الدعوى رقم 10540 لسنة 91 ق نقض جنائي

باسم الشعب

محكمة النقض

الدائرة الجنائية

السبت (أ)

المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ بدر خليفة (نائب رئيس المحكمة)

وعضوية السادة القضاة/ الأسمر نظير، عبد الباسط سالم

خالد إلهامي وشريف لاشين “نواب رئيس المحكمة”.

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ محمد نصر.

وأمين السر السيد/ مدحت عريان.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.

في يوم السبت 23 من جمادي الاخر سنة 1444هـ الموافق 17 من ديسمبر سنة 2022م.

أصدرت الحكم الآتي

في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 10540 لسنة 91 القضائية.
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنحة رقم …. لسنة 2018 جنح اقتصادي أول العامرية.

بأنه في يوم 4 من مارس سنة 2018 بدائرة قسم أول العامرية – محافظة الإسكندرية.

– تعمد إزعاج المجني عليه …. وذلك بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات.

وطلبت عقابه بالمواد 1، 5/ 2 ، 6 ، 13/ 7 ، 70 ، 76/ 2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات.

وادعى المجني عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ مليون جنيه على سبيل التعويض المؤقت.

والمحكمة جنح الإسكندرية الاقتصادية قضت حضوريا بتوكيل بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 2020 بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة ألفي جنيه لإيقاف التنفيذ وتغريمه مبلغ عشرين ألف جنيه، وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وإلزامه المصاريف الجنائية والمدنية وخمسة وسبعين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.

استأنف المتهم وقيد الاستئناف برقم …. لسنة 2020 جنح مستأنف اقتصادية الإسكندرية.

ومحكمة جنح الإسكندرية الاقتصادية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا في 27 من ديسمبر سنة 2020 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.

فقرر المحكوم عليه بالطعن في الحكم بطريق النقض في 18 من يناير سنة 2021.

وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في 21 من فبراير سنة 2021 موقعا عليها من الأستاذ/ ……. المحامي.

وقيد برقم ….. لسنة 23 قضائية “نقض جنح” ومحكمة استئناف القاهرة- طعون نقض الجنح- قضت في 26 من إبريل سنة 2020 بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الطعن.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا:.

حيث أن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.

حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الإزعاج بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع؛ ذلك بأنه عول على التسجيلات التي قدمها المجني عليه رغم بطلانها لعدم الحصول على الإذن من القاضي المختص واطرح دفعه بشأنها بما لا يسوغ به اطراحه ، كما عول على تقرير لجنة اتحاد الإذاعة والتليفزيون رغم قصوره – لشواهد عددها – وعلى تحريات الشرطة رغم أنها لا تصلح دليلا للإدانة ، والتفت عن دفاعه بجحد الصور الضوئية للمراسلات محل الاتهام ، وعدم إتباع الإجراءات الواجب اتخاذها بشأن تلك الجريمة ، وعن المستندات الرسمية المقدمة منه ودلالتها على كيدية الاتهام وتلفيقه ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان نص المادة 95 مكررا من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه: (لرئيس المحكمة الابتدائية المختصة في حالة قيام دلائل قوية على أن مرتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادتين 166 مكررا ، 308 مكررا من قانون العقوبات قد استعان في ارتكابها بجهاز تليفوني معين أن يأمر بناء على تقرير مدير عام مصلحة التلغرافات والتليفونات وشكوى المجني عليه في الجريمة المذكورة بوضع جهاز التليفون المذكور تحت الرقابة للمدة التي يحددها) ومفادها أن المشرع فرض مباشرة الإجراءات المار ذكرها كي يوضع تحت المراقبة التليفون الذي استعان به الجاني في توجيه عبارات السب والقذف إلى المجني عليه بحسبان أن تلك الإجراءات فرضت ضمانة لحماية الحياة الخاصة والأحاديث الشخصية للمتهم ، ومن ثم فلا تسري تلك الإجراءات على تسجيل ألفاظ السب والقذف من تليفون المجني عليه الذي يكون له بإرادته وحدها – دون حاجة إلى الحصول على إذن من رئيس المحكمة المختصة – تسجيلها ، وبغير أن يعد ذلك اعتداء على الحياة الخاصة لأحد ، ومن ثم فلا جناح على المدعي بالحقوق المدنية إذا وضع على تليفونه الخاص جهاز تسجيل لضبط ألفاظ السباب الموجهة إليه توصلا إلى التعرف على الجاني ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل ، هذا فضلا عن أن الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن في هذا الصدد واطرحه برد سائغ . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن جدلا موضوعيا لا شأن لمحكمة النقض به . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة وأقوال مجريها باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية أخرى – كما هو الحال في الدعوى – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديدا . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من قيامه بجحد الصور الضوئية للمراسلات محل الاتهام ، فإن ذلك مردودا بأن ما جاء في القانون من حجية المحررات وإثبات صحتها إنما محله أحكام الإثبات في المواد المدنية والتجارية حيث عينت أدلة ووضعت أحكاما لها وألزم القاضي بأن يجري في أحكامه على مقتضاها ، وليس في القانون ما يجبر المحاكم الجنائية على ترسمه لأنها في الأصل حرة في انتهاج السبيل الموصل لاقتناعها ولم يرسم القانون في المواد الجنائية طريقا خاصا يسلكه القاضي في تحري الأدلة ، وكانت أوجه الدفاع المبينة بوجه الطعن في هذا الشأن من أوجه الدفاع القانونية الظاهرة البطلان مما لا تلتزم محكمة الموضوع أصلا بالرد عليها ولا يعتبر سكوتها عنها إخلالا بحق الدفاع ولا قصورا في حكمها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم إذ العبرة هي بإجراءات المحاكمة والتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة ، ومن ثم فإن النعي بعدم اتباع الإجراءات الواجب اتخاذها بشأن تلك الجريمة – على نحو ما أورده بأسباب طعنه – لا يكون مقبولا . لما كان ذلك ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولا . لما كان ذلك ، وكان القول بكيدية الاتهام وتلفيقه لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب ردا صريحا من المحكمة لأن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:- بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه.