طعن رقم 10171 لسنة 54 ق إدارية عليا

باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة ……… (موضوع)
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد …………الأستاذ المستشار
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية
السادة الأساتذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
1- محمد منير السيد جويفل
2- يحيى أحمد راغب دكروري
3- مصطفى سعيد مصطفى حنفي
4- السيد إبراهيم السيد الزغبي
5- فوزي عبد الراضي سليمان
6- أبو بكر جمعة عبد الفتاح الجندي
7- عليوه مصطفى عيسى فتح الباب
8- أحمد عبد الحميد محمد خليل
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن رقم 10171 لسنة 54 قضائية عليا
إنه في يوم الأربعاء الموافق 27/2/2008 أودعت الأستاذة/ … المحامية نائبة عن الأستاذ/ … المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل، طعنا في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 15575 لسنة 61ق بجلسة 29/12/2007 الذي قضي في منطوقه: أولا- رفض الدفوع المبداة بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، ولرفعها من غير ذي صفة أو على غير ذي صفة. وثانيا- قبول التدخل الانضمامي إلى جانب الجهة الإدارية، ورفض ما عدا ذلك من طلبات تدخل وذلك على النحو المبين بالأسباب. وثالثا- قبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وألزمت المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة في تقرير الطعن – الحكم بقبوله شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن حجب كامل المواقع والمدونات المبينة بصحيفة الدعوى الأصلية وصحيفة تعديلها، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من أثار، أخصها حجب وغلق تلك المواقع والمدونات باللغتين العربية والإنجليزية أينما وجدت على شبكة الإنترنت، وما قد يتم إنشاؤه من مواقع أخرى بديلة لسبه والتشهير به بصفته القضائية والعلمية، وإلزام المطعون ضدهم والمتدخلين انضماميا لجهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وإلزام المطعون ضدهم من الأول إلى التاسع أن يؤدوا له تعويضا مقداره ثلاثة ملايين جنيه مصري، وإلزام المتدخلين انضماميا لجهة الإدارة الأول والثاني بأن يؤدوا له مبلغا مماثلا وذلك تعويضا له عما أصابه من أضرار مادية وأدبية في سمعته وصفته القضائية والعلمية وفي دينه وجنسيته ودولته وبلاده العربية نتيجة البيانات التي تم نشرها في هذه المواقع.
وقد أعلن تقرير الطعن على الوجه المقرر قانونا.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.
وتدوول نظر الطعن بجلسات المرافعة أمام الدائرة الأولى فحص بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قدم الخصوم ما عن لهم من مستندات ومذكرات، وبجلسة 2/2/2009 قررت إحالة الطعن للدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا التي قررت بجلسة 10/10/2009 التنحي عن نظر الطعن وإحالته للدائرة الثانية موضوع، حيث ورد الطعن لهذه الدائرة وتدوول نظره بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 20/11/2010 قررت إصدار الحكم بجلسة 1/1/2011 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات خلال ثلاثة أسابيع، وانقضى هذا الأجل دون تقديم أية مذكرات ومستندات، وفي الجلسة المذكورة تم مد أجل النطق بالحكم لجلسة 26/2/2011 لإتمام المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد إتمام المداولة.
وحيث إن عناصر الطعن الماثل تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 15575 لسنة 61 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 28/2/2007 طالبا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الإداري السلبي بامتناع وزير الاتصالات عن حجب المواقع الإلكترونية المشار إليها في صحفية الدعوى، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من أثار مع حفظ كافة حقوقه في التعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية نتيجة هذا القرار.
وذكر شرحا لدعواه أنه تقدم بشكاوى للمدعى عليهم بتاريخ 20، 25، 27/2/2007، كما أرسل أكثر من بريد إلكتروني على البريد الخاص بوزير الاتصالات طالبا اتخاذ اللازم نحو حجب المواقع الإلكترونية التي ذكرها في عريضة الدعوى، وعددها واحد وعشرون موقعا؛ لأنها تتضمن تقارير تسيء إلى سمعة جمهورية مصر العربية وإهانة رئيس الجمهورية والتطاول على بعض الدول العربية، وكذلك التطاول على شخصه لأنه تناول تلك التقارير في كتابه: (الأصول العلمية والقانونية للمدونات على شبكة الإنترنت)، وأشار إلى أنها ارتكبت جرائم جنائية ضد الدولة، وعلى أثر ذلك تم حذف ما تضمنته هذه المواقع من عبارات تسيء إلى الدولة، فأعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عبر موقعها والمواقع التابعة لها حملة شرسة عليه، ولم تكتف الشبكة بذلك بل نشرت بيانا يخالف الحقيقة يتضمن اتهامه بالتعدي على تقرير لها بالنقل منه دون الإشارة، رغم أن هذا التقرير مجرد أخبار لا تشملها حماية حق المؤلف، وحرضت المواقع التابعة لها على نشر هذا البيان مما أعطى الفرصة لمجهولين بارتكاب جرائم سب وقذف في حقه والطعن في صفته القضائية، وما كل ذلك إلا لإثنائه عن المناداة بوضع قانون يحكم المدونات حتى تظل تصرفاتهم خارج نطاق التجريم وهو ما يظهر الدولة بمظهر غير لائق ويضر بمصالحها وأمنها.
وأثناء تداول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري عدل المدعي طلباته بإضافة ثلاثين موقعا إلى المواقع المطلوب حجبها، كما أضاف طلبا بإلزام المدعى عليهم بتعويضه بمبلغ ثلاثة ملايين جنيه، وإلزام المتدخلين انضماميا إلى جهة الإدارة الأول والثاني بتعويض بمبلغ ثلاثة ملايين جنيه عما أصابه من أضرار مادية وأدبية ومن جراء الاستمرار في عدم حجب المواقع المشار إليها.
وبجلسة 29/12/2007 قضت المحكمة المذكورة بحكمها المتقدم، وشيدت قضاءها على أن الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور ليست طليقة من كل قيد وإنما يجوز تنظيمها تشريعا بما لا ينال من محتواها، ومن ثم فإن القيود التي يفرضها المشرع على تلك الحرية تمثل استثناء من الأصل الدستوري المقرر بكفالة وضمان حرية التعبير ومن ثم يجب أن تكون في أضيق الحدود، ولما كانت التشريعات المصرية لم تحدد الحالات التي تستدعي حجب المواقع الإلكترونية، إلا أن هذا الفراغ التشريعي لا يخل بحق الأجهزة الحكومية في الحجب حينما يكون هناك مساس بالأمن القومي أو المصالح العليا بما لتلك الأجهزة من سلطة في مجال الضبط الإداري لحماية النظام العام بمفهومه المثلث: الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة للمواطنين.
وأضافت المحكمة أنه إزاء هذا الفراغ التشريعي المنظم لدواعي الحجب وحدوده وتوقيتاته، ونزولا على القاعدة الأصولية التي تقضي بترتيب المصالح في ضوء مدارجها عند التعارض فإن المحكمة ترجح الانحياز لجانب الحرية على حساب المسئولية، وانتهت لذلك إلى حكمها المتقدم.
ولما يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن فأقام طعنه الماثل ناعيا على هذا القضاء بالبطلان لقيام سبب من أسباب عدم الصلاحية في تشكيل المحكمة التي أصدرت الحكم؛ لانتداب رئيس المحكمة لدى عدة جهات مدعى عليها، ولعدم ذكر أسماء الخصوم المتدخلين انضماميا للطاعن والمتدخلين هجوميا بالمخالفة لنص المادة 178 من قانون المرافعات، ولعدم اشتماله على مضمون تقرير هيئة مفوضي الدولة، والفساد في الاستدلال والقصور في التسيب وإخلاله إخلالا جسميا بحق الدفاع. وتأييدا لطلباته قدم الطاعن عدة حوافظ مستندات من بين ما طويت عليه صور من قرارات ندب السيد المستشار رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه وعضويته لبعض مجالس الإدارات، كما طويت هذه الحوافظ على بعض المقالات التي أشار إليها في تقرير الطعن، وقدم المتدخلون إلى جانب الطاعن مذكرة تمسكوا فيها بطلباته الواردة في تقرير الطعن.
ودفعت هيئة قضايا الدولة الطعن بتقديم حافظة مستندات طويت على كتاب مدير إدارة مكافحة جرائم الحاسبات الآلية وشبكات المعلومات بوزارة الداخلية بشأن الفحص الفني لما ورد بالمواقع التي تقدم الطاعن ضدها للنائب العام بالعريضة رقم 203242 لسنة 2007 عرائض مكتب النائب العام بتاريخ 14/2/2007، كما طلبت هيئة قضايا الدولة في مذكرات دفاعها الحكم بعدم قبول طلب التعويض لعدم اللجوء للجنة التوفيق في بعض المنازعات المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000، وبرفض الطعن برمته على سند من أن الطاعن قد لجأ للنيابة العامة لاتخاذ شئونها حيال التحقيق في البيانات التي نشرتها المواقع المطلوب حجبها، وعلى فرض أن هذه البيانات والمقالات تقيم سببا للمسئولية الجنائية فلا حاجة معه للتدخل من جانب الإدارة لاتخاذ قرار بحجب تلك المواقع لأن ذلك يعد تعديا على مبدأ حرية التعبير عن الآراء ونشرها وهو من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور.
وقدم المتدخلون إلى جانب الجهة الإدارية مذكرة طلبوا فيها الحكم برفض الطعن على سند من أن ما تم نشره صور إصدارات ورقية لها أرقام إيداع خاصة بالشبكة العربية لحقوق الإنسان، ويوجد بينها وبين الطاعن نزاع مطروح أمام جهات التحقيق والمحاكم، ولا تعدو هذه النزاعات أن تكون خصومات شخصية يحاول الطاعن أن يجعل منها مسألة أمن قومي تهم المصلحة العامة.
– وحيث إن الطعن أقيم في الميعاد مستوفيا سائر أوضاعه الشكلية ومن ثم فهو مقبول شكلا.
– وحيث إنه عن موضوع الطعن وفيما أثاره الطاعن من عدم صلاحية رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لانتدابه للعمل في بعض الجهات المطعون ضدها، فإن الأحكام التي أوردها قانون المرافعات المدنية والتجارية في شأن عدم صلاحية القضاة وردهم وتنحيهم، تقرر في واقع الأمر أصلا عاما يتصل بأسس النظام القضائي، غايته كفالة الطمأنينة للمتقاضين وصون سمعة القضاء، ومن ثم كان من الطبيعي سريان هذا الأصل على القضاء الإداري تحقيقا لذات الغاية الجوهرية ومن جهة ولاتحاد العلة من جهة أخرى.
ولقد حددت المادة (146) من قانون المرافعات المدنية والتجارية أحوال عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى، كما حددت المادة (148) من هذا القانون أسباب رد القاضي، وذلك على سبيل الحصر، ومن ثم فإنه لا يجوز القياس عليهما، ولم يرد من بينها حالة ندب القاضي للعمل مستشارا قانونيا لجهة مختصمة في الدعوى؛ ذلك أن ندب أعضاء مجلس الدولة للجهات الحكومية كمستشارين قانونين لها أو الاشتراك في عضوية مجالس بعض الإدارات أمر يقضي بجوازه القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، وليس فيه ما يبرر الطعن في حيدتهم أو نزاهتهم ما دام لم يبد رأيا في الموضوع المعروض أمامه في المحكمة.
وحيث إن الطاعن لم يقدم ما يفيد أن رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم قد أبدى رأيا في الموضوع المعروض أمام المحكمة والتي قضت فيه بقضائها المطعون فيه، ومن ثم فإن النعي بعدم الصلاحية لا يجد له سندا أو مبررا من واقع أو قانون بما لا ينال معه من الحكم المطعون فيه متعين الالتفات عن هذا الوجه من أوجه الطعن.
– وحيث إنه عما أثاره الطاعن من بطلان الحكم المطعون فيه لعدم ذكر أسماء الخصوم المتدخلين في صدر الحكم فإن المادة (178) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أنه “يجب أن يبين في الحكم المحكمة التي أصدرته وتاريخ إصداره ومكانه … وأسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم وموطن كل منهم … والقصور في أسباب الحكم الواقعية، والنقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم كذا عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم يترتب عليه بطلان الحكم”.
ومفاد هذا النص أن المشرع أوجب أن يبين في الحكم أسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم، وأن النقص أو الخطأ الجسيم في ذلك يترتب عليه بطلان الحكم، ومجرد الخطأ أو النقص في أسماء الخصوم وألقابهم وصفاتهم أو عدم كفايتها في موضع أو ترتيب معين لا يكفي لترتيب البطلان، وإنما يتعين لتقرير هذا البطلان أن يكون هذا الخطأ جسيما بحيث يشكك في حقيقة الخصوم واتصالهم بالمنازعة، وقد استقرت أحكام هذه المحكمة مشايعة أحكام محكمة النقض على أن محضر الجلسة مكمل للحكم في خصوص بيان المحكمة التي صدر عنها والهيئة التي أصدرته وأسماء الخصوم في الدعوى.
وتطبيقا لذلك ولما كان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه قد خلت ديباجته من بيان بأسماء الخصوم المتدخلين انضماميا للطاعن أو انضماميا لجهة الإدارة، إلا أن المحكمة قد أشارت إلى طلبات التدخل في وقائع الحكم وأحالت إلى محاضر الجلسات التي حوت أسماءهم، وإذ إن هذه المحاضر مكملة للحكم، ومن ثم فإنه لا يترتب على عدم ذكر هذه الأسماء في ديباجة الحكم بطلانه، لأنه ولئن كان ذلك قد وقع على غير ما تعارفت عليه المحاكم في تدوين الأحكام إلا أن ذلك لا ينقص من حقيقة اتصال هؤلاء الخصوم بالمنازعة وبيان دفوعهم ودفاعهم فيها، بما لا محل معه للنعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان من هذا الوجه.
– وغير صحيح ما ذكره الطاعن من أن الحكم المطعون فيه لم يشتمل على مضمون تقرير هيئة مفوضي الدولة، ذلك أن الثابت من الاطلاع على هذا الحكم أنه قد أشار في الصفحة الثالثة منه إلى أن المحكمة قد أحالت الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة وإلى أن الهيئة أعدت تقريرا بالرأي القانوني، وذكر الحكم في مدوناته التكييف الذي خلصت إليه هيئة مفوضي الدولة لطلبات الطاعن وما خلصت إليه من رأي قانوني، وهو ما يدل على اطلاع المحكمة على كامل تقرير هيئة مفوضي الدولة، وهو ما تتحقق به الضمانة التي تغياها المشرع في المادتين 27 و29 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 باعتبار أن تقرير هيئة مفوضي الدولة والاطلاع عليه من القواعد والإجراءات الجوهرية التي يقوم عليها نظام القضاء الإداري.
– وحيث إنه عن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب فيما يتعلق بطلب الإلغاء، فقد نصت المادة (45) من الدستور على: “لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون، وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة وفقا لأحكام القانون”.
ونصت المادة (47) منه على أن: “حرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون، والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني …”.
وتنص المادة (48) منه على أن: “حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة، والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور، ويجوز استثناء في حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن يفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي، وذلك كله وفقا للقانون”.
كما تنص المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المعتمد بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16/1/1966 على أنه:
1- لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
2- لكل إنسان حق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
3- تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة (2) من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة، وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:
أ‌- لحقوق الآخرين أو سمعتهم.
ب‌- لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة”.
وتنص المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات على أن: “يعمل بأحكام القانون المرافق لتنظيم جميع أنواع الاتصالات إلا ما استثنى بنص خاص فيه أو في أي قانون آخر واقتضاه حكم القانون مراعاة للأمن القومي، ويلغى كل حكم يخالف أحكام القانون المرافق”.
وتنص المادة (1) من مواد هذا القانون على أنه: “يقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بالمصطلحات التالية المعاني المبينة قرين كل منها:
1- الجهاز: الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.
2- الوزير المختص: الوزير المعني بشئون الاتصالات.
3- الاتصالات: أية وسيلة لإرسال أو استقبال الرموز أو الإشارات أو الرسائل أو الكتابات أو الصور أو الأصوات، وذلك أيا كانت طبيعتها، وسواء كان الاتصال سلكيا أو لاسلكيا.
4- خدمة الاتصالات: توفير أو تشغيل الاتصالات أيا كانت الوسيلة المستعملة.
5- شبكة الاتصالات: النظام أو مجموعة النظم المتكاملة للاتصالات شاملة ما يلزمها من البنية الأساسية.
…..
15- الطيف الترددي: حيز الموجات التي يمكن استخدامها في الاتصال اللاسلكي طبقا لإصدارات الاتحاد الدولي للاتصالات.
18- خدمة الاتصالات الدولية: خدمة الاتصالات بين المستخدمين في مصر وبين الخارج من خلال المعابر الدولية للاتصالات”.
وتنص المادة (3) من ذات القانون على أن “تنشأ هيئة قومية لإدارة مرافق الاتصالات تسمى (الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات) ويكون للجهاز الشخصية الاعتبارية العامة، ويتبع الوزير المختص …”.
وتنص المادة (4) على أن: “يهدف الجهاز إلى تنظيم مرفق الاتصالات وتطوير ونشر جميع خدماته على نحو يواكب أحدث وسائل التكنولوجيا، ويلبي جميع احتياجات المستخدمين بأنسب الأسعار ويشجع الاستثمار الوطني والدولي في هذا المجال في إطار من قواعد المنافسة الحرة وعلى الأخص ما يلي: …..
2- حماية الأمن القومي والمصالح العليا للدولة.
3- ضمان الاستخدام الأمثل للطيف الترددي وتعظيم العائد منه طبقا لأحكام هذا القانون”.
وتنص المادة (5) على أنه للجهاز في سبيل تحقيق أهدافه أن يباشر جميع التصرفات والأعمال اللازمة لذلك، وله على الأخص ما يأتي: ….
2- العمل على مواكبة التقدم العلمي والفني والتكنولوجيا في مجال الاتصالات مع مراعاة المعايير الصحية والبيئية ….”.
وتنص المادة (13) على أن “مجلس إدارة الجهاز هو السلطة المختصة بشئونه وتصريف أموره، وله أن يتخذ ما يراه لازما من قرارات لتحقيق الأهداف التي أنشي الجهاز من أجلها، ويباشر المجلس اختصاصاته على الوجه المبين بهذا القانون وله على الأخص ما يأتي: …..
6- وضع القواعد وشروط منح التراخيص الخاصة باستخدام الطيف الترددي وتنظيم إجراءات منحها.
7- وضع قواعد وشروط منح التراخيص الخاصة بإنشاء البنية الأساسية لشبكات الاتصالات …
كذلك تراخيص تشغيل هذه الشبكات وإدارتها والتراخيص الخاصة بتقديم خدمات الاتصالات وإصدار هذه التراخيص وتجديدها ومراقبة تنفيذها طبقا لأحكام هذا القانون بما يضمن حقوق المستخدمين، وخاصة حقهم في ضمان السرية التامة طبقا للقانون، وبما لا يمس بالأمن القومي والمصالح العليا للدولة …”.
وتنص المادة (25) على أن: “يحدد الترخيص الصادر التزامات المرخص له والتي تشمل على الأخص ما يأتي: …
11- الالتزامات الخاصة بعدم المساس بالأمن القومي …”.
وتنص المادة (49) على أن: “الطيف الترددي مورد طبيعي محدود، والجهاز هو الجهة المسئولة عن تنظيم وإدارة جميع الشئون المتعلقة باستخدامه طبقا لأحكام القانون”.
وتنص المادة (51) على أنه: “لا يجوز استخدام تردد أو حيز ترددات إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهاز …”.
ومن حيث إنه يستفاد مما تقدم أن الدستور المصري مسايرا في ذلك الاتفاقيات الدولية المقررة لحقوق قد كفل حرية التعبير بمدلوله العام، وفي مجالاته المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبجميع وسائل التعبير، وضمانا من الدستور لحرية التعبير والتمكين من عرضها ونشرها بأية وسيلة على نحو ما جاء بالمادة (47) سالفة الذكر التي تقرر أن الحرية هي الأصل الذي لا يتم الحوار المفتوح إلا في نطاقه، وعلى ذلك فإن هذه الحرية لا تنفصل عن الديمقراطية، وعلى ذلك فإن ما توخاه الدستور من خلال ضمان حرية التعبير هو أن يكون التماس الآراء والأفكار وتلقيها عن الغير ونقلها إليه غير مقيدة بالحدود الإقليمية على اختلافها، ولا تنحصر في مصادر بذواتها بل قصد أن تترامي إقامتها، وأن تتعدد مواردها وأدواتها معصومة من أي أغلال أو قيود إلا تلك التي تفرزها تقاليد المجتمع وقيمه وثوابته؛ بحسبان أن الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور ليست حريات وحقوق مطلقة، وإنما هي مقيدة بالحفاظ على الطابع الأصيل لقيم المجتمع وثوابته وتقاليده والتراث التاريخي للشعب والحقائق العلمية والآداب العامة.
وقد انتظم القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات مبادئ وقواعد لتنظيم جميع أنواع الاتصالات إلا ما استثنى بنص خاص، وناط بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وبوزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تنظيم وسائل إرسال أو استقبال الرموز أو الإشارات أو الرسائل أو الكتابات أو الصور أو الأصوات، وذلك أيا كانت طبيعتها سواء كان الاتصال سلكيا أو لاسلكيا، وخدمة الاتصالات الدولية بين المستخدمين في مصر والدول الأجنبية من خلال المعابر الدولية للاتصالات، بما في ذلك الطيف الترددي الذي يمثل حيز الموجات التي يمكن استخدامها في الاتصال اللاسلكي طبقا لإصدارات الاتحاد الدولي، وضمان الاستخدام الأمثل لهذا الطيف مع مواكبة التقدم العلمي والفني والتكنولوجي ووضع قواعد وشروط منح التراخيص الخاصة باستخدام الطيف، وإصدار هذه التراخيص وتجديدها وإلغاءها ومراقبة تنفيذها، وذلك كله بما لا يخل بالمصلحة العليا للدولة والأمن القومي للبلاد.
وحيث إنه ولئن كانت التشريعات المصرية بما فيها قانون تنظيم الاتصالات سالف الذكر لم تحدد الحالات التي تستدعي حجب المواقع الإلكترونية، إلا أن ذلك لا يخل بحق الأجهزة الحكومية والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في حجب بعض المواقع على الشبكة الدولية للإنترنت حينما يكون هناك مساس بالأمن القومي أو المصالح العليا للدولة وذلك بما لتلك الأجهزة من سلطة في مجال الضبط الإداري لحماية النظام العام بمفهومه المثلث: الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة للمواطنين، وذلك تحت رقابة القضاء.
ويتعين التفرقة في هذا الصدد بين التعدي على الحق الفردي للأشخاص والتعدي على المجتمع وأمنه وأمانه, وإن كان كلاهما ممقوتا ممجوجا تلفظه الشرائع ونصوص الدستور والقانون، بيد أن المساس بالحق الشخصي كفل دفعه ولوج سبيل التقاضي جنائيا أو مدنيا أو كليهما معا، حسبما ألمحت إليه المادة (76) من قانون تنظيم الاتصالات المشار إليه، أما حال المساس بأمن المجتمع وأمانه فلا يدرؤه إلا أن يوصد منبع هذا الخطر، موقعا كان على شبكة الإنترنت أو غيره.
وعلى هدي ما تقدم ولما كان الثابت بالأوراق أن بعض المواقع التي ذكرها الطاعن في عريضة افتتاح التداعي وتقرير الطعن الماثل قد تعرضت له بالسب والتشهير على صفحات ومدونات مواقعها على وفق ما جاء بالتقرير الفني لإدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات بالإدارة العامة للمعلومات والتوثيق بوزارة الداخلية المودع ملف الطعن، وهو ما دعا الطاعن إلى التقدم ببلاغ إلى النائب العام بالعريضة رقم 203242 لسنة 2007 عرائض مكتب النائب العام بتاريخ 14/2/2007، وهو ما يتحقق به بلوغ حقه في دفع هذا التعدي، دون حجب هذه المواقع التي يستفيد منها كل من يسعى إلى معرفة، وبالتالي يطولهم جزاء حجب أي من هذه المواقع، فضلا عن أن حجب هذه المواقع يتعارض مع الأصل وهو حرية التعبير الذي يتعين ترجيحه؛ نزولا على القاعدة الأصولية التي تقضي بترتيب المصالح في ضوء مدارجها عند التعارض، ومن ثم فإن رفض الجهة الإدارية حجب المواقع المذكورة في عريضة الدعوى ابتداء وفي تقرير الطعن قد جاء موافقا لصحيح القانون، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذا النظر قاضيا برفض الدعوى بطلب حجب المواقع المشار إليها فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه بما لا مطعن عليه مما يتعين معه رفض الطعن الماثل بشأن طلب الإلغاء.
– وحيث إنه عن طلب التعويض فقد نصت المادة (193) من قانون المرافعات على انه: “إذا أغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يعلن خصمه بصحيفة للحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه”.
ومفاد هذا النص أنه لا يجوز لمن أغفلت محكمة أول درجة الفصل في بعض طلباته أن يلجأ إلى محكمة الطعن طالبا منها الفصل في تلك الطلبات أو إلغاء الحكم فيما تضمنه من عدم الفصل فيها، إنما عليه أن يلجأ إلى المحكمة التي أصدرت الحكم طالبا منها الفصل فيما أغفلت الفصل فيه.
وتطبيقا لذلك ولما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن كان قد أبدى طلب التعويض أمام محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 15575 لسنة 61ق، وأشارت المحكمة إلى هذا الطلب في وقائع الحكم الصادر عنها بجلسة 29/12/2007 إلى جانب طلب الإلغاء المطعون فيه، كما ذكرت هذا الطلب عند تحديدها لطلباته في صدر الحكم، إلا أنها لم تشر من قريب أو بعيد في أسباب الحكم إلى هذا الطلب نصوصا أو تطبيقا، كما لم ترد الإشارة إليه في منطوق الحكم، ومن ثم تكون قد غفلت عن الفصل في طلب التعويض، بما لا يجوز معه للطاعن اللجوء إلى المحكمة الإدارية العليا لإنزال حكم القانون على هذا الطلب، وله – على وفق تقديره إن أراد – اللجوء إلى محكمة القضاء الإداري التي أصدرت الحكم في الدعوى المشار إليها للفصل في هذا الطلب، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن بشأن طلب التعويض، وفيما عدا ذلك بقبوله شكلا، وفي الموضوع برفضه، وألزمت الطاعن المصروفات