طعن رقم 13745 لسنة 92 نقض جنائي

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
السبت ( و )
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ نبيه زهران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد الخولى و محمد عبد الحليم و أشرف خيرى و شريف الشيتانى نواب رئيس المحكمة وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ أحمد الكيلانى. وأمين السر السيد/ محمد مبروك.
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة.
فى يوم السبت 29 من رجب سنة 1445 هـ الموافق 10 من فبراير سنة 2024 م.
أصدرت الحكم الآتى:
فى الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 13745 لسنة 92 القضائية
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم … لسنة … جنايات قسم الشلاتين
والمقيدة برقم … لسنة … كلى البحر الأحمر، بأنه في غضون شهر مايو سنة 2020 بدائرة قسم الشلاتين محافظة البحر الأحمر:
أولا: هدد/ ……… كتابة بإفشاء أمور مخدشة بالشرف وكان تهديد مصحوبا بطلب وهو أن تجرى مكالمات مخله معه وأن تقوم بتصوير مقاطع فيديو فاضحة لها وإرسالها له على النحو المبين بالتحقيقات.
ثانيا: اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمجنى عليها سالفة الذكر بأن نقل عن طريق جهاز متصل بشبكة بالإنترنت صورا لها في مكان خاص بأوضاع مخلة واستعمالها بغير رضائها
وقام بتهديدها بإفشاء أمرها لحملها على القيام بالعمل محل الوصف السابق على النحو المبين بالتحقيقات.
ثالثا: اعتدى على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصرى وانتهك حرمة الحياة الخاصة للمجنى عليها سالفة الذكر بأن أرسل العديد من الرسائل الإلكترونية لها دون موافقتها من خلال حسابه الخاص على موقعي التواصل الاجتماعى (فيس بوك، واتس اب) على النحو المبين بالتحقيقات.
رابعا: استخدم حسابه الخاص على موقعي التواصل الإجتماعى (فيس بوك، واتس اب) في تسهيل ارتكاب الجرائم محل الاتهامات السابقة.
خامسا: تعمد إزعاج ومضايقة المجنى عليها سالفة الذكر وكان ذلك بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلى محكمة جنايات البحر الأحمر لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا في 9 من مايو سنة 2022 عملا بالمواد 166 مكررا، 309 مكررا/ 1 بند ب، 309 مكررا (أ)/ 1، 2، 4، 327/ 1 من قانون العقوبات، والمواد 1، 2، 4، 70، 76/ 2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات، والمواد 1، 11، 12، 25، 27، 38 من القانون رقم 175 لسنة 2018 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من قانون العقوبات. بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة لما أسند إليه.
فقرر المحامى/ ……….. بصفته وكيلا عن المحكوم عليه – الطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 26 من يونية سنة 2022، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في نفس التاريخ موقعا عليها من المحامى المقرر.
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضرها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة قانونا:
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون. ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه إذ دانه بجرائم تهديد المجنى عليها بالكتابة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بإفشاء ونسبة أمور خادشه للشرف المصحوب بطلب، والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمجنى عليها، والإزعاج باستخدام أجهزة الاتصالات، والاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية، قد شابه البطلان، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يورد مواد القانون التي دانه بموجبها، ولم يبين الأفعال والأقوال التي أتاها وتعد إزعاج، كما لم يورد أقوال المجنى عليها بصورة وافية، معولا على أقوالها رغم كذبها وعدم معقولية تصويرها للواقعة، وعول في قضائه بالإدانة على ما جاء بتحريات الشرطة بعدم جديتها وتناقضها، وعلى ما ثبت باستعلام شركات الاتصالات للخط رغم أنه لا يعد دليلا على أنه هو المستخدم الفعلى لهذا الخط المستخدم في ارتكاب الواقعة، ولم تقم المحكمة بعرض المكالمات التي دارت بينه والمجنى عليها على خبير أصوات للتثبت من ذلك، والتفت دون رد عن دفاعه بانتفاء أركان الجرائم في حقة وانتفاء صلتة بالواقعة، هذا إلى عدم انطباق القيد والوصف على واقعه الدعوى، وأن الرقم المسلسل للهاتف ليس دليلا على ثبوت الاتهام قبله، ودانه رغم عدم ضبط الهاتف المحمول المستخدم في الواقعة وعدم سؤاله بتحقيقات النيابة العامة، وأخيرا صدر الحكم من محكمة الجنايات رغم انعقاد الاختصاص لمحكمة الجنح الجزئية لكون عقوبة الجرائم المسندة إليه هي الحبس أو الغرامة، هذا إلى ما سيبديه المدافع عن الطاعن من أسباب بجلسة نظر الطعن، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أشار إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محل. لما كان ذلك، وكان يكفى في بيان التهديد أن يكون الحكم قد أشار إلى العبارات التي هدد الطاعن بها المجنى عليها، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد هذه العبارات في مستهل بيانه لواقعة الدعوى بقوله إن المتهم الطاعن قام بتهديد المجنى عليها بنشر صور ومقاطع مصورة لها تحوى أمور مخدشه للشرف والحياء إن لم ترضخ لمطالبه، ومن ثم فإنه تنحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من أقوال المجنى عليها يحقق مراد الشارع الذي استجوبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكا لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال المجنى عليها وصحة تصويرها للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالة عدم معقوليتها أو التشكيك في أقوالها ينحل إلى جدل موضوعى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعى في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا مبينا ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجا مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدى إيراد له وردا عليه، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض في تحريات الشرطة، بل ساق قوله مرسلا مجهلا ومن ثم يكون منعاه في هذا الوجه غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته وله أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما له مأخذه في الأوراق، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية الصحيح من جزيئات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى كل دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن لم يطلب من المحكمة عرض المحادثات التي دارت بين الطاعن والمجنى عليها على خبير أصوات، ومن ثم فليس له النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إليه بعد أن اطمأنت للأدلة القائمة في الدعوى وإلى صورة الواقعة كما استقرت في يقينها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة والصلة بالواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة ردا صريحا، ما دام الرد يستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان ما يثار بشأن عدم انطباق القيد والوصف على الواقعة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل به بغير معقب، ومن ثم فإن هذا النعي لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من الرقم المسلسل ولم يشر إليه في مدوناته ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت أدوات ارتكاب الجريمة ليست من أركان الجريمة الجوهرية فإن عدم ضبطها لا يؤثر في قيام الجريمة ولا ينال من أدلتها القائمة في الدعوى ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في ذلك الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان عدم سؤال المتهم بالتحقيقات لا يترتب عليه بطلان الإجراءات، إذ لا مانع في القانون من رفع الدعوى الجنائية عليه بدون استجوابه، هذا فضلا عن أن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون تعييبا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكانت جريمة التهديد بارتكاب جريمة ضد النفس المصحوب بطلب أو بتكليف بأمر والمؤثمة بالمادة 327/ 1 من قانون العقوبات هي الجريمة الأشد في عقوبتها عن باقي الجرائم التي دين الطاعن بها والمؤثمة بالمواد 166 مكررا ، 309 مكرر أ/ 1 بند ب، 309 مكررا / 1، 2، 4 من قانون العقوبات، والمواد 1، 2، 4، 70، 76/ 2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات والمواد 1، 11، 12، 25، 27، 38 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن جرائم تقنية المعلومات، ومن ثم تكون عقوبة هذه الجريمة هي الواجبة التطبيق، وكانت تلك الجريمة تختص بنطرها المحاكم العادية، ومن ثم فإن الاختصاص بمحاكمة الطاعن ينعقد لمحكمة الجنايات وهو الأمر الذي يتفق مع قواعد التفسير الصحيح للقانون والتي تستوجب بحكم اللزوم العقلى أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة وتدور في فلكها بموجب الأثر القانوني للارتباط بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على باقي الجرائم وفقا للمادة 32 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة الجنايات وهى المختصة بالفصل فيها، فإن النعي عليه بصدوره من محكمة غير مختصة نوعيا يكون على غير أساس، هذا فضلا عن أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يظاهر ما يدعيه الطاعن من عدم اختصاص محكمة الجنايات نوعيا بنظر الدعوى، فإنه لا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعى يخرج عن وظيفتها. لما كان ذلك، وكان الأصل طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض هو أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة – سواء من النيابة العامة أو من أي خصم غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المذكور بالمادة 34 من ذلك القانون، فأن ما أثاره الطاعن في المذكرة المقدمة منه بشأن ما يبديه من أسباب أخرى بجلسة نظر الطعن وبعد فوات الميعاد المحدد بالقانون يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه