الدعوى رقم 6508 لسنة 94 ق نقض جنائي
باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الثلاثاء ( هـ )
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / عبد الرسول طنطاوي نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / هاشم النوبي، محمد علي طنطاوي
وائل صلاح الدين الأيوبي، إبراهيم الخولي ” نواب رئيس المحكمة “
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ وائل أبو زيد .
وأمين السر السيد/ محمد دندر .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الثلاثاء 12 من شعبان سنة 1446 هـ الموافق 11 من فبراير سنة 2025 م .
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 6508 لسنة 94 القضائية
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم … لسنة … جنح اقتصادية … المقيدة برقم … لسنة … جنح مستأنف … الاقتصادية . بوصف أنه في تاريخ سابق على يوم 23 من نوفمبر سنة … بدائرة قسم … – محافظة … .
1- سب المجني عليه/ … (بشخصه وبصفته نائب رئيس مجلس إدارة والعضو التنفيذي لمجموعة … القابضة .. ..) بأن أسند إليه العبارات والألفاظ المبينة تفصيلا بالأوراق والتي تضمنت خدشا للاعتبار والشرف وكان ذلك عن طريق الهاتف بالنشر عبر تطبيق (الفيس بوك) على النحو المبين بالأوراق
2- تعمد إزعاج ومضايقة المجني عليه سالف الذكر بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات بأن أتى الأفعال محل الاتهام السابق على النحو المبين بالأوراق
3- نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية (الفيس بوك) أخبارا وصورا تنتهك خصوصية المجني عليه سالف الذكر على النحو المبين بالأوراق
وأحالته إلى محكمة جنح … الاقتصادية ، وطلبت عقابه بالمواد 166 مكرر ، 171/3 ، 306 ، 308 مكرر/2،1 من قانون العقوبات ، والمادتين 70 ، 76/2 من قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2003 ، والمادة 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات
والمحكمة المذكورة – محكمة جنح … الاقتصادية – قضت غيابيا بجلسة 25 من يناير سنة 2023 ، بتغريم المتهم/ … محمد مبلغ خمسين ألف جنيه وألزمته المصاريف الجنائية
فعارض المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق المعارضة الجزئية ، وادعى المجني عليه – بوكيل عنه محام – مدنيا قبل المتهم بمبلغ خمسة عشر ألف جنيها على سبيل التعويض المدني المؤقت
والمحكمة المذكورة قضت بجلسة 27 من سبتمبر سنة 2023 ، باعتبار المعارضة كأن لم تكن وألزمت المتهم بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني/ … مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت ومصروفات الدعويين الجنائية والمدنية وخمسة وسبعين جنيها مقابل أتعاب محاماة
وإذ لم يرتض المحكوم عليه هذا القضاء وقرر فيه بالاستئناف ، وقيد استئنافه برقم … لسنة … جنح مستأنف … الاقتصادية
ومحكمة … الاقتصادية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بجلسة 18 من ديسمبر سنة 2023 ، بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصاريف
فقرر الأستاذ/ … المحامي – بصفته وكيلا عن المحكوم عليه – بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 15 من فبراير سنة 2024
وأودعت مذكرة بأسباب طعنه بذات التاريخ موقع عليها من ذات المحامي المقرر بالطعن
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحاضرها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر ، والمرافعة ، وبعد المداولة قانونا:
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ونشر أخبار ومعلومات تنتهك خصوصية المجني عليه دون رضاه والسب العلني ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك أنه اكتفى في بيان الواقعة وإيراد أدلة الثبوت فيها إلى ما أورده حكم محكمة أول درجة الذي خلا من بيان الأدلة التي عول عليها وأركان الجرائم المسندة إليه ، والتفت عن خلو التدوينات الإلكترونية المنسوبة له من ثمة جريمة ، كما خلت من تحديد المعني بالعبارات الواردة بها صراحة أو ضمنا ، فضلا عن أن النشر تم في مجموعة مغلقة ، ودانه رغم انتفاء أركان جريمة السب والقذف ، وعدم توافر القصد الجنائي لديه بدلالة المستندات المقدمة منه ، والتفت إيرادا وردا عن دفوعه بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون بالمخالفة للمادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية لأسباب عددها ، والتراخي في الابلاغ ، وتلفيق وكيدية الاتهام ، فضلا عن عدم الوقوف عن مدى صحة إعلان الطاعن للحضور وإبلاغه بشكل قانوني ، واعرض الحكم عن دفوعه ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان من المقرر أيضا أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر لتلك الجرائم ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة في بيان كاف – خلافا لما ذهب إليه الطاعن – يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وكان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها ، بل يكفي أن تحيل عليها ، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وبيانها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها ، فإنه ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب ويضحى ما يثيره الطاعن من دعوى القصور في التسبيب لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة من جماع الأدلة المطروحة ، وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإذا كان الجاني قد احتاط ولم يذكر اسم المجني عليه صراحة في العبارات المنشورة ، فإن لمحكمة الموضوع أن تتعرف على شخص من وجهت إليه من واقع العبارات ذاتها وظروف الواقعة والملابسات التي اكتنفتها ، ولما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تفيد أن المحكمة قد استخلصت أن المدعي بالحقوق المدنية هو المقصود بعبارات القذف ، وكانت العبارات التي أوردها الحكم تسوغ النتيجة التي رتبها الحكم عليها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي الذي يتطلبه الشارع في جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة المنسوبة إلى الطاعن والمعاقب عليها بنص المادة 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن تقنية المعلومات هو القصد العام الذي يتحقق بمجرد ارتكاب الفعل المادي ، وتستوي البواعث التي دفعت المتهم إلى فعله ، وأن مجرد انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليه بنشر المنشورات التي تمس الحياة الخاصة بالمجني عليه وتنتهك خصوصيته دون رضاه وبما ينتهك خصوصيته يفترض فيه القصد إذا ما توافر عنصراه العلم والإرادة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي لجريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة بغير رضاء المجني عليه بما مفاده قيام الطاعن بنشر المنشورات التي تمس الحياة الخاصة وتنتهك خصوصيته بشبكة التواصل الاجتماعي ، وتساند في قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمجني عليه عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن باقي الجرائم الأخرى ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد وأوقعت عليه عقوبتها عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تراخي المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها ، كما أنه من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة هو دفع موضوعي لا يستأهل في الأصل ردا صريحا بل يكفي أن يكون الرد مستفادا من الأدلة التي استند عليها الحكم في الإدانة ، ومن ثم فإن هذا الوجه يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا مبينا به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجا مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيرادا وردا ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن ما هو الإعلان الذي ينعي عليه بل ساق قوله مرسلا مجهلا ، وكذلك الدفاع والدفوع التي التفت عنها الحكم ولم يعرض لها وذلك حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولا . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه ومصادرة الكفالة