طعن رقم 11880 لسنة 92 ق نقض جنائي

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الأحد (د)
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ منصور القاضي “نائب رئيس المحكمة”
وعضوية السادة القضاة/ عزمي الشافعي ومحمد عبد الحليم طلبه ومحمد عبد العليم مهران “نواب رئيس المحكمة”
أحمد محمد ممدوح
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ شريف عبد العظيم.
وأمين السر السيد/ علي جودة.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأحد غرة شهر شعبان سنة 1445 هـ الموافق 11 من فبراير سنة 2024م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 11880 لسنة 92 القضائية
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنحة رقم …. لسنة 2021 اقتصادية المنصورة بأنه في 26 من سبتمبر سنة 2020 – بدائرة مركز ميت غمر – محافظة الدقهلية:
1- قذف المجني عليه/…. باستخدام وسائل الاتصالات بأن أسند إليه أمورا لو ثبتت لوجبت احتقاره عند أهل وطنها على النحو المبين بالأوراق.
2- سب المجني عليه/………بأن وجه إليه ألفاظا تخدش الشرف والاعتبار باستخدام وسائل الاتصالات وقد تضمن ذلك السب والقذف محل الاتهام السابق طعنا في عرض الأفراد وخدشا لسمعة العائلات على النحو المبين بالأوراق.
3- تعمد إزعاج المجني عليه/…. بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات على النحو المبين بالتحقيقات.
4- استخدام حسابا على أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي (فيسبوك) في تسهيل ارتكاب الجرائم آنفه البيان على النحو المبين بالأوراق.
وكلفته بالحضور أمام محكمة الجنح الاقتصادية بالمنصورة وطلبت عقابه بالمواد 166 مكرر، 302/ 1، 303/ 1، 306 مكرر، 308 مكرر من قانون العقوبات والمواد 70، 76/ بند 2 من القانون 10 لسنه 2003 بشأن الاتصالات والمواد 1، 11، 12، 27 من القانون رقم 175 لسنه 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وادعى المجني عليه بوكيل عنه – محام – مدنيا قبل المتهم بمبلغ أربعين ألفا وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.
ومحكمة جنح المنصورة الاقتصادية قضت حضوريا في 31 من أكتوبر سنة 2021 عملا بالمادة 27 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات باعتبارها الجريمة الأشد عملا بنص المادة 32/ 1 من قانون العقوبات؛ بحبس المتهم لمدة ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة عشرة آلاف جنيه لوقف التنفيذ وتغريمه مبلغ وقدرة مائة ألف جنيه، وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ أربعين ألفا وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمته بالمصاريف الجنائية والمدنية ومبلغ خمسة وسبعين جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ولم يرتض المحكوم عليه بذلك القضاء واستأنف الحكم، وقيد استئنافه برقم …. لسنة 2021 جنح مستأنف المنصورة الاقتصادية.
ومحكمة المنصورة الاقتصادية – بهية استئنافية – قضت حضوريا في 20 من مارس سنه 2022 أولا: أولا: بقبول الاستئناف شكلا. ثانيا: وفي الموضوع إلغاء العقوبة المقضي بها بشأن التهمة الرابعة والقضاء مجددا ببراءة المتهم مما أسند إليه منها. ثالثا: بتعديل الحكم المستأنف والقضاء مجددا بتغريم المتهم مبلغ وقدرة عشرة آلاف جنيه عن باقي التهم للارتباط وتأييده فيما قضى به بشأن الدعوى المدنية وألزمته بالمصاريف الجنائية.
وبتاريخ 17 من مايو سنة 2022 قرر الأستاذ/…..بالطعن على الحكم بطريق النقض بصفته وكيلا عن المحكوم عليه بموجب توكيل رقم …. حرف … لسنة 2022 توثيق دماص – مرفق أصله بملف الطعن، ويبيح له ذلك الحق، وسدد الكفالة المقررة.
وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب طعن المحكوم عليه موقعة من نفس المحامي المقرر بالطعن والمقبول للمرافعة أمام محكمة النقض.
وبجلسة اليوم نظرت المحكمة الطعن حيث سمعت المرافعة كما هو مبين بمحضر الجلسة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، والمداولة قانونا:
وحيث إن الطعن قد استوفي الشكل المقرر في القانون.
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إذ دانه بجرائم تعمد إزعاج ومضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، والسب والقذف، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع؛ ذلك أن المدافع عن الطاعن دفع بانتفاء أركان الجريمة التي دانه بها بيد أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفع، وعول في قضائه على ما جاء بتقرير قسم الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات رغم قصوره في إسناد الاتهام قبل الطاعن، وتناقضه مع التحريات التي لم تتوصل إلى صاحب البصمة الإلكترونية لمستخدم الخط، الأمر الذي ينبئ أن الحكم قد دانه رغم خلو الأوراق من دليل يقيني على ارتكابه للواقعة سيما وأن الطاعن ليس له سيطرة مادية على الخط المستخدم في الواقعة وكذلك الحساب إذ يمكن اختراق خط الإنترنت ويرتكب الواقعة شخص غيره، والتفت الحكم عما قدمه من مستندات طويت على توكيل خاص صادر من المجني عليه لوكيله للتصالح مع الطاعن وتوجيه الاتهام لشخص آخر وهو ما تأيد بصورة ضوئية من محضر إداري أبلغت به زوجة المجني عليه باتهامها ذات الشخص وليس الطاعن مما ينفي الاتهام قبله معرضا عن دفاعه في هذا الشأن، وأخيرا تساند الحكم إلى أقوال المجني عليه والتقرير الفني والتحريات في نسبة التهم الأولى والثانية والثالثة إلى الطاعن ثم عاد واطرحها ولم يطمئن إليها وقضي ببراءته من الاتهام الرابع؛ كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الثابت من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه أنه بين وقائع الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الإزعاج وفقا لنص المادة 76 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف اللذان وردا بنص المادة 308 مكرر من قانون العقوبات، بل يتسع إلى كل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه، أيا كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال المجني عليه، وما أثبته تقرير الفحص الفني، وتحريات المباحث من تعمد الطاعن إزعاج المجني عليه بإساءة استعماله لأجهزة الاتصال المملوكة له باستخدام حساب على موقع فيسبوك والقيام بإرسال رسائل تتضمن عبارات إساءة بسمعة زوجته وسب وقذف، وهو ما تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها، ويضحى معه النعي على الحكم بالقصور في التسبيب في غير محله، هذا فضلا عن أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتتبعه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، فإن ما يثيره الطاعن من عدم توافر أركان الجريمة وقصور الحكم لعدم الرد على دفاعه بانتفائها لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما ورد بتقرير الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن الدليل المستمد من التقرير الفني ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة قائمة في الأوراق ولها أن تجزئها فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وكان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أقوال المجني عليه، وما أثبته تقرير الفحص الفني والمعززة بتحريات الشرطة والتي خلصت إلى صحة الواقعة، فإن ما يخوض فيه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديدا، ولا ينال من ذلك قوله من أن التحريات لم تجزم من أنه صاحب البصمة الإلكترونية للخط المستخدم، ذلك أنه لم يدع أن الخط سرق منه أو أن أحدا غيره كان يستخدمه وقت ارتكاب الواقعة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يتمخض جدلا موضوعيا في تقدير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة – في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى – قد اقتنعت بأن الطاعن هو مستخدم للخط رقم …. ويولج منه على الشبكة العنكبوتية لموقع فيس بوك ويستخدم الحساب المسمى (….) وأنه المدون للألفاظ والعبارات سند الاتهام، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية أن العبرة في الإثبات هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه، وأنه لا تصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان استخدام ذلك الخط والحساب أو نفي استخدامهما مجرد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن وشهادة الشهود رجوعا إلى الأصل وهو مبدأ حرية اقتناع القاضي الجنائي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن والقول بانتفاء صلته بالخط المستخدم في الواقعة وكذلك حساب موقع التواصل الاجتماعي وبإمكانية استخدام الخط والحساب من قبل آخر واختراقهما، يتمخض جدلا موضوعيا في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، هذا فضلا عن أن الثابت بمحضري جلستي المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بعدم سيطرته على الخط المستخدم محل الواقعة والحساب في أي من درجتي المحاكمة، وكان من المقرر أنه لا يقبل من المتهم أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس، هذا فضلا عن أنه من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل ردا. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محضري جلستي المحاكمة والمفردات المضمومة أن المجني عليه أو وكيله لم يتصالحا مع الطاعن، وأن التوكيل الخاص رقم …. حرف …. لسنة 2021 للتصالح في القضية رقم …. لسنه 2021 جنح اقتصادية وليست القضية الراهنة – خلافا لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه – فإن النعي عليه في هذا الشأن لا يكون له محل، هذا فضلا وكان الحكم المطعون فيه اعتبر الجرائم التي دان الطاعن بها قد ارتكبت لغرض واحد ولم توقع عليه المحكمة سوى عقوبة واحدة تطبيقا للمادة 32 من قانون العقوبات وهي العقوبة المقررة لجريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، وكانت هذه الجريمة لا تدخل في الجرائم التي تنقضي فيها الدعوى الجنائية بالصلح أو التنازل – بفرض حصوله – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير ذي وجه. لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم ارتكاب الجريمة وانتفاء الصلة بالواقعة وأن مرتكبها شخص آخر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فضلا عن أنه من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع تجزئة الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال، كما أن لها أن تجزئ تحريات الشرطة فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقا للحقيقة وتطرح ما عداه، إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن كان قد عول على شق من أقوال المجني عليه والتقرير الفني، وتحريات الشرطة وهو ما يتعلق بمقارفة الطاعن للجرائم التي دانه بها ولم يعبأ بقالتهم في الشق الآخر الخاص بالجريمة الرابعة التي قضى ببراءته منها، ومن ثم يضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير سند متعينا رفضه موضوعا ومصادرة الكفالة
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: – بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه ومصادرة الكفالة