طعن رقم 15614 لسنة ق نقض جنائي

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
السبت ( و )
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/نبيه زهران نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/أحمد الخولى و محمد عبد الحليم
ووائل عبد الحافظ نواب رئيس المحكمة
وتامر عبد القادر
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ أمير محرم.
وأمين السر السيد/ محمد مبروك.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة.
في يوم السبت 28 من شعبان سنة 1445 ه الموافق 9 من مارس سنة 2024 م.
أصدرت الحكم الآتى:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 15614 لسنة 92 القضائية
اتهمت النيابة العامة الطاعنة في القضية رقم …….. لسنة ……… جنح اقتصادية ……… والمقيدة برقم ……… لسنة …….. جنح مستأنف اقتصادية غرب ………، بأنها في غضون شهر يونيه سنة 2019 بدائرة قسم ……… محافظة ………..
أولا: أزعجت/ ………. وذلك بإساءة استعمال وسائل الاتصالات.
ثانيا: أرسلت بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية للمجنى عليها سالف الذكر دون موافقتها.
ثالثا: سبت المجنى عليها سالفة الذكر على النحو المبين بالأوراق.
رابعا: قذفت المجنى عليها سالفة الذكر على النحو المبين بالأوراق.
وطلبت عقابها بالمواد 166 مكرر، 171، 302/1، 303/1، 306 من قانون العقوبات، والمواد 1، 25، 38/1 من القانون رقم 175 لسنة 2018 في شأن جرائم تقنية المعلومات، والمواد 1، 70، 76/2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات.
ومحكمة جنح ………. الاقتصادية قضت غيابيا في 7 من يونية سنة 2020 بحبس المتهمة ستة أشهر مع الشغل وكفالة ألفى جنيه لإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس وبتغريمها مبلغ خمسين ألف جنيه.
عارضت المحكوم عليها وقضت المحكمة حضوريا في 31 من أكتوبر سنة 2020 بقبول المعارضة شكلا وفى الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المعارض فيه والإيقاف لعقوبة الحبس المقضى بها فقط لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائيا.
فاستأنفت المحكوم عليها ذلك الحكم وقيد الاستئناف برقم ……… لسنة ……… جنح مستأنف اقتصادية غرب ………
ومحكمة جنح مستأنف ……… الاقتصادية قضت غيابيا في 24 من يناير سنة 2021 بسقوط حق المتهمة في الاستئناف.
فطعنت المحكوم عليها بطريق المعارضة الاستئنافية والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 30 من مايو سنة 2021 بقبول المعارضة شكلا وإلغائها وقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه والإيقاف لعقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم والتأييد فيما عدا ذلك.
فقررت المحكوم عليها الطعن في هذا الحكم بطريق النقض، ومحكمة استئناف ………. دائرة طعون جنح النقض – منعقدة في هيئة غرفة المشورة – قررت في 16 من يونيو سنة 2022 بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الطعن.
فقرر المحامى/ ……… – بصفته وكيلا عن المحكوم عليها – الطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 26 من يوليه سنة 2021، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في نفس التاريخ موقعا عليها من المحامى المقرر.
أحيل الطعن إلى محكمة النقض وبجلسة اليوم نظرته المحكمة- منعقدة في غرفة المشورة – وفيها قررت إحالته لنظره بجلسة اليوم حيث سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضرها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة قانونا:
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتى الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمجنى عليها عن طريق إرسال العديد من الرسائل الإلكترونية دون رضاءها وتعمد إزعاجها بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات والسب والقذف، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه لم يستظهر الركنين المادى والمعنوى لجريمة السب، وأنه رغم أن أقوال الطاعنة لا تتضمن أى خدش للشرف والاعتبار بالنسبة للمجنى عليها إلا أن المحكمة اعتبرتها سبا لها وعاقبتها عليها، وعول على الصور الضوئية للمحادثات التى تمت بينها وبين المجنى عليها رغم إمكانية استخدام أجهزة الاتصال من زوج الطاعنة بها مما ينبئ عن أن الحكم قد أقام قضاءه على أدلة ظنية احتمالية ورغم خلو الأوراق من دليل يقينى ضدها، واطرح بما لا يصلح ردا دفاعه بانتفاء صلتها بالواقعة والتفتت المحكمة عن دفاعها بانتفاء أركان جريمة السب والقذف بدلالة المستندات الدالة على نفى الاتهام مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنة بهما، وأورد على ثبوتهما في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى لما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان القصد الذي يتطلبه الشارع في جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة المنسوبة إلى الطاعنة والمعاقب عليها بنص المادة 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن تقنية المعلومات هو القصد العام الذي يتحقق بمجرد ارتكاب الفعل المادى وتستوى البواعث التى دفعت المتهم على فعله، وأن مجرد انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجنى عليه بإرسال العديد من الرسائل الإلكترونية دون رضائه وبما ينتهك خصوصيته يفترض فيه القصد إذ ما توافر عنصراه العلم والإرادة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادى لجريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة بغير رضاء المجنى عليها بما مفاده قيام الطاعنة بإرسال العديد من الرسائل الإلكترونية دون رضائها وتعمد إزعاجها وتساند في قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه؛ ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أى دليل أو قرينة يرتاح إليها، إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان القانون الجنائى لم يجعل لإثبات جريمة إساءة استعمال أجهزة الاتصالات طريقا خاصا، وكان المقرر أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الأدلة، بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان جماع ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد سائغا وكافيا للتدليل على ثبوت الجرائم التى دان الطاعن بها، فإن ما يثيره في شأن ما تساند إليه الحكم من أدلة ينحل إلى جدل موضوعى في تقدير الأدلة وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما تثيره الطاعنة من انتفاء صلتها بالواقعة ينحل إلى جدل موضوعى حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض، فضلا عن أن الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفع وفنده بأسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أى دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها – إلا ما استثنى بنص خاص – جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال، وكانت الجرائم التى دينت الطاعنة بها لا يشملها استثناء، فإنه يجرى عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ استدل على نسبة تلك الجرائم إلى الطاعنة من أقوال المجنى عليه وتحريات الشرطة، فإن استدلاله يكون سائغا ومن شأنه أن يؤدى إليه، ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعى في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها كما أن من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقى الأدلة القائمة في الدعوى، ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة من التفات المحكمة عن المستندات المقدمة منهم بجلسة المحاكمة تأييدا لأوجه دفاعها ودفوعها يكون غير سديد. لما كان ما تقدم؛ فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه