طعن رقم 18578 لسنة 92 ق نقض جنائي

“باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الاثنين ( أ )
المؤلفة برئاسة القاضي / مصطفى محمد “”نائب رئيس المحكمة””
وعضوية القضاة/ هشام الشافعي ، عبد المنعم مسعد
د/ أحمد أبو العينين و محمد الشفيع “”نواب رئيس المحكمة””
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض/ مصطفى الناطوري .
وأمين السر/ سيد رجب .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الاثنين 23 من شعبان سنة 1445هـ الموافق 4 من مارس سنة 2024م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 18578 لسنة 92 القضائية .
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنحة رقم … لسنة … اقتصادية … والمقيدة برقم … لسنة 2022 جنح مستأنف اقتصادي …. .
بوصف أنه في يوم 30 من مارس سنة 2021 بدائرة قسم ثالث …. محافظة …. .
1 هدد المجني عليها/ … بارتكاب جريمة ضد النفس بأن أرسل إليها عبارات عن طريق إحدى تطبيقات التواصل الاجتماعي “”واتس آب”” تتضمن تهديدا غير مصحوب بطلب أو تكليف على النحو المبين بالأوراق .
2 تعمد إزعاج ومضايقة المجني عليها المار ذكرها بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات بأن ارتكب الأفعال المبينة بعاليه على النحو المبين بالأوراق .
وطلبت عقابه بالمادة 327 من قانون العقوبات والمادتين 1 ، 76/2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات .
وأحالته إلى محكمة استئناف …. الاقتصادية لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
ومحكمة الجنح الاقتصادية قضت حضوريا بجلسة 23 من فبراير لسنة 2021 بمعاقبة المتهم/ …. بالحبس لمدة ستة أشهر وكفالة خمسة آلاف جنيه لإيقاف التنفيذ وألزمته بالمصاريف الجنائية .
وذلك بعد أن عدلت قيد ووصف الاتهام المسند للمتهم بجعله عملا بالمواد 166 مكررا ، 309 مكرر بند (ب) ، 309 مكرر (أ)/1‘4 ، 327/1‘2 من قانون العقوبات والمواد 1 ، 70 ، 76/1 بند (2) من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات والمادة 25 من قانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات . بوصف أنه:
1 هدد المجني عليها/ …. بارتكاب جريمة التشهير بها بأن تحصل على صورتها الشخصية بدون رضائها وأرسل إليها تلك الصورة لها عن طريق إحدى تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي “”واتس آب”” مصحوبة بعبارات تتضمن تهديدا بنشر صورها الشخصية وكان ذلك التهديد غير مصحوب بطلب أو تكليف على النحو المبين بالأوراق .
2 تعمد إزعاج ومضايقة المجني عليها المار ذكرها بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات بأن ارتكب الأفعال المبينة بعاليه على النحو المبين بالأوراق .
فاستأنف المتهم هذا الحكم وقيد برقم 19 لسنة 2022 جنح مستأنف … الاقتصادية وقضت محكمة … الاقتصادية بهيئة استئنافية بجلسة 9 من مايو لسنة 2022 غيابيا/ بسقوط حق المتهم في الاستئناف والمصاريف .
فعارض المتهم استئنافيا في هذا الحكم . وقضت محكمة الاسماعيلية …. بذات الهيئة الاستئنافية بجلسة 29 من أغسطس لسنة 2022 بقبول المعارضة الاستئنافية شكلا وفي موضوعها بإلغاء الحكم المعارض فيه وبقبول الاستئناف شكلا وفي موضوعه بتعديل الحكم المستأنف وبتغريم المتهم/ ….. مبلغ خمسين ألف جنيه وألزمته المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ الأول من سبتمبر سنة 2022 .
وأودعت مذكرة بأسباب طعنه في ذات التاريخ موقع عليها من …. المحامي.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة والمداولة قانونا .
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها عن طريق إرسال العديد من الرسائل الإلكترونية دون رضائها وتعمد إزعاجها بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات وتهديدها كتابة عبر موقع تواصل إلكتروني بإفشاء أمور خاصة بها “”صور شخصية”” والغير مصحوب بطلب أو تكليف قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، واكتفى بذلك بالإحالة إلى أسباب الحكم المستأنف ، ولم يستظهر أركان جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها من حيث أوجه الاعتداء وكيفيته ، وكذا جريمة التهديد لاسيما وأن المحكمة لم تفصح عن عبارات التهديد وصلته بها ، كما أنها لم تعن ببيان كيفية فقد المجني عليها لهاتفها المحمول والذي أرسلت منه الرسائل محل التجريم وكيفية توصل الطاعن لبياناته ورقم الهاتف الخاص بها ، والتفت الحكم عن دفاعه بوجود تطبيقات الكترونية تستطيع إرسال الرسائل عبر تطبيق الواتساب دون تحديد الرقم الهاتف بما ينتفي معه صلته بالواقعة ، وأخيرا لم يعرض لحوافظ المستندات المقدمة منه ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم الابتدائي المعدل لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وكان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، كان ذلك محققا لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها ، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان القصد الذي يتطلبه الشارع في جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة المنسوبة إلى الطاعن والمعاقب عليها بنص المادة 25 من القانون رقم 175 السنة 2018 بشأن تقنية المعلومات هو القصد العام الذي يتحقق بمجرد ارتكاب الفعل المادي ، وتستوى البواعث التي دفعت المتهم على فعله ، وأن مجرد انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها بإرسال العديد من الرسائل الإلكترونية دون رضائها وبما ينتهك خصوصيتها يفترض فيه القصد إذ ما توافر عنصراه العلم والإرادة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي لجريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة بغير رضاء المجنى عليها بما مفاده قيام الطاعن بإرسال العديد من الرسائل الإلكترونية وكذا صورتها الشخصية دون رضائها وتعمد إزعاجها وتساند في قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة التهديد بإفشاء أمور خاصة الغير مصحوب بطلب أو بتكليف بأمر ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد وأوقعت عليه عقوبتها عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد ساقت من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها ما يكفي لحمل قضائها ، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمنا اطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله الوقائع التي أشار إليها بأسباب طعنه ، وهي تعد وقائع ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فاطرحتها . لما كان ذلك ، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بوجود تطبيقات إلكترونية تستطيع إرسال الرسائل عبر تطبيق الواتساب دون تحديد الرقم الهاتف بما ينتفي معه صلته بالواقعة ، مردودا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ينبغي لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا ، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية المستندات التي لم يعرض لها الحكم حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، هذا فضلا عن أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون حين لم يقض في منطوقه بمحو أو إعدام الصور والمحادثات المتحصلة عن الجريمة عملا بنص الفقرة الأخيرة من المادة 309 مكرر (أ) من قانون العقوبات ، وهو أمر يقتضيه النظام العام رفعا للضرر ودفعا للخطر وليس فيه إضرار بمصلحة الطاعن ، مما يتعين معه تصحيحه بالقضاء بمحو الصور والمحادثات المتحصلة عن الجريمة بالإضافة إلى العقوبات الأخرى المقضي بها طبقا للمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مع مصادرة الكفالة ورفض الطعن فيما عدا ذلك
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه مع محو الصور المخلة ومصادرة الكفالة “