التحول الرقمي والعدالة الاجتماعية: تأثير التكنولوجيا الرقمية على توزيع الدخل

مقدمة

تعيد التكنولوجيا الرقمية تشكيل عالمنا بشتى جوانبه. وتبدو في مخيلة الكثيرين بمثابة مفتاح لحلول مبتكرة وفعالة لمشاكلنا المزمنة. واحدة من أهم هذه المشاكل هي مشكلة الفقر. يعكس إدراج القضاء على الفقر في مقدمة الأهداف السبعة عشر في أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 مدى إدراك المجتمع الدولي لأهمية هذه القضية الملحة.

تسعى هذه الورقة لمناقشة أثر التكنولوجيا الرقمية على الفقر وسوء توزيع الدخل والثروة. توضح الورقة أن هذا الأثر أوسع وأكثر تعقيدًا مما يبدو، وأنه ليس بالضروروة إيجابيًا في جميع الظروف والأوقات. كما تؤكد الورقة أن السياسات المتعلقة بتطوير واستخدام التكنولوجيا الرقمية تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مدى إيجابية هذا التأثير.

تهدف الورقة إلى تقديم صورة متوازنة لكل من الجوانب الإيجابية والسلبية لتأثير التكنولوجيا الرقمية على الفقر وتوزيع الدخل. كما تتناول أهمية سياق تطوير واستخدام هذه التكنولوجيا، بما في ذلك السياسات الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، وليس فقط سياسات استخدام التكنولوجيا نفسها.

تؤكد الورقة أن التكنولوجيا الرقمية تعمل في إطار المجتمع وعلاقاته القائمة، ولا تعيد إنشاءه من الصفر. وبالتالي، فإن استخدام التكنولوجيا الرقمية في سياق علاقات اقتصادية واجتماعية مجحفة يميل إلى زيادة الآثار السلبية لهذه العلاقات، ولا يمكنه وحده عكس هذا التأثير أو الحد منه.

في المقابل، يمكن أن يؤدي استخدام هذه التكنولوجيا في إطار مسعى عام للقضاء على الفقر وتحقيق العدالة في توزيع الدخل إلى إطلاق إمكاناتها والمساهمة بشكل كبير في تحقيق هذا المسعى، بالتكامل مع السياسات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى.

الفقر والحقوق الاقتصادية والاجتماعية

حسب تعريف للأمم المتحدة “يتضمن الفقر ما هو أكثر من مجرد نقص الدخل أو الموارد الإنتاجية الذين يضمنان معيشة مستديمة. وتشمل مظاهره كل من الجوع، وسوء التغذية، ومحدودية الوصول إلى التعليم والخدمات الأساسية الأخرى، والتمييز الاجتماعي والإقصاء، وكذلك نقص المشاركة في صنع القرار.” يعكس هذا التعريف ارتباط الفقر بإمكانية الوصول إلى الموارد المادية والمعنوية والاجتماعية الضرورية للحياة الكريمة.

مع ذلك، يمكن ملاحظة أن تعريف الأمم المتحدة للفقر يشمل في الواقع عددًا من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تم تضمينها تحت مظلة مصطلح واحد ,وهو الفقر. المادة 11 فقرة 1 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تلزم الدول بحماية “الحق في معايير معيشة كافية للفرد ولأسرته، بما في ذلك الغذاء والملبس، والمأوى المناسبين، والحق في التحسن المستمر لظروف المعيشة.” وتنص الفقرة الثانية من نفس المادة على الحق في عدم معاناة الجوع. كما تشير هذه الفقرة إلى الإجراءات الواجب اتخاذها للوفاء بهذا الحق ومنها “تحسين طرق الإنتاج، والحفظ، والتوزيع للغذاء بالاستخدام الأمثل للمعرفة التكنولوجية والعلمية.”

بالنظر إلى اعتماد مؤشر الفقر على متوسط دخل الفرد اليومي، يظهر ارتباط وثيق بين الفقر وجهود مكافحته وبين الحق في العمل الذي تلزم المادة 6 من العهد الدولي الدول الأعضاء بحمايته. يتضمن العهد أيضًا تفاصيل تتعلق بحقوق العمال والحق في الضمان الاجتماعي في المواد 7، و9 و10. بالتالي، فإن اعتبار القضاء على الفقر هدفًا رئيسيًا في أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لا يضيف إلى الالتزامات الدولية القائمة بموجب العهد الدولي سوى تحديد إطار زمني للوفاء بالحد الأدنى من هذه الالتزامات.

تركز هذه الورقة على تأثير التكنولوجيا الرقمية على الفقر وسوء توزيع الدخل والثروة. لكن ينبغي التأكيد على أن مفهوم الفقر يتعلق بمدى نجاح أو إخفاق الدول في الوفاء بالتزاماتها تجاه حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لمواطنيها وفقًا للعهد الدولي وغيره من الاتفاقيات الدولية والإقليمية والمحلية. وبالتالي، فإن ما تناقشه هذه الورقة يتعلق في جانب أساسي منه بتأثير التكنولوجيا الرقمية على عدد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الرئيسية.

التكنولوجيا الرقمية والفقر وسوء توزيع الدخل والثروة

تتأثر معدلات الفقر وسوء توزيع الدخل بعوامل متشعبة ومترابطة. فبينما يعتبر رفع متوسط الدخل السنوي أحد العوامل الرئيسية في الحد من الفقر، إلا أن خفض تكلفة الحصول على الاحتياجات الأساسية، مثل الغذاء والمأوى والتعليم والرعاية الصحية، يلعب دورًا حاسمًا أيضًا.

بعض السياسات التي يمكن للدول انتهاجها، مثل فرض ضرائب تصاعدية واستخدام حصيلتها في توفير خدمات مجانية أو مدعومة لأصحاب الدخول المتدنية، لها أثر حاسم في معالجة سوء توزيع الدخل وفي الحد من الفقر. خفض تكلفة توفير الخدمات الأساسية وبصفة رئيسية خدمات التعليم والرعاية الصحية يعين الدول منخفضة ومتوسطة الدخل على توفير هذه الخدمات لأكبر عدد ممكن من الأفراد محدودي الدخل. يعني ذلك عمليًا تجاوز أعداد كبيرة لخط الفقر حتى إذا كان متوسط دخولهم رقميًا أدنى من هذا الخط.

عند دراسة تأثير التكنولوجيا الرقمية على الفقر وسوء توزيع الدخل، يجب النظر في كيفية تأثيرها على جميع العوامل المؤثرة في هذه القضايا.، وليس فقط تأثيرها على النمو الاقتصادي ورفع متوسط الدخل. يتضمن ذلك تأثيرها على تكلفة توفير الاحتياجات الأساسية وكفاءة توفير الخدمات الرئيسية مثل التعليم والرعاية الصحية.

تتميز التكنولوجيا الرقمية بقدرتها على التدخل العميق في الحياة اليومية للأفراد، وبالتالي فإن تأثيرها يتجاوز المؤشرات الكلية الاقتصادية والاجتماعية. فهي تؤثر بشكل مباشر في ممارسة الأفراد لأنشطتهم اليومية، وإمكانية وصولهم إلى الموارد والخدمات والمعلومات والمعرفة، وقدرتهم على الاستفادة من الفرص المتاحة لتحسين ظروف معيشتهم.

التكنولوجيا الرقمية والقضاء على الفقر

تؤكد عديد من الدراسات أن التكنولوجيا الرقمية لها بالفعل أثر واضح على خفض معدلات الفقر. تُحدث التكنولوجيا الرقمية هذا الأثر من خلال العديد من المسارات، أكثرها أهمية في الواقع هي المسارات غير المباشرة. يشمل ذلك أثر التكنولوجيا الرقمية على الاقتصاد الكلي ومعدلات النمو وخلق فرص العمل التي تنعكس على رفع متوسط دخل الفرد.

على جانب آخر، ثمة عديد من المسارات التي يمكن للتكنولوجيا الرقمية أن تؤثر من خلالها بشكل مباشر في تقليص الفقر. يمكن من خلال التكنولوجيا الرقمية خفض تكلفة السلع الأساسية، وخفض تكلفة توفير الخدمات ورفع كفاءتها. ولكن حتى يمكن تعظيم الإسهام الإيجابي للتكنولوجيا الرقمية في جهود القضاء على الفقر يوجد عدد من الشروط الواجب توافرها.

الأثر غير المباشر لتطور التكنولوجيا الرقمية على تخفيف حدة الفقر

رصدت عديد من الدراسات الأثر الإيجابي للتكنولوجيا الرقمية على معدلات النمو الاقتصادي ورفع كفاءة العمليات الإنتاجية وغيرها من عناصر التنمية الاقتصادية. غطت هذه الدراسات اقتصاديات الدول الصناعية المتقدمة مثل دول الاتحاد الأوروبي، وكذلك عدد من الدول النامية مثل نيجيريا.

دفع النمو الاقتصادي

تلعب التكنولوجيا الرقمية دورًا محوريًا في دفع عجلة النمو الاقتصادي عبر مسارات متعددة. أولاً، أدى تطورها إلى نشوء صناعات جديدة ومتنوعة، تتراوح بين إنتاج الأجهزة والمعدات الرقمية، وتوفير الخدمات الأساسية مثل الوصول إلى الإنترنت والحوسبة السحابية. شهدت هذه الصناعات نموًا سريعًا وكبيرًا خلال العقود الماضية، مدفوعة بالطلب المتزايد على تطبيقات التكنولوجيا الرقمية في مختلف المجالات. يؤدي ذلك بالضرورة إلى نمو متسارع لكافة الصناعات المغذية لصناعات التكنولوجيا الرقمية والتي تمدها بالمواد الخام والمكونات وكذلك بالطاقة والمرافق الأخرى التي تتطلبها.

ثانيًا، يساهم التحول الرقمي، الذي يتضمن دمج التكنولوجيا الرقمية في عمليات كافة الصناعات، في رفع معدلات نموها وإنتاجيتها، وخفض تكاليف الإنتاج في بعض الحالات. يعزز هذا التحول الكفاءة والابتكار في مختلف القطاعات الاقتصادية، مما يساهم في زيادة النمو الاقتصادي الكلي.

ينعكس النمو الاقتصادي إيجابيًا على معدلات الفقر، حيث يؤدي إلى زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ورفع متوسط الدخل. كذلك ينعكس النمو الاقتصادي في ارتفاع الإيرادات العامة نتيجة لزيادة حصيلة الضرائب وهو ما يؤدي إلى ازدياد قدرة الدولة على الإنفاق على الخدمات الأساسية. يزيد ذلك من قدرة الدولة على توفير هذه الخدمات لمواطنيها خاصة للفئات محدودة الدخل وسكان المناطق الريفية والنائية الذين عادة ما يكونون أقل حظًا في إمكانية الوصول إلى الحدمات.

توفير فرص العمل

يؤدي النمو الاقتصادي بالضرورة إلى توفير مزيد من فرص العمل. لذلك، إسهام التكنولوجيا الرقمية في نمو الاقتصاد ينعكس كذلك على سوق العمل وحجم فرص العمل المتاحة فيه. ولكن على جانب آخر، تنشئ التكنولوجيا الرقمية مسارات جديدة وغير تقليدية لتوفير فرص للعمل وتوليد الدخل.

تتيح صناعات البرمجيات لكيانات صغيرة ومتناهية الصغر أن تعمل وتنافس في سوق يعتمد إلى حد كبير على التميز في الإبداع والمهارات. كذلك تتيح فرص التسويق الإلكتروني للأفراد والمجموعات الصغيرة أن يعملوا في مجالات إنتاجية وحرفية منخفضة المتطلبات والتكلفة وتسويقها إلى المستهلكين مباشرة.

بالإضافةإلى ذلك، تتيح إمكانيات التواصل العابرة للحدود واقتصاد المنصات فرصًا للعمل المستقل لأصحاب المهارات والتخصصات المختلفة. كذلك نما في السنوات الأخيرة سوق خاص بإنتاج المحتوى خاصة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، وهو سوق بالغ المرونة وينخرط فيه صناع محتوى من مختلف الطبقات ودون شروط خاصة بالمؤهلات والمهارات التقنية.

إمكانيات الاستخدام المباشر للتكنولوجيا الرقمية في مكافحة الفقر

بالإضافة إلى تأثيرها غير المباشر على مكافحة الفقر من خلال تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية، يمكن استخدام التكنولوجيا الرقمية بشكل مباشر في جهود مكافحة الفقر. تتعلق هذه الإمكانيات بتوجيه استخدام التكنولوجيا الرقمية نحو العوامل المؤثرة بشكل مباشر في مكافحة الفقر. يشمل ذلك خفض تكلفة الموارد الأساسية، وتوفير الخدمات الضرورية، وتوفير فرص التعلم والتدريب التي تمكن ذوي الدخول المحدودة من رفع مستويات دخولهم بالحصول على فرص عمل ذات عائد أفضل.

خفض تكلفة الموارد الأساسية

يمكن استخدام التكنولوجيا الرقمية في تطوير ورفع كفاءة العمليات الداخلة في إنتاج الموارد الأساسية التي تعتمد عليها معيشة الأفراد وفي مقدمتها الغذاء والمأوى. دخول التكنولوجيا الرقمية في عمليات التخطيط الأمثل لإنتاج المحاصيل الزراعية وفي رفع كفاءة نظم الري وفي عمليات الحصاد والتخزين والنقل والتوزيع، تتكامل جميعها لتنعكس على خفض التكلفة النهائية لإنتاج الغذاء وصولًا إلى المستهلك النهائي له. كما أنها تساهم في زيادة معدلات الإنتاج وتوفير المواد الغذائية بكميات أكبر مما ينعكس أيضًا على السعر الذي تتاح به هذه المواد للمستهلك.

كذلك يؤدي إدخال التكنولوجيا الرقمية في عمليات البناء والتشييد بمختلف مراحلها إلى إمكانية رفع معدلات بناء المساكن وخفض التكلفة النهائية لها. بالتالي، إمكانية وصول أعداد أكبر من الناس إلى مأوى آكثر آدمية.

في ظل ظروف مثالية، ومع ثبات أو تحسن العوامل الأخرى، يمكن أن يكون لتطبيق التكنولوجيا الرقمية في إنتاج السلع الأساسية تأثير كبير في الحد من الفقر، حيث أن ارتفاع تكلفة هذه السلع يمثل عائقًا رئيسيًا أمام ملايين الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر.

تحسين الخدمات الأساسية

تعتبر الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها التعليم والرعاية الصحية، عنصرًا أساسيًا لتحقيق حياة كريمة، إلى جانب توفير السلع الأساسية. ثمة مجال واسع لتحسين هذه الخدمات وإمكانية الوصول إليها، سواء بخفض تكلفتها بصورتها التقليدية، أو بتوفير بدائل للوصول إليها أقل تكلفة.

ينعكس ذلك على إمكانية وصول الأفراد إلى هذه الخدمات من خلال الدخل المتوفر لهم. كما ينعكس أيضًا على قدرة الحكومات على الوفاء بالتزاماتها وفق العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان بتوفير هذه الخدمات في حدودها الدنيا على الأقل لمواطنيها بالمجان.

يمكن للتكنولوجيا الرقمية أن تسهم في رفع كفاءة عمليات توفير الخدمات، بالإضافة إلى توفير بدائل مبتكرة للوصول إليها. ومن أبرز هذه البدائل خدمات التعليم والرعاية الصحية عن بُعد، التي لم تكن ممكنة بدون التكنولوجيا الرقمية. تتميز هذه البدائل بأنها أقل تكلفة وتتجاوز عوائق المسافات وعدم التكافؤ في الموارد بين المناطق الحضرية والريفية والنائية. وبالتالي، تساهم حلول التكنولوجيا الرقمية في مكافحة نقص الخدمات في المناطق التي يصعب الوصول إليها بالطرق التقليدية.

الشروط اللازمة ليكون للتكنولوجيا الرقمية أثر إيجابي في مكافحة الفقر

لتحقيق الأثر الإيجابي المرجو من التكنولوجيا الرقمية في مكافحة الفقر، يجب استخدامها في سياق متكامل يتضافر فيه عدة عوامل لتحقيق هذا الهدف. يوجد العديد من الظروف التي من شأنها أن تؤدي إلى أن يكون لتطوير واستخدام التكنولوجيا الرقمية أثر عكسي، مما قد يفاقم من اتساع وحدة الفقر.

في البلدان الأكثر فقرًا والبلدان النامية، حيث يعيش غالبية من هم تحت خط الفقر، ينبغي التركيز على التمهيد للاستفادة بأكبر قدر من التكنولوجيا الرقمية بتوفير متطلبات الاستغلال الناجح لها. يأتي في مقدمة ذلك البنية التحتية المؤهلة لدعم استخدام هذه التكنولوجيا وتمكين المواطنين من الوصول إليها بشكل عادل.

كما يمكن نشر الوعي والمعرفة من خلال برامج للتعليم والتدريب بصور مبتكرة يمكنها تأهيل أكبر عدد ممكن من المواطنين للاستفادة بالتكنولوجيا الرقمية لتحسين أحوالهم. ينبغي أن توجه هذه البرامج بصفة خاصة إلى الفئات الأفقر في المجتمع والتي لن يكون بإمكانها الحصول على مهارات التعامل مع التكنولوجيا الرقمية بالاعتماد على مواردهم الشخصية وحدها.

وجود استراتيحية واضحة للاستفادة من التكنولوجيا الرقمي في مكافحة الفقر هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة للدول الفقيرة والنامية. توظيف الموارد المحدودة لهذه الدول في الاستثمار في استخدام التكنولوجيا الرقمية دون أن يكون من بين أهداف هذا الاستثمار العمل على تقليص الفقر من شأنه أن يؤدي إلى إهدار هذه الموارد وبالتالي مفاقمة حدة الفقر بدلًا من القضاء عليه.

هل تساعد التكنولوجيا الرقمية في زيادة حدة الفقر

هناك اعتقاد سائد بأن التقدم التكنولوجي يؤدي حتمًا إلى تحسين حياة البشر، إلا أن هذا الاعتقاد غير دقيق في إطلاقه. فالتطور التكنولوجي ليس شرًا مطلقًا، ولكنه ليس خيرًا مطلقًا أيضًا. إن عملية خلق وتطوير ونشر أي تكنولوجيا جديدة هي عملية اجتماعية تتفاعل مع الظروف المحيطة بها، ولها آثار إيجابية وسلبية تتغير بمرور الوقت وتبعًا لعوامل متعددة. تشمل تلك العوامل كيفية تعامل المجتمع مع التكنولوجيا الجديدة وقدرته على التحكم في تطويرها ونشرها بالشكل الذي يعظم من آثارها الإيجابية ويحد من آثارها السلبية.

بعض الجوانب السلبية لتطوير وانتشار التكنولوجيا الرقمية يعود إلى طبيعة التكنولوجيا نفسها والحد الأدنى من الشروط اللازمة لاستخدامها. لكن البعض الآخر يعود إلى التوجهات السائدة في استخدامها، خاصة من قبل الحكومات والشركات. بعض هذه التوجهات مدفوع بالاعتقاد الخاطئ بأن كل تحديث تكنولوجي له آثار إيجابية بالضرورة، بينما يسعى البعض الآخر إلى تعظيم الأرباح دون النظر إلى المسؤولية الاجتماعية.

مفهوم الفقر الرقمي

الطبيعة المختلفة للتكنولوجيا الرقمية مقارنة بالتكنولوجيات السابقة عليها تكمن في نفاذها إلى كافة صور الأنشطة البشرية لتخلق واقعًا جديدًا على جميع البشر التعامل معه. لكن التعامل مع هذا الواقع الجديد ليس متساويًا، بل له درجات مختلفة من النجاح في استغلاله لصالح كل فرد أو جماعة.

تعتمد درجة النجاح في استغلال الواقع الرقمي الجديد على توافر مجموعة من المتطلبات المادية والمعرفية. نتيجة لذلك، فإلى الحد الذي أصبح فيه التعامل مع الواقع الرقمي ضروري لعيش حياة كريمة فقد خلقت التكنولوجيا الرقمية نوعًا جديدًا من الفقر، وهو ما نسميه بالفقر الرقمي.

لا يتاح لجميع الأفراد إمكانية وصول متساوية للتكنولوجيا الرقمية. من ثم، فهؤلاء الذين لا يمكنهم الوصول إلى الإنترنت، والحواسيب، والهواتف الذكية يمكن أن يتخلفوا في التعليم وفرص العمل والخدمات الأساسية. جمبع تلك الخدمات أصبحت تعتمد بدرجة أو بأخرى وبشكل متزايد على استخدام التكنولوجيا الرقمية. 

يمكن القول بأن سيادة التكنولوجيا الرقمية على مجمل الأنشطة اليومية للبشر ليست كاملة بعد. لا تزال كثير من مناطق العالم يعيش أغلب سكانها في واقع لم تخترقه التكنولوجيا الرقمية بشكل كامل بعد. وهذا صحيح بالطبع. لكن في حين قد يبدو أن سكان هذه المناطق لا يعانون من الفقر الرقمي بشكل مباشر في حياتهم اليومية إلا أنهم، ودون أن يشعروا بذلك، يعانون من آثار تخلف مناطقهم في مجملها عن غيرها. فحتى وإن لم يكن الفقر الرقمي حقيقة ملموسة في حياة بعض الأفراد فإنهم لا يزالون يتأثرون به.

الأثر غير المباشر لتطور التكنولوجيا الرقمية على تزايد الفقر

الآثار غير المباشرة لتطور التكنولوجيا الرقمية على تزايد الفقر هي في الواقع الوجه الآخر للآثار غير المباشرة لهذه التكنولوجيا على مكافحة الفقر. قد يبدو هذا غريبًا لأول وهلة. فالتكنولوجيا الرقمية، بلا أدنى شك، لها أثر إيجابي على النمو الاقتصادي. كما أنها بسبل عدة تسهم في إتاحة فرص عمل أكثر.

لكن الوجه الآخر لرفع معدلات النمو هو النمو غير المتوازن. والوجه الآخر لخلق مزيد من فرص العمل هو إزاحة الوظائف وإحلالها، وكل منهما له أثر بالغ على تزايد حدة الفقر واتساعه.

النمو غير المتوازن

أدى ظهور الصناعات المرتبطة بالتكنولوجيا الرقمية وتطور الصناعات التي اعتمدت على هذه التكنولوجيا بشكل مكثف إلى تفضيل بعض القطاعات الاقتصادية على غيرها في جذب الاستثمارات. هذا التطور أدى إلى نمو بعض القطاعات الاقتصادية بمعدلات أكبر من القطاعات التقليدية التي لم تشهد تحديثًا أو تحولًا رقميًا كافيًا.

تتطلب القطاعات الاقتصادية المرتبطة بالتكنولوجيا الرقمية بنية تحتية متطورة وعمالة ذات مهارات عالية، مما يجعل الدول الصناعية المتقدمة أكثر جاذبية للاستثمارات في هذه القطاعات مقارنة بالدول النامية والفقيرة. نتيجة لذلك، شهدت الدول ذات الدخل المرتفع معظم نمو القطاعات المرتبطة بالتكنولوجيا الرقمية، على حساب الدول الأقل دخلًا التي يعيش فيها غالبية من هم تحت خط الفقر.

إزاحة وإحلال الوظائف

المقصود بإزاحة الوظائف هو أنه بالرغم من أن الوظيفة ذاتها لا تزال مطلوبة فإن المهارات الضرورية لأدائها قد اختلفت بحيث أصبحت بعيدة عن متناول الفئات التي كان أفرادها يتاح لهم فرصة أدائها عادة. حدث ذلك ولا زال يحدث بشكل متزايد في جميع القطاعات الاقتصادية التي شهدت دخول التكنولوجيا الرقمية إليها.

بعض الوظائف التي لم تكن تتطلب مؤهلًا تعليميًا مرتفعًا أو مهارات خاصة أصبحت، مع اعتمادها على التكنولوجيا الرقمية، تتطلب هذه المؤهلات والمهارات. ذلك يأتي على حساب الفئات ذات الدخل المنخفض، حيث انخفض عدد الوظائف المتاحة لهم بشكل كبير بسبب الحاجة إلى إنتاجية أعلى للفرد.

بالإضافة إلى ذلك، بعض الوظائف بعد اعتمادها على التكنولوجيا الرقمية تم دمجها بالكامل في وظائف أخرى. على سبيل المثال، لم يعد هناك حاجة لوظيفة الرسامين المتخصصين في إنتاج الرسومات التنفيذية للأعمال الهندسية، حيث أصبحت هذه المهمة جزءاً من وظيفة المهندسين باستخدام التطبيقات الرقمية. هذا التحول طال العديد من الوظائف المساعدة التي تم دمجها مع وظائف مهنية تتطلب مؤهلات ومهارات أعلى.

إحلال الوظائف يتعلق بأتمتة عديد من العمليات بحيث أصبح بالإمكان الاستغناء تمامًا عمن كانوا يقومون بها عادة دون الحاجة إلى استبدالهم بموظفين آخرين. شهدت العقود الماضية قدرًا أكبر من إزاحة الوظائف في مقابل إحلالها. لكن مع تطور تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الفترة الأخيرة أصبح من المتوقع أن يكون هناك مزيدًا من إحلال التطبيقات الرقمية محل البشر في أداء عديد من الوظائف.

بالنظر إلى أن الفئات الأكثر فقرًا تعاني من الفقر الرقمي، فإن فرصهم في إيجاد وظائف تحقق لهم دخلاً يساعدهم على تجاوز خط الفقر تتضاءل مع زيادة الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية في الوظائف المختلفة. كما أن الوظائف المتاحة تتطلب مزيدًا من المهارات الرقمية التي لا يمكنهم الوصول إليها.

بالرغم من أن التكنولوجيا الرقمية تخلق فرص عمل جديدة، مثل العمل عبر المنصات والعمل الحر، إلا أن هذه الفرص غالبًا ما تفتقر إلى الضمانات والاستقرار التي توفرها الوظائف الدائمة الخاضعة لقوانين العمل. يحد ذلك من قدر إسهام هذه الفرص في الحد من الفقر نتيجة أن الافتقاد إلى الضمانات والمزايا الواجب توافرها في الوظائف الدائمة يحرم العاملين من عديد من الخدمات الأساسية.

يفرض ذلك على العاملين دفع مقابل هذه الخدمات بالكامل من الدخل الذي يحققونه. كما أن هذه الوظائف تفتقد إلى الاستمرارية، مما يؤدي إلى تذبذب الدخل الناتج عنها. نتيجة لذلك، يصبح من الصعب على الأفراد الذين يعيشون تحت خط الفقر الاعتماد على هذه الفرص لتجاوز هذا الخط بشكل مستدام، حتى وإن تمكنوا من الاستفادة منها بشكل مؤقت.

توجهات استخدام التكنولوجيا الرقمية التي تعمق من حدة الفقر

تفتقد السياسات المتبعة في العديد من الدول، خاصة النامية والفقيرة، إلى استراتيجية شاملة لتطوير واستخدام التكنولوجيا الرقمية والتحول الرقمي، تأخذ في الاعتبار الحد من آثارها السلبية على معدلات الفقر. فعلى الرغم من توجه العديد من هذه الدول نحو رقمنة الخدمات الحكومية، إلا أنها تغفل في كثير من الأحيان تأثير ذلك على قدرة المواطنين الأكثر فقرًا على الوصول إلى هذه الخدمات. قد يؤدي ذلك إلى تفاقم الفقر الرقمي، خاصة عند عدم توفير بدائل تقليدية للخدمات الرقمية.

في ظل محدودية الموارد وضعف البنية التحتية، تسعى العديد من الدول إلى اللحاق بركب التقدم التكنولوجي. ومع ذلك، قد لا تحقق مشاريع التحول الرقمي الأهداف المرجوة منها بسبب عدم قدرة البنية التحتية على دعمها بشكل كافٍ. علاوة على ذلك، قد يؤدي توجيه الإنفاق إلى هذه المشاريع إلى نقص الموارد اللازمة لتطوير البنية التحتية، مما يفاقم المشاكل القائمة ويؤدي إلى استمرار الفقر الرقمي للفئات التي لا تستطيع الوصول إلى تطبيقات التكنولوجيا الرقمية. يؤدي ذلك بدوره إلى عدم قدرة هذه الفئات على تحسين أحوالها أو الوصول إلى موارد وخدمات كان من الممكن أن تخفض من حدة فقرها.

لا تولي العديد من الدول ومؤسسات الأعمال اهتمامًا كافيًا باستخدام التكنولوجيا الرقمية في مجالات الزراعة والبناء والتشييد لزيادة الإنتاجية وخفض التكاليف. يعود ذلك إلى انخفاض معدلات الربحية المتوقعة من استخدام التكنولوجيا الرقمية في هذه القطاعات مقارنة بقطاعات أخرى. بالإضافة إلى ذلك، يوجد قصور في الرؤية الاستراتيجية التي تغفل الآثار غير المباشرة للاستثمار في توفير الغذاء والمأوى بتكلفة أقل. هذه الآثار لا تشمل فقط خفض معدلات الفقر، ولكنها تمتد إلى خفض معدلات الاستيراد للسلع الأساسية، ومواجهة مشاكل مثل الشح المائي، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على مجمل التنمية الاقتصادية.

التكنولوجيا الرقمية وسوء توزيع الدخل والثروة

العلاقة الدائرية للتكنولوجيا الرقمية بسوء توزيع الدخل والثروة

يشير مفهوم العلاقة الدائرية بين تطور وانتشار استخدام التكنولوجيا الرقمية وسوء توزيع الدخل إلى أن متطلبات استخدام التكنولوجيا الرقمية تميل إلى تفضيل أصحاب الدخول والثروات الأعلى، الذين يسهل عليهم تلبية هذه المتطلبات. في المقابل، يفتقر أصحاب الدخول الأقل إلى هذه المتطلبات، مما يحد من قدرتهم على الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية لزيادة دخولهم.

تؤدي هذه الفجوة في الوصول إلى التكنولوجيا الرقمية إلى زيادة التفاوت في الدخل بين الفئات المختلفة، حيث يستطيع أصحاب الدخول المرتفعة استغلال التكنولوجيا الرقمية لزيادة دخولهم بمعدلات أكبر من أصحاب الدخول المنخفضة. مع تطور التكنولوجيا الرقمية، قد تنخفض تكلفة بعض متطلبات استخدامها، ولكن في الوقت نفسه تظهر متطلبات جديدة تظل خارج نطاق قدرة الأقل دخلاً.

تتكرر هذه الدائرة على مستوى الدول، حيث تتمتع الدول ذات الدخل المرتفع بقدرة أكبر على الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية وتطوير بنيتها التحتية، مما يعزز نموها الاقتصادي ويوسع الفجوة بينها وبين الدول ذات الدخل المنخفض أو المتوسط. لذلك، تؤدي العلاقة الدائرية بين التكنولوجيا الرقمية والتفاوت في الدخل إلى تفاقم مشكلة سوء توزيع الدخل والثروة، سواء على مستوى الأفراد داخل المجتمع الواحد أو على مستوى الدول.

المنظور العالمي لأثر التكنولوجيا الرقمية على توزيع الثروة

تتباين الدول ذات الدخل المرتفع عن الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض في كثير من الأوجه وليس فقط من حيث أرقام متوسط الناتج المحلي. فتراكم الثروة في الدول ذات الدخل المرتفع لا يتمثل فقط في إجمالي قيمة الأصول بها ولكن في طبيعة هذه الأصول سواء كانت مادية أو اجتماعية أيضًا.

ثروة الدول الصناعية الأعلى دخلًا تتمثل في رؤوس الأموال المتاحة لها، وفي بنيتها التحتية المتطورة والأكثر اتساعًا بحيث تشمل أغلب أراضيها. كذلك تتمثل الأصول الاجتماعية المتراكمة في هذه الدول في معدلات دخل أعلى لمواطنيها، وفي خدمات ذات جودة أعلى لهم. لذلك، فإن معدلات الأفراد ذوي المؤهلات التعليمية والمهارات المتخصصة هي أعلى في هذه الدول من غيرها.

هذه الظروف تمكن الدول ذات الدخل المرتفع من تطوير واستخدام التكنولوجيا الرقمية بشكل مبكر ومستمر، وتجعلها أكثر جاذبية للاستثمارات في الصناعات المرتبطة بالتكنولوجيا الرقمية. تؤدي هذه الاستثمارات إلى تطوير البنية التحتية وخلق فرص عمل جديدة تتطلب مهارات عالية، مما يجذب العمالة الماهرة من الدول الأقل دخلًا التي توفر فرصًا أقل وعوائد أقل.

تؤدي هذه الديناميكية إلى نمو غير متوازن وسوء توزيع للفرص، حيث تتركز معظم الفرص في الدول ذات الدخل المرتفع على حساب الدول الأقل دخلًا. يفاقم ذلك من الفجوة في النمو الاقتصادي ويعيد إنتاج الظروف التي تؤدي إلى اتساع هذه الفجوة. 

هذه الظاهرة أكثر وضوحًا في مجال التكنولوجيا الرقمية مقارنة بالصناعات التقليدية التي كانت تهاجر سابقًا إلى الدول ذات الدخل المنخفض بحثًا عن العمالة والموارد الأرخص. وبالتالي، فإن التكنولوجيا الرقمية تقود اتجاهًا عكسيًا لهجرة رؤوس الأموال إلى الدول الأعلى دخلًا.

العوامل المحلية وأثر التكنولوجيا الرقمية على سوء توزيع الدخل في كل دولة

تؤثر التكنولوجيا الرقمية بشكل متفاوت على الفئات الاجتماعية المختلفة، مما قد يؤدي إلى تفاقم مشكلة التفاوت في الدخل. فعلى سبيل المثال، ظاهرة إزاحة الوظائف، التي تحرم بعض الفئات من وظائفها التقليدية، قد ترفع في الوقت نفسه من إنتاجية فئات أخرى وتمكنها من تحقيق دخول أعلى. هذه الفئات المحرومة من وظائفها عادة ما تكون الأقل دخلًا، بينما الفئات المستفيدة من إزاحة الوظائف تتمتع بدخول أعلى، مما يضعها في موقع أفضل للاستفادة من التكنولوجيا الرقمية.

في الدول النامية والفقيرة، يتفاقم هذا التفاوت بسبب نقص البنية التحتية وخدمات التعليم والصحة، مما يحد من قدرة الفئات ذات الدخل المنخفض على الوصول إلى التكنولوجيا الرقمية والاستفادة منها. حتى الاعتماد على الكهرباء المستقرة لتشغيل الأجهزة الرقمية قد يشكل عائقًا في بعض المناطق، مما يزيد الفجوة في الدخل بين المناطق الحضرية والريفية، وقد يخلق فجوات جديدة في بعض الحالات. يمكن أن تسهم التكنولوجيا الرقمية في تفاقم مشكلة التفاوت في الدخل إذا لم يتم توفير الظروف المناسبة للاستفادة منها بشكل عادل وشامل لجميع فئات المجتمع.

خاتمة

لا تعتبر التكنولوجيا الرقمية في حد ذاتها عاملاً حاسمًا في مكافحة الفقر أو تفاقمه، بل يتوقف تأثيرها على السياق الذي يتم فيه تطويرها واستخدامها، ومدى وعي صانعي السياسات بالآثار المحتملة لها. تميل التكنولوجيا الرقمية إلى تعزيز عوامل زيادة حدة الفقر في السياقات التي يسودها سوء توزيع الدخل والثروة، وتفاقم فجوة الدخل القائمة.

لذلك، لا يمكن اعتبار التكنولوجيا الرقمية حلاً لمكافحة الفقر دون وجود سياسات فعالة تهدف إلى تحقيق عدالة أكبر في توزيع الدخل والثروة. هذا الشرط هو الأساس الذي يمكن أن يساهم فيه التكنولوجيا الرقمية بشكل حقيقي في مكافحة الفقر، وبدونه يظل إسهامها محدودًا في أحسن الأحوال، وقد يكون عكسيًا في بعض الحالات.

سعت هذه الورقة إلى توضيح الآثار المختلفة للتكنولوجيا الرقمية على كل من مكافحة الفقر وسوء توزيع الدخل والثروة. وقد أوضحت الورقة أن هذا الأثر ليس إيجابيًا بشكل تلقائي، بل يتأثر بالعديد من العوامل والمسارات المتشعبة. عرضت الورقة إمكانيات الأثر الإيجابي للتكنولوجيا الرقمية على العوامل التي يمكن أن تخفف من حدة الفقر، وكذلك الأثر السلبي المحتمل في ظل وجود عوامل تعزز استمرارية الفقر. كما تناولت الورقة تأثير التكنولوجيا الرقمية على سوء توزيع الثروة والعلاقة الدائرية بينهما، والتي لا يمكن كسرها إلا بسياسات تعالج مشكلة سوء توزيع الدخل والثروة.