طعن رقم 16205 لسنة 92 نقض جنائي

باسم الشعب
محكمـــة النقــــض
الدائــــرة الجنائيـــــة
الســـبت (أ)
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ مدحـــــــــــــت دغيـــــــــم ( نائب رئيس المحكمـة )
وعضويـة الســــادة القضـــــــــــاة / بـــــــــــــــــــدر خليفــــــــــة خالـــــــــــــــــــد جــــــــــــــــــــــــــاد
أســــــــــامة عبـــــــــــــاس عبــــد الباســـــــط سالـــــــــــم
” نــــواب رئيس المحكمة “
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / حسن علي .
وأمين السر السيد / مدحت عريان .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم السبت 24 من جمادى الآخر سنة 1445 هـ الموافق 6 من يناير سنة 2024 م .
أصدرت الحكم الآتــي
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 16205 لسنة 92 القضائيــة
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنحة رقم ……. لسنة …….. اقتصادية ………….
بأنه في يوم 5 من يونية سنة 2020 بدائرة قسم ……… – محافظة ……….
1 – سب المجني عليه / ……….. بطريق العلانية بأن نشر مقطعاً مصوراً على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي ” يوتيوب ” المسماة ” …….. ” والمتاح للكافة الاطلاع على محتواها موجها إليه عبارات تتضمن خدشا لاعتباره وذلك على النحو المبين بتقرير الفحص الفني المرفق وعلى النحو المبين بالتحقيقات .
2 – تعمد إزعاج المجني عليه سالف الذكر بإساءته استخدام أجهزة الاتصالات وذلك بارتكابه الجريمة محل الاتهام السابق وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
3 – أدار واستخدم حسابا خاصا قناة ” ……. ” على شبكة معلوماتية موقع ” اليوتيوب ” بهدف ارتكاب الجريمتين محل الاتهامين السابقين وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة …….. الاقتصادية وطلبت عقابه بالمواد 166 مكرر ، 171/3 ، 306 من قانون العقوبات والمادتين 70 ، 76/1 بند 2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات والمادة 27 من القانون رقم 175 لسنة 2018 في شان تقنية المعلومات .
وادعى / ……… ” المجني عليه ” مدنياً بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في …………………. من إبريل سنة …………………. أولاً : براءة المتهم عن الاتهام الثالث . ثانياً : بتغريم المتهم مبلغ عشرين ألف جنيه عن الاتهامين الأول والثاني مع إلزامه بأن يؤدي تعويض مدني مؤقت للمدعي بالحق المدني مبلغ وقدره خمسة آلاف جنيه وإلزامه بالمصاريف الجنائية والمدنية ومبلغ خمسون جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
استأنف المحكوم عليه هذا الحكم وقيد استئنافه برقم …… لسنة …… جنح مستأنف …….. الاقتصادية .
ومحكمة جنح مستأنف …….. الاقتصادية قضت حضورياً في 16 من مايو سنة 2022 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم خمسة آلاف جنيه عما أسند إليه والتأييد فيما عدا ذلك وألزمته بالمصاريف الجنائية والمدنية ومبلغ مائة جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .
فطعن الأستاذ / …….. المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 6 من يوليو سنة 2022 .
وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب الطعن موقعاً عليها من الأستاذ المحامي المقرر .
وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعن منعقدة في بغرفة المشورة قررت أن الطعن جدير بالنظر وأحالته لنظره بالجلسة .
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على نحو ما هو مبين بمحضر الجلسة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تعمد إزعاج الغير باستعمال أجهزة الاتصالات – شبكة الإنترنت – والسب والقذف بطريق العلانية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه خلا من بيان أركان جريمة تعمد إزعاج الغير باستعمال أجهزة الاتصالات بركنيها المادي والمعنوي ولم يدلل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن ولم يورد الألفاظ التي تعد سباً وقذفاً في حق المجنى عليه ولم يبين وسيلة الاتصالات التي استخدمها الطاعن في ذلك إذ أن موقع اليوتيوب هو موقع خاص لتحميل الفيديوهات وليس موقعاً لإرسال أو استقبال الرسائل الإلكترونية هذا فضلاً عن أن الطاعن يعمل صحفياً مقيد بجدول نقابة الصحفيين ولا يجوز مسائلته وفقاً للدستور الذى يكفل للصحفي حرية التعبير عن فكره إذ أن ما نشره هو في حدود النقد المباح هذا وقد التفت الحكم عن دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون لعدم تقديم الشكوى بموجب توكيل خاص إعمالاً لنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
من حيث إن الحكم الابتدائي – المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه – بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتحريات الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات وتقرير الفحص الفني بمعرفة الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات من الرابط الخاص بالقناة الخاصة بالطاعن والمتضمن فيديو جرائم السب والقذف والتشهير والتعرض بالقول والألفاظ للحياة الخاصة للمجنى عليه وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه وكان من المقرر – أيضاً – أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لتلك الجرائم وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان الحكم الابتدائي – المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى الأدلة التي عول عليها في قضاءه بالإدانة في بيان كاف يكفى للتدليل على ثبوت الواقعة على الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بالقصور في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الإزعاج وتعمد مضايقة المجنى عليه لا يقتصر على السب والقذف المعاقب عليهما بالمادة 308 مكرراً من قانون العقوبات بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجنى عليه وكان الحكم المطعون فيه بين مضمون ما وجهه الطاعن من عبارات للمجنى عليه عن طريق نشره مقطع فيديو على قناة يوتيوب تسمى ……. يتضمن عبارات سب وقذف وتشهير وإساءة لسمعة المجنى عليه وانتهى في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى أنها تفيد تعمد إزعاج المجنى عليه بما ضاق به صدره بإساءة استعمال أجهزة الاتصال بما لا يخرج عن الاستدلال المنطقي وهو ما تتحقق به أركان جريمة إزعاج الغير التي دان الطاعن بها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة تعمد إزعاج الغير ومضايقته باستعمال أجهزة الاتصالات ما دام فيما أوردته من وقائع ما يكفي لاستظهاره كما هو معرف به في القانون ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص قصد الطاعن في ذلك مما مفاده أن الحكم قد خلص إلى أن الطاعن قد تعمد ارتكاب ما نسب إليه بخصوص هذه الجريمة فإن ما يثيره الطاعن في شأن خلو مدونات الحكم من التدليل على توافر القصد الجنائي لديه يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسباب والمكمل بالحكم المطعون فيه قد أورد الألفاظ التي نشرها الطاعن والتي تضمنها مقطع فيديو على حسابه الشخصي – قناة يوتيوب – وأورد أنها تعد سباً وقذفاً وتشهير وتعرضاً بالقول والألفاظ للحياة الشخصية للمجنى عليه وكانت العبارات التي أوردها الحكم تسوغ النتيجة التي رتبها الحكم عليها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، هذا إلى أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها وهى الجريمة الأولى عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات ومن ثم فلا مصلحة له فيما يثيره بأسباب طعنه متعلقاً بجريمة السب والقذف ومن ثم يكون ما يثيره في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت حرية الصحافة هي جزء من حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص كما أن حرية الإعراب عن الفكر شأنها شأن ممارسة سائر الحريات لا يمكن قيامها بالنسبة إلى جميع الأفراد إلا في حدود احترام كل منهم لحرية غيره حتى لا يكون من وراء استعمال هذه الحريات الاعتداء على حريات الغير ولما كانت أحكام المادة 76 من القانون 10 لسنة 2003 التي دين الطاعن بموجبها لا تمس حرية الصحفي ولا تتجاوز ممارسة الفرد لحرية التعبير عن فكره في الحدود التي تتضمن عدم المساس بحريات غيره وكان من المقرر أن النقد يكون مباحاً إذا كان لإبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من قدره أو كرامته فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه باعتباره مكوناً لجريمة السب أو القذف ولا يشفع في تجاوز حدود النقد المباح أن تكون العبارات المهينة التي استعملها المتهم هي مما جرى العرف على المساجلة بها وإذ كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أن العبارات التي قالها الطاعن باستخدام موقع التواصل الاجتماعي – يوتيوب – ونشرها عبر حسابه وقناته الخاصة المسماة – ……. – والتي استظهارها الحكم من شأنها لو صحت لاحتقر المجنى عليه عند أهل وطنه فإن ما يثيره الطاعن على الحكم بقالة أن ما نشره هو من قبيل النقد المباح يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد دان الطاعن بجريمتي تعمد إزعاج الغير باستعمال أجهزة الاتصالات – شبكة الإنترنت – والسب والقذف بطريق العلانية وأعمل في حقه نص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة هي تلك المقررة للجريمة الأولى – باعتبارها الجريمة الأشد – والمعاقب عليها بالمادة 76/2 من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 وكانت تلك الجريمة ليست من عداد الجرائم المشار إليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية والتي يتوقف رفع الدعوى الجنائية بشأنها على شكوى المجنى عليه أو وكيله الخاص وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه قيد إلا استثناء بنص خاص من الشارع ، وكانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى ضد الطاعن عن الجريمة الأشد – سالفة الذكر – المؤثمة بمواد قانون الاتصالات والتي خلت من أي قيد على حرية النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية عن الأفعال المبينة بها ومن ثم فلا جدوى للطاعن مما تثيره تعييباً على الحكم في خصوص ما يتعلق بجريمة السب والقذف وهى الجريمة الأخف . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه ومصادرة الكفالة