المسؤولية البيئية والاجتماعية

أهمية المسؤولية الاجتماعية والبيئية في نظم الذكاء الاصطناعي

ينبغي لتطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي أن يأخذ في اعتباره الآثار الاجتماعية والبيئية الواسعة النطاق، وأن يسعى حثيثا إلى دعم الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية. وهذا لأن الذكاء الاصطناعي يمكنه خلق يوتوبيا تكنولوجيا جديدة تخفي الطريقة التي يمكنه بها مفاقمة التدهور البيئي، وذلك عادة بطرق تضر بالجماعات السكانية المهمشة.

احتفي بالذكاء الاصطناعي كأداة لمواجهة التغير المناخي. على سبيل المثال، قد تخفض السيارات الموجهة ذاتيا الانبعاثات الملوثة بنسبة 50% بحلول عام 2025. ويؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي في الزراعة إلى إنتاج أعلى. فعلى سبيل المثال، حصل المزارعون في الهند على محصول أكبر بنسبة 30% من خلال استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. كذلك فإن من الأدلة الملموسة الأخرى قدرة الذكاء الاصطناعي على تقديم تحليل أسرع وأكثر دقة لصور الأقمار الاصطناعية التي تتعرف على المناطق التي تعرضت لكوارث وتحتاج إلى المساعدة، وعلى مواقع تدمير الغابات المطيرة.

كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يضر بالبيئة

بالرغم من فوائدها، فقد تعرضت صناعة الاتصالات والإنترنت التي يعمل الذكاء الاصطناعي من خلالها للنقد الشديد لاستخدامها قدرا ضخما من الطاقة. على سبيل المثال، يتم تزويد الحواسيب الفائقة التي تشغل برامج الذكاء الاصطناعي بالطاقة من خلال شبكة الكهرباء العامة التي تدعمها مولدات تعمل بالديزل. ويقدر أن تدريب نظام واحد يمكن أن يؤدي إلى انبعاث قدره 250 ألف باوند من غاز ثاني أكسيد الكربون. وفي الحقيقة، ينتج استخدام الذكاء الاصطناعي عبر كافة القطاعات انبعاثات من ثاني أكسيد الكربون تعادل تقريبا ما تنتجه صناعة الطيران. هذه الانبعاثات الإضافية تؤثر بشكل غير متناسب على الجماعات المهمشة تاريخيا. فهذه الجماعات تعيش غالبا في مناطق كثيفة السكان نتيجة لتزايد المناطق الصناعية (وهو أحد علامات غياب العدالة البيئية) وهي أكثر تأثرا بشكل مباشر بالأخطار الصحية للتلوث.

ما يعنيه ما سبق هو أن مطوري الذكاء الاصطناعي يجب أن يضعوا في اعتبارهم الأثر الاجتماعي والبيئي لتكنولوجيتهم حيث من المحتمل أن ترفع من استهلاك الطاقة، ومن انبعاثات غازات الاحترار المناخي بشكل كبير، خاصة إذا لم يتم نشرها بشكل كفؤ. ويمكن لهذا أن يفاقم من الأزمة المناخية التي تزداد سوءا بالفعل، وهو ما يجعل علاج الأثر البيئي الذكاء الاصطناعي ضروريا أكثر.

وينبغي على مطوري الذكاء الاصطناعي أن يسعوا إلى تطويره بحيث يكون له أثر إيجابي على المجتمع والبيئة. وثمة تزايد في الاعتراف بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يلعب دورا حيويا في تحسين جهود الاستدامة. فمن خلال تحديد أسباب عدم الكفاءة والإهدار في كل من تطوير البنية التحتية والإنتاج، يمكن للذكاء الاصطناعي المستديم أن يلعب دورا هاما في تمكين الشركات من تقليل آثارها البيئية. وثمة بالفعل محاولات تستهدف استخدام طاقة أقل تلويثا في تطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وشركات تنظر في استخدام مصادر متجددة للطاقة لتشغيل مراكز البيانات. ويمكن للذكاء الاصطناعي المستديم اجتماعيا وبيئيا أيضا أن يساعد في التعامل مع التحديات البيئية بكفاءة أعلى وبشكل مبادر. فعلى سبيل المثال يمكن كشف ومواجهة الصيد وقطع الغابات غير القانوني بشكل أكثر فعالية باستخدام الذكاء الاصطناعي.

بينما يتطلع العالم إلى مستقبل أفضل، سيُنشر الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد للتعامل مع التحديات البيئية متخطيا مجرد دعم أرباح الشركات. ومن الجدير بالملاحظة أن الذكاء الاصطناعي المستديم بالغ الأهمية لمستقبل مستديم للجميع.

أمثلة على الأثر الإيجابي للذكاء الاصطناعي على المجتمع والبيئة

مراقبة إزالة الغابات

  • تستخدم منصة مراقبة الغابات العالمية خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لتحليل صور الأقمار الصناعية وتعقب التغير في تغطية الغابات. وتلعب المنصة دورا محوريا في التعرف على المناطق المعرضة لإزالة الغابات وتسمح للمحافظين عليها ولصناع السياسات باتخاذ الإجراءات المطلوبة في الوقت المناسب.
  • طورت “وصلة غابات البرازيل المطيرة” نظاما يستخدم الذكاء الاصطناعي مع متحسسات صوتية ليس فقط لكشف ضوضاء المناشير الكهربائية المستخدمة في قطع الأخشاب غير القانوني ولكن أيضا للإبلاغ عنه. ويمكن لهذه التكنولوجيا أن تكون محورية في الحد من إزالة الغابات في غابة الأمازون المطيرة بنسبة تصل إلى 71% في بعض المناطق.

إدارة المياه وكشف الصيد غير القانوني

  • يهدد الصيد غير القانوني المنظومة البيئية البحرية، ويستخدم الذكاء الاصطناعي لكشق ومنع مثل هذه الأنشطة. على سبيل المثال، يستخدم مشروع أوشنمايند بيانات تعقب السفن، وصور الأقمار الصناعية، وخوارزميات الذكاء الاصطناعي لكشف أنشطة الصيد وتحديد سفن الصيد غير المبلغ عنها، وغير القانونية، وغير المنظمة. وقد كان هذا المشروع معاونا أساسيا في الحد من الصيد غير القانوني في مياه جنوب شرق آسيا وغرب أفريقيا.
  • ينشر مشروع مراقبة الصيد العالمي خوارزميات تعلم آلة وذكاء اصطناعي لتحليل وحركة السفن وتعقب أنشطة الصيد بشكل لحظي. ويمكن للسلطات من خلال المنصة أن تكشف وتمنع أنشطة الصيد غير القانونية، ومن ثم تحمي المنظومة البيئية البحرية وتضمن استدامة مخزون الأسماك.

الزراعة المستديمة

يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للحد من الإهدار وتعظيم الممارسات الزراعية. فعلى سبيل المثال تستخدم الشركة الناشئة تارنيس الذكاء الاصطناعي والرؤية بالحاسوب لتحليل صور المحاصيل والتعرف على المشاكل المحتملة، بما في ذلك الأمراض والآفات ونقص التغذية.

البناء والمباني التجارية

يتم أيضا نشر الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة الطاقة وضبط نظم الطاقة المتجددة. أحد الأمثلة على ذلك هو شركة فيرديجريز الناشئة والتي تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل أنماط استهلاك الطاقة في المباني التجارية لتحديد المناطق التي يمكن فيها الحد من الإهدار. وقد خفضت الشركات فواتير الطاقة بنسبة 20% باستخدام هذه التكنولوجيا.

وفي قطاع البناء يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في خفض الأثر الكربوني لمواد البناء بتحديد بدائل أكثر استدامة وخفض الأثر البيئي لعمليات التشييد.

توصيات لضمان المسؤولية الاجتماعية والبيئية في نظم الذكاء الاصطناعي

يمكن لتصميم عدد من حلول الطاقة، والمبادرات المتقدمة، والمعدات الكفؤ في استهلاك الطاقة أن يطور بشكل ثوري صناعة الذكاء الاصطناعي في حين يحد من أضرارها البيئية.

  • استخدام الطاقة المتجددة في تشغيل مراكز البيانات. على سبيل المثال، التزمت كل من مايكروسوفت وجوجل باستخدام طاقة متجددة بنسبة 100% لتشغيل مركز البيانات المملوكة لهما، مما يحد من الأثر الكربوني لها.
  • نشر معدات ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة. ويشمل ذلك تصميم رقاقات متخصصة للذكاء الاصطناعي والتي تستهلك طاقة أقل وتضبط البرمجيات لخفض استهلاك الطاقة. ويمكن لهذه المقاربة أن تحد بشكل كبير من الطاقة الضرورية لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي مما يحد من الأثر الكربوني لها.
  • الحوسبة الحدية Edge computing لخفض استهلاك الذكاء الاصطناعي للطاقة. تحد الحوسبة الحدية من الحاجة إلى نقل البيانات من خوادم مركزية، مما يقلل من الوقت غير المستغل واستهلاك الطاقة.