يمنع من رفع الدعوى الجنائية دون استجواب المتهم ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن دفع الطاعن بانتفاء صلته بخط الهاتف المحمول المستخدم في الواقعة وعدم تصور حدوثها وتلفيق الاتهام له ، من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل – في الأصل – ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع الطاعن في شقيه الأول والأخير واطرحهما برد كاف وسائغ يستقيم به ما خلص إليه من رفض هذين الدفعين ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن النعي على الحكم التفاته عن الاستعلام من شركة الاتصالات الذي قدمه الطاعن للتدليل على عدم ارتكابه الواقعة يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إجراء أي تحقيق ، فليس له بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئا عما يدعيه من قصور تحقيقات النيابة العامة لاستنادها إلى التحريات المجراه بمعرفة الشاهد الثاني رغم عدم توصلها لأركان جريمة التهديد وقعودها عن التحقق من حقيقة الشخص الذي ظهر مع المجني عليها بالمقطع المرئي المصور ، ولم يطلب إلى المحكمة تدارك هذه الأمور ، ومن ثم فلا يحل له – من بعد – أن يثير شيئا من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ إنه لا يعدو أن يكون تعييبا للإجراءات والتحقيقات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له . كما أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة عرض المقطع المرئي على الجهة الفنية المختصة لبيان عما إذا كان الشخص الذي ظهر به هو الطاعن من عدمه ، فليس له من بعد أن يعيب على المحكمة عدم اتخاذها إجراء لم يطلبه منها . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون قد أقيم على غير أساس جديرا برفضه موضوع
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه