الدعوى رقم 12222 لسنة 92 نقض جنائي
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الإثنين (د)
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ أحمد حافظ “نائب رئيس المحكمة”
وعضوية السادة المستشارين / عبد الحميد دياب محمد رضوان
محمد صلاح “نواب رئيس المحكمة”
وبهاء رفعت
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / وائل رفعت.
وأمين السر السيد / أحمد سعيد.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الإثنين 3 من رجب سنة 1445 هـ الموافق 15 من يناير سنة 2024م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 12222 لسنة 92 القضائية
اتهمت النيابة العامة المتهمة (الطاعنة) في القضية رقم…….. لسنة……. جنح مستأنف و…….. لسنة……. جنح اقتصادي بوصف أنها في يوم 5 من يوليو سنة 2020 وبتاريخ سابق عليه بدائرة قسم……… – محافظة……….:
– نشرت بقصد العرض صور خادشة للحياء العام بأن بثت عبر حساباتها الشخصية علي مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك – انستجرام – تيك توك – يوتيوب) مقاطع مصورة لها تبرز فيها مفاتنها مصحوبة بعبارات وتلميحات وإيحاءات جنسية قاصدة الإغراء بها علي نحو يخدش الحياء العام.
– فعلت علانية فعلا فاضحا مخلا للحياء العام بأن أغرت بمفاتنها وبعبارات وتلميحات وإيحاءات جنسية في مقاطع مصورة لها بثتها من خلال حساباتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي المشار إليها بالوصف السابق.
– أعلنت من خلال حساباتها الشخصية المشار إليها بالاتهام الأول دعوة تتضمن الإغراء بما يلفت الأنظار إلي الدعارة بأن نشرت مقاطع مصورة وصور تبرز فيها مفاتنها علي نحو يثير الغرائز الجنسية.
– أعتدت علي المبادئ والقيم الأسرية للمجتمع المصري بأن قامت بنشر صور ومقاطع مصورة لها عبر حساباتها الشخصية علي مواقع التواصل الاجتماعي آنفة البيان تغري فيها بمفاتنها تحوى عبارات وتلميحات وإيحاءات جنسية.
– استخدمت حساباتها الشخصية علي مواقع التواصل الاجتماعي آنفة البيان بهدف تسهيل ارتكاب الجرائم محل الاتهامات السابقة المعاقب عليها قانونا بأن نشرت من خلالها صور ومقاطع مصورة تعزي فيها بمفاتنها تحوى عبارات وتلميحات وإيحاءات جنسية.
وطلبت عقابها بالمادتين 178، 278 من قانون العقوبات، والمادتين 14، 15 من القانون 10 لسنة 1961 بشأن مكافحة الدعارة، والمواد 1، 12، 25، 27 من القانون رقم 175 لسنة 2018 في شان مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
ومحكمة جنح…….. الاقتصادية قضت في 27 من أكتوبر سنة 2020 عملا بالمواد بالمادتين 178، 278 من قانون العقوبات، والمادتين 14، 15 من القانون 10 لسنة 1961 بشأن مكافحة الدعارة، والمادتين 25، 27 من القانون رقم 175 لسنة 2017 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، مع إعمال المادة 32 /2 من قانون العقوبات، حضوريا بحبس المتهمة سنتين مع الشغل والنفاذ وتغريمها مبلغ مائة ألف جنية ووضعها تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة ومصادرة المضبوطات وألزمت المتهمة بالمصاريف الجنائية وعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوي المدنية وأبقت الفصل في مصاريفها لحين صدور حكم منه للخصومة.
فاستأنفت المحكوم عليها هذا الحكم وقيد استئنافهما برقم …. لسنة 2020 جنح مستأنف…….. الاقتصادية.
ومحكمة …….. الاقتصادية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا في 7 من أبريل سنة 2021 بقبول استئناف المتهمة والمدعي بالحق المدني شكلا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهمة بالمصاريف الجنائية وألزمت المدعي بالحق المدني بمصاريف استئنافه ومائة جنية أتعاب محاماة.
فقررت المحكوم عليها في 10 من مايو سنة 2021 بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في 3 من يونيه سنة 2021 عن المحكوم عليها موقع عليها من الاستاذ /………… المحامي.
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضرها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة قانونا:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجرائم نشر صور خادشة للحياء العام عبر مواقع التواصل الاجتماعي واقتراف فعلا فاضحا مخلا بالحياء في علانية والتحريض على ارتكاب أعمال الدعارة والإعلان بدعوة تتضمن إغراء بها والاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع وإدارة واستخدام حساب خاص على شبكة معلوماتية بهدف ارتكاب جريمة معاقب عليها قانونا، شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه البطلان، والإخلال بحق الدفاع، والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه جاء قاصرا في بيان الواقعة ولم يبين مؤدى الأدلة استمدت منها المحكمة الإدانة بيانا كافيا، ودانها رغم عدم توافر الركن المادي والمعنوي للجرائم المسندة إليها، وخلا من بيان ماهية القيم الأسرية وكيفية الاعتداء عليها، والتفت عن دفعها ببطلان إذن النيابة لابتنائه على تحريات غير جدية وتناقضها مع الدليل الفني وقطعت المحكمة في مسألة فنية إذ تساندت إلى التقارير الفنية ومقطع الفيديو ومحضر إطلاع النيابة العامة رغم الدفع ببطلانها لشواهد عددها بأسباب طعنها، فضلا عن تزوير تلك المقاطع وخلوها من تاريخ وتم دسها على الطاعنة، مما ينبئ عن تلفيق الاتهام وانتفاء أركان الجريمة، ولم تفطن المحكمة إلى بطلان الإطلاع على المرسلات الخاصة بالطاعنة لمخالفتها نص المادة 57 من الدستور بشأن حرمة المراسلات الخاصة، ودانتها رغم عدم انطباق المادة 27 من القانون 175 لسنة 2018 في حقها، وخالفت قاعدة أن الأصل في الإنسان البراءة، وأن النيابة العامة لم تكن على حياد عند مباشرتها التحقيق، ولم تقم بعرض مقاطع الفيديو، والتفتت عن دفع المدعى بالحق المدني بعدم دستورية المادة 25 لمخالفتها نص المادة 95 من الدستور المصري، وضربت صفحا عن طلبات سالف الذكر، وخالفت المواد 24، 50، 97، 268، 301، 304، 331، 332، 336 من قانون الإجراءات الجنائية، و تناقضت حيثياته مع منطوقة، كل ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنة بها، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، ثم أورد مؤدى كل دليل من أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة في بيان واف، وجاء استعراض المحكمة لهذه الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا بما يضحى معه النعي على الحكم بالقصور في بيان الواقعة في غير محله. لما كان ذلك، وكان لا يجدي الطاعنة ما تنعاه على الحكم في شأن جريمة الاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية للمجتمع المصري والفعل الفاضح المخل بالحياء ما دام البين من مدوناته أنه طبق نص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعنة عقوبة واحدة عن التهم التي دانها بها، وتدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة إدارة واستخدام حساب خاص على شبكة معلوماتية بهدف ارتكاب جريمة معاقب عليها قانونا باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الأشد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وكان التناقض بين تحريات المباحث والتقارير الطبية – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دام قد استخلصت الإدانة منهما استخلاصا سائغا لا تناقض فيه فإن ما يثيره الطاعنة في هذا الخصوص يكون ولا محل له ولا على المحكمة إن هى التفتت عن الرد عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير أراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها وأن لها سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، كما أن أخذ الحكم بدليل احتمالي غير فادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين، والبين من مدونات الحكم أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من التقارير الفنية ومقاطع الفيديو ومحضر مطالعة النيابة العامة، وإنما استندت إلى ذلك التقرير كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييدا أو تعزيزا للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ من التقرير دليلا أساسيا في ثبوت التهمة قبل الطاعنة، ومن ثم يكون منعاها في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وتلفيق الاتهام من أوجاع الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة ردا صريحا ما دام الرد يستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تدفع بمحضري جلسات أول وثاني درجة ببطلان في الرسائل المرسلة إليها والمحفوظة بالهاتف المحمول، فإن هذا النعي يضحى غير مقبول لما هو مقرر من أن الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن افتراض براءة المتهمة وصون الحرية الشخصية من كل عدوان عليها أصلان كفلهما الدستور بالمادتين 54، 96 منه فلا سبيل لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التي تقيمها النيابة العامة وتبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين مثبتة بها الجريمة التي نسبتها إلى المتهم في كل ركن من أركانها ولكل واقعة ضرورية لقيامها، وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة؛ إذ هو من الركائز التي يستند عليها مفهوم المحاكمة المنصفة وهذا القضاء تماشيا مع ما نصت عليه المادة 96 من الدستور من أن ” المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ” ومفاد هذا النص الدستوري أن الأصل في المتهم البراءة وأن إثبات التهمة قبله يقع على عاتق النيابة العامة، فعليها وحدها عبء تقديم الدليل، ولا يلزم المتهم بتقديم أي دليل على براءته، كما لا يملك الشارع أن يفرض قرائن قانونية لإثبات التهمة أو لنقل عبء الإثبات. على عاتق المتهم، ولما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة – في الدعوى الماثلة – قد واجهت الأدلة التي قدمتها النيابة العامة قبلها، وكفلت له المحكمة الحق في نفيها بالوسائل التي قدرت مناسبتها وفقا للقانون، وقد حضر معها محام للدفاع عنها ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه الدفاع فيها ثم قضت المحكمة – من بعد – بإدانته تأسيسا على أدلة مقبولة وسائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا المنحى يضحى تأويلا غير صحيح للقانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن النيابة العامة هي خصم شريف وأمين على الدعوى الجنائية وضمانات المتهم القانونية وهي في الأساس موضع الثقة والاطمئنان، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن، فضلا عن أن ما أشارت إليه الطاعنة بأسباب الطعن من عدم حيدة النيابة العامة هو معنى لا تسايره فيه محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محضري جلسات أول وثاني درجة أن الطاعنة طلبت العرض مقاطع الفيديو المسجلة ومشاهدتها، فليس لها من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم ترى هي من جانبها لزوما لإجرائه، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا منها بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في شأن الدفع المبدى من المدعى بالحق المدني بعدم دستورية المادة 25 لمخالفتها نص المادة 95 من الدستور المصري، وإغفالها طلباته لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا، وكانت الطاعنة لم تبين أوجه مخالفة الحكم للقانون واقتصرت في ذلك على سرد مبادئ قانونية، وأوجه التناقض بين الحيثيات والمنطوق، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يكون مقبولا.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه