الدعوى رقم 15505 لسنة 91 ق نقض جنائي

باسم الشعب

محكمة النقض

الدائرة الجنائية

الاثنين (ج)

برئاسة السيد القاضي/ حمدي ياسين نائب رئيس المحكمة

وعضوية السادة القضاة/ محمد خالد و مهاد خليفة

وعرفة محمد والسيد جابر نواب رئيس المحكمة.

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ حازم طارق.

وأمين السر السيد/ علي محمود.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.

في يوم الاثنين 2 من جمادي الآخر سنة 1444 هـ الموافق 26 من ديسمبر سنة 2022م.

أصدرت الحكم الآتي:

في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 15505 لسنة 91 القضائية.
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم ….. لسنة 2021 جنح اقتصادية القاهرة.

بأنه في يوم 11 من ديسمبر سنة 2019 – بدائرة قسم شرطة النزهة – محافظة القاهرة.

1- سب المجني عليه/ …. بطريق العلانية بأن نشر مقطع مصور على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي (يوتيوب) المسماة ( …. ) والمتاح للكافة الاطلاع على محتواها موجها إليه عبارات تتضمن خدشا لاعتباره وذلك على النحو المبين بتقرير الفحص الفني المرفق وعلى النحو المبين بالتحقيقات.

2- تعمد إزعاج المجني عليه سالف الذكر بإساءته لاستخدام أجهزة الاتصالات وذلك بارتكابه الجريمة محل الاتهام السابق على النحو المبين بالأوراق .

3- أدار واستخدم حسابا خاصا قناة ( …. ) على شبكة معلوماتية موقع ( يوتيوب ) هادفا لارتكابه الجريمتين محل الوصفين السابقين وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

وطلبت عقابه بالمواد 166 مكررا ، 171/ 3 ، 306 من قانون العقوبات، والمادتين 70 ، 76 بند 2 من القانون رقم 10لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات، والمادة 27 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

وأحالته إلى محكمة جنح القاهرة الاقتصادية، وادعى المجني عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت أمام المحكمة المذكورة، والتي قضت بجلسة 27 من أبريل سنة 2021 حضوريا بتوكيل بالنسبة للاتهام الثالث: ببراءة المتهم مما أسند إليه من اتهام ، وبالنسبة لباقي الاتهامات بتغريمه مبلغ وقدره عشرين ألف جنيه مع إلزامه بأن يؤدي تعويض مدني مؤقت للمدعي بالحق المدني مبلغ وقدره خمسة آلاف جنيه وإلزامه بالمصاريف الجنائية والمدنية وخمسين جنيها أتعاب محاماة.

واستأنف المحكوم عليه هذا الحكم وقيد استئنافه برقم …. لسنة 2021 جنح مستأنف القاهرة الاقتصادية.

وقضت محكمة القاهرة الاقتصادية – بهيئة استئنافية -في 4 من أغسطس سنة 2021 حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع: أولا: بالنسبة للتهمة الأولى بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، ثانيا: بالنسبة للتهمة الثانية برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصاريف الجنائية.

وقرر المحكوم عليه – بوكيل عنه – بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 27 من سبتمبر سنة 2021.

وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض موقع عليها من الأستاذ/ …….. المحامي.

وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ماهو مبين بمحضر الجلسة.
حيثيات الحكم
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا.

من حيث أن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات وألزمه بالتعويض قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يستظهر توافر أركان تلك الجريمة في حقه، هذا إلى أن ما وقع منه هو فعل مباح يخرج عن دائرة التأثيم لصدوره منه بوصفه صحفيا، ثم إن الحكم قضى بعدم قبول الدعوى الجنائية عن جريمة السب لرفعها بغير الطريق القانوني مما كان لازمه القضاء بعدم قبول الدعوى عن جريمة الإزعاج لقيام الارتباط بين الجريمتين ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الإزعاج وفقا لنص المادة 76 من القانون 10 لسنة 2003بإصدار قانون تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف لأن المشرع قد عالجها بالمادة 308 مكررا من قانون العقوبات ، بل يتسع إلى كل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه ، أيا كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة ، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال المجني عليه والرائد …. وتقرير الفحص الفني للإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات من تعمد الطاعن إزعاج المجني عليه بإساءة استعماله لأجهزة الاتصال المملوكة له عن طريق بث مقطع على موقع اليوتيوب على شبكة المعلومات الدولية من خلال رابط على موقع التواصل الاجتماعي – فيس بوك – تضمن عبارات وألفاظ تعد خدشا للمجني عليه في شرفه واعتباره وطعنا في عرضه والتي لو صدقت لأوجبت احتقاره لدى أهل وطنه ، والذي توافر باستخدامه ركن العلانية وقصد من توجيهها خدش اعتبار المجني عليه ، وهذه العبارات الشائنة بذاتها تزعج أي إنسان ويضيق بها صدر أي شخص ، وإذ تعمد الطاعن إتيان ذلك الفعل واتجهت إرادته إلى إزعاج المجني عليه مما أرسله من تلك العبارات الجارحة ، الأمر الذي يتحقق به أركان الجريمة موضوع الدعوى ، ويضحى ما ينعاه الطاعن في هذا المنحى غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن حرية الصحفي هي جزء من حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص ، كما أن حرية الإعراب عن الفكر شأنها شأن ممارسة سائر الحريات لا يمكن قيامها بالنسبة إلى جميع الأفراد إلا في حدود احترام كل منهم لحريات غيره حتى لا يكون من وراء استعمال هذه الحريات الاعتداء على حريات الغير ، ولما كانت أحكام المادتين 70 ، 76 بند 2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات التي دين الطاعن بموجبها لا تمس حرية الصحفي ولا تتجاوز ممارسة الفرد لحرية التعبير عن فكره في الحدود التي تضمن عدم المساس بحريات غيره ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون في محله . لما كان ذلك ، وكانت دعوى قيام الارتباط أيا ما كان وصفه بين جريمة تعمد إزعاج المجني عليه بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات وهي ذات العقوبة الأشد ، وبين جريمة السب ذات العقوبة الأخف لا توجب البتة الحكم بعدم قبول الدعوى الجنائية عن الجريمة الأولى تبعا للحكم بعدم قبول الدعوى الجنائية عن الجريمة الثانية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون ، ولا تقتضي بداهة انسحاب أثر عدم القبول في الجريمة الأخيرة على الأولى ، لما هو مقرر من أن مناط الارتباط في حكم المادة 32 من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب ، لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتا ونفيا ، فلا محل لإعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة في إحدى التهم أو سقوطها أو انقضائها أو عدم قبول الدعوى عنها – كما هو الشأن في خصوص واقعة الدعوى المطروحة – ومن ثم فلا محل للقول بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لجريمة إزعاج المجني عليه بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات موضوع التهمة الثانية ، لأن مجال البحث في الارتباط إنما يكون عند قيام المسئولية عن الجرائم المرتبطة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديدا . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع مصادرة الكفالة .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه ومصادرة الكفالة