باسم الشعب
محكمة القاهرة الاقتصادية
الدائرة الأولى جنح اقتصادية
حكم
بجلسة الجنح المنعقدة علناً بسراى المحكمة صباح يوم السبت الموافق 24 / 2 / 2024
برئاسة السيد الأستاذ / خالد أبو زينة رئيس المحكمة
وعضوية الأستاذ الدكتور / محمد سعيد ابو دنيا رئيس محكمة
وعضوية الأستاذ / محمد فريد شرف رئيس محكمة
وعضوية الأستاذ / كريم فؤاد وكيل النيابة
وبحضور السيد / محمد جمـــــــــــال أمين الســر
صدر الحكم الآتى
((فى الجنحة رقم 158 لسنة 2023 جنح اقتصادية القاهرة ))
ضـــــــد
……………. متهم
((المحكمة ))
بعد مطالعة الأوراق والمداولة قانوناً :
حيث تتحصل واقعات الدعوى فى أن النيابة العامة قد قدمت المتهم / على دسوقى على شراقه – للمحاكمة الجنائية .
بوصف انه بتاريخ 18 / 7 / 2023 – بدائرة / قسم شرطة دار السلام – محافظة القاهرة .
1- قذف علانية المجنى عليه /…… بأن دون منشورا عبر صفحته الشخصية ….. ” على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك على صورة شخصية للمجنى عليه سالف الذكر واسند اليه بموجبه أمورا من شأن صحتها أن توجب معاقبته قانونا على النحو المبين بالاوراق .
2 – سب علانية المجنى عليه سالف الذكر بأن وجه إليه من خلال صفحته الشخصية سالفة الذكر عبارات وألفاظ تضمنت خدشا لشرفه واعتباره على النحو المبين بالأوراق .
3- نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية مستخدما حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى ” فيس بوك ” ….. صور شخصية للمجنى عليه سالف الذكر دون رضاه منتهكا بذلك خصوصيته بنشره لتلك الصور من خلال منشور دونه على الحساب سالف الذكر على النحو المبين بالأوراق .
4- تعمد إزعاج المجنى عليه سالفة الذكر بإساءة استعمال اجهزة الاتصالات بأن اتى الأفعال محل الاتهامات على النحو المبين بالأوراق .
وطالبت بمعاقبته بالمواد 166 مكرر ، 171 / 3 ، 302 / 1 ، 303 / 1 ، 306 من قانون العقوبات والمادتين 70 ، 76 /1 بند 2 من القانون 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات . والمادة 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات .
وذلك على سند حاصله ما أبلغ به وكيل المجنى عليه بموجب التوكيل رقم 3204 ب لسنة 2023 خاص توثيق نقابة المحامين بموجب محضر إيداع بتاريخ 25 / 7 / 2023 من تضرره من المدعو / على دسوقى على شراقه مستخدم الحساب المسمى على موقع التواصل الاجتماعى ” فيس بوك ” ali dsoke ali لقيامه بنشر منشور على المجموعة المسماة ( ابناء اسيوط ) تتضمن صورة شخصية للمجنى عليه و عبارات قذف وإساءة وتشهير مما تسبب فى أضرار مادية ومعنوية جسيمة له .
وحيث ثبت بالفحص الفنى بمعرفة ملازم اول مهندس / مينا غالى ضابط بقسم المساعدات الفنية : ان الحساب …… تبين أنه مرتبط بالهاتف المحمول ( …… ) وبإجراء التحريات الفنية تبين ان مستخدم رقم الهاتف هو المدعو /….. ، والمقيم…… .
وحيث ارفق بتقرير الفحص الفنى عدد صورة ضوئية من الحساب المشكو فى حقه على جروب ابناء اسيوط بها عبارات ( النصاب….. ، والنصاب …… الإثنين عليهم وصلات امانة وهربانين ، اللى يعثر عليهم لى مكافأة 1000 ألف جنيه ) ومرفق بالمنشور صورة إيصال امانة وصورة شخصية لرجلان .
وحيث اوردت تحريات إدارة البحث الجنائية بمعرفة نقيب / محمد الجبالى بتاريخ 31 / 10 / 2023 : أنه بإجراء التحريات السرية توصل كما جاء بتقرير الفحص الفني المعد بمعرفة ملازم اول مهندس / مينا غالى ضابط بقسم المساعدات الفنية بارتكاب الواقعة من قبل الحساب ….. ” تبين أنه مرتبط بالهاتف المحمول ( ….. ) وبإجراء التحريات الفنية تبين ان مستخدم رقم الهاتف هو المدعو /…… ، والمقيم ……
وحيث قدمت الأوراق للمحكمة ونظرت بالجلسة المحددة لها وحضر المجنى عليه بوكيلة وادعى مدنيا قبل المتهم بمبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت وقدم اعلان بالدعوى المدنية منفذ وقدم ثلاث حوافظ مستندات طالعتهم المحكمة وألمت بمحتواهم وطويت احداهم على منشورات من الحساب المشكو فى حقه على جروبات على موقع الفيس بوك تتضمن اساءة وسب لشخص المجنى عليه ووضع صور شخصية له ، ولم يحضر المتهم بشخصه او بوكيل عنه ، فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة اليوم .
وحيث أن المتهم لم يحضر بشخصه او بوكيل عنه جلسات المحاكمة ، الأمر الذي يعد الحكم الصادر فى مواجهته غيابيا عملا بنص المادة ( 238 / 1 ) من قانون الإجراءات الجنائية
وحيث انه عن موضوع الجنحة :
وكان من المقرر بنص المادة 166 مكرر من قانون العقوبات ” كل من تسبب عمداً فى إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة المواصلات التليفونية يعاقب بالحبس مدة لاتجاوز سنة وبغرامة لاتزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ” .
وحيث نصت المادة 171 من قانون العقوبات على انه ” كل من حرض واحدا او أكثر بارتكاب جناية أو جنحة بقول أو صياح جهر به علنا او بفعل أو إيماء صدر منه علنا أو بكتابة او رسوم او صور شمسية أو رموز او أية طريقة أخرى من طرق التمثيل جعلها علنية او بأية وسيلة أخرى من وسائل العلانية يعد شريكا فى فعلها ويعاقب بالعقاب المقرر لها إذا ترتب على هذا التحريض وقوع تلك الجناية او الجنحة بالفعل……… “
وتنص المادة 302 / 1 من القانون على ” يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة احدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة قانونا او أوجبت احتقاره عند أهل وطنه ” .
وكان من المقرر بنص المادة 303 / 1 من ذات القانون على : يعاقب على القذف بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولاتزيد على خمسة عشر ألف جنيه .
ومن المقرر بنص المادة 306 من القانون على ” كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن بأى وجه من الوجوه خدشأً للشرف أو الاعتبار يعاقب عليه فى الأحوال المبينة بالمادة 171 بالحبس مدة لاتجاوز سنة وغرامة لا تقل عن ألفى جنيه ولاتزيد عن عشرة آلاف جنيه ” .
ولما كان المقرر بنص المادة 1 / 3 ، 9 ، 10 من القانون 10 لسنة 2003 أنه ( يقصد فى تطبيق أحكام هذا القانون بالمصطلحات التالية المعاني : –
المبينة قرين كل منها : 3 – الاتصالات : أية وسيلة لإرسال أو استقبال الرموز ، او الإشارات ، او الرسائل ، او الكتابات أو الصور ، او الأصوات ، وذلك أيا كانت طبيعتها ، وسواء كان الاتصال سلكيا أو لاسلكيا . 9 – المعدات : أية أجهزة أو آلات أو مستلزمات تستعمل ، أو تكون معدة للاستعمال فى خدمات الاتصالات . 10 – أجهزة الاتصالات الطرفية : أجهزة الاتصالات الخاصة بالمستخدم والتى تتصل بشبكة اتصالات عامة أو خاصة ) .
وكانت المادة 70 من القانون آنفة البيان قد نصت على أنه ( مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد منصوص عليها فى قانون العقوبات أو فى أى قانون آخر يعاقب على الجرائم المنصوص عليها فى المواد التالية بالعقوبات المقررة فيها )
كما نصت المادة 76 /2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 على أنه ( مع عدم الإخلال بالحق فى التعويض المناسب ، يعاقب بالحبس وبغرامة لاتقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من 2- تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ) .
وكان من المقرر بنص المادة 25 من القانون 175 لسنة 2018 أنه ” يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة الف جنيه ، او بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى او انتهك حرمة الحياة الخاصة ، أو ارسل بكثافة العديد من الرسائل الألكترونية لشخص دون موافقته ، أو منح بيانات شخصية الى نظام او موقع الكتروني لترويج السلع او الخدمات دون موافقته ، أو نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية او بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات او اخبارا او صورا وما فى حكمها ، تنتهك خصوصية اى شخص دون رضاه ، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة او غير صحيحة “.
وحيث انه من المقرر فقها ” أن المقصود بارتكاب الفعل الإجرامى بطريق التليفون أن يكون التليفون هو الوسيلة التي بواسطتها يقوم الجانى بإذاعة قذفه فى عرض المجنى عليه وتقع الجريمة سواء كان المستمع إلى التليفون هو المجني عليه شخصيا او غيره ، وإذا وقعت الجريمة بطريق التليفون فلا عبرة باللغة التى تم بها الطعن فى العرض ولا بالمكان الذي تحدث منه الجاني بالتليفون ” .
( مشار إليه – التعليق على قانون العقوبات – المستشار مصطفى هرجه – المجلد الرابع – ص 46 ، 45 )
كما انه من المقرر أيضا ” أن المرجع فى تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو ما يطمئن إليه القاضى فى تحصيله لفهم الواقع فى الدعوى …… “
( الطعن رقم 5736 لسنة 58 ق جلسة 5 / 1 / 1989 )
كما انه من المقرر أيضا انه ” يتوافر القصد الجنائى فى جريمتى القذف والسب متى كانت العبارات التي وجهها المتهم الى المجني عليه شائنة بذاتها ” .
( الطعن رقم 224 لسنة 40 ق جلسة 11 / 5 / 1970 )
كما أن ( القانون لا يوجب للعقاب على القذف والسب بأن يقع أيهما فى حضرة المجنى عليه بل اشترط توافر العلانية فى جريمتى القذف والسب العلني فيه ما يدل بوضوح على أن العلة التى شرع العقاب من أجلها لم تكن مواجهة شخص المجنى عليه بما يؤلمه ويتأذى به من عبارات القذف والسب وإنما هى ما يضار به المجنى عليه من جراء سماع الكافة على ما يشينه فى شرفه واعتباره وهذه العلة تتحقق بمجرد توافر العلانية ولو لم يعلم المجنى عليه بما رمى به ) .
( جلسة 30 / 10 / 1939 الطعن رقم 1388 لسنة 59 ق مجموعة الربع قرن ص 732 )
وحيث انه من المستقر عليه فقها أن ” المشرع جرم المعاكسات فى حالة ما إذا وقعت عن طريق اى جهاز اتصالات سواء كان التليفون او الحاسب الالى او البريد الالكترونى او الرسائل الالكترونية او الانترنت فأى إزعاج أو مضايقة تتم عبر جميع هذه الأجهزة يشكل جريمة طبقا للمادة 76 فى فقرتها الثانية من قانون الاتصالات فمن يقوم بإرسال رسائل على شبكة الانترنت او على التليفون المحمول تتضمن إزعاجا أو مضايقة لمستقبلها يكون مرتكبا لهذه الجريمة ….. وعلى القاضى تحديد ما إذا كان الفعل المرتكب يشكل إزعاجا أو مضايقة للمتلقى من عدمه فهى مسألة موضوعية تختلف من حالة إلى أخرى . “
( شرح لمبادئ وأحكام قوانين الاتصالات المستشار الدكتور عمر الشريف الطبعة الأولى ص 124 )
الأمر الذي يستفاد منه أن المشرع اشترط لقيام جريمة تعمد إزعاج أو مضايقة الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات توافر ركنين الأول ركن مادى يتمثل فى أى سلوك ايجابى يصدر من الجانى يكون من شأنه إزعاج أو مضايقة الغير وقد يكون بإرسال رسالة نصية أو صوتية او صورة أو رسما أو قصة بذيئة تنطوى على ما يخدش الحياء أو الشرف والاعتبار او من خلال اى من برامج الاتصال او الدردشة مثل ( الفيس بوك ) وقد اشترط المشرع فى ذلك السلوك ان يكون وسيلة إتيانه من خلال أجهزة الاتصالات الوارد بنص المادة 10 / 1 من القانون رقم 10 لسنة 2003 ، وأن يترتب على ذلك السلوك إحداث إزعاج أو مضايقة للغير وأخيرا علاقة سببية بين فعل الجانى والنتيجة الاجرامية بحيث انه لولا سلوك الجانى واستخدامه لوسيلة الاتصالات على ذلك النحو ما كان لتحدث النتيجة الإجرامية آنفة البيان ، والركن الثاني هو ركن معنوي وهو يأخذ فى هذه الجريمة صورة القصد الجنائى العام من علم وإرادة أى علم الجانى بماهية فعله و أن استخدامه لأجهزة الاتصالات على ذلك النحو من شأنه إزعاج أو مضايقة غيره واتجاه إرادته إلى إحداث النتيجة الاجرامية المتمثلة فى إحداث ذلك الإزعاج أو تلك المضايقة .
وحيث انه من المستقر بقضاء النقض ” من المقرر أن الازعاج و تعمد مضايقة المجنى عليه لا يقتصر على السب والقذف المعاقب عليهما بالمادة 308 مكررا من قانون العقوبات ، بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجانى يضيق به صدر المجنى عليه ، وكان الحكم المطعون فيه بين مضمون ما وجهته الطاعنة من عبارات للمجنى عليها عن طريق تدوينها فى تعليق موجه للمجنى عليها على موقع التواصل الاجتماعي ويمكن لها مطالعته والاطلاع على ما دون به من عبارات أوردها الحكم ، وانتهى فى منطق سائغ وتدليل مقبول إلى أنها تفيد تعمد إزعاج المجنى عليها بما ضاق به صدرها بإساءة استعمال أجهزة الاتصال بما لا يخرج عن الاستدلال المنطقى ، وهو ما تتحقق به أركان الجريمة التى دان الطاعنة بها ، فإن النعى بانتفاء الركن المادى للجريمة لكون العبارات التى تشكلها نشرت على صفحة الطاعنة الخاصة بموقع التواصل الاجتماعى ولا تشكل إساءة للمجنى عليها والقصد الجنائى لدى الطاعنة يكون بعيدا عن محجة الصواب ” .
( الطعن رقم 11456 لسنة 90 ق جلسة 11 / 9 / 2021 )
كما أنه من المقرر ” لما كان الحكم قد أورد فى مدوناته ألفاظ السب والقذف التى وجهتها الطاعنة للمدعية بالحق المدنى الأولى من خلال الرسالة الصوتية المرسلة عبر تطبيق الواتس اب على هاتف زوجها – المدعى بالحق المدنى الثانى – والتى تتضمن خدشا للشرف ومساسا بالعرض ، وكان من المقرر أنه ليس فى القانون ما يمنع أن يكون المضرور من الجريمة شخص آخر غير المجني عليه ما دام قد ثبت قيام هذا الضرر وكان ناتجا عن الجريمة مباشرة وكانت المدعية بالحق المدنى الاولى قد أقامت دعواها بصفتها مضرورة من عبارات السب والقذف التى وجهتها الطاعنة إليها من خلال الرسالة الصوتية المرسلة عبر تطبيق الواتس اب على هاتف زوجها – المدعى بالحق المدنى الثانى – فإن ما تثيره الطاعنة فى هذا الخصوص يضحى لا محل له ” .
( الطعن رقم 11448 لسنة 90 ق جلسة 14 / 3 / 2021 )
والازعاج لا يقتصر على السب والقذف ، لأن المشرع عالجهما بالمادة 308 مكررا بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجانى يضيق به صدر المواطن .
( الطعن رقم 19061 لسنة 67 ق جلسة 12 / 2 / 2007 )
وحيث قررت محكمة النقض ” ان نعت المتهم امرأة بأنها ” شرموطة ” يتضمن طعنا فى عرضها ” .
( الطعن رقم 1130 لسنة 2 ق جلسة 20 / 4 / 1942 )
كما تتطلب صورة الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة بالقيام بنشر معلومات او اخبار او صور تنتهك خصوصية اى شخص ركنين هما : الركن المادي – ويتمثل في أن يقوم الجانى بالنشر على الشبكة المعلوماتية ما يخص هذا الشخص من هذه الأمور التى هى ذات طابع خاص ، وأن يتم هذا النشر دون رضاء وموافقة صاحب هذه الخصوصيات ، بغض النظر عن كون تلك الأخبار او المعلومات او البيانات فيستوي أن يكون قد تحصل عليها من المجنى عليه نفسه أو من الغير ، فإباحة المجنى عليه إطلاع الجانى على تلك البيانات أو المعلومات لا يقرر له الحق في إفشائها او نشرها دون موافقته ، ولا يخفى أنه فى حالة نشر وقائع غير صحيحة قد تقوم جريمة السب والقذف أن استوجبت تلك الوقائع احتقاره بين مجتمعه وأهله .
والثاني الركن المعنوي ويتمثل في توافر القصد الجنائي بعنصريه العلم والإرادة بأن يعلم الجاني أنه يقوم بنشر بيانات ومعلومات شخصية تخص غيره وأن صاحب الحق فيها لم يأذن له فى ذلك ، ,وانه يقوم بنشرها من خلال الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات وان تتجه إرادته إلى نشرها دون موافقة صاحب هذه المعلومات .
كما أنه من المستقر عليه بقضاء النقض أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر فى الدعوى مباشرة كانت أم غير مباشرة وأن تأخذ من أى بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلا لحكمها لأن تقدير الدليل موكول لها ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها فى ذلك “
( الطعن رقم 955 س 40 ق جلسة 4 / 10 / 1970 )
ولما كان من المقرر وأن ” العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التى يعتمد عليها الحكم ، بحيث ينبئ كل دليل منها أو يقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى . إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة ، يكمل بعضها بعضا ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة . فلا ينظر الى دليل بعينه لمناقشته على حدة ، دون باقى الأدلة . بل يكفى أن تكون الأدلة مؤدية الى ماقصده الحكم منها ، ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة ، واطمئنانها الى ما انتهت اليه ” .
( نقض جنائى جلسة 11 / 1 / 1990 م ، الطعن رقم 14599 لسنة 59 قضائية ، لسنة 41 مكتب فنى ، ص 107 )
فلما كان ذلك وكان القانون الجنائى لم يجعل لإثبات الجرائم الواردة بقانون تقنية المعلومات طريقا خاصا ، وكان من المقرر أن العبرة فى المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بين فيما عدا الأحوال التى قيده القانون فيها بذلك فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أى بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلا لحكمه ولا يلزم أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث يبين كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ أن الأدلة فى المواد الجنائية مساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم صريحا دالا بنفسه عن الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكونه استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقوانين وترتيب النتائج على المقدمات .
ولما كان ذلك وكان القصد الجنائى فى الجرائم الجنائية من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التى تفصل فيها محكمة الموضوع فى ضوء الظروف المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وكان فى اطمئنان المحكمة الى ادلة الثبوت السابق بيانها سلفا ما يبزغ معه توافر القصد الجنائى بحق المتهم بالاوراق فى ارتكاب الجرائم الواردة بحقه واتجاه إرادته الى ذلك رغم العلم بما ينتج عنها الأمر الذى ترى معه المحكمة أن الجرائم الذى ارتكبها المتهم ثابتة جلية بحقه لم ينكرها ثمة دليل من أدلة الدعوى الجنائية الماثلة ، ولما كانت المحكمة تضع موازين القسط وهى بصدد تقرير العقوبة الملائمة للمتهم فانه لايسعها سوى اعمال صحيح القانون وتحقيق الردع الملائم له وفقا لقانون تقنية المعلومات الرقيم 175 لسنة 2018 خاصة وقد القى بنفسه فى موضوع المسئولية الجنائية بافعاله التى ارتكبها ، وتشير المحكمة إلى أن المشرع حينما قام بصياغة القانون 175 لسنة 2018 بشأن تقنية المعلومات لم يكن يهدف الى كبت الحريات المصونة بقوة القانون والدستور او التخلف عن ركب التطور التكنولجى والفضاء المفتوح ، إلا أنه وأينما وجدت الحرية وجد التعدى عليها فكان لزاما تحقيق الردع لكل من يستبيح تلك الحرية والفضاء المفتوح وتحويل المنصات الالكترونية لممارسة الافكار الشاذة التى تخل بالاداب والتقاليد والاعراف المميزة للمجتمع المصرى والاديان السماوية والتصدى للانحدار الاخلاقى والخروج عن القيم الاسرية من كل عابث مغرض يبث سموما وافكارا موجهة الى شباب المجتمع المصرى تحت راية الانفتاح والتطور مستغلا المنصات الالكترونية ومواقع التواصل لتحقيق اعراضا مادية غير عابئ بعواقب واثار تلك الممارسات والافكار الغير اخلاقية على شباب المجتمع المصرى المتلقى لها .
وحيث ان الواقعة على النحو السالف بيانه وعلى نحو ما وقر بيقين المحكمة قد استقام الدليل على صحتها وثبوتها فى حق المتهم ، واستمدت المحكمة تلك العقيدة وكان مبعث اطمئنانها لذلك الثبوت فى حقها ما ورد بالأوراق من ادلة ثبوت تمثلت فيما جاء بأقوال وكيل المجنى عليه بموجب التوكيل رقم 3204 ب لسنة 2023 خاص توثيق نقابة المحامين بموجب محضر إيداع بتاريخ 25 / 7 / 2023 من تضرره من المدعو / على دسوقى على شراقه مستخدم الحساب المسمى على موقع التواصل الاجتماعى ” فيس بوك ” ……لقيامه بنشر منشور على المجموعة المسماة ( ….. ) تتضمن صورة شخصية للمجنى عليه و عبارات قذف واساءة وتشهير مما تسبب فى أضرار مادية ومعنوية جسيمة له .
علاوة على ما ثبت بالفحص الفنى بمعرفة ملازم اول مهندس / مينا غالى ضابط بقسم المساعدات الفنية : ان الحساب ….. ” تبين انه مرتبط بالهاتف المحمول ( ……. ) وبإجراء التحريات الفنية تبين ان مستخدم رقم الهاتف هو المدعو / …… والمقيم……. وهو ما تأييد بتحريات إدارة البحث الجنائية بمعرفة نقيب /……
بالاضافة الى ما ارفق بتقرير الفحص الفنى عدد صور ضوئية من الحساب المشكو فى حقه على جروب ابناء اسيوط بها عبارات ( النصاب….. ، والنصاب……الإثنين عليهم وصلات امانة وهربانين ، اللى يعثر عليهم لى مكافأة 1000 ألف جنيه ) ومرفق بالمنشور صورة ايصال امانه وصورة شخصية لرجلان .
أضف الى ذلك ما اطمأنت إليه المحكمة بحافظة مستندات مقدمة من وكيل المجني عليه طويت على منشورات من الحساب المشكو فى حقه على جروبات على موقع الفيس بوك تتضمن اساءة وسب لشخص المجنى عليه ووضع صور شخصية له وتأخذ بها المحكمة باعتبارها قرينة قانونية تعضد ما جاء بالأوراق من أدلة قولية وفنية .
وفى هذا الإطار قد تحقق لدى المحكمة الركن المادي للجرائم محل الأوراق قبل المتهم مع علمه بأن من شأن إتيانه مثل ذلك السلوك الإجرامي من أنه نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية – الفيس بوك – صورة للمجنى عليه تنتهك خصوصيته على النحو المبين بالاوراق وتعمد ازعاج المجنى عليه بتلك الافعال وقد شمل منشورة بعبارات السب والقذف والتشهير ، وهو ما يتحقق معه الركن المعنوى للجرائم سالفة البيان وهو الأمر الذى تطمئن معه المحكمة لثبوت الجرائم المؤثمة القيد بعاليه والتى تستوجب عقابه جزاء لما اقترفته يداها من جرم وإثم .
بيد أن المحكمة إذ تنوه الى تنص المادة 32 من قانون العقوبات على ” إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التى عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها .
وإذ وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لاتقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم ” .
وحيث انه من المقرر فى قضاء النقض أن : ” حكم تعدد الجرائم الناتجة عن فعل واحد هو اعتبار المتهم إنما قصد ارتكاب الجريمة الأشد عقوبة فقط دون الجريمة أو الجرائم الأخف ، فلا تصح مؤاخذة المتهم إلا على جريمة واحدة هي الأشد عقوبة ………. “
( نقض 6 / 6 / 1938 مجموعة القواعد القانونية ج 4 رقم 334 ص 256 )
كما قضت محكمتنا العليا فى أحد أحكامها ” أن العبرة فى تحديد عقوبة الجريمة الأشد . بتقدير القانون للعقوبات الأصلية وفق ترتيبها فى المواد 10 ، 11 ، 12 عقوبات .
عقوبة الجريمة المنصوص عليها بالمادة 309 مكررا / أ بند ب عقوبات أشد من تلك المقررة للجريمة المؤثمة بالمادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات 175 لسنة 2018 . معاقبة الطاعن بالعقوبة المقررة للأخيرة باعتبارها الأشد . خطأ فى تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه ” .
( الطعن رقم 893 لسنة 91 ق – جلسة 17 / 1 / 2022 )
وحيث أن الأفعال المنسوبة للمتهم هي عبارة عن فعل مادى واحد تمخض عنه أكثر من وصف قانونى ومن ثم فإنه بتطبيق حالة التعدد المعنوى عن الجرائم المثارة بالأوراق وفقا للمادة 32 / 1 من قانون العقوبات الأمر الذى ترى معه المحكمة إدانته طبقا لنص المادة 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 باعتبارها العقوبة الأشد ، على نحو ما سيرد بالمنطوق مع إلزامه بالمصاريف عملا بالمادة 313 أ . ج الأمر الذى تنتهى معه المحكمة إلى القضاء بمعاقبة المتهم عملا بنص المادة 304 / 2 إجراءات جنائية على نحو ما سيرد بالمنطوق .
وحيث إنه عن مصاريف الدعوى الجنائية فإن المحكمة تلزم بها المتهم عملا بنص المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية .
** وحيث أنه عن الدعوى المدنية المقامة من المجني عليه قبل المتهم :
وحيث انه من المقرر بنص المادة 220 من قانون الإجراءات الجنائية أنه ” يجوز رفع الدعوى المدنية مهما بلغت قيمتها بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة أمام المحاكم الجنائية لنظرها مع الدعوى الجنائية “
ولما كان نص المادة 251 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أن ” لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يقيم نفسه مدعيا بحقوق مدنية أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجنائية فى أية حالة كانت عليها الدعوى حتى صدور القرار بإقفال باب المرافعة طبقا للمادة 275 ، ولا يقبل منه ذلك أمام المحكمة الإستئنافية …..”
كما نصت المادة 251 مكرر من ذات القانون على أن ” لا يجوز الادعاء بالحقوق المدنية وفقا لأحكام هذا القانون إلا عن الضرر الشخصى المباشر الناشئ عن الجريمة والمحقق الوقوع ، حالا أو مستقبلا ” .
كما تواترت أحكامها أيضا على أن ” الاصل فى دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية ، وإنما أباح قانون الإجراءات الجنائية فى المادة 251 منه استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئا عن ضرر للمدعى من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية ، بمعنى أن يكون طلب التعويض ناشئا مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة موضوع الدعوى الجنائية ” .
( الطعن رقم 2428 لسنة 60 ق – تاريخ الجلسة 9 / 12 / 1998 – مكتب فني 49 – رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 1426 )
” من المقرر أن تقدير ثبوت الضرر أو عدم ثبوته من المسائل الموضوعية التى تدخل فى حدود سلطة محكمة الموضوع بغير معقب من محكمة النقض فى ذلك ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة تؤدى إلى ما رتبته عليها ” .
( الطعن رقم 2428 لسنة 60 ق – تاريخ الجلسة 9 / 12 / 1998 – مكتب فني 49 – رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 1426 )
وحيث انه من المقرر ” أنه يكفى فى بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي قضى بالتعويض من أجله “
( طعن رقم 137 لسنة 43 ق جلسة 11 / 2 / 1947 س 25 ، 28 ، 119 )
هذا ولما كان المجنى عليه قد اتبع بشأن إقامة دعواه المدنية قبل المدعى عليهما ما نص عليه القانون بالمواد السابقة فإنه ومن ثم يكون ادعائه قد أقيم على نحو ما تطلبه القانون ومن ثم يتعين على المحكمة التصدى لموضوعها .
وحيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت أن المدعى بالحق المدنى قد ادعى مدنيا بموجب إعلان قانونى منفذ ، وكانت المحكمة قد انتهت فى قضاءها المتقدم بعاليه الى إدانة المتهم عن التهم المنسوبة إليه لثبوت أرتكابه لها ، وكان لذلك الفعل أضرار لحقت بالمدعي بالحق المدنى مما يحق معه القضاء له بالتعويض عن ذلك على النحو الذى تقدره المحكمة ومن ثم تقضى المحكمة بإلزام المتهم بأن يؤدى تعويض مدنى مؤقت للمدعية بالحق المدنى مبلغا وقدره عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت على النحو الذي سيرد بالمنطوق .
وحيث إنه وعن المصروفات المدنية وعن أتعاب المحاماة فالمحكمة تلزم بها المتهم أيضا عملا بنص المادة 320 من قانون الإجراءات الجنائية ، 187 / بند رقم 2 من القانون رقم 147 لسنة 2019 بشأن تعديل بعض احكام قانون المحاماة باعتباره خاسر للدعوى حسبما سيرد بالمنطوق
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة غيابيا : بتغريم المتهم / …….مبلغ خمسون الف جنيها وألزمته بأن يؤدى للمدعى بالحق المدنى مبلغ وقدره عشرة الاف جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت وألزمته المصروفات الجنائية والمدنية ومبلغ خمسة وسبعون جنيها مقابل اتعاب المحاماة .