الحجب أداة رقابة مستقرة في التشريعات المصرية

تألف البيئة التشريعية والأحكام القضائية في مصر بالعديد من القواعد والمبادئ المتعلقة بفرض صور للرقابة على المحتوى بأشكاله المختلفة، المرئي والمسموع والمقروء، وبطبيعة الحال تطورت هذه الأدوات مع  التطور التكنولوجي وتعاظم الدور الذي لعبته الإنترنت في السنوات الأخيرة في إثراء المحتوى وتوفير منصات بديلة، وقدرة للوصول إلى محتوى غير محدود. في ذات الوقت، تطورت أدوات الرقابة على المحتوى وامتدت إلى منع الوصول إلى بعضه فضلًا عن منع الوصول إلى بعض الخدمات، وعلى الرغم من أن عبارة “منع وصول المستخدمين” هي الأخرى عبارة لا تستطيع الصمود أمام التطورات التكنولوجية، إلا أنها أصبحت واقعًا قانونيًا مستقرًا في البيئة التشريعية المصرية.

الواقع التشريعي المتمثل في ترسيخ الحجب كأداة قانونية مستقرة، نشأ وتطور في السنوات العشر الأخيرة ويمكن أن نلاحظ بوضوح مراحل تطوره. كما أننا لن نجد اختلاف كبير في الدوافع التشريعية المرتبطة بإقرار قواعد الحجب عن غيرها من أدوات الرقابة التقليدية، بقدر ما نجد رغبة مُلِحة لدى المشرع لتضمين قواعد الحجب في صور مختلفة. قد تأخذ قواعد الحجب شكل التدابير الاحترازية أو تظهر في صورة عقوبة إدارية تُوقَّع على منصة النشر، وفي أحيان أخرى نجدها لا تُفهَّم إلا في سياق كونها عقوبة جماعية للمستخدمين عمومًا. هذه الرغبة المُلِحة في تضمين قواعد الحجب في تشريعات مختلفة، واكبها الحرص على أن يكون الحجب صلاحية لدى جهات متعددة تم توزيعها وتقاسمها لدى السلطات والجهات المختلفة، وإن اختلفت الأسباب والدوافع، حيث يملك صلاحية الحجب الجهات الشرطية المختصة، والنيابة العامة والجهات القضائية المختلفة، وكذلك بعض المجالس والهيئات مثل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.

في ظل هذا التطور الذي بدأ في ساحات القضاء وانتهي بنصوص قانونية تتضمن الحجب كقاعدة أساسية في العديد من التشريعات، صدر الدستور المصري في عام 2014. حظر الدستور بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها1. لذلك، تحاول هذه الورقة رصد التطور التشريعي لعملية الحجب، مع توضيح بعض الجوانب التي قد تكون مرتبطة بالآثار القانونية المباشرة المترتبة على  توقيع الحجب كتدبير احترازي أو كعقوبة.

القضاء المصري يُقِر سوابق قضائية تسمح بالحجب

نظرًا لأنه لم يكن هناك نصوص قانونية تُنظِم عملية الحجب وتصفية المحتوى بأشكاله المختلفة، بدأ الأمر باجتهادات قضائية من جانب قضاء مجلس الدولة. استخدمت محكمة القضاء الإداري بعض نصوص قانون الاتصالات كسندًا قانونيًا، وربما مُبررًا لعملية الحجب، ثم تطور الأمر لإقرار بعض القواعد التي تسمح للجهات القضائية بتوقيع عملية الحجب. يمكن القول أن بعض الاجتهادات القضائية، ساهمت في فتح الباب أمام إقرار قواعد قانونية لمنع المستخدمين من الوصول إلى المحتوى أو لحجب بعض الخدمات.

ساهمت الجهات القضائية بترسيخ مفهوم الحجب من خلال التوسع في التفسير الخاطئ لنصوص قانون تنظيم الاتصالات، ومحاولة إيجاد مبرر قانوني يمكن بواسطته منع الوصول إلى المحتوى، هذه المحاولات بدت واضحة خلال المدّة ما بين العام 2011 وحتى عام 2015، حيث لم يكن هناك تشريعات تتحدث صراحة عن إمكانية الحجب أو وجود صلاحية لدى السلطة الإدارية أو لدى جهات إنفاذ القانون على اتخاذ هذا الإجراء.

البداية كانت في عام 2012، حين أقام أحد المحامين المصريين دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري2، يطالب فيها بإلزام الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بحجب موقع يوتيوب داخل مصر، وحجب كافة الروابط التي تعرض ما يعرف بـ “الفيلم المسيء للرسول” وجميع الروابط التي تعرض مقاطع فيديو مناهضة للإسلام.

استمر نظر قضية منع الفيلم المسيء للرسول أمام المحاكم المصرية، بدرجاتها المختلفة، لمدة 6 سنوات، صدر خلالهما حكمين يؤيدا حجب الروابط التي تعرض الفيلم، وإن أختلف تفسير كل حكم، ففي عام 2013 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بحجب موقع يوتيوب لمدة شهر، وحجب جميع الروابط التي تعرض الفيلم، معتمدة في ذلك على تفسيرها الواسع لنص المواد (64) و(67) من قانون تنظيم الاتصالات، حيث استطاعت المحكمة بواسطة هذه النصوص أن تجد مسوغ قانوني يمكن عن طريقه إلزام الجهات الإدارية بحجب المحتوى، وذلك من خلال التوسع في تفسير مفهوم الأمن القومي وضرورة حمايته.

النصوص القانونية التي تم الاعتماد عليها من قانون تنظيم الاتصالات، تُلزِم مقدمي الخدمة بتوفير الإمكانيات الفنية من مُعِدَّات ونظم وبرامج واتصالات داخل شبكة الاتصالات لتتيح للقوات المسلحة وأجهزة الأمن القومي ممارسة اختصاصها، كما تعطي هذه الجهات سلطة أن تُخضِع لإدارتها جميع خدمات وشبكات الاتصالات في حالة حدوث كارثة طبيعية أو بيئية أو في الحالات التي تُعلّن فيها التعبئة العامة وأية حالات أخرى تتعلق بالأمن القومي.

“يلتزم مشغلو ومقدمو خدمات الاتصالات والتابعون لهم وكذلك مستخدمو هذه الخدمات بعدم استخدام أية أجهزه لتشفير خدمات الاتصالات إلا بعد الحصول على موافقة من كل من الجهاز والقوات المسلحة وأجهزة الأمن القومي، ولا يسري ذلك على أجهزة التشفير الخاصة بالبث الإذاعي والتليفزيوني.

ومع مراعاة حرمة الحياة الخاصة للمواطنين التي يحميها القانون يلتزم كل مشغل أو مقدم خدمة أن يوفر على نفقته داخل شبكة الاتصالات المرخص له بها كافة الإمكانيات الفنية من معدات ونظم وبرامج واتصالات داخل شبكة الاتصالات والتي تتيح للقوات المسلحة وأجهزة الأمن القومي ممارسة اختصاصها في حدود القانون، على أن يتزامن تقديم الخدمة مع توفير الإمكانيات الفنية المطلوبة، كما يلتزم مقدمو ومشغلو خدمات الاتصالات ووكلائهم المنوط بهم تسويق تلك الخدمات بالحصول على معلومات وبيانات دقيقة عن مستخدميها من المواطنين ومن الجهات المختلفة بالدولة ” 

 المادة 64 من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003

لم تُحدِد نصوص القانون طبيعة هذه الإمكانيات الفنية أو ضوابط استخدامها، كما لم يشمل القانون تعريفًا واضحًا لمفهوم الأمن القومي، لذلك توسعت المحاكم التي نظرت دعوى حجب موقع يوتيوب في تفسير هذا المفهوم، الذي امتد ليشمل ما يعرف “بالأمن القومي الاجتماعي”، وضرورة حمايته ومنع ما قد يُشكِّل تهديدًا له، وانتهت المحكمة إلى سابقة قضائية تُلزِم الجهات الإدارية باتخاذ إجراءات الحجب بموجب قانون تنظيم الاتصالات3. كما دعت المحكمة الإدارية العليا في أثناء نظر الطعن على حكم يوتيوب إلى ضرورة سنّ تشريع يمنع ويُجرِّم كل بث، أيًّا كانت وسيلته، من شأنه أن ينال من المعتقدات والثوابت الدينية للشعب المصري للحفاظ على السلام الاجتماعي ووحدة النسيج الوطني. هذه الدعوى تلاها موجة من التشريعات التي تنظم عملية الحجب لأسباب مختلفة، ومن بينها قواعد الحجب التي تم النص عليها صراحة بقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وقانون تنظيم الصحافة والإعلام.

الحجب كأداة قانونية استثنائية في قانون مكافحة الإرهاب 

لم يكن صدور قانون مكافحة الإرهاب أمرًا يسيرًا، حيث استمر النقاش حول إصدار القانون سنوات طويلة، كانت هناك دومًا صعوبات تتعلق بتعريف الجريمة الإرهابية وطبيعتها، وتمييزها عن غيرها من الجرائم التقليدية، وقد جاء  قانون مكافحة الإرهاب4 ليتضمن العديد من القواعد ذات الطابع الاستثنائي، ومن بينها قواعد حجب روابط المواقع والصفحات الإلكترونية.

بهذا يكون إقرار الحجب، لأول مرة في التشريعات المصرية، قد أتى من خلال قانون استثنائي بطبيعة الحال، وهو ما انعكس بالضرورة على الصياغات المنظمة للحجب، حيث اعطي القانون صلاحية للنيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة5، لوقف المواقع، أو حجبها، أو حجب ما يتضمنه أي وجه من أوجه الاستخدام كل موقع على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها، إذا كان الموقع أُنشأ بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية، أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية، أو التأثير على سير العدالة في شأن أية جريمة إرهابية، أو لتبادل الرسائل وإصدار التكليفات بين الجماعات الإرهابية أو المنتمين إليها، أو المعلومات المتعلقة بأعمال أو تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية في الداخل والخارج.6

لا يتضح من صياغة نص المادة 49 الإجراءات الواجب اتباعها لاتخاذ قرار الحجب، حيث تتضمن المادة عدد من التدابير الاحترازية المؤقتة التي يمكن أن تتخذها النيابة العامة بشكل مؤقت، مثل الأمر بغلق المساكن وضبط الأمتعة والأثاث، حيث يكون قرار النيابة في هذه الحالة مؤقتًا لحين الفصل في الدعوى بشكل نهائي، بينما غاب عن الفقرة الأخيرة من نص المادة 49 أي ذكر لطبيعة قرار وقف أو حجب الموقع، وما إذا كان قرارًا دائمًا أو مؤقتًا ومدى ارتباط القرار بالفصل في الدعوى، وما هي إجراءات الطعن على القرار.

تضمين الحجب كقاعدة أساسية في التشريعات الجديدة

لم تكن القواعد الاستثنائية، التي تم النص عليها بقانون مكافحة الإرهاب، كافية لتطبيق عملية الحجب على نطاق واسع، فخلال الأعوام الأربعة الأخيرة تزايدت الممارسات المتعلقة بحجب المحتوى، ولم تُعلِن أي جهة رسمية مسئوليتها عن هذه الممارسات،  وهو ما يعني أنها تمت خارج الأطر القانونية، حيث لم يكن هناك قرار مُعلّن يمكن من خلاله قراءة مدى قانونية هذه الممارسات أو الرقابة على مدى مشروعيتها. هذا النمط الشائع من الممارسات يهدف في الغالب إلى ترسيخ إجراءات غير قانونية بهدف الاعتياد عليها، ومن ثم تقنين هذه الممارسات عن طريق إقرار قواعد قانونية غير دستورية.

مع مرور الوقت أصبح الحجب أمر طبيعي يواجهه المستخدمون بشكل يومي، ومن هنا صدرت عدد من التشريعات الأساسية واللوائح التنفيذية، ليكون تنظيم عملية الحجب وتصفية المحتوى جزءًا أساسيًا من هذه القوانين واللوائح، حيث استطاعت السلطات تقنين الممارسات التي بدأت في عام 72017، عبر دمج القواعد الاستثنائية المنصوص عليها بقانون مكافحة الإرهاب، إلى قواعد دائمة في العديد من التشريعات نتج عنها تضمين الحجب في تشريعات تنظيمية وأخرى جزائية تحت توصيفات قانونية مختلفة.

أ- الحجب تدبير إجرائي لحماية الأمن القومي في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات

صدر  قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 في أغسطس من العام 2018، وسبق مناقشة هذا القانون عِدة محاولات، تمت على مدار السنوات الثلاثة السابقة على إصداره، للدفع بقانون لمكافحة الجريمة الإلكترونية، من بينها مشروع قانون أعدته وزارة العدل في مارس 2015، ومشروع آخر أعدته وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في ذات العام.

يتضمن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات عدد من القواعد لتنظيم الحجب، من بينها الحالات التي يمكن تطبيق الحجب خلالها كتدبير أولي. يعطي القانون صلاحية لجهات التحقيق لإصدار قرار بحجب مواقع الوِب متى رأت أن المحتوى المنشور على هذه المواقع يُشكّل جريمة أو تهديدًا للأمن القومي أو  يُعرِّض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر، كما يعطي القانون صلاحية للجهات الشرطية في حال الاستعجال والضرورة بطلب حجب مواقع الوِب قبل استصدار حكم قضائي، على أن يُعرَض قرار الجهات الشرطية على النيابة العامة التي تقوم بدورها بعرضه على المحكمة المختصة.

تكون صلاحية اتخاذ إجراءات الحجب متوفرة متى قامت أدلة على قيام موقع يبث داخل الدولة أو خارجها، بوضع أي عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أي مواد دعائية أو ما في حكمها، بما يعد جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، ويُشكِّل تهديدًا للأمن القومي أو يُعرِّض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر.8

ب – الحجب كعقوبة إدارية في قانون تنظيم الصحافة والإعلام ولوائحه التنفيذية

قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018، صدر بعد نقاشات استمرت لأكثر من 3 سنوات، ويتضمن القانون عدد من القواعد التي تنظم عمل وسائل الإعلام بصورها المختلفة. يعطي القانون صلاحيات واسعة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تسمح له بفرض أشكال مختلفة للرقابة على وسائل الإعلام بصورها المختلفة، ولم يقتصر الأمر على وسائل الإعلام فقط، بل تضمن قانون تنظيم الإعلام صلاحيات غير محددة تتعلق بالرقابة على المواقع والصفحات الشخصية، لذلك يجب توضيح الفرق بين صور الرقابة المختلفة وآليات تطبيقها.

الرقابة على المواقع والصفحات الشخصية: 

يهدف قانون تنظيم الصحافة والإعلام بشكل أساسي إلى وضع قواعد لتنظيم عمل وسائل الإعلام، إلا أنه تضمن نصًا استثنائيًا يسمح للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بتوقيع عقوبة الحجب على المواقع والصفحات الشخصية، حيث تشير المادة 19 من القانون  أن للمجلس الأعلى للإعلام صلاحية اتخاذ الإجراء المناسب في حال “قيام الموقع أو الحساب بنشر أو بث أخبار كاذبة أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوي على تمييز بين المواطنين، أو يدعو للعنصرية، أو التعصب أو يتضمن طعنا في أعراض الأفراد أو سبا أو قذفا لهم أو امتهان للأديان السماوية أو للعقائد الدينية”. في حالة ارتكاب أي من المخالفات المذكورة سابقًا، يحق للمجلس أن يتخذ قرار بوقف أو حجب الموقع أو المدونة أو الحساب.

الرقابة على وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية:

تضمن قانون تنظيم الصحافة والإعلام ولائحته التنفيذية ولائحة الجزاءات الصادرة عنه، عدد من الحالات التي يحق للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أن يتخذ بشأنها قرارًا بتوقيع عقوبة، من بينها عقوبة وقف الموقع أو حجبه. يمكن الإشارة إلى هذه الحالات في نقاط محددة.

الحجب كعقوبة تكميلية توقعها المحكمة في حالة مخالفة النشاط المرخص به: تُعاقَب الوسيلة الصحفية، أو المؤسسة الإعلامية، أوالموقع الإلكتروني بغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه إذا ثبت في حقها مخالفة طبيعة النشاط المرخص لها به، وتقضى المحكمة فضلًا عن ذلك بإلغاء الترخيص أوحجب الموقع.

عقوبة الحجب في حالة تأسيس مواقع إلكترونية داخل جمهورية مصر العربية أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من خارج الجمهورية بدون ترخيص: في حالة تأسيس مواقع إلكترونية في جمهورية مصر العربية أو إدارتها أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من خارج الجمهورية بدون الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى وفق الضوابط والشروط التي يضعها في هذا الشأن، يحق للمجلس الأعلى للإعلام اتخاذ الإجراءات اللازمة، بما فيها إلغاء الترخيص أو وقف نشاط الموقع أو حجبه في حالة عدم الحصول على ترخيص سارى.

عقوبة الحجب في حالة الإخلال بالضوابط المُلزِمة لفريق عمل الوسيلة الإعلامية: يضع قانون تنظيم الصحافة والإعلام ضوابط يجب توافرها لاستمرار نشاط الوسيلة الإعلامية من بينها:

  • تعيين  الصحيفة أو الموقع الإلكتروني رئيس تحرير مسئولًا يشرف إشرافًا فعليًا على ما ينشر بها.
  • عدد من المحررين المسئولين، يشرف كل منهم إشرافًا فعليًا على قسم معين من أقسامها.
  • يُشترَط في رئيس التحرير والمحررين المسئولين في الصحيفة أن يكونوا من المقيدين بجدول المشتغلين بنقابة الصحفيين.
  • ألا يكون قد صدر ضد أي من رئيس التحرير أو رؤساء الأقسام حكم في جناية، أو في جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، وألا يكون ممنوعًا من مباشرة حقوقه السياسية.

وللمجلس الأعلى في حالة مخالفة هذه الشروط  اتخاذ الإجراءات اللازمة بما فيها إلغاء الترخيص أو وقف نشاط الموقع أو حجبه.

عقوبة الحجب في حالة تشغيل أية وسيلة إعلامية، أوموقع إلكتروني، أو الإعلان عن ذلك، قبل الحصول على ترخيص: في حالة  تشغيل أية وسيلة إعلامية، أوموقع إلكتروني، أو الإعلان عن ذلك، قبل الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى للإعلام، للمجلس اتخاذ الإجراءات اللازمة بما فيها إلغاء الترخيص أو وقف نشاط الموقع أو حجبه.

حجب المادة الصحفية في حالة مخالفة قواعد العمل الصحفي المنصوص عليها بلائحة الجزاءات الصادرة من المجلس الأعلى للإعلام: تُوقَّع عدد من العقوبات ما بين توقيع جزاء لفت النظر، الإلزام بتقديم اعتذار بذات طريقة الإبراز التي وقعت بها المخالفة، أداء مبلغ مالي يصل مقداره إلى مائتين وخمسين ألف جنيه مصري أو ما يعادل هذه القيمة بالعملة الأجنبية، منع بث أو نشر أو حجب المادة المخالفة لفترة محددة أو بصفة عامة، ومنع نشر أو بث أو حجب الصفحة أو الباب أو البرنامج لفترة محددة أو بصفة دائمة، في حالة:

  • نشر أو بث أية مادة أو إعلان يتعارض محتواه مع أحكام الدستور المصري أو يدعو إلى مخالفة القانون أو يخالف الالتزامات الواردة في ميثاق الشرف المهني أو يخالف النظام العام أو الآداب العامة أو يدعو إلى الفسق والفجور أو يكون من شأنه التعرض للأديان أو المذاهب الدينية بما من شأنه تكدير السلم العام للمجتمع.
  • استخدام أو السماح باستخدام ألفاظ أو عبارات تحمل سبًا أو قذفًا أو تشهيرًا أو طعنًا في الأعراض أو تحقيرًا من الأفراد أو تشكيكًا في الذمم المالية أو انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمواطنين أو بالتدليس على الجمهور أو اختلاق وقائع غير صحيحة أو إلغاء اتهامات مرسلة دون دليل أو كانت تنطوي على تهديد أو تؤذي مشاعر الجمهور.
  • نشر أو بث أخبار كاذبة أو شائعات أو ما يدعو إلى مخالفة القانون أو التحريض على ذلك، أو الحض على العنف أو الكراهية أو التمييز أو الطائفية أو العنصرية أو ما من شأنه تهديد وحدة النسيج الوطني أو الإساءة إلى مؤسسات الدولة أو الإضرار بمصالحها العامة أو إثارة الجماهير أو إهانة الرأي الأخر، أو نقل المعلومات من مواقع التواصل الاجتماعي دون التحقق من صحتها.
  • قيام الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية أو الموقع الإلكتروني بإجراء أو السماح بإجراء مناقشات أو حوارات تعمم حالات فردية باعتبارها ظاهرة عامة بما ترتب عليه إلحاق ضرر بحق المواطن في التمتع بصحافة وإعلام حر ونزيه وعلى قدر رفيع من المهنية متوافقًا مع الهوية الثقافية المصرية.
  • الالتزام بقواعد التغطية الصحفية أو الإعلامية للعمليات الحربية أو الأمنية أو الحوادث الإرهابية.
  • بث أو نشر مادة صحفية أو إعلامية أو إعلانية تحتوي على وجوه أطفال أثناء التحقيق معهم أو أثناء محاكمتهم جنائيًا.

قواعد وإجراءات الطعن على قرارات الحجب 

تختلف إجراءات وقواعد الطعن على قرار الحجب بناءًا على الجهة مُصدِرة القرار، والسند القانوني الذي صدر استنادًا إليه، لذا يجب التفرقة بين إجراءات الطعن على القرار الصادر من النيابة العامة أو إحدى جهات التحقيق استنادًا إلى قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وبين القرارات الصادرة من المجلس الأعلى للإعلام بناءًا على  قانون تنظيم الصحافة والإعلام، مع ملاحظة عدم وجود آلية قانونية واضحة للطعن على القرارات الصادرة بحجب المواقع استنادًا إلى قانون مكافحة الإرهاب.

إجراءات الطعن على قرارات الحجب الصادرة من النيابة العامة أو جهات التحقيق

يتضمن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الضوابط المتعلقة بالطبيعة القانونية لقرار الحجب وطرق الطعن عليه، حيث تتشابه قواعد الطعن على قرار الحجب مع غيره من القرارات القضائية المؤقتة التي تصدر من النيابة العامة بشكل عام، مثل قرارات المنع من السفر والمنع من التصرف في الأموال وغيرها من القرارات أو التدابير المؤقتة. يجوز لأصحاب الصفة، بعد انقضاء سبعة أيام من تاريخ صدور أمر الحجب أو من تاريخ تنفيذه، اتخاذ إجراءات الطعن أمام المحكمة المختصة، فإذا رُفِض التظلم، يجوز أن يتم التقدم بتظلم جديد كلما انقضت ثلاثة أشهر من تاريخ الحكم برفض التظلم، وتفصل المحكمة في قرار التظلم خلال 7 أيام من تاريخ التقدم بالتظلم للمحكمة.

نظرًا لكون قرار الحجب في طبيعته تدبير احترازي مؤقت، فإن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات يعطى للمحكمة التي تنظر موضوع الدعوى (المختصة بإجراء المحاكمة) من تلقاء نفسها أو بناءًا على طلب جهة التحقيق أو الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أو من لهم صفة، أن تأمر بإنهاء القرار الصادر بالحجب أو تعديل نطاقه، وينقضي قرار الحجب بشكل تلقائي في حالة صدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، أو بصدور حكم نهائي بالبراءة في القضية المنظورة ذات الصلة بقرار الحجب.

إجراءات الطعن على قرارات الحجب الصادرة من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام

الصلاحيات التي يمنحها قانون تنظيم الصحافة والإعلام للمجلس الأعلى للإعلام والتي تتعلق باتخاذ قرار حجب المواقع والصفحات، تتشابه في طبيعتها مع القرارات الإدارية التي تصدر من الجهات الإدارية المختلفة، والتي يتم الطعن عليها أمام محاكم القضاء الإداري وفقًا للقواعد والمواعيد القانونية المتعلقة بالطعن على القرارات الإدارية، كما يُفهم ضمنًا جواز التظلم من قرارات حجب الصفحات والمواقع أمام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، حيث يجوز للمجلس سحب القرار الصادر بالحجب أو تعديل نطاق تطبيقه من حيث مدة الحجب، فيجوز تخفيض مدة الحجب إذا كان قرار الحجب مؤقتًا بمدة محددة، كما يمكن تعديل نطاق الحجب مثل قصر الحجب على مادة صحفية أو محتوى أو صفحة بعينها، دون غيرها من صفحات الموقع أو الحساب.

الهوامش

1 المادة 71 من الدستور المصري الصادر في 2014 “يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زمن الحرب أو التعبئة العامة. ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون”.
2 خبر منشور على البوابة الإلكترونية لجريدة الشروق بعنوان “10 نوفمبر أولى جلسات دعوى حجب «اليوتيوب» لعرضه الفيلم المسيء للرسول” بتاريخ 14 أكتوبر 2012.
3 يراجع في هذا المعنى دراسة صادرة عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير “بحكم قضائي … قراءة في حكم حجب “يوتيوب” منشورة بتاريخ نوفمبر 2018.
4 قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 94 لسنة 2015 بإصدار قانون مكافحة الإرهاب – الجريدة الرسمية العدد 33 (مكرر) في 15 أغسطس 2015.
5 المادة 49 من القانون 94 لسنة 2015 بشان مُكافحة الإرهاب “للنيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة، بحسب الأحوال، في الجرائم المنصوص عليها بالمواد (12، 15، 19، 22) من هذا القانون، أن تصدر أمراً مؤقتاً بغلق المقار، والأماكن، والمساكن، ومحال الإيواء على أن يصدر القرار من رئيس نيابة على الأقل، وتعتبر الأمتعة والأثاث المضبوط فيها في حكم الأشياء المحجوز عليها إدارياً بمجرد ضبطها حتى يفصل في الدعوى نهائياً، وتسلم بعد جردها وإثباتها في محضر إلى حارس يكلف بحراسة الأختام الموضوعة على المقر أو المكان أو المحل أو المسكن المغلق، فإن لم توجد مضبوطات كلف بالحراسة على الأختام وبالطريقة ذاتها، ويترتب على صدور الحكم بالبراءة سقوط أمر الغلق. وللنيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة وقف المواقع المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة (29) من هذا القانون، أو حجبها، أو حجب ما يتضمنه أي وجه من أوجه الاستخدام المنصوص عليها في هذه المادة، والتحفظ على الأجهزة والمعدات المستخدمة في الجريمة”
6 المادة 29 من القانون 94 لسنة 2015 بشان مُكافحة الإرهاب “يُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنين، كل من أنشأ أو استخدم موقعاً على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات الدولية أو غيرها، بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية، أو لبث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية، أو التأثير على سير العدالة في شأن أية جريمة إرهابية، أو لتبادل الرسائل وإصدار التكليفات بين الجماعات الإرهابية أو المنتمين إليها، أو المعلومات المتعلقة بأعمال أو تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية في الداخل والخارج. ويُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنين، كل من دخل بغير حق أو بطريقة غير مشروعة موقعاً إلكترونياً تابعاً لأية جهة حكومية، بقصد الحصول على البيانات أو المعلومات الموجودة عليها أو الاطلاع عليها أو تغييرها أو محوها أو إتلافها أو تزوير محتواها الموجود بها، وذلك كله بغرض ارتكاب جريمة من الجرائم المشار إليها بالفقرة الأولى من هذه المادة أو الإعداد لها”
7 مواقع الوِب المحجوبة في مصر، مسار مجتمع التقنية والقانون https://bit.ly/34HO8xP
8 المادة 7 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات “لجهة التحقيق المختصة متى قامت أدلة على قيام موقع يبث داخل الدولة أو خارجها، بوضع أي عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أي مواد دعائية أو ما في حكمها، بما يعد جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، ويشكل تهديدا للأمن القومي أو يعرض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر، أن تأمر بحجب الموقع أو المواقع محل البث، كلما أمكن تحقيق ذلك فنيا، وعلى جهة التحقيق عرض أمر الحجب على المحكمة المختصة، منعقدة في غرفة المشورة خلال أربع وعشرين ساعة مشفوعا بمذكرة برأيها. وتصدر المحكمة قرارها في الأمر مسببا إما بالقبول أو بالرفض، في مدة لا تجاوز اثنتين وسبعين ساعة من وقت عرضه عليها. ويجوز في حالة الاستعجال لوجود خطر حال، أو ضرر وشيك الوقوع، أن تقوم جهات التحري والضبط المختصة بإبلاغ الجهاز، ليقوم بإخطار مقدم الخدمة على الفور بالحجب المؤقت للموقع أو المحتوى أو المواقع أو الروابط المذكورة في الفقرة الأولى من هذه المادة وفقا لأحكامها. ويلتزم مقدم الخدمة بتنفيذ مضمون الإخطار فور وروده إليه. وعلى جهة التحري والضبط التي قامت بالإبلاغ أن تحرر محضرا تثبت فيه ما تم من إجراءات وفق أحكام الفقرة السابقة يعرض على جهات التحقيق خلال ثمان وأربعين ساعة من تاريخ الإبلاغ الذي وجهته للجهاز، وتتبع في هذا المحضر ذات الإجراءات المبينة بالفقرة الثانية من هذه المادة، وتصدر المحكمة المختصة قرارها في هذه الحالة إما بتأييد ما تم من إجراءات حجب، أو بوقفها. فإذا لم يعرض المحضر المشار إليه في الفقرة السابقة في الموعد المحدد، يعد الحجب الذي تم كأن لم يكن. ولمحكمة الموضوع أثناء نظر الدعوى، أو بناء على طلب جهة التحقيق أو الجهاز أو ذوي الشأن أن تأمر بإنهاء القرار الصادر بالحجب، أو تعديل نطاقه. وفي جميع الأحوال، يسقط القرار الصادر بالحجب بصدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، أو بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة.”