الدعوى رقم 96845 لسنة 64 ق إدارية عليا
باسم الشعب
مجلس الدولة المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة بالجلسة المنعقدة
علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل سيد عبد الرحيم حسن بريك نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد أحمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ نبيل عطا الله مهنى عمر نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ شعبان عبد العزيز عبد الوهاب إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ نادي محمد عبد اللطيف يوسف عبد اللطيف نائب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ إسلام شوقي مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سيد أمين أبو كيله سكرتير الدائرة
أصدرت الحكم الاتي في الطعن رقم 96845 لسنة 64 قضائية عليا
بتاريخ 22/ 9/ 2018 أودع الأستاذ/ ……………. المحامي المقبول للمرافعة أمام هذه المحكمة بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتابها تقريرا بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 96845 لسنة 64 ق. عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة وملحقاتها في الدعوى التأديبية رقم 40 لسنة 52 قضائية بجلسة 24/ 7/ 2018 أولا بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وثانيا بعدم قبول طلب التعويض شكلا لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون.
والتمس الطاعن – لما ورد بتقرير الطعن من أسباب – الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار الطعن رقم 1659 لسنة 2017 بمجازاته بخصم أجر عشرة أيام من راتبه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وإلزام المطعون ضدهم متضامنين بالتعويض المناسب.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن.
ونظر الطعن أمام الدائرة الرابعة لفحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 20/ 3/ 2021، وبجلسة 10/ 4/ 2021 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفي سائر أوضاعه المقررة قانونا، فمن ثم يكون مقبول شكلا.
ومن حيث أن وقائع الطعن تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن الطاعن أقام الطعن التأديبي رقم 40 لسنة 52 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة الصحة وملحقاتها بتاريخ 19/ 11/ 2017 طالبا الحكم بإلغاء القرار الطعين رقم 1659 لسنة 2017 بمجازاته بخصم أجر عشرة أيام من راتبه، وإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي له تعويضا مناسبا عن الأضرار التي لحقته من جراء القرار الطعين على سند من أن الجهة الإدارية نسبت إليه أنه بوصفه مأمور ضرائب شبرا الخيمة بمصلحة الضرائب المصرية من إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بما نشره على صفحته الخاصة على الفيسبوك يوم 4/ 6/ 2017 بالإساءة إلى قيادات مصلحة الضرائب واتهامه لرئيس المصلحة بأنه يردع الشرفاء ويستعين بالفاسدين والعناصر الإخوانية كرؤساء مأموريات والإساءة لوكيل الوزارة بأنه فاسد وغير شريف، ونعى الطاعن على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لأن الصفحة التي نشر عليها الموضوع وهي صفحة “اتحاد ضرائب مصر 2014 علم وشرف ومهنية” لا تخصه وأن التحقيق تم معه دون إخطار النقابة رغم أنه رئيس اللجنة النقابية للعاملين بالمالية والضرائب بمنطقة شمال القاهرة واختتم الحكم له بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 24/ 7/ 2018 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن المخالفات المنسوبة للطاعن من أنه بوصفه مأمور ضرائب شبرا الخيمة بمصلحة الضرائب المصرية من إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بما نشره على صفحته الخاصة على الفيسبوك يوم 4/ 6/ 2017 بالإساءة إلى قيادات مصلحة الضرائب واتهامه لرئيس المصلحة بأنه يردع الشرفاء ويستعين بالفاسدين والعناصر الإخوانية كرؤساء مأموريات والإساءة لوكيل الوزارة بأنه فاسد وغير …. ثابتة في حقه ثبوتا يقينيا من واقع صور منشورات التي نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، وأنه عن طلب التعويض فهو غير مقبول لعدم سلوكه الطريق الذي رسمه القانون باللجوء إلى الجنة فض المنازعات، وخلصت المحكمة إلى حكمها سالف الذكر .
بيد أن الطاعن لم يرتض هذا الحكم فأقام طعنه ناعيا عليه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيق وتأويله ووجيزها أنه لم يرتكب المخالفات التي نسبت إليه كما أن صفحة “اتحاد ضرائب مصر 2014 علم وشرف ومهنية” على الفيسبوك لا تخصه وأنه تم اصطناع هذه الصفحة وتلفيق الاتهام له ولا يوجد دليل واحد من الأوراق يؤكد أن حساب الصفحة المذكورة يخصه، وأنه كان يتعين على الجهة الإدارية أن تحيل الأمر إلى الجهات الفنية التي تؤكد مدى ملكيته لحساب الصفحة من عدمه رغم طلبه ذلك في التحقيقات وإنكاره ذلك الاتهام، خاصة وأنه طلب في التحقيقات فحص ملكية حساب الصفحة المذكورة، وخلص الطاعن في ختام تقرير الطعن إلى طلباته سالفة البيان.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن، فإن المادة مادة (1) من القانون رقم 175 لسنة 2018 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات تنص على إنه: “في تطبيق أحكام هذا القانون، يقصد بالألفاظ والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منها:
الدليل الرقمي: أي معلومات إلكترونية لها قوة أو قيمة ثبوتية مخزنة أو منقولة أو مستخرجة أو مأخوذة من أجهزة الحاسب أو الشبكات المعلوماتية وما في حكمها، ويمكن تجميعها وتحليلها باستخدام أجهزة أو برامج أو تطبيقات تكنولوجية خاصة”.
كما نصت المادة (11) من القانون المذكور تحت عنوان: في الأدلة الرقمية على إنه: “يكون للأدلة المستمدة أو المستخرجة من الأجهزة أو المعدات أو الوسائط الدعامات الإلكترونية، أو النظام المعلوماتي أو من برامج الحاسب، أو من أي وسيلة لتقنية المعلومات ذات قيمة وحجية الأدلة الجنائية المادية في الإثبات الجنائي متى توافرت بها الشروط الفنية الواردة باللائحة التنفيذية لهذا القانون”.
وتنص المادة (9) من قرار مجلس الوزراء رقم 1699لسنة 2020 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات على إنه: “تحوز الأدلة الرقمية ذات القيمة والحجية للأدلة الجنائية المادية في الإثبات الجنائي إذا توافرت فيها الشروط والضوابط الآتية:
1- أن تتم عملية جمع أو الحصول أو استخراج أو استنباط الأدلة الرقمية محل الواقعة باستخدام التقنيات التي تضمن عدم تغيير أو تحديث أو محو أو تحريف للكتابة أو البيانات والمعلومات، أو أي تغيير أو تحديث أو إتلاف للأجهزة أو المعدات أو البيانات والمعلومات، أو أنظمة المعلومات أو البرامج أو الدعامات الالكترونية وغيرها. ومنها على الأخص تقنية Digital Images Hash، Write Blocker، وغيرها من التقنيات المماثلة.
2- أن تكون الأدلة الرقمية ذات صلة بالواقعة وفي إطار الموضوع المطلوب إثباته أو نفيه، وفقا لنطاق قرار جهة التحقيق أو المحكمة المختصة.
3- أن يتم جمع الدليل الرقمي واستخراجه وحفظه وتحريزه بمعرفة مأموري الضبط القضائي المخول الهم التعامل في هذه النوعية من الأدلة، أو الخبراء أو المتخصصين المنتدبين من جهات التحقيق أو المحاكمة، على أن يبين في محاضر الضبط، أو التقارير الفنية على نوع ومواصفات البرامج والأدوات والأجهزة والمعدات التي تم استخدامها، مع توثيق کود وخوارزم Hash الناتج عن استخراج نسخ مماثلة ومطابقة للأصل من الدليل الرقمي بمحضر الضبط أو تقرير الفحص الفني، مع ضمان استمرار الحفاظ على الأصل دون عبث به.
4- في حالة تعذر فحص نسخة الدليل الرقمي وعدم إمكانية التحفظ على الأجهزة محل الفحص لأي سبب يتم فحص الأصل ويثبت ذلك كله في محضر الضبط أو تقرير الفحص والتحليل.
5- أن يتم توثيق الأدلة الرقمية بمحضر إجراءات من قبل المختص قبل عمليات الفحص والتحليل له وكذا توثيق مكان ضبطه ومكان حفظه ومكان التعامل معه ومواصفاته”.
وتنص المادة (10) من ذات اللائحة على أن: “يتم توصيف وتوثيق الدليل الرقمي من خلال طباعة نسخ من الملفات المخزن عليها أو تصويرها بأي وسيلة مرئية أو رقمية، واعتمادها من الأشخاص القائمين على جمع أو استخراج أو الحصول أو التحليل للأدلة الرقمية، مع تدوين البيانات التالية على كل منها: 1- تاريخ ووقت الطباعة والتصوير. 2- اسم وتوقيع الشخص الذي قام بالطباعة والتصوير. 3- اسم أو نوع نظام التشغيل ورقم الإصدار الخاص به. 4- اسم البرنامج ونوع الإصدار أو الأوامر المستعملة لإعداد النسخ. 5- البيانات والمعلومات الخاصة بمحتوى الدليل المضبوطة. 6- بيانات الأجهزة والمعدات والبرامج والأدوات المستخدمة”.
ومن حيث إنه يستفاد مما تقدم، أن المشرع استلزم في جرائم تقنية المعلومات توافر الدليل الرقمي أي معلومات إلكترونية لها قوة أو قيمة ثبوتية مخزنة أو منقولة أو مستخرجة أو مأخوذة من أجهزة الحاسب أو الشبكات المعلوماتية وما في حكمها، ويمكن تجميعها وتحليلها باستخدام أجهزة أو برامج أو تطبيقات تكنولوجية خاصة. كما قرر المشرع أن يكون للأدلة المستمدة أو المستخرجة من الأجهزة أو المعدات أو الوسائط الدعامات الإلكترونية، أو النظام المعلوماتي أو من برامج الحاسب، أو من أي وسيلة لتقنية المعلومات ذات قيمة وحجية الأدلة الجنائية المادية في الإثبات الجنائي متى توافرت بها الشروط الفنية الواردة باللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه وبغير توافر هذا الدليل الرقمي فلا يمكن معاقبة المواطن على جريمة خالية من دليل الإدانة.
ومن حيث أن المشرع عين في الباب الثالث من القانون تحت عنوان “الجرائم والعقوبات” أربعة وعشرين جريمة جنائية قرر لها عقوبات تتسم بالشدة لحفظ كيان الدولة وأمنها القومي من ناحية، وحفظ المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري وحرمة الحياة الخاصة للمواطنين من ناحية أخرى، وتراوحت العقوبات بين الحبس الذي تتراوح مدته مدة لا تقل عن شهر لبعض الجرائم وأخرى الحبس لا يقل عن سنتين وغرامة تراوحت ما بين 20 ألف جنيه بما لا يجاوز المليون جنيه بل إن المشرع شدد العقوبة بالمادة (34) منه إذا وقعت أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، أو الإضرار بالأمن القومي للبلاد أو بمركزها الاقتصادي أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة لأعمالها، أو تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح أو الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي تكون العقوبة السجن المشدد، لذا فإنه امعانا في تحقيق العدالة وعدم معاقبة برئ استلزم المشرع ثبوت الدليل الرقمي على جميع جرائم تقنية المعلومات على جميع وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي.
كما أن المشرع جعل الأدلة الرقمية تحوز ذات القيمة والحجية للأدلة الجنائية المادية في الإثبات الجنائي إذا توافرت فيها خمسة شروط وضوابط عينتها اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة استقر على أن القاعدة العامة في شرعية الجزاء الواجبة الإتباع سواء تم توقيع الجزاء إداريا من السلطة التأديبية الرئاسية بواسطة الرئيس الإداري أو تم توقيعه بواسطة مجلس تأديب مختص أو تم توقيعه قضائيا بحكم من المحكمة التأديبية، أن التحقيق و هو وسيلة استبانة الحقيقة وثبوت وجه الحق فيما ينسب إلى العامل من اتهام ومأخذ، تحقيقا مستكملا كافة الأركان وشرائطه وضماناته، ويكون للإدارة مكنة الفصل على وجه شرعي و قانوني في الاتهام المنسوب للعامل سواء بالبراءة أو بالإدانة، ولأجل ذلك فإن أي قرار أو حكم بالجزاء يصدر بالمخالفة لضمانات التحقيق – مستندا لغير تحقيق أو استنادا لتحقيق ناقص وغير مستكمل الأركان -، يضحى غير مشروع لأن التحقيق لا يكون مستكملا أركانه من حيث محله وغايته إلا إذا تناول الواقعة محل الاتهام بالتحقيق بدقائق تفاصيلها وحقيقة كنهها، بحيث لابد وأن تحدد عناصر الواقعة بوضوح ويقين من حيث الأفعال والزمان والمكان والأشخاص وأدلة الثبوت وتحقيق أوجه دفاع المتهم، فإذا قصر التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر على نحو تجهل معه الواقعة، والتي تدور وجودا وعدما حول توافر أدلة وقوعها ونسبتها للعامل المحال، فإن قرار الجزاء الذي يستند لهذا التحقيق يكون معيبا فاسدا لا يصلح البناء عليه، لافتقاده لضمانة تحقيق أوجه دفاع المتهم ودفوعه وسماع شهود إثبات ونفي الواقعة.
وحيث إن من المستقر عليه ضرورة تحقيق مبدأ المواجهة في التحقيق الذي يجري مع الموظف العام بمعنى أن تتم مواجهته بالتهمة المحددة في عناصرها ومكان حدوثها، فإذا قام الموظف بالرد على الاتهام وتقديم دفاعه، فعلى المحقق أن يحقق هذا الدفاع ويثبت منه ويستبعد ما يثبت له من خلال التحقيق عدم صحته حتى يتسنى للمحقق أن يعيد استجواب المتهم على أساس ما يظهر له من صدق أو كذب دفاعه، ويتحقق بالتالي مبدأ المواجهة، وغير هذا التحقيق للدفاع لا يتسنى للموظف معرفة ما هو منسوب إليه على نحو دقيق وينهار بالتالي مبدأ المواجهة ويكون التحقيق معيبا ويبطل ما يبنى عليه سواء كان قرارة بالجزاء أو بالإحالة للمحكمة التأديبية.
ومن حيث إنه إعمالا لما تقدم، ولما كان الثابت بالأوراق أن سبب قرار الجزاء الموقع على الطاعن بخصم أجر عشرة أيام من راتبه كان بركيزة من أنه بوصفه مأمور ضرائب شبرا الخيمة بمصلحة الضرائب المصرية أساء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بما نشره على صفحته الخاصة على الفيسبوك يوم 4/ 6/ 2017 من إساءة إلى قيادات مصلحة الضرائب واتهامه لرئيس المصلحة بأنه يردع الشرفاء ويستعين بالفاسدين والعناصر الإخوانية كرؤساء مأموريات والإساءة لوكيل الوزارة بأنه فاسد وغير شريف، والثابت من الأوراق أن تلك المنشورات كانت على صفحة “اتحاد ضرائب مصر 2014 علم وشرف ومهنية” على الفيسبوك، وقد أنكر الطاعن صلته بهذه الصفحة ودفع اتهامه بأن طلب في التحقيقات تتبع حساب الصفحة المذكورة لأنها لا تخصه وأنه كان يتعين على الجهة الإدارية أن تحيل الأمر إلى الجهات الفنية التي تؤكد مدى ملكيته لحساب الصفحة من عدمه رغم طلبه ذلك في التحقيقات وانكاره ذلك الاتهام، وقد جانب التحقيق الذي أجرى مع الطاعن الصواب بإغفاله تناول أوجه دفاع الطاعن في وجود الدليل الرقمي الذي يفيد ملكية الصفحة التي تناولت مخالفات الإساءة والتشهير والتجريح لقيادات مصلحة الضرائب، مما يصم التحقيق بالقصور الجسيم لخلوه من الدليل الرقمي على ما نشر بالفيسبوك دون تمحيص لدفاعه الجوهري وصولا للحقيقة بدقائق تفاصيلها وحقيقة كنهتها وهو ما خلا التحقيق من بحثه والتيقن منه، مما يصم التحقيق بإهدار ضمانات جوهرية للطاعن بعدم تحقيق أوجه دفاعه حتى تنجلي وقائع المخالفة ويصمها بالعوار ويقوض أساسها وما ترتب عليها من الجزاء الطعين بناء على تلك التحقيقات المبتسرة المعيبة، مما يكون معه القرار الطعين صدر مخالفا مبادئ المحاكمة العادلة المنصفة، ويستوجب القضاء ببطلان التحقيق وبطلان قرار الجزاء المطعون عليه كأثر مترتب على ذلك العوار، ويتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه.
ومن حيث إنه عن الطلب الثاني للطاعن بالتعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية نتيجة صدور القرار المطعون فيه فإن دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا انتهت إلى أن مؤدي نصوص المواد الأولى والرابعة والحادية عشر من القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها أن المشرع قرر حكما بموجب القانون المذكور مفاده عدم قبول الدعاوى التي ترفع ابتداء أمام المحاكم بشأن المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها، إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة والمنشأة طبقا للقانون المذكور، وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول، واستثنى المشرع من هذا الحكم الدعاوى التي يختص بها القضاء المستعجل ومنازعات التنفيذ، والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض و أوامر الأداء وطلبات إلغاء القرارات الإدارية متى كانت مقترنة بطلب وقف تنفيذ، وقد حدد المشرع على سبيل المثال وليس الحصر بعض المسائل التي تختص محاكم مجلس الدولة على اختلاف أنواعها ودرجاتها بنظرها والفصل فيها، ومنها القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو إنهاء الخدمة، وكذا القرارات التأديبية، واختص هذه النوعية من القرارات الإدارية بضرورة التظلم منها إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار أو الجهة الرئاسية لها خلال المواعيد وبالإجراءات المحددة في المادة (24) من قانون مجلس الدولة، ورتب على عدم سابقة التظلم قبل إقامة الدعوى جزاء عدم قبولها. كذلك قرر المشرع أن هذه القرارات لا يجوز أن يطلب وقف تنفيذها أي الطعن عليها يكون بالإلغاء فقط دون وقف التنفيذ وحيث إنه يتعين تفسير عبارة “طلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات بوقف التنفيذ الواردة بالمادة الحادية عشر من القانون رقم 7 لسنة 2000 والتي يلزم فيها اللجوء إلى اللجان التي نص عليها هذا القانون قبل إقامة الدعوى بأنها القرارات الجائز طلب وقف تنفيذها طبقا لأحكام قانون مجلس الدولة فقط، أما غيرها من القرارات الإدارية التي لا يقبل وقف تنفيذها فإنها تظل خاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 ويتعين اللجوء في شأنها على اللجان المختصة قبل اللجوء إلى المحكمة، وإلا أضحت غير مقبولة حتى ولو اقترنت بطلب وقف تنفيذ، وذلك إعمالا لصريح نص المادة الحادية عشر المشار إليها. (حكم المحكمة الإدارية العليا دائرة توحيد المبادئ بجلسة 1/ 1/ 2011 في الطعن رقم 23182 لسنة 51 ق. ع).
ومن حيث إنه إعمالا لما تقدم ومتى كان الثابت من الأوراق، أن الطاعن أقام طعنه التأديبي – الصادر بشأنه الحكم المطعون فيه – بتاريخ 19/ 11/ 2017، طالبا الحكم بإلغاء قرار مجازاته بخصم أجر عشرة أيام من راتبه والزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا له تعويضا مناسبا عما لحقه من أضرار من جراء القرار الطعين، وكان هذا الطعن ليس من الطعون المستثناة من الخضوع لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000، وإذ أقام الطاعن طعنه دون أن يقدم للمحكمة ما يفيد أنه سبقه بطلب اللجوء إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بما يكون معه الطعن قد أقيم بالمخالفة لأحكام المادة 11 من القانون رقم 7 لسنة 2000، وإذ خلت الأوراق من ثمة دليل على قيام الطاعن بتقديم هذا الطلب قبل إقامة الطعن، ومن ثم كان يتعين القضاء بعدم قبوله شكلا لعدم إتباع الطريق الذي رسمه القانون نزولا على حكم المادة (الحادية عشرة) سالفة الذكر، ويتعين عدم قبول الطعن شكلا على نحو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه حقا ويقينا، فمن ثم يغدو الطعن المائل لا سند له من القانون متعين الرفض في شقه الثاني.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار الطعين رقم 1659 لسنة 2017 فيما تضمنه من خصم أجر عشرة أيام من راتب الطاعن، والقضاء ببراءته من الاتهام المنسوب إليه، وبرفض ما عدا ذلك من طلبات. صدر هذا الحكم وتلي علنا بالجلسة المنعقدة في يوم السبت 10 من شوال سنة 1442 الهجرية، الموافق 22 من شهر مايو مئة 2021 الميلادية بالهيئة المبينة بصدره.