باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الخميس (ب)
برئاسة السيد القاضي / مصطفى أحمد الصادق نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة / د. أحمد البدري و د. أحمد عاصم
أحمد جلال نواب رئيس المحكمة
مصطفى عبد الرؤوف الإبياري
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / محمد بلال .
وأمين السر السيد / طارق عبد العزيز .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الخميس 22 من جماد الأخر سنة 1445هـ الموافق 4 من يناير سنة 2024م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 13146 لسنة 92 القضائية
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم ….. لسنة ….. جنح اقتصادي …….. ( والمقيدة برقم …… لسنة ….. مستأنف غرب اقتصادي ) .
بأنه في يوم 27 من يونية سنة 2021 – بدائرة قسم …….. – محافظة …… .
1- أرسل بكثافة العديد من الرسائل الالكترونية ل / ….. دون رضاه .
2- نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية معلومات وأخبار وصور تنتهك خصوصية المجني عليه سالف الذكر دون رضاه .
3- أزعج عمدا المجني عليه سالف الذكر وذلك بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات .
وطلبت عقابه بالمادة 166 مكرر من قانون العقوبات وبالمواد 1 ، 12 ، 25 ، 38 من القانون رقم 175 لسنة 2018 في شأن جرائم تقنية المعلومات والمواد 1 ، 70 ، 76/2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 في شأن تنظيم الاتصالات .
وقضت محكمة جنح ….. الاقتصادية بجلسة 24 من يناير سنة 2022 ، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات ، حضوريا عن التهمتين الثانية والثالثة بتغريم المتهم مبلغ خمسون ألف جنيها وألزمته مصاريف الدعوى الجنائية . وعن الاتهام الأول: ببراءة المتهم من الاتهام المنسوب إليه .
فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 137 لسنة 2022 مستأنف غرب اقتصادي .
ومحكمة …….. الاقتصادية – بهيئة استئنافية – قضت بجلسة 24 من أبريل سنة 2022 حضوريا بتوكيل : بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والمصاريف .
فقرر المحكوم عليه – بوكيل عنه – بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 21 من يونية سنة 2022
وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب طعنه موقعا عليها من الأستاذ / ……. المحامي .
وبجلسة اليوم لم يحضر أحد على ما هو مبين بمحضر الجلسة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر وبعد المداولة قانونا .
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي النشر عن طريق الشبكة المعلوماتية معلومات وأخبار وصور تنتهك خصوصية الغير دون رضاه ، وتعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأن تساند في إدانته إلى أدلة غير صحيحة ، وعول على أقوال المجني عليه بمحضر جمع الاستدلالات رغم تراخيه في الإبلاغ عن الواقعة وخلو أقواله من تحديد شخص مرتكبها ، كما عول على تقرير الفحص الفني رغم قصوره وأنه لا يتأدى منه ما رتبه عليه ، لا سيما وأن مجري الفحص الفني لم يكن مقيدا بسجلات قيد الخبراء ولم يحصل على إذن من النيابة العامة بالدخول إلى حسابه الخاص وبرامج الحاسب الآلي الخاصة بالشركة المصرية للاتصالات ولم يقم بتحريز الدليل الرقمي بما يبطله ، وقعدت النيابة العامة عن إصدار أمرا بحفظ الأوراق لعدم معرفة الفاعل ، هذا إلى أن الحكم دانه رغم عدم انطباق الوصف الذي اسبغته النيابة على الواقعة ، وانتفاء القصد الجنائي لديه في جريمة القذف ، وقضت المحكمة ببراءته من الجريمة موضوع التهمة الأولى المرتبطة بالجريمتين محل الطعن رغم قيام الارتباط بينهم مما كان لازمه تبرئته منهما كذلك ، وإذ انتهت إلى إدانته قضت ببراءة متهمة أخرى مسند إليها ذات الاتهام ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، وله أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما له مأخذه الصحيح في الأوراق ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزيئات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، ولا ينظر إلى كل دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها – كوحدة – مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن النعي على المحكمة تعويلها في القضاء بإدانة الطاعن على أدلة غير صحيحة يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولا لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولا على الحكم إن التفت عن الرد عليه ، فضلا عن أن ما يثيره الطاعن في شأن عدم اشتمال التبليغ عن الحادث على تحديد شخص من قام به ، مردودا بما هو مقرر من أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرة لها في عقيدتها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت التقارير الفنية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة الجريمة إلى المتهم إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود فلا يعيب الحكم استناده إليها ، فضلا عن أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم في الدعوى والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات . لما كان ذلك ، وكان البين من محضرى جلستي المحاكمة – أمام درجتي التقاضي – أن الطاعن لم يثر شيئا عما يدعيه من أن مجري الفحص الفني لم يكن مقيدا بسجلات قيد الخبراء وعدم حصوله على إذن من النيابة العامة للبحث والوصول إلى برامج الحاسب الآلى وقواعد البيانات وعدم قيامه بتحريز الدليل الرقمي وقعود النيابة العامة عن إصدار أمر بحفظ الأوراق لعدم معرفة الفاعل ، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئا من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ إنه لا يعدو أن يكون تعييبا للإجراءات والتحقيقات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان ما يثار بشأن عدم انطباق الوصف الذي اسبغته النيابة على الواقعة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل به بغير معقب ، ومن ثم فإن هذا النعي لا يكون مقبولا . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعن بجريمة القذف ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون واردا على غير محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الارتباط الذي تتأثر به المسئولية عن الجريمة الصغرى طبقا للمادة 32/2 من قانون العقوبات ينظر إليه عند الحكم في الجريمة الكبرى بالعقوبة دون البراءة لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها العقاب الأشد لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتا ونفيا . لما كان ذلك ، فإنه لا محل لإعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة في إحدى التهم – كما هو الشأن في خصوص الدعوى المطروحة – ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد على غير سند . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشأن القضاء ببراءة متهمة أخرى مسند إليها ذات الاتهام ، هو أمر لم يتصل بقضاء الحكم، ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولا . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع مصادرة الكفالة
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه وبمصادرة الكفالة