مقدمة
منذ إقراره في عام 2003، لم يشهد قانون تنظيم الاتصالات المصري تطورًا تشريعيًا إيجابيًا يتعلق بضرورة ضبط المصطلحات والتعريفات الواردة به، وبشكل خاص التعريفات ذات الصلة بالسلوكات التي يجرمها القانون. ففي الوقت الذي توقفت فيه تعديلات القانون المقترحة من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات الساعية إلى تحسين دور الجهاز في حماية المنافسة الحرة وحماية حقوق المستخدمين في مجال الاتصالات، مُرِرَت تعديلات أخرى يمكن وصفها بانتكاسة تشريعية. تفرض التعديلات التي وافق البرلمان على تمريرها في عام 2022 قيودًا جديدة على استخدام وتشغيل معدات الاتصالات.
في ظل هذا التخبط، يعاني قطاع الاتصالات من إشكاليات جوهرية تضع المستخدمين عرضة للمسائلة القانونية بسبب بعض النصوص غير المنضبطة. على رأس هذه النصوص يأتي ما جاء بالفقرة الثانية من المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات، رقم 10 لسنة 2003، والمعروفة بجريمة “تعمد الإزعاج“. على الرغم من استخدام جهات إنفاذ القانون جريمة “تعمد الإزعاج” بشكل واسع على مدار عشرون عامًا، منذ إصدار القانون، لم تنجح المحاكم المصرية بمختلف دراجتها، بما فيها محكمة النقض، في أن تضع تعريفًا منضبطًا أو الوقوف الصحيح على صور هذه الجريمة.
تسعى مسار من خلال هذه المذكرة الإيضاحية إلى الإشارة إلى الإشكاليات المتعلقة بنص وتطبيق المادة 76 من قانون الاتصالات، وطرح البدائل التشريعية الممكنة لتفادي هذه الإشكاليات. تبدأ المذكرة بعرض التطور التشريعي لجريمة تعمد الإزعاج في القوانين المصرية المختلفة، قبل أن تنتقل إلى أوجه شبهة عدم دستورية المادة 76، وتنتهي بتوصيات لتعديل تلك المادة.
تأتي هذه المذكرة الإيضاحية الموجهة للمشرعين ومتخذي القرار إلى جانب المحاولات الأخرى التي قدمتها مسار لوقف وتخفيف أثر هذه المادة. أصدرت مسار في ذات السياق مذكرة للدفع بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات، بالإضافة إلى مذكرة تتناول أهم الدفوع الموضوعية والإجرائية المتعلقة بجريمة تعمد الإزعاج.
التطور التشريعي لجريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة استخدام وسائل الاتصالات
جريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة استخدام وسائل الاتصالات هي من الجرائم المنصوص عليها في أكثر من قانون، من بينها قانون العقوبات وقانون الاتصالات. شهد مفهوم الجريمة تطورًا تشريعيًا يمكن ملاحظته من سياقات إقرار الجريمة في كل قانون منهما.
أولًا: سياق ومفهوم جريمة تعمد إزعاج الغير في قانون العقوبات
لم يرد في التشريعات المصرية أي تنظيم قانوني بشأن السلوك الذي سُمي لاحقًا ب“تعمد إزعاج الغير” حتى صدور القانون رقم 97 لسنة 1955 بتعديل قانون العقوبات. استحدث المشرع وفقًا لهذا التعديل جرائم جديدة من بينها جريمة “التسبب عمدًا في إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة المواصلات التليفونية” وفقًا لنص المادة 166 مكررًا التي أضيفت لقانون العقوبات.1
أعدت وزارة العدل مذكرة إيضاحية لمشروع القانون سالف البيان لعرضها على مجلس الوزراء آنذاك للموافقة عليه وإصداره. عللت الحكومة من خلال هذه المذكرة رغبتها في استحداث المادة 166 مكررًا بالعبارات التالية “كثرت أخيرا الاعتداءات على الناس بالسب والقذف بطريق التليفون واستفحلت مشكلة إزعاجهم في بيوتهم ليلا ونهارا وأسماعهم أقذع الألفاظ وأقبح العبارات واحتمى المعتدون بسرية المحادثات التليفونية واطمأنوا إلى أن القانون لا يعاقب على السب والقذف بعقوبة رادعة إلا إذا توافر شرط العلانية وهو غير متوافر طبقا للنصوص الحالية الأمر الذي يستلزم تدخل المشرع لوضع حد لهذا العبث وللضرب على أيدي هؤلاء المستهترين. وقد رؤى إضافة مادتين إلى قانون العقوبات برقمي 166 مكررا و308 مكررا تعاقب الأولى منهما كل من تسبب عمدا في إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة المواصلات التليفونية وتعاقب المادة الثانية منهما على القذف بطريق التليفون بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 303 كما تعاقب على السب بالطريق المذكور بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 306 فإذا تضمن العيب أو القذف أو السب الذي ارتكب بطريق التليفون طعنا في عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 308 ومن البديهي أنه لا تشترط العلانية لتوافر أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 308 مكررا“.
في ذات اليوم الذي صدر فيه القانون رقم 97 لسنة 1955، الذي استحدث المادتين 166 مكرر و308 مكرر في قانون العقوبات، صدر قانون آخر وهو القانون رقم 98 لسنة 1955 لإضافة المادة رقم 95 مكرر إلى قانون الإجراءات الجنائية. وتعد المادة 95 مكرر هي أول تنظيم تشريعي في القانون الجنائي المصري لمراقبة المكالمات الهاتفية. جاءت تلك الإضافة لاعتبار أن جريمة الإزعاج باستخدام وسائل الاتصالات من الجرائم التي تحدث في غير علانية ويتعذر إثبات الدليل على ارتكابها إلا باستثناء محدود يرد على الحق في الخصوصية وحرمة المكالمات الخاصة.
نصت المادة المضافة إلى القانون على “لرئيس المحكمة الابتدائية المختصة فى حالة قيام دلائل قوية على أن مرتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها فى المادتين ١٦٦ مكرراً و٣٠٨ مكرراً من قانون العقوبات قد استعان فى ارتكابها بجهاز تليفونى معين أن يأمر بناء على تقرير مدير عام مصلحة التلغرافات والتليفونات وشكوى المجنى عليه فى الجريمة المذكورة بوضع جهاز التليفون المذكور تحت الرقابة للمدة التى يحددها.“2
لكن، لم يضع المشرع – في هذا النص – تعريفًا محددًا لمفهوم الإزعاج، فأطلق يد المحاكم في تفسيره دون أي معيار تلتزم بضوابطه ويمكن الاستناد إليه في تعريفه، أو لبيان مدى تحققه.
ثانيًا: سياق ومفهوم جريمة تعمد إزعاج الغير في قانون تنظيم الاتصالات
ظلت أحكام المادة 166 مكرر من قانون العقوبات مستقرة وقائمة حتى صدر قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003. وضع القانون تنظيمًا تشريعيًا كاملًا لكل ما يتعلق بالاتصالات آنذاك بالإضافة إلى مجموعة من التعريفات من بينها تعريفًا محددًا للاتصالات.
كما تضمن القانون في الباب السابع مجموعة من العقوبات الجنائية جزاءًا على مخالفة أحكامه. من بين تلك العقوبات المادة 76، والتي تنص على “مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من: (1) استخدم أو ساعد على استخدام وسائل غير مشروعة لإجراء اتصالات. (2) تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات.”
على الرغم من أن المادة 76 من قانون الاتصالات نسخت أحكام المادة 166 مكرر من قانون العقوبات وألغتها ضمنيًا بمجرد سريان أحكام قانون الاتصالات3، إلا أنها لم تختلف كثيرًا عنها. فقد أعاد قانون الاتصالات صياغة ذات النص مع تعديل مقدار العقوبة المقررة، سواء عقوبة الحبس التي زاد حدها الأقصى ليصل إلى ثلاثة سنوات، أو الغرامة التي أصبح لها حد أدنى وزاد حدها الأقصى ليصل إلى عشرين ألف جنيه.
أما التغير الأهم في هذا النص فكان استبدال عبارة “أجهزة المواصلات التليفونية“، التي جاءت في قانون العقوبات، بعبارة “أجهزة الاتصالات” لتتسق مع تعريف القانون لمفهوم “الاتصالات“. فقد عرّف القانون الاتصالات بأنها “أية وسيلة لإرسال أو استقبال الرموز أو الإشارات أو الرسائل أو الكتابات أو الصور أو الأصوات وذلك أيا كان طبيعتها وسواء كان الاتصال سلكيا أو لاسلكياً“. كما عرف أيضًا القانون أجهزة الاتصالات الطرفية بأنها “أجهزة الاتصالات الخاصة بالمستخدم والتي تتصل بشبكة اتصالات عامة أوخاصة.”
تعريف قانون تنظيم الاتصالات لجريمة تعمد الإزعاج
تعريفات كلًا من “الاتصالات” و“أجهزة الاتصالات الطرفية” في قانون الاتصالات تُظهِر سياسة المشرع التي استهدفت التوسع في تجريم وسائل ارتكاب الجريمة لتشمل جميع وسائل الاتصالات. يشمل ذلك التوسع وسائل الاتصالات التليفونية التقليدية وغيرها من وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية.
أما وسائل الاتصالات التي تستخدم المعالجة إلكترونية،4 أو تتم باستخدام إحدى وسائل تقنية المعلومات5، أو عن طريق نظام أو شبكة معلوماتية6 فقد أقر المشرع لها قانونًا خاصًا ينظم أحكامها، وبالأخص في شأن التجريم والعقاب، وهو قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018.
العناصر المفترضة اللازمة لقيام جريمة تعمد الإزعاج
يتضح من صياغة نص المادة 76 من قانون الاتصالات أن مساءلة الفرد جنائيًا عن جريمة تعمد الإزعاج تستلزم توافر ثلاثة شروط رئيسية. يمثل كل شرط عنصر مفترض ولازم لقيام هذه الجريمة؛ فلا تقوم إلا بتوافرهم مجتمعين، والتأكد من تحققهم قبل ارتكابها، ولا يُتصور أن تُرتكب من دون أي منهم. والشروط هي:
-
الشرط الأول: أن تكون الوسيلة المستخدمة في ارتكاب السلوك الإجرامي لهذه الجريمة هي وسيلة اتصال سلكية، أو وسيلة اتصال لاسلكية، باستثناء وسائل الاتصالات التي تستخدم المعالجة إلكترونية، أو باستخدام إحدى وسائل تقنية المعلومات، أو عن طريق نظام أو شبكة معلوماتية.
-
الشرط الثاني: أن يكون الاتصال مباشرًا بين طرفين، أحدهما مُرسِل وهو مرتكب الجريمة، والآخر مُستقبِل للاتصال وهو المجني عليه.
-
الشرط الثالث: أن يُجرى الاتصال بين الطرفين في غير علانية.
إشكاليات تطبيق نص المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات
أظهر تطبيق نص المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات في شأن جريمة تعمد إزعاج الغير عدة إشكاليات. أثر تلك الإشكاليات كان ومازال يمثل درجة عالية من الخطورة على الحرية الشخصية للأفراد، والحق في المحاكمة العادلة المنصفة، والعدل والمساواة بين المواطنين، والحق في استخدام وسائل الاتصالات، وحرية الرأي والتعبير باستخدامها. يمكن إيجاز بعض من هذه الإشكاليات في التطبيقات القضائية لنص المادة، سواء في مرحلة التحقيق أو في مرحلة المحاكمة.
أولًا: ازدواج التجريم عن الفعل الواحد وإشكالية نسخ النصوص
وفقًا لمادة إصداره الأولى، فقد نسخ قانون الاتصالات بمجرد سريانه ودخوله حيز النفاذ جريمة إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة المواصلات التليفونية المنصوص عليها بالمادة 166 مكرر من قانون العقوبات نسخًا صريحًا7. بالإضافة إلى نسخه نسخًا ضمنيًا استنادًا لقاعدة القانون الخاص يقيد القانون العام وأن التشريع اللاحق ينسخ السابق، لكونه تشريع جديد وضع تنظيمًا كاملًا لوضع من الأوضاع أفرد له تشريع سابق.8
على الرغم من ذلك، مازالت النيابة العامة في كثير من الأحيان تطبق أحكام المادة 166 مكرر من قانون العقوبات. توجه النيابة العامة للمتهمين اتهامات بموجب المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات والمادة 166 مكرر من قانون العقوبات معًا عن الفعل الواحد المكون للجريمة.
امتد هذا الأمر إلى قضاء المحاكم الجنائية التي قضت في بعض القضايا بإدانة المتهمين على ارتكاب هاتين الجريمتين.9 كما امتد أيضًا إلى محكمة النقض التي أيدت في حكم حديث لها إدانة متهم بارتكاب الجريمة المنصوص عليها في المادة 166 مكرر من قانون العقوبات الملغي ضمنًا.10
يشكل هذا الازدواج خطأ في تطبيق القانون وانتهاك واضح لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات؛ فلا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون.11
ثانيًا: تعسف النيابة العامة في توجيه الاتهامات بارتكاب جريمة تعمد الإزعاج
توسعت النيابة العامة في توجيه الاتهام بارتكاب جريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال وسائل الاتصالات بغض النظر عن مدى التحقق من توافر الشروط الثلاثة اللازمة لقيام هذه الجريمة. يظهر ذلك في توجيه النيابة العامة الاتهام بارتكاب هذه الجريمة لكل من ارتكب علانية سلوك ترى أنه يشكل إزعاجًا للمجني عليه.
تتغاضى النيابة في توجيه الاتهام بتعمد الإزعاج عن الوسيلة المستخدمة في الجريمة. توجه النيابة هذا الاتهام ولو كان الإزعاج باستخدام إحدى وسائل الاتصالات التي تستخدم المعالجة إلكترونية، أو باستخدام إحدى وسائل تقنية المعلومات، أو عن طريق نظام أو شبكة معلوماتية، وليس فقط باستخدام وسائل الاتصال السلكية أو اللاسلكية التي يسري عليها نص المادة 76 من قانون الاتصالات.
كما تتغاضى النيابة أيضًا عن شرط وجود اتصال مباشر بين المتهم والمجني عليه وشرط العلانية. توجه النيابة اتهام تعمد الإزعاج لمن ارتكب سلوكًا لا يُتصور أبدًا ارتكابه إلا في علانية عبر استخدام تقنية معلومات، كالنشر بجميع صوره التي من بينها كتابة المنشورات، أو نشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي علانية.
على سبيل المثال، وجهت النيابة العامة في إحدى القضايا اتهام بارتكاب جريمة تعمد الإزعاج باستخدام وسائل الاتصال لمتهم لاستخدامه حسابه الخاص على وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر في كتابة ونشر منشورات علنية. رأت النيابة أن هذه المنشورات تتضمن عبارات انطوت على إهانة للهيئة الوطنية للانتخابات، وعلى أخبار وإشاعات كاذبة من شأنها تكدير السلم العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة.12
في قضية أخرى، وجهت النيابة العامة للمتهم ذات الاتهام ﻷنه استخدم حسابه الخاص على فيسبوك في كتابة إحدى المنشورات ونشر صور خاصة للمجني عليه والتعدي عليه بالقذف علانية.13
تعكس هذه الأمثلة التعسف الشديد من جانب النيابة العامة في توجيه الاتهام بارتكاب جريمة تعمد الإزعاج على سلوكات أو أفعال تفتقد لجميع الشروط أو العناصر المفترضة اللازمة لقيام الجريمة. يُعد هذا الأمر تعسفًا لا يمكن تبريره في استعمال سلطة الاتهام، وإساءة تفسير لنص المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات.
ثالثًا: توسع المحاكم في تفسير مفهوم الإزعاج باستخدام وسائل الاتصالات
أغفلت غالبية التطبيقات القضائية للمحاكم الجنائية بدرجتيها الشروط الثلاثة اللازمة لقيام جريمة تعمد الإزعاج، مثلها مثل النيابة العامة. فتوسعت المحاكم الجنائية في تطبيق نص المادة 76 من قانون الاتصالات ليشمل جميع وسائل الاتصالات.
استندت المحاكم الجنائية في أحكامها إلى تفسير يرى أن الجريمة تقع سواء كان ارتكابها باستخدام التليفون، أو جهاز الحاسب الآلي المستقبل للبيانات والمعلومات، أو البريد الإلكتروني، أو الرسائل الإلكترونية، أو الإنترنت، أو الاتصال التليفزيوني، أو غيرها من وسائل الاتصالات الأخرى.14 تواترت أحكام المحاكم الجنائية في القضاء بالإدانة استنادًا إلى ذلك التفسير.
يأتي هذا على الرغم من أن وقائع الدعاوى تضمنت نشر علانية باستخدام وسائل الاتصالات التي تستخدم المعالجة إلكترونية، أو باستخدام إحدى وسائل تقنية المعلومات، أو عن طريق نظام أو شبكة معلوماتية، وهي وقائع لا ينطبق عليها النموذج القانوني للجريمة المنصوص عليها في المادة 76 من قانون الاتصالات.15
أما محكمة النقض فقد انتهت في أحكامها إلى أن الإزعاج يتسع إلى كـل قـول أو فـعل تعمّده الجـانى يضيق به صدر المجني عليه أيًا كان نوع أجهـزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة بها.16 كما أنها لم تختلف عن المحاكم الجنائية والنيابة العامة في الالتفات عن التحقق من توافر الشروط اللازمة لقيام جريمة تعمد إزعاج الغير باستخدام وسائل الاتصالات.
بالإضافة إلى ذلك، يظهر في العديد من أحكام ومبادئ محكمة النقض توسعها في إطلاق نص التجريم ليشمل النشر على وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر.17
إطلاق سلطة التجريم بهذه الصورة قد ينطوي على تجريم لاستخدام وسائل الاتصالات التي تعتمد بالأساس على المعالجة الإلكترونية أو تقنية المعلومات، وتجرى عبر نظام أو شبكة معلوماتية، وليس تجريمًا لفعل الإزعاج الذي استهدفه المشرع. يشكل هذا الأمر تهديدًا للحق في استخدام المواقع، والتطبيقات، ومنصات التواصل الاجتماعي، والحسابات الإلكترونية، أو بالأحرى تهديدًا لحق المواطنين فى استخدام وسائل الاتصال العامة.
أوجه شبهة عدم الدستورية في نص المادة 76 من قانون الاتصالات
يلاحق نص المادة 76 من قانون الاتصالات بشأن جريمة تعمد الإزعاج قدر كبير وواضح من العوار تشريعي بالإضافة إلى شبهة عدم دستورية. يعد ذلك السبب الرئيسي في ظهور الإشكاليات المتعددة في تطبيق هذا النص.
يمكن إيجاز أوجه عدم الدستورية في ثلاثة أسبات:
- مخالفة نص المادة لمبدأ عدم جواز توقيع عقوبة سالبة للحرية في جرائم النشر أو العلانية بمجرد سريان دستور 2014.
-
صياغة النص التي اتسمت بالغموض والإبهام مما أخرجه عن عن نطاق شرعية التجريم والعقاب.
-
قسوة العقوبة السالبة للحرية المقررة لمرتكب الجريمة وعدم تناسبها مع السلوك المجرم.
أولًا: مخالفة النص لمبدأ عدم جواز توقيع عقوبة سالبة للحرية في جرائم النشر أو العلانية
أكد المشرع الدستوري في دستور 2014 أن الأصل العام هو حق الأفراد في التعبير عن آراءهم بأي وسيلة من وسائل التعبير والنشر العلني أو غير العلني. تعد تلك القاعدة العامة المنظمة للتعبير والنشر بجميع صورهم والتي أُضفي عليها حماية دستورية. ما يرد خلاف ذلك من قواعد دستورية أخرى في ذات الدستور يكون محض استثناء في حدود ضيقة، لا يجوز التوسع فيها.
كما أكد المشرع الدستوري على ذلك مرة أخرى من خلال كفالة وضمان الحريات المتفرعة من ذلك الحق، ومنها حرية الإبداع الفني والأدبي، وحرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني. وحظر الدستور التعدي على أي من تلك الحريات بأي صورة من الصور. امتد ذلك الحظر لحصر حق التقاضي لطلب وقف أو مصادرة الأعمال الفنية أو الفكرية أو الأدبية في النيابة العامة دون غيرها.
وضع المشرع الدستوري أيضًا قيدًا على مبدأ التجريم والعقاب؛ فحظر على المشرع العادي توقيع أي عقوبة جنائية تنال من الحرية الشخصية للأفراد نتيجة ممارستهم لحرياتهم في التعبير عن آراءهم أو أفكارهم بأي من الصور سالفة البيان. كما حظر توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي تُرتكب بطريق النشر أو العلانية، وذلك كأًصل عام. وكذلك الجرائم التى ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري.
جاء هذا الحظر مطلقًا ومحررًا من أي قيد. استند المشرع في هذا الحظر إلى عينية الجريمة وطريقة ارتكاب السلوك الإجرامي، باعتبار أن النشر أو العلانية هما المعيارين الوحيدين اللازم توافر أي منهما في أي سلوك إجرامي. ومتى توافر أحد المعيارين وجب على المشرع التزام بأن تكون العقوبة التي يقررها كجزاء جنائي – لهذا السلوك – غير سالبة للحرية، دون أن يتوقف ذلك على صفته أو وظيفته مرتكب هذا السلوك؛ فالمشرع الدستوري قد استند إلى معيار طريقة ارتكاب الجريمة، وليس شخص أو صفة مرتكبها، فلم يشترط فيه صفة معينة –كالصحفي أو الكاتب أو الأديب أو الفنان أو المخرج أو المنتج أو الناشر أو الطابع أو الموزع أو غيرهم– إنما جاء مطلقًا يسري على جميع الأفراد. استثنى من ذلك فقط ثلاثة صور من الجرائم على سبيل الحصر، هم: الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف، أو بالتمييز بين المواطنين، أو بالطعن في الأفراد.
كما أضفى أيضًا المشرع الدستوري الحماية الدستورية على الحق في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، وحظر التعسف في حرمان المواطنين من استخدامها. وسائل الاتصال العامة التقليدية والمستحدثة بكافة أشكالها وصورها هي أدوات للتعبير عن الرأي بالنشر أو بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير. الغاية من حظر توقيع العقوبات السالبة للحرية على جرائم النشر والعلانية كأصل عام هي حماية للأفراد المخاطبين بأحكام الدستور من أي استبداد أو طغيان أو ترهيب أو تهديد لحرياتهم الشخصية قد يتعرضوا له من جانب السلطة التنفيذية، أو التشريعية، نتيجة للتعبير عن آرائهم.
على الرغم مما سبق، غاب عن المشرع إعادة النظر في نص المادة 76 من قانون الاتصالات بعد سريان أحكام هذا الدستور. علمًا بأن القانون تضمن عقوبتي الحبس والغرامة، التي لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كجزاء جنائي على ارتكاب جريمة تعمد إزعاج الغير بإساءة استخدام وسائل الاتصالات.
لا يقتصر أثر توقيع النص في حالة القضاء بإدانة المتهم بحكم قضائي على مجرد عقوبة سالبة للحرية لمدة قد تصل إلى ثلاث سنوات؛ بل يمتد الأثر إلى ما يجاوز احتمال ذلك. يترتب على توقيع النص توافر أحد مبررات الحبس الاحتياطي لحبس المتهم بهذه الجريمة احتياطيًا لحين الفصل في موضوع الدعوى. ذلك نظرًا لكون العقوبة السالبة للحرية المقررة بموجب هذا النص قد تصل إلى الحبس مدة ثلاث سنوات، مما يترتب عليه إمكانية المساس بحرية المتهم الشخصية تعسفًا وتقييدها. كما يمكن أيضًا المساس التعسفي بحقوق المتهم الدستورية في التنقل والإقامة، من خلال سلطة الحبس الاحتياطي المخولة قانونًا لسلطة التحقيق الابتدائي ولمحكمة الموضوع.
سلوك الإزعاج بطبيعة الحال لا يُتصور فيه أن يكون صورة من صور التحريض على العنف، أو التمييز بين المواطنين، أو أن يشكل صورة من صور الطعن في أعراض الأفراد. فسلوك الإزعاج هو محض انزعاج للمجني عليه نتج عن إساءة استخدام الجاني لوسائل الاتصالات. من ثم، فإن توقيع عقوبة الحبس الذي لا يقل عن أربع وعشرون ساعة ولا يزيد على ثلاث سنوات كأحد العقوبات السالبة للحرية على مرتكب هذه الجريمة، يشكل مخالفة صريحة لنصوص الدستور.
يشكل نص المادة 76 من قانون الاتصالات عدوان على حريات الأفراد، وعلى وجه خاص الحرية الشخصية المنصوص عليها في المادة (54) من الدستور، وحرية التنقل والإقامة المنصوص عليها في المادة (62) من الدستور. كما أنه يعد تعطيلًا وانتقاصًا وتقيدًا يمس أصل وجوهر الحقوق اللصيقة بشخص المواطن المنصوص عليها في المادة (92) من الدستور، وينطوي على عوار فج في صياغته الحالية مما يجعله مشوبًا بعدم الدستورية.
ثانيًا: مخالفة النص لمبدأ شرعية التجريم والعقاب
كان الغموض والإبهام اللذان شابا نص المادة 76 من قانون الاتصالات أسبابًا رئيسية في ظهور إشكاليات تطبيق هذا النص على النحو سالف البيان. لم يقتصر الغموض والإبهام فقط على التوسع في مفهوم الإزعاج، إنما امتد إلى طبيعة وسيلة الاتصال المستخدمة في ارتكاب الجريمة.
وسيلة الاتصال المستخدمة هي أول شرط أو عنصر مفترض يلزم تحققه لقيام الجريمة. يسري نص المادة 76 على وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية. إلا أن جانب كبير من القائمين على تطبيق القانون يرى وسائل الاتصالات التي تستخدم المعالجة الإلكترونية أو التي تستخدم إحدى وسائل تقنية المعلومات أو الاتصالات التي تتم عن طريق نظام أو شبكة معلوماتية هي من بين وسائل الاتصالات التي يسري عليها نص المادة 76.
يأتي هذا على الرغم من أن وسائل الاتصالات تلك مستثناه من أحكام قانون الاتصالات، حيث أقر لها المشرع قانونًا خاصًا ينظم أحكامها، وبالأخص في شأن التجريم والعقاب، وهو قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018. سبب هذه الإشكالية هو أن المشرع لم يعيد النظر في نص المادة 76 من قانون الاتصالات بعد صدور قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وسريان أحكامه.
تجلى الغموض والإبهام أيضًا في شأن الشرطين الثاني والثالث اللازمين لقيام الجريمة. الشرطين هما وجود اتصال مباشر بين طرفين أحدهما مرسل وهو مرتكب الجريمة والآخر مستقبل للاتصال وهو المجني عليه، وأن يجري هذا الاتصال بين الطرفين في غير علانية. إلا أن جانب كبير من القائمين على تطبيق القانون لا يزال يرى أن النموذج القانوني لجريمة تعمد إزعاج الغير، المنصوص عليها في هذا النص، يسري على أي سلوك حتى وإن كان لا يتصور أبدًا ارتكابه إلا في علانية، ودون وجود أي اتصال مباشر بين الجاني والمجني عليه. مثال على ذلك هو النشر بجميع صوره التي من بينها كتابة المنشورات، أو نشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي عبر استخدام معالجة إلكترونية، أو باستخدام إحدى وسائل تقنية المعلومات، أو عن طريق نظام أو شبكة معلوماتية.
ترتب على ذلك غموض وإبهام أصبح معه مضمون نص المادة 76 مجهلًا، وخافيًا. كما أصبح تطبيق نص المادة مرتبطًا بمعان وأهواء وتفسيرات شخصية، نابعة من الفهم الخاص للقائمين على تطبيقه. أدى ذلك بدوره إلى اختلاف القضاء في أمر نص المادة، وتعدد اتجاهات المحاكم، وتفسيراتها.
جرمت بعض المحاكم الفعل ما دام أجرى في غير علانية عبر اتصال مباشر بين طرفين –مرسل ومستقبل– بينما جرمت محاكم أخرى الفعل في جرائم النشر والعلانية باستخدام تقنية المعلومات أو معالجة إلكترونية أو عن طريق نظام أو شبكة معلوماتية وهي وسائل اتصال لا يسري عليها من الأساس نص المادة 76 من قانون الاتصالات. استند الاتجاه الأخير في المحاكم إلى أن نص المادة خاطب الكافة ولم يقتصر على وسيلة بعينها، أو اشتراط عدم العلانية من عدمها، أو اشتراط اتصال مباشر من عدمه ليُسأل عن ارتكاب السلوك المجرم بموجبه.
يتضح مما سبق أن نص المادة 76 ينطوي على عوار شديد ويأتي مخالفًا للدستور من ناحية أن الأصل في النصوص العقابية هو أن تصاغ في حدود ضيقة تعريفًا بالأفعال التي جرمها المشرع، وتحديدًا لماهيتها، لضمان ألا يكون التجهيل بها موطئًا للإخلال بحقوق كفلها الدستور للمواطنين.18 خالف المشرع في نص المادة 76 ما ينص عليه الدستور في المادتين 95، 96 وما نصت عليه المادتين 11، 29 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما استقرت عليه الدساتير السابقة، ودساتير ومفاهيم الدول الديمقراطية، وكافة المواثيق الدولية، وما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا بشأن الحقوق الطبيعية التي لا يجوز الإخلال بها أو تقييدها. لذلك فقد أصبح نص المادة 76 من قانون الاتصالات محلًا لشُبهة عدم الدستورية لما شابه من عوار تشريعي جعله مخالفًا لأحكام الدستور.
ثالثًا: قسوة العقوبة السالبة للحرية المقررة لمرتكب الجريمة وعدم تناسبها مع السلوك المجرم
الأصل في العقوبة هو معقوليتها، فلا يكون التدخل بها إلا بقدر لزومها.19 ولا يجوز أن تكون العقوبة أداة عاصفة بالحرية، تقمعها أو تقيدها بالمخالفة للقيم التي ارتضتها الدول الديمقراطية في مظاهر سلوكها على اختلافها.20
القاعدة القانونية لا تكون ضرورية إلا إذا وضعت لمعالجة وضع معين على نحو كاف وبغير مبالغة؛ فيكفل تطبيقها على هذا النحو معالجة الوضع بطريقة منطقية، وهو ما يعبر عنه بالتناسب. يتضح بذلك أن الضرورة التي تُلجئ المشرع إلى تجريم سلوك معين تفترض أن التجريم ودرجته يتناسبان مع الهدف من هذا التجريم.21
كما يجب ألا تكون العقوبة المقيدة للحرية ممعنة في القسوة، فالجزاء يجب أن يتناسب مع الفعل المجرم. يرتبط هذا المعيار ارتباطًا وثيقًا بالحق الدستوري في الحرية الشخصية، وما يتفرع عنه من ضرورة عدم المساس بهذه الحرية إلا بالقدر اللازم لتحقيق الهدف المبتغى من العقوبة. فالردع، بشقيه العام والخاص، لا ينبع في المقام الأول من شدة العقوبة بقدر ما ينبع من قدرة الدولة على توقيعها على جميع الجناة.22
على الرغم من ذلك، فإن العقوبة السالبة للحرية المقررة كجزاء جنائي لجريمة تعمد إزعاج الغير في المادة 76 من قانون الاتصالات انطوت على مبالغة شديدة وإمعان في القسوة. كما أن العقوبة غير متناسبة مع السلوك المُجرّم الذي عُرّف بأنه انزعاج المجني عليه أو اضطراب سكينته وضيق صدره، فالمصلحة الجنائية التي يحميها لا تعدو أن تكون طمأنينة المجني عليه.
إذا وضعت العقوبة المقررة لهذه الجريمة في مقارنة مع عقوبات جرائم تحمي مصالح أكثر أهمية وخطورة مثل جرائم السب والقذف، على سبيل المثال، يتضح مقدار عدم تناسب العقوبة مع السلوك المُجرم؛ فعقوبات جرائم السب والقذف لا تشمل عقوبات سالبة للحرية.
جريمة السب غايتها حماية الكرامة الإنسانية للمجني عليه، وسلوكها المُجرّم هو خدش اعتبار المجني عليه والحط من كرامته. عقوبة جريمة السب هي الغرامة المالية التي لا تقل عن ألفي جنيه.23 وأيضًا جريمة القذف غايتها حماية الكرامة الإنسانية وأصل البراءة للمجني عليه، وسلوكها المجرم هو إسناد وقائع إلى المجني عليه تنال من كرامته وتجعله موضع احتقار عن أهل وطنه.24 عقوبة جريمة القذف هي الغرامة المالية التي لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه، وإذا كان المجني عليه موظفًا عامًا أو ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة وقذف بسبب أداء عمله فلا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه.
من ثم، لا يتصور أن يكون مجرد انزعاج المجني عليه أكثر خطورة أو عدوانًا على مصالحه وحقوقه من خدش اعتباره والحط من كرامته حتى يقرر المشرع للانزعاج عقوبة جنائية سالبة للحرية يصل حدها الأقصى للحبس ثلاث سنوات. يتضح مما سبق أن العقوبة السالبة للحرية لا تتناسب مع السلوك الإجرامي المنصوص عليه في المادة 76 من قانون الاتصالات. كما أن العقوبة لا تتناسب مع المصلحة التي تحميها، وتنطوي على مبالغة شديدة وإمعان في القسوة، وتشكل عدونًا واضحًا على الحق الدستوري في الحرية الشخصية، بما يجعل نص المادة محلًا لشبهة عدم الدستورية.
التوصيات
توصي مسار – مجتمع التقنية والقانون:
أصليًا بإلغاء كامل الفقرة الثانية من المادة 76 من قانون تنظيم الاتصالات، مع الاكتفاء بصور تجريم الإزعاج المختلفة التي تضمنتها القوانين المصرية الأخرى.
لتكون صياغة نص المادة بعد التعديل المقترح:
المادة 76
مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من، استخدام أو ساعد على استخدام وسائل غير مشروعة لإجراء اتصالات.
احتياطيًا، الإبقاء على نص المادة 76 بفقرتيها الأولى والثانية، مع إضافة عبارة توَضح السياق الذي أصدر من أجله النص التجريمي، وهو أن النص قد شرّع لعلاج حالات تعمد الإزعاج أو المضايقة في غير حالات العلانية، وهو ما يخرج النص من الحظر الدستوري المتعلق بعدم جواز الحبس في جرائم النشر والعلانية.
لتكون صياغة نص المادة بعد التعديل المقترح:
المادة 76
مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من:
1ـ استخدم أو ساعد على استخدام وسائل غير مشروعة لإجراء اتصالات.
2ـ تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات في غير حالات العلانية.
وأخيرًا وعلى سبيل الاحتياط الكلي، إلغاء العقوبة السالبة للحرية، مع الإبقاء على العقوبة المالية، مع تأكيد الغرض من إصدار النص بالمذكرة الإيضاحية المرفقة بمقترح تعديل النص، ليسمح لجهات التحقيق والمحاكمة من الوقوف على صحة النص.
لتكون صياغة نص المادة بعد التعديل المقترح:
المادة 76
مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب، يعاقب بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه كل من:
1ـ استخدم أو ساعد على استخدام وسائل غير مشروعة لإجراء اتصالات.
2ـ تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات.
الهوامش
1 مضافة بالقانون رقم 97 لسنة 1955 – الوقائع المصرية – العدد 18 مكرر – الصادر فى 3 مارس سنة 1955.
2 الدعوى رقم 141 لسنة 2022 جنح اقتصادي القاهرة، أسندت النيابة العامة للمتهمين ارتكاب جريمة تعمد الإزعاج بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، وطلبت محاكمتهما على جرائم مؤثمة بعدة نصوص عقابية من بينها نص المادة 166 مكرر من قانون العقوبات، وبجلسة 28/2/2022 قضت محكمة جنح القاهرة الاقتصادية بمعاقبة المتهمين بالحبس سنة وغرامة قدرها خمسة آلاف جنيه. والدعوى رقم 72 لسنة 2022 جنح اقتصادي القاهرة، أسندت النيابة العامة للمتهم ارتكاب جريمة تعمد الإزعاج بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، وطلبت محاكمته على جرائم مؤثمة بعدة نصوص عقابية من بينها نص المادة 166 مكرر من قانون العقوبات، وبجلسة 26/2/2022 قضت محكمة جنح القاهرة الاقتصادية بمعاقبة المتهم بغرامة قدرها ألف جنيه.
3 الطعن بالنقض رقم 22531 لسنة 88 ق – جلسة 5-2-2019 – المبادئ القانونية التي قررتها محكمة النقض في جرائم الاتصالات – ص 61
4 القضية رقم 1592 لسنة 2021 جنح اقتصادي القاهرة.
5 القضية رقم 433 لسنة 2022 جنح اقتصادي القاهرة، والقضية رقم 1327 لسنة 2023 جنح اقتصادي القاهرة.
6 حكم المحكمة الدستورية العليا، جلسة 3 يوليو 1995، الدعوى رقم 25 لسنة 16 قضائية “دستورية“.
7 حكم المحكمة الدستورية العليا، جلسة 4 يناير 1997، الدعوى رقم 2 لسنة 15 قضائية “دستورية“
8 القاضي د. عوض المر، المرجع السابق، ص 1052 – حكم المحكمة الدستورية العليا، جلسة 5 يوليو 1997، الدعوى رقم 24 لسنة 18 قضائية “دستورية“
9 د. أحمد فتحي سرور، المرجع السابق، ص 501.
10 دليل جمهورية مصر العربية لإعداد وصياغة مشروعات القوانين، وزارة العدل، الإصدار الأول، يوليو 2018، ص53.
11 تنص المادة المادة 302 من قانون العقوبات على أن “يعد قاذفا كل من اسند لغيره بواسطة احدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون امورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من اسندت اليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا او اوجبت احتقاره عند اهل وطنه. ومع ذلك فالطعن في أعمال موظف عام أو شخص ذى صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم الفقرة السابقة إذا حصل بسلامة نية وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة، وبشرط أن يثبت المتهم حقيقة كل فعل أسنده إلى المجنى عليه، ولسلطة التحقيق أو المحكمة، بحسب الأحوال، أن تأمر بإلزام الجهات الإدارية بتقديم ما لديها من أوراق أو مستندات معززة لما يقدمه المتهم من أدلة لإثبات حقيقة تلك الأفعال ولا يقبل من القاذف إقامة الدليل لإثبات ما قذف به إلا فى الحالة المبينة فى الفقرة السابقة“. وتنص المادة 303 من ذات القانون على أن “يعاقب على القذف بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه.فإذا وقع القذف في حق موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة, وكان ذلك بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة, كانت العقوبة غرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه
12 تنص المادة (95) من الدستور الساري على أن “العقوبة شخصية ، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى ، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون“
13 المادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1955- الوقائع المصرية – العدد رقم 18 مكرر غير اعتيادي الصادر في 3/3/1955.
14 تنص مادة الإصدار الأولى لقانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 على أنه “يعمل بأحكام القانون المرافق لتنظيم جميع أنواع الاتصالات إلا ما استثني بنص خاص فيه أو في أي قانون آخر أو أقتضاه حكم القانون مراعاة للأمن القومى و يلغي كل حكم يخالف أحكام القانون المرافق“
15 عرفت المادة الأولى من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 المعالجة الإلكترونية بأنها “أى عملية إلكترونية أو تقنية تتم كلياً أو تقنية تتم كلياً أو جزئياً لكتابة أو تجميع أو تسجيل أو حفظ أو تخزين أو دمج أو عرض أو إرسال أو استقبال أو تداول أو نشر أو محو أو تغيير أو تعديل أو استرجاع أو استنباط البيانات والمعلومات الإلكترونية ، وذلك باستخدام أى وسيط من الوسائط أو الحاسبات أو الأجهزة الأخرى الإلكترونية أو المغناطيسية أو الضوئية أو ما يستحدث من تقنيات أو وسائط أخرى .
16 عرفت المادة الأولى من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 تقنية المعلومات بأنها “أى وسيلة أو مجموعة وسائل مترابطة أو غير مترابطة تستخدم لتخزين واسترجاع وترتيب وتنظيم ومعالجة وتطوير وتبادل المعلومات أو البيانات ، ويشمل ذلك كل ما يرتبط بالوسيلة أو الوسائل المستخدمة سلكياً أو لاسلكياً“.
17 عرفت المادة الأولى من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 الشبكة المعلوماتية بأنها “مجموعة من الأجهزة أو نظم المعلومات تكون مرتبطة معاً ، ويمكنها تبادل المعلومات والاتصالات فيما بينها ، ومنها الشبكات الخاصة والعامة وشبكات المعلومات الدولية ، والتطبيقات المستخدمة عليها“، كما عرفت النظام المعلومات بأنه “مجموعة برامج و أدوات معدة لغرض إدارة ومعالجة البيانات والمعلومات ، أو تقديم خدمة معلوماتية“.
18 تنص مادة الإصدار الأولى لقانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 على أن “يعمل بأحكام القانون المرافق لتنظيم جميع أنواع الاتصالات إلا ما استثني بنص خاص فيه أو في أي قانون آخر أو أقتضاه حكم القانون مراعاة للأمن القومى و يلغي كل حكم يخالف أحكام القانون المرافق .
19 الطعن بالنقض رقم ١١٥٠٥ لسنة ٨٨ ق – الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠١٩/١١/٠٢، والطعن رقم ١٠٠٠٤ لسنة ٨٥ ق – الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠١٦/٠٥/١٩، والطعن رقم ١٦٢٧ لسنة ٤١ ق – الدوائر الجنائية – جلسة ١٩٧٢/٠٣/٠٦، أ. محمد كمال عبد العزيز – التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه – مصادر الالتزام، ط3، 2003، ص 193 وما بعدها.
20 شرح أحكام ومبادئ قوانين الاتصالات للمستشار الدكتور/ عمر الشريف الطبعة الأولى 2008 ص 124.
21 الحكم الصادر بجلسة 19-4-2022 في الدعوى رقم 525 لسنة 2022 جنح اقتصادي القاهرة، قضت فيه المحكمة بإدانة المتهم لارتكابه عدة جرائم من بينها تعمد إزعاج المجني عليه بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، لاستخدامه أحد الحسابات الشخصية على موقع فيسبوك في انتحال صفة زوجة المجني عليه ووضع صورة لها متضمنة عبارات تشهير، والحكم الصادر بجلسة 28-2-2022 في الدعوى رقم 73 لسنة 2022 جنح اقتصادي القاهرة، قضت فيه المحكمة بإدانة المتهم لارتكابه عدة جرائم من بينها تعمد إزعاج المجني عليه بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات، لاستخدامه أحد الحسابات الشخصية على موقع فيسبوك في نشر منشور يتضمن عبارات سب وقذف للمجني عليه.
22 الطعن بالنقض رقم 22201 لسنة 88 ق – جلسة 27-2-2019 – المبادئ القانونية التي قررتها محكمة النقض في جرائم الاتصالات – ص 61
23 الطعن بالنقض رقم ٢٢٨٤ لسنة ٨٩ ق – جنح اقتصادي – بجلسة ٢٠٢٠/٠٦/١٠، والطعن بالنقض رقم ١١٤٥٦ لسنة ٩٠ ق – جنح النقض – جلسة ٢٠٢١/٠٩/١١.
24 تنص المادة 306 من قانون العقوبات على أن “كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشاً للشرف أو الاعتبار يعاقب عليه في الأحوال المبينة بالمادة 171 بغرامة لا تقل عن ألفي جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه.