باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الأحد (د)
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ حسن الغزيري نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ عادل عمارة وعاطف عبد السميع
أحمد رضوان وهشام رضوان عبد العليم
نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ أحمد الجندي.
وأمين السر السيد/ فتحي يونس.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأحد 8 من ربيع الأول لسنة 1442هـ الموافق 25 من أكتوبر سنة 2020م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 19196 لسنة 88ق.
اتهمت النيابة العامة المحكوم عليهما في الجنحة الصحفية رقم …. لسنة 2016 قسم الدقي.
بأنهما في غضون عام 2016 بدائرة قسم الدقي- محافظة الجيزة.
المتهم الأول- الطاعن:
1- أهان هيئة الأزهر بأن أسند إليها أموراً لو صحت لأوجبت احتقار الهيئة والحط من كرامتها وهيبتها وذلك في الأخبار محل الشكاية والمنشورة بجريدة …. و بالموقع الإلكتروني …. بتواريخ (14/ 4/ 2016، 21/ 4/ 2016، 5/ 5/ 2016، 12/ 5/ 2016، 26/ 5/ 2016، 16/ 6/ 2016، 23/ 6/ 2016، 30/ 6/ 2016، 14/ 7/ 2016، 21/ 7/ 2016، 28/ 7/ 2016) والمعنونة “فساد الأزهر” بأن وصفه بالفاسد والمتدني وشبهه بالسلع الاستهلاكية ووصفه بأنه يعيش فترات حياته وكذا وصف القائمين عليه بالفاسدين والعصابة وأنهم يرتكبون الجرائم المالية والأخلاقية وأنهم مجموعة من أصحاب المصالح والمنافع الرخيصة وأنهم ينتمون إلى جماعة الإخوان بأن ذكر “أن فضيلة الإمام ومعاونه يطرمخون على الفساد” وأن معاون الإمام الأكبر يقف في ترخص ويطلب أمراً غريباً من الضيف الكبير أمام شيخ الأزهر ويطلب المال في بؤس وتدن من ضيف يزوره في بيته على طريقة الشحاذين “تفرغوا لتقسيم الكعكة والهبات الخارجية داخل المشيخة”- أن بيت القصيد هو بعض معاوني الشيخ من المنتفعين الذين قفزوا على المشيخة بالمداهنة والتملق وتخطوا رقاب العلماء والأساتذة الكبار والكوادر العلمية التي يزخر بها الأزهر دوماً جامعاً وجامعة حتى عاثوا فساداً ولم يرقبوا في الأزهر إلا ولا ذمة وتحكم عصابة من المحيطين بفضيلة الإمام الأكبر في مقاليد الأمور بداخل المشيخة وبعضهم ليسوا فوق الشبهات ونريد أن نحمي الأزهر وشيخه من عصابة السوء المحيطة به ومستوى التدني الذي وصلت إليه مؤسسة الأزهر فوجئ الجميع بأن الأزهر يقوم بحملة إعلانات في الشوارع والميادين والكباري العلوية على طريقة مسلسلات رمضان وإعلانات الزيت والسمن والدانـدو يقومون بعملية تورية وتغطية كبيرة على جرائمهم المرصودة بحق المؤسسة من عمليات فساد وإفساد للعملية التعلمية والتورية على جريمة إيواء عناصر جماعة الإخوان الإرهابية التي تشارك في إدارة المشيخة والتي يسيطر معظمها على هيئة كبار العلماء كم التجاوزات التي تعوم عليها المشيخة تصل التجاوزات إلى حد الركب وتسويغاً كاملاً لارتكاب الجرائم الإدارية والأخلاقية الأمر الذي جعل سمعة الأزهر المالية والأخلاقية تتدهور لأول مرة في تاريخه على يد مجموعة من أصحاب المنافع، ويعيش الآن أحط فترة مرت عليه في حياته بعد أن تكالبت على إدارته مجموعة من أصحاب المصالح والمنافع الرخيصة وكان ذلك بسوء قصد وبلا سند لكل قالة أسندها إلى تلك الهيئة على النحو المبين بالتحقيقات.
2- نشر بسوء قصد أخباراً كاذبة مضمونها (تلقي الأزهر لهبات بدون موافقة الدولة، عدم تطوير البنية التحتية للأزهر، عدم إنشاء قناة فضائية للأزهر، عدم وجود مركز إعلامي للأزهر، تعيين أستاذ جامعي بالمجاملة إماماً وخطيباً لمسجد بروما، إنه تم تشكيل لجنة استثنائية لترقية أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر وعدم خضوع الأزهر للأجهزة الرقابية بالدولة وإيواء عناصر جماعة الإخوان المسلمين بالأزهر وموافقة الأزهر على إنشاء فرع لجامعة الأزهر بدولة الإمارات بدون علم الدولة) مع علمه بكذبها وذلك في أخبار محل الشكاية والمنشورة بجريدة …. وبالموقع الإلكتروني …. والمعنونة “فساد الأزهر” والمنشورة بتواريخ (14/ 4/ 2016، 21/ 4/ 2016، 5/ 5/ 2016، 12/ 5/ 2016، 26/ 5/ 2016، 16/ 6/ 2016، 23/ 6/ 2016، 30/ 6/ 2016، 14/ 7/ 2016، 21/ 7/ 2016، 28/ 7/ 2016) مما كان من شأنه تكدير السلم العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
3- قذف بطريق النشر المجني عليه/ …. بصفته قاضياً بمجلس الدولة ومستشاراً قانونياً لشيخ الأزهر بأن أسند إليه أموراً لو صحت لأوجبت عقابه واحتقاره عند أهله وذويه وذلك بالمقال المعنون (فساد الأزهر وعملية بيع الجامعة) والمنشور بجريدة …. وبالموقع الإلكتروني …. بتاريخ 28/ 7/ 2016 وكذا المقال المعنون (فساد الأزهر وعزبة ….) والمنشور بجريدة …. وبالموقع الإلكتروني …. بتاريخ 4/ 8/ 2016 بأن نسب إليه العمل بالمخالفة للقانون وتحويل الأزهر إلى عزبة خاصة به وتجنيده للمرتزقة بداخل الأزهر والارتباط بجماعة الإخوان واستغلال مهام وظيفته بأن ذكر عبارات “عزبة ….” “مرتزقة ….” أن الإخوان هم من يسيطرون على الأزهر عبر …. وفقاً لما يفعله …. من تمكين الجماعة من الأزهر و…. صغير السن لكنه يتحكم في العلماء والشيوخ الكبار “ويعمل مستشاراً للأزهر بالمخالفة للقانون” “أوهم …. وشركاؤه الإخوة المسئولين بالدولة الشقيقة أن الدولة موافقة وهو تجاوز كبير في حق الدولة” ولم يقم …. للأخوة الأشقاء في الدولة الخليجية الحقيقة. في المقال المقبل سأكتب بالتفاصيل قضية …. في هيئة النيابة الإدارية وكيف انتقل من الدولة واستمراره مستشاراً لشيخ الأزهر بالمخالفة للقانون وعمليات تظبيط أقاربه داخل الجامعة والمشيخة وعليه أن يرد إن كان لديه ما يرد به دون أن يحتمي في المشيخة ويصدر بيانات باسمها وكأنه حامي الحمى والجميع يعلم نفوذ …. بداخل المشيخة لدرجة أن الرجل وفقاً للمنصب مجرد مستشار قانوني أصبح له استراحة فاخرة داخل المشيخة وهي ميزة لا تتوافر إلا لشيخ الأزهر أو وكيله مما يدل أن المؤسسة العريقة تحولت على يده إلى عزبة …. وكان ذلك بسوء قصد وبلا سند لكل قالة أسندها إليه على النحو المبين بالأوراق.
المتهم الثاني:- بصفته رئيس تحرير جريدة …. والموقع الإلكتروني (…. الإلكتروني) أخل بأداء واجبات وظيفته المنوط به أداؤها حال كونه مشرفاً على النشر بالجريدة والموقع آنفي البيان وذلك بأن تقاعس عن أداء واجب الإشراف على الأخبار محل الاتهام ولم يباشر بشأنها اختصاصه الوظيفي من حذف وتعديل وحجب ما يلزم مما ترتب عليه نشر الأخبار محل الاتهامات السابقة بما تضمنته من عبارات إهانة لهيئة الأزهر وقذف السيد/ …. وما تضمنته من أخبار مكذوبة على النحو المبين بالتحقيقات.
وطلبت عقابهما بالمواد 171، 184، 185، 188، 200 مكرر (أ)، 302/ 1، 303، 307 من قانون العقوبات.
ومحكمة جنايات الجيزة قضت بتاريخ 6/ 9/ 2017
* غيابياً للمتهم الأول …. وشهرته …. بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريمه عشرين ألف جنيه لما نسب إليه بالتهمتين الأولى والثانية وبالحبس مع الشغل لمدة سنتين وعشرين ألف جنيه لما نسب إليه بالتهمة الثالثة وألزمته المصاريف الجنائية.
* حضورياً للمتهم الثاني …. بتغريمه عشرة آلاف جنيه وألزمته المصاريف الجنائية وبإحالة الدعويين المدنيتين المقامتين من فضيلة شيخ الأزهر والمستشار …. للمحكمة المدنية المختصة وعلى قلم كتاب تلك المحكمة تحديد جلسة لنظرها وإعلان الخصوم بها وأبقت الفصل في المصروفات.
– عارض المحكوم عليه الأول وقضي في معارضته بتاريخ 7/ 3/ 2018 بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وألزمت المتهم بالمصروفات.
– وبتاريخ 10/ 4/ 2018 قرر الأستاذ/ …. المحامي بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض بصفته وكيلاً عن الأستاذ/ …. المحامي الأخير وكيلاً عن المحكوم عليه الأول/ ….
– وبذات التاريخ الأخير السالف الذكر أودعت مذكرة بأسباب طعن المحكوم عليه الأول/ …. موقع عليها من الأستاذ/ …. المحامي المقبول للمرافعة أمام محكمة النقض.
– وبتاريخ 29/ 4/ 2018 قرر السيد الأستاذ المستشار/ …. المحامي العام الأول لنيابة شمال الجيزة الكلية الطعن في هذا الحكم بطريق النقض
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً
* حيث إن الطعن المقدم من النيابة العامة والطاعن قد استوفي الشكل المقرر في القانون.
أولاً: عن أسباب الطعن المقدمة من النيابة العامة:
تنعى النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجرائم إهانة هيئة نظامية “الأزهر الشريف” ونشر بسوء قصد أخباراً كاذبة والقذف في حق أحد المكلفين بخدمة عامة “المستشار القانوني لشيخ الأزهر” قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك بأن أوقع عليه عقوبة الحبس عن تهمة القذف في حق أحد المكلفين بخدمة عامة رغم إلغائها بمقتضى القانون 147 لسنة 2006 مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ثانياً: أسباب الطعن المقدمة من الطاعن:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعن بجرائم إهانة هيئة نظامية “الأزهر الشريف” ونشر بسوء قصد أخباراً كاذبة والقذف في حق أحد المكلفين بخدمة عامة “المستشار القانوني لشيخ الأزهر” قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك بأن أوقع عليه عقوبة الحبس عن تهمة القذف في حق أحد المكلفين بخدمة عامة رغم إلغائها بمقتضى القانون 147 لسنة 2006 ويضيف الطاعن أنه أوقع عليه عقوبات سالبة الحرية رغم إلغائها بمقتضى المادة 71 من الدستور، واعتبر الأزهر من ضمن الهيئات النظامية وهو لا يعد كذلك إذ إن الهيئات النظامية في مفهوم هذه المادة هي التي تخضع لقواعد انضباطية، وأوقع عليه عقوبة مستقلة عن تهمة القذف رغم ما بين التهم جميعاً من ارتباط وأخيراً لم يستظهر القصد الجنائي في حق الطاعن.
مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان المستفاد من نص المادتين 67، 71 من الدستور أن الشارع وضع فيهما سياجاً دستورياً لحماية حرية الفكر والإبداع ونصتا على منع توقيع أي عقوبة سالبة للحرية للجرائم التي ترتكب بسببها واستثنى من ذلك الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن في أعراض الأفراد فقد ترك ذلك للقانون ولما كان ذلك وكانت المادة الخامسة من قانون العقوبات قد نصت على أنه “يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم النهائي قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره” وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المقصود بالقانون الأصلح هو القانون الذي ينشئ للمتهم مركزاً أو وضعاً أصلح له من القانون القديم الذي كان يلغي الجريمة المسندة إليه، أو يلغي بعض عقوباتها أو يخففها، أو يقرر وجهاً للإعفاء من المسئولية الجنائية دون أن يلغي الجريمة ذاتها ونصت المادة 29 من القانون 180 لسنة 2018 على أنه “لا يجوز توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، فيما عدا الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد”، لما كان ذلك وفي ضوء ما سبق فإنه لا يجوز توقيع العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر طالما خلت تلك الجرائم من التحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد شريطة أن تكون الجرائم المنسوبة للمتهم- الصحفي- متعلقة بعمله وهي الأمور المتوفرة في هذه الدعوى ومن ثم أضحى ما نسب للطاعن من جرائم لا يجوز توقيع العقوبات السالبة للحرية عنها ويتعين إعمال نص المادة (29) من القانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن إصدار قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام كونها يتحقق بها معنى القانون الأصلح للمتهم وقد صدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه بحكم بات لما كان ذلك فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه عملاً بنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بإلغاء ما قضى به من عقوبات سالبة للحرية عن جميع التهم المسندة إلى الطاعن، ويضحى طعن النيابة العامة على الحكم المطعون فيه لتوقيعه عقوبة الحبس عن التهمة الثالثة خلافاً لأحكام القانون “بعد ما انتهت إليه هذه المحكمة- محكمة النقض- من إلغاء جميع العقوبات السالبة للحرية “قد فقد جدواه بما يتعين رفضه موضوعاً. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الهيئات النظامية: هي كل ما يعد جزءاً من سلطة الدولة وإدارتها ونظامها وتعمل بإشرافها أو حمايتها وتعبر عن أيدولوجيتها ونظامها كونها تمثل السلطة وتستخدمها في تسيير شئونها، تعمل بإشرافها أو حمايتها وهي مسئولة عن حمايتها من كل اعتداء، ومنه هذا الاعتداء المؤثم بالمادة 184 من قانون العقوبات الذي يمس بهيبتها وكرامتها وبالتالي فهو يمس هيبة الدولة، وأن تكون متمتعة، بوجود مستمر في المجتمع فلا يكون إنشاؤها محدداً بفترة معينة أو تم إلغاؤه. ومن منطلق هذا التعريف فإن الهيئات النظامية تشمل جميع المؤسسات والمرافق العامة والأشخاص والهيئات سواء كانت تتمتع بالشخصية المعنوية أم لا، إذ يوجد من الهيئات النظامية من منحها القانون الشخصية المعنوية، ومنها ما لا تمتلك هذه الشخصية، وأن يكون بيدها نصيب من الأعمال العامة ولو لم يكن لها نصيب من السلطة العامة ولا يشترط في الهيئات النظامية أن يسود تكوينها علاقات تختلف عن العلاقات المدنية البحتة، وخاصة واجب المرؤوس في طاعة رئيسه وواجب الرئيس في قيادة مرؤوسيه والسيطرة على القوة الموضوعة تحت قيادته وكان البين من استعراض بعض نصوص القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها والمعدل بالقانون رقم 13 لسنة 2012 أنه نص في مادته “2” على أن “الأزهر هو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التي تقوم على حفظ التراث الإسلامي ودراسته وتجليته ونشره، وتحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب، وتعمل على إظهار حقيقة الإسلام وأثره في تقدم البشر ورقي الحضارة وكفالة الأمن والطمأنينة وراحة النفس لكل الناس في الدنيا وفي الآخرة. كما تهتم ببعث الحضارة العربية والتراث العلمي والفكري للأمة العربية، وإظهار أثر العرب في تطور الإنسانية وتقدمها، وتعمل على رقي الآداب وتقدم العلوم والفنون وخدمة المجتمع والأهداف القومية والإنسانية والقيم الروحية، وتزويد العالم الإسلامي والوطن العربي بالمختصين وأصحاب الرأي فيما يتصل بالشريعة الإسلامية والثقافة الدينية والعربية ولغة القرآن وتخريج علماء عاملين متفقهين في الدين يجمعون على الإيمان بالله والثقة بالنفس وقوة الروح، كفاية علمية وعملية ومهنية لتأكيد الصلة بين الدين والحياة، والربط بين العقيدة والسلوك، وتأهيل عالم الدين للمشاركة في كل أسباب النشاط والإنتاج والزيادة والقدوة الطيبة وعالم الدنيا للمشاركة في الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ونص في مادته رقم 6 على أنه يكون للأزهر شخصية معنوية عربية الجنس ويكون له الأهلية الكاملة للمقاضاة وقبول التبرعات التي ترد إليه عن طريق الوقف والوصايا والهبات بشرط ألا تتعارض مع الغرض الذي يقوم عليه الأزهر- كما يهتم بتوثيق الروابط الثقافية والعلمية مع الجامعات والهيئات العلمية الإسلامية والعربية والأجنبية- والأزهر هيئة مستقلة تتمتع بشخصية اعتبارية ويكون مقرها القاهرة، ويجوز أن تنشئ فروعاً لها في عواصم المحافظات في مصر، أو في دول العالم، تحقيقاً لأهدافها العالمية السابق الإشارة إليها في هذه المادة، بما في ذلك إنشاء المعاهد والمراكز الإسلامية والبحثية والكليات الجامعية، وتكفل الدولة استقلال الأزهر، كما تكفل الدعم المادي المناسب له ولجامعته وكافة هيئاته. ويمثل الأزهر المرجع النهائي في كل ما يتعلق بشئون الإسلام وعلومه وتراثه واجتهاداته الفقهية والفكرية الحديثة. وفي مادته رقم 18 على أنه “يعين بقرار من رئيس الجمهورية أعضاء مجمع البحوث الإسلامية في أول تشكيل له، بناء على عرض شيخ الأزهر. وفي مادته رقم 41 على أنه يكون تعيين رئيس الجامعة بقرار من رئيس الجمهورية، بناء على ترشيح شيخ الأزهر، ويشترط فيه أن يكون قد شغل أحد كراسي الأستاذية بجامعة الأزهر أو بإحدى الجامعات في جمهورية مصر العربية. وتسري عليه جميع الأحكام التي تطبق على رئيس الجامعة في جمهورية مصر العربية. وفي مادته رقم 66 على أنه فيما عدا أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر وأعضاء الإدارات القانونية بهيئات الأزهر وبمراعاة أحكام هذا القانون وأحكام القانون رقم 19 لسنة 1973 وتعديلاته يطبق على العاملين في الأزهر بجميع هيئاته أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 والقوانين المعدلة له، وذلك فيما يختص بتعيينهم وإجازاتهم وترقياتهم وتأديبهم وإنهاء خدمتهم وغير ذلك من شئونهم الوظيفية. وبمراعاة أحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية يكون لشيخ الأزهر بالنسبة للعاملين بالأزهر وهيئاته- فيما عدا جامعة الأزهر- السلطات والاختصاصات المقررة للوزير.
ويكون له بالنسبة لجامعة الأزهر الاختصاصات المقررة في هذا القانون ولائحته التنفيذية لوكيل الأزهر سلطات وكيل الوزارة المنصوص عليها في القوانين واللوائح ولرئيس جامعة الأزهر سلطة الوزير فيما يختص بالعاملين بالجامعة وطبقاً لما هو محدد باللائحة التنفيذية ولنواب رئيس الجامعة سلطات وكيل الوزارة بالنسبة للعاملين التابعين لكل منهم وللأمين العام للمجلس الأعلى للأزهر والأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية والأمين العام لجامعة الأزهر والمدير العام للمعاهد الأزهرية سلطة رئيس المصلحة بالنسبة للعاملين التابعين لكل منهم، لما كان ذلك وكان الثابت من مواد القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها والمعدل بالقانون رقم 13 لسنة 2012 أن الأزهر يعتبر هيئة مستقلة له شخصية معنوية عربية الجنس يمثله شيخ الأزهر وهو الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التي تقوم بأجل الأعمال المتمثلة في حفظ التراث الإسلامي ودراسته وتجليته ونشره، وتحمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب، وتعمل على إظهار حقيقة الإسلام وأثره في تقدم البشر ورقي الحضارة وكفالة الأمن والطمأنينة وراحة النفس لكل الناس في الدنيا وفي الآخرة وتظهر نصوص قانونه عمله تحت إشراف الدولة وحمايتها ويبين ذلك من تعيين رئيس الجمهورية لوكيل الأزهر ولرئيس جامعة الأزهر وأعضاء مجمع البحوث الإسلامية في أول تشكيل له. كما يطبق على العاملين في الأزهر بجميع هيئاته- فيما عدا أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر وأعضاء الإدارات القانونية بهيئات الأزهر- أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 والقوانين المعدلة له، كل هذه النصوص تدل بجلاء على أن الأزهر إنما يعبر عن الدولة المصرية ويعمل تحت إشرافها وحمايتها ويعد المساس به مساس بهيبة الدولة المصرية ولذا فإن الأزهر هيئة نظامية خاضعة لحماية المادة 184 من قانون العقوبات ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة مستقر على أن تقدير توافر الارتباط المنصوص عليه في المادة 32 من قانون العقوبات هو من سلطة محكمة الموضوع ما لم تكن الوقائع التي أثبتها الحكم دالة على توافر شروط انطباق هذه المادة، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تنبئ بذاتها عن تحقيق الارتباط بين الجريمة الثالثة والجريمتين الأولى والثانية التي دان الطاعن بهما فإن الحكم يكون بمنأى عن الخطأ في تطبيق القانون فيما ذهب إليه من توقيع عقوبة مستقلة عن الجريمة الثالثة. ولما كان ذلك، وكان الطاعن لا يماري فيما نسبه الحكم إليهم بشأن الركن المادي وإنما يدفع الاتهام بتوافر حسن النية، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الإهانة يتحقق متى العبارة بذاتها تحمل الإهانة ولا عبرة بالبواعث، وأن السب سب لا يخرجه عن هذا الوصف أي شيء ولو كان الباعث عليه إظهار الاستياء من أمر مكدر، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من توافر حسن النية فيما وجهه من عبارات إهانة لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن كنه حسن النية في جريمة قذف المكلفين بالخدمة العامة، هو أن يكون الطعن عليهم صادراً عن حسن نية أي عن اعتقاد بصحة وقائع القذف ولخدمة المصلحة العامة لا عن قصد التشهير والتجريح شفاء للضغائن أو لدوافع شخصية ولا يقبل من موجه الطعن في هذه الحال إثبات صحة الوقائع التي أسندها إلى الموظف بل يجب إدانته حتى ولو كان يستطيع إثبات ما قذف به، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص استخلاصاً سائغاً من الأدلة التي أوردها ثبوت جرائم القذف في حق أحد المكلفين بخدمة عامة “المستشار القانوني لشيخ الأزهر” في حق الطاعن وأنه إلى جانب عجزه عن إثبات وقائع القذف فإنه كان سيئ القصد يبغي التشفي والانتقام حين وجه هذه المطاعن جميعاً، فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في العناصر التي كونت المحكمة منها عقيدتها لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لجريمة إهانة إحدى الهيئات النظامية الأزهر الشريف القذف في حق موظف عام بسبب أداء وظيفته طبقاً للمادة 184 من قانون العقوبات والتي عومل الطاعن بها- بحسبان أنها عقوبة الجريمة الأشد- وبعد إلغاء العقوبة السالبة الحرية بالنسبة للطاعن، هي الغرامة التي لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه، كما أن العقوبة المقررة على جريمة القذف في حق أحد المكلفين بخدمة عامة- والتي عوقب عنها الطاعن استقلالاً- طبقاً للمادة 303 بفقرتها الثانية هي الغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه. وأوجبت المادة 307 من قانون العقوبات في حالة ارتكاب الجريمة السالفة الذكر بطريق النشر في إحدى الجرائد أو المطبوعات رفع الحدين الأدنى والأقصى لعقوبة الجريمة إلى ضعفيها وكان من المقرر أن ضعف الشيء في صحيح قواعد اللغة. هو مثليه مما لازمه ألا تقل عقوبة الغرامة على ثلاثين ألف جنيه في جريمة المادة 184 وستين ألف جنيه عن جريمة المادة 303 بفقرتها الثانية من قانون العقوبات وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتغريم الطاعن- عشرين ألف جنيه- عن التهمة الأولى والثانية معاً لما بينهما من ارتباط وقضى بتغريمه عشرين ألف جنيه عن التهمة الثالثة ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. مما كان يتعين معه نقض الحكم- المطعون فيه- نقضاً جزئياً وتصحيحه بجعل عقوبة الغرامة المقضي بها ثلاثين ألف جنيه عن التهمتين الأولى والثانية وستين ألف جنيه عن التهمة الثالثة إلا أن محكمة النقض لا تملك استكمال تصحيح الحكم بتوقيع عقوبة الغرامة بمقدارها الصحيح لأن النيابة الطاعنة لم تنع على الحكم بشأنها وحتى لا يضار المحكوم عليه- الطاعن- عملاً بالمادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً القضاء برفضه موضوعاً.
___________________________
*تنويه: ورد خطأ مطبعي بالصورة:
الخطأ: إلغائها بمقتضى القانون 47 لسنة 2009 مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. …
التصحيح:إلغائها بمقتضى القانون 147 لسنة 2006 مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. …
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولاً: بقبول طعن المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء ما قضي به من عقوبات سالبة للحرية ورفض الطعن فيما عدا ذلك
ثانياً: بقبول طعن النيابة العامة شكلاً وفي الموضوع برفضه